أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عدنان الصباح - الى اليسار در















المزيد.....


الى اليسار در


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 08:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


دوما كنت امتلئ بالإعجاب من استجابة الجنود لنداءات مدربهم حين يصرخ بهم "إلى اليسار در" فتراهم يلتفون إلى يسارهم كأنهم رجل واحد وبلا أي تراخ وبدون أية مخالفة فهم أتقنوا الدرس جيدا, أن ليس من حق أيا منهم أن يفعل ما يرغب به مهما كان طفيفا, لان ذلك سيلحق ضررا شديدا بحركة الجماعة ومسيرتها, هذا القول ينطبق جدا على أي نشاط جماعي أيا كان نوعه وأيا كانت الأطراف المشاركة به, فليس من حق الجزء أن يمارس ما هو عكس إرادة المجموع ولذا فان الجماعات حين تأخذ قراراتها تأخذها بعناية فائقة فلا مجال للعودة عن المواقف والقرارات أيا كانت الطرق التي ستسلكها الجماعة بغاية الوصول شريطة أن لا يكون ثمن الطريق أغلى من الهدف المنشود.
بعد أن ناقشت في مقال سابق وثيقة جبهة اليسار اطلعت على وثيقة أو بيان اتحاد اليسار المصري التي تدعو إلى وحدة القوى الوطنية والديمقراطية الفلسطينية بهدف تجاوز الحرب الأهلية وفاجأني هذا التناغم بالتنازل لدى الطرفين وفق النقاط التالية.
1- كلاهما اسقط فكرة المقاومة
2- كلاهما ألغى العنصرية عن الصهيونية ولم يأت على ذكر ذلك في البيان بل ان البيان المصري ساوى بشكل أو بآخر بين التعصب الصهيوني وما اعتبره تعصب فلسطيني وهذه قمة الكارثة بالتحدث عن العصب العنصرية لدى الطرفين وتبرئة دولة الاحتلال من هذه التهمة واعتبارها شيء مستقل عن العصب العنصرية على حد تعبير الوثيقة المصرية.
3- كلاهما اسق فكرة التحرير كمشروع للأمة باعتبار وجود كيان الاحتلال يعتبر أساس لتأخر الأمة وفرقتها وضعفها.
4- البيان المصري حمل عداء واضحا للمقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية بل وعداء لمن يقف في صفها ويدعمها دون ان يسمي تلك الجهات رغم وضوح هجومه على سوريا تحديدا.
5- ساوى البيان بين المحتلين والمقاومين للاحتلال وهو بذلك أقدم على جريمة لا يكن غفرانها فحزب الله مثلا والذي يشير له البيان كحزب أصولي هو حزب مقاوم في سبيل حرية شعبه وأمته وهو جزء مهم من قوى المقاومة ليس في لبنان والوطن العربي وإنما في العالم وتجاهل البيان ما يمكن الإشارة له إلى أن يسارية المرء هي بسلوكه وخندقه الذي يقف فيه مقاوما وبوجه من فحزب الله حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين يساريتان من طراز رفيع مقابل الحزب الشيوعي العراقي وحماس ليست في صف جماعة الجعفري ولا في خندقه.
6- كيف للبيان المصري ومعدوه أن يفسروا لنا هذا التناغم العظيم ( الذي يغيبون عنه هم طبعا بإرادتهم )بين حزب الله والمقاومة الفلسطينية والعراقية وإيران وسوريا وفنزويلا وكوبا وبوليفيا وكوريا الشمالية والسودان وكل قوى المقاومة والممانعة الحية في العالم.
من هو اليساري:
عادة ما يتعالى الجدل بين الجميع عن تعريف اليسارية ومن هو اليساري فردا أو جماعة فهناك من يعتقد أن اليسارية مرادفة للشيوعية وهناك من يقف عند العلمانية ولا يتجاوزها علما بان بعض الحركات اليسارية اتخذت ن المعتقدات الدينية أساسا لها ومنها حركة مارتن لوثر كنج مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وحركة المهاتما غاندي في الهند وكذا أنماط عمل كل ن الحزب الشيوعي العراقي والسوداني اللذان لم ينعزلا عن المعتقدات الدينية في مجتمعاتهما بل على العكس احترما هذه المعتقدات وانخرطا فيها بشكل فاعل.
من الضروري أن نقر أن الاستقلال وتقرير المصير مستحيلان في ظل الاحتلال والسيرة الأجنبية وبالتالي فان قضايا التحرير تقف على رأس الأولويات إن لم تكن الأولى بالمطلق وبالتالي فان اليسار سيبقى أعرجا ان لم ينطلق ن هذه القاعدة فلا مجال للقيم التي تميز اليساري عن غيره مثل الاشتراكية ولا لتوزيع الثروة ولا للعدالة الاجتماعية والمساواة بين البشر بدون التحرير والسيادة الوطنية أولا.
كما أن مسيرة التغيير القيمي والاجتماعي والثورة على الموروث السائد بجوانبه المتخلفة أيضا مهمات مستحيلة التحقيق في ظل الخضوع المتواصل لاحتلال يحشر انفه في أدق تفاصيل حياتنا وبكافة الأشكال بما في ذلك انعدام قدرتنا حتى على قرار مستقل حقيقي بشأن مناهجنا التربوية والتعليمية.
وكذا فان قضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية مستحيلة في ظل إمساك الاحتلال بمقدرات البلد جميعها بدءا من ثرواتها الطبيعية وانتهاء بحدودها وكذا المعاناة المتواصلة من الحصار والحواجز والاغلاقات ففي ظل هذه الأجواء تصبح التنمية من القضايا المستحيلة.
ينبغي الإقرار أن اليسار برؤية عصرية ينبغي أن ينطلق من قواعد عدة لتعريفه أقرارا منا انه
لا يوجد تعريف جامد وتوليفة جاهزة لتعريف اليسار وعلى قاعدة الحرص على عدم نفي الآخر أيا كانت رؤيته ومنطلقاته لكن المفيد ان نعتمد في تعريفنا الأسس التالية
1- وحدة الشكل والمضمون فلا وجود ليسار بالاسم او الشعارات فق كما لا وجود ليسار بمضمون نائم لا تعبير عنه بشكل أو مظهر مناسب فهناك إذن ارتباط عضوي بين الشكل والمضمون.
2- إن اليسار يتم تحديده من خلال علاقته الوثيقة بالجماهير الشعبية كمنفذ لإرادتها على اعتبار أن الجماهير الأوسع هي الجماهير الأفقر وبالتالي فهو ملزم بالانتماء للجماهير الفقيرة والتعبير عن همومها والعمل على تحقيق أهدافها.
3- اليسار منظم للجماهير وليس بديلا عنها فهو من المفترض ان يقود المنظمات الشعبية وينظم جماهيرها حتى يسهل قيادتها لتنفيذ أهدافها لا الاكتفاء بدور البديل الضعيف وحين تخشى القيادة جماهيرها تنعزل عنها وبالتالي تصادر حق هذه الجماهير وتصبح عثرة في طريقها ومعيق لمسيرة تحقيق أهدافها.
4- لا احد من حقه احتكار مقاعد اليسار إلا إذا أجازت له الجماهير ذلك وهذا لم يتم إلا بالتفاف هذه الجماهير من حوله فحالة المثقف المتبرم الذي يعتقد بغباء الناس لعدم قدومها أليه لتقديم الطاعة والولاء له في عرشه هي حالة لفظها التاريخ مرة واحدة والى الأبد وبالتالي فان مصير هؤلاء الموت محنطين في توابيتهم العاجية التي اختاروها لاعتقادهم أنها مكان العيش الأفضل.
5- على القوى التي تعتقد بانتمائها لليسار قولا وفعلا ان تدرك انه لا يوجد ما هو ملق في تفسير اليسار ودوره وان الأيديولوجيات ليست كتبا سماوية وان أفعال وأقوال البشر أيا كانت عظمتهم هي عرضة للنقاش والمراجعة والتطوير عبر قراءتها على ضوء الواقع المعاش ومنحنياته وظروفه فلا مقدسات في الفكر الإنساني ولا مسلمات خارج البديهيات العلمية.
6- أهمية إدراك بدأ التحالفات والتناقضات في مراحل الكفاح وحجم وأهمية هذه التحالفات في مراحل التحرير الوطني باعتبار التحرير معركة كل الشعب دون أن يغيب عن بال الطليعة أهمية تنظيم القوى الشعبية لحماية مصالحها ومنع أيا كان من الانقضاض عليها وسرقة مكتسباتها في كل المراحل بما في ذلك مراحل ما بعد التحرير.
7- إدراك أهمية إيجاد التنظيم المناسب للمرحلة المناسبة وتقديم العام على الخاص بمعنى أن من الضروري الإدراك أن الحزب والتنظيم وسيلة بيد الجماهير لا غاية لأصحابه وان ظاهرة الصنمية الحزبية والتي تتحول بالقطع إلى صنميه شخصية تؤدي بنا إلى شخصنة كل شيء بما في ذلك قضايا الشعب والثورة هي جريمة ينبغي التنبه لخطورتها ومنع ظهورها ولا بأي حال من الأحوال وفي هذا السياق فان تكرار وجود فصائل وأحزاب وجماعات قومية ويسارية صغيره ومبعثره هو أمر لا مبرر له على الإطلاق سوى تدمير المشروع الوطني أولا والشعبي ثانيا.
إن من الضروري أن ندرك أن تأسيس الفكر اليساري تاريخيا جاء بسبب من تلاقي أربع تيارات رئيسية في الفكر والسلوك الإنساني وتداعيات وتطورات هذه التيارات الأربعة وهي الاشتراكية الطوباوية وما آتت به عبر نموذج الثورة الفرنسية والاشتراكية العلمية ونموذج البناء الاشتراكي والفلسفة الألمانية كنموذج قومي للفلسفة والفكر الإنساني مع كل التحفظات على ما خلفته فيما بعد من خروقات لتطور الفكر البشري لصالح اختزال البشرية بالعنصر القومي والى جانب ذلك جاءت إبداعات العمال الانجليز في كفاحهم من اجل قضاياهم النقابية واستمرت الإضافات من إبداعات البشرية وانجازاتها على طريق التحرر حتى نهايات القرن العشرين حين جرت أبشع تحولات في تاريخ البشرية لصالح حفنة من المستغلين والجشعين الذين باتوا يعتقدون أن بإمكانهم تحويل البشر إلى عبيد والأرض إلى إقطاعية مملوكة لهم بكل ثرواتها تحت شعارات العولمة والسوق المفتوح وحرية التجارة وقد قدمت الأحداث الأخيرة في نهاية هذا العام 2008 الدليل القاطع للبشرية باستحالة نجاح الأنموذج الرأسمالي الأمريكي على الإطلاق سوى بإخضاع كل البشرية لهم ولمصالحهم إلى جانب ذلك فان اليسار وقواه وجدوا أنفسهم مضرين لاستعادة تاريخ الفكر البشري في البحث عن العدالة والحرية والتقدم بدءا من أفكار الديمقراطية في أثينا القديمة وانتهاء بما لا زال العقل البشري يبدعه حتى اليوم مرورا بالتعاليم السمحة للأديان بمجملها دون آن يغيب عن بالنا آن الاكتشافات العلمية والثورات في انجازات العلم البشري وتطوراته وصولا إلى الثورة الرقمية تعتبر أيضا مكونات رئيسية من مكونات الفكر الإنساني وفي المقدمة منه الفكر اليساري كمعبر عن مصالح الغالبية المطلقة من بني البشر.
الثورة الرقمية نبهت البشرية إلى حقيقة تلازم الفكر الإنساني للفعل الإنساني الذي يبدع أداء حيا وقيما مادية وهو في سبيل ذلك ينقب عن تعريفات وتحليلات لظواهر الكون والحياة فالفكر والعلم والفعل متلازمة إلى حد الالتصاق والتداخل وإلا فان الدوغماتية اللعينة كانت لتنتصر لولا ما أنجزه العلماء ولو بحثنا في الفكر الإغريقي لوجدناه متوقف عند مقولات العلم آنذاك مثلا ممثلا برفضه لفكرة تجزيء المادة وجمودها المطلق إلى أن جاءت اكتشافات الفيزياء بالذرة والجزيء لتغير تلك المفاهيم برمتها وتطورت الرؤيا فيما بعد لفهم حركة الكون وإلغاء الاعتقاد السائد بان الأرض مركز الكون ثم كان ما أتى به اينشتاين بثورته على نيوتن واكتشافه للنسبية بأبعادها العلمية وانسحابها على الفعل الإنساني وتجلياته اجتماعيا واقتصاديا, كل ذلك يقودنا للبحث في التلاقي الغريب بين الفكر الإنساني الساعي إلى سعادة البشر في السعادة الكونية المطلقة عند هيجل والشيوعية المطلقة عند ماركس وحتى الرخاء الذي تبشر به الرأسمالية وبين الوعد الإلهي بالجنة في الأديان كافة مما يؤكد ان الهدف بالنتيجة هم البشر كل البشر أو الصالحين منهم على قاعدة أن الصالحين هم الأكثر قهرا ومعاناة وهم بالتالي الأغلبية الموعودين بالشييوعية عند ماركس والسعادة عند هيجل والعدالة عند آدم سميث وهم أنفسهم من وعدتهم الأديان بجنة السماء.
إذن المهمة هي الإنسان والانتماء له وليست الفكرة ولا وجود لفكرة جامدة ما دام الحراك يصل كل ما هو ملموس في هذا الكون الشاسع وبالتالي فان ارتهان البعض باعتقاد أحقيته بامتلاك الحقيقة أو امتلاك الصفة أو احتكاره للدور الذي يعتقده هو مجانبة للحقيقة واحتكار لحراك المجتمعات الإنسانية الحي بكل تجلياته.
إن من الضروري التذكير أن ستينات القرن الماضي شهدت الانطلاقة الأشد للفكر الإنساني الجديد والمختلف والذي يؤسس لفكر حقيقي ناقد وقادر على القبول بالآخر وقد أسست لذلك المدارس التشكيكية والنقدية ومفكرين من أمثال ماركوز وفوكو وتبعتهم بعد ذلك مدارس الحداثويين والتفكيكيين والاختلافيين وفلاسفة من أمثال دولوز وليوتار وديريدا وهؤلاء قدموا فكرا نافيا لكل ما هو شمولي ورسخوا فكرة قبول الآخر وحق الاختلاف والبحث عن الحقيقة على قاعدة الاختلاف والنسبية وان التعددية شرط من شروط مواصلة التطور والتقدم نحو الحقيقة حتى في ظل غيابها أو على طريق الوصول إليها.
يسارية الفلسطينيين:
اليوم يستمر الحوار على الساحة الفلسطينية حول موضوعة اليسار ووحدته والغايات المرجوة وآليات التنفيذ واحتمالات النجاح والفشل وتلك ظاهرة صحية فالحوار ضروري جدا في سبيل الوصول إلى النجاح وتحقيق الغايات والأسئلة في سبيل ذلك كثيرة
لماذا يتحدون؟ ومن هم الذين سيتحدوا؟ وما هي أهدافهم؟ وما هي أوجه الاختلاف والتشابه, ومن المفترض أن الإجابات على هذه الأسئلة في غاية البساطة فلماذا يتحدون؟ مثلا:
لان القضية التي من المفترض أن ينتمي إليها هؤلاء تفرض وحدتهم ولان الأصل الوحدة ولان هناك أهداف سامية معلنة تبدأ بتحرير الأرض الفلسطينية ودحر المحتلين ولا تنتهي عند ذلك كما قد يبدو للسطحيين وأصحاب جبهة اليسار من المفترض أنهم كبلوا يديهم منذ البدء بسلاسل الانتماء إلى التغيير الاجتماعي والثورة ضد المحتلين على طريق حرية الإنسان ونحو بناء مجتمع اشتراكي ينضم إلى منظومة الكفاح الاممي ضد ناهبي ثروات الشعوب ومستعبديهم ولماذا يتحدون هنا هي نفسها لماذا يتحد الفلسطينيون فمن المفترض ولو نظريا أن هناك مواجهة وطنية قومية بين الفلسطينيين والعرب والحركة الصهيونية والمشروع الامبريالي برمته وهذا يعني أن هناك جبهتان لا ثالث لهما ها جبهة قوى الأعداء وجبهة قوى الثورة ومن السخافة محاولة التفلسف في ذلك فا بينهما هو دوما لصالح جبهة الأعداء ومن لا ينحاز إلى قوى الثورة في مرحلة تحرير الوطن فهو بالتأكيد في خندق الأعداء حتى دون أن يدري فالحيادية في موضوعة الوطن جريمة والاتحاد إذن هو بين كل قوى الثورة على الأرض العربية في مواجهة مشروع ندرك جميعا انه يستهدفنا بلا استثناء ونحن هنا تعني كل جماهير الأمة وأية محاولة للاختزال هي إضرار بالقضية الكبرى وأية محاولة لتجذير الإقليمية هي تهريب للقضية من حاضنتها الحقيقية وإراحة وهمية للبعض من التزاماته تجاه قضية خلقت بأساسها كقضية امة ومن يفعل ذلك يجر الأمة نفسها الى الهلاك عبر إبعادها عن جوهر التهديد الذي يتربص بها بل ويفتك بها تدريجيا.
قوى الثورة الفلسطينية والعربية أولا بحاجة للاتحاد على برنامج كفاحي تختلف تفاصيله باختلاف الساحات ولكنه يحمل إستراتيجية واحدة قائمة على التحرير للأرض والإنسان والثروة والعودة بهذه الثروات من بين أنياب المستعمرين ووكلائهم إلى أصحابها الحقيقيين وهم سائر جماهير الأمة وفي المقدمة صانعيها من أبناء الطبقات الفقيرة.
الذين سيتحدون إذن هم أولئك القادرين على أن يكونوا الأكثر جذرية لأنهم الأكثر إيمانا ببرنامج جذري لا يعرف الاسترخاء, برنامج أكدت له التجارب الحية والأحداث على الأرض أن كل فرقة هزيمة وان الاستفراد بالوطن الأكبر يتكرر كلما صغرنا مساحة الوطن أكثر ويلاقي النجاح كلما ازداد تشرذمنا وازدادت فرقتنا وتجربة الأمة العظيمة المفككة تكررت في الحال المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني هذه الأيام.
ولذا فان الدعوة إلى وحدة اليسار في فلسين منقوصة لأنها تكرر التشرذم وتضيق المواجهة على طريق إلغائها بين قوى الثورة العربية وأعداء الأمة ممثلين بالحركة الصهيونية والمشروع الامبريالي بشكل أوسع والذي يستهدف الأمة بكل مكوناتها وأي رؤيا لا تعكس ذلك عند أصحاب اليسار تستلزم بالضرورة أن يعيدوا صياغة رؤاهم التي انتموا إليها وال سنوات الثورة والتي جاءت في مجموعها كتأكيد على صحة ما ذهبنا إليه ن طبيعة الصراع فنحن نتحد إذن في سبيل الغايات العظيمة للأمة الكبيرة والوطن الكبير وكجزء من كفاح البشرية ضد اللصوص والطغاة الامبرياليين.
من هم الذين سيتحدوا؟
من المفترض أنهم قوى اليسار فمن هو هذا اليسار وكيف نعرفه أصلا ومن أين جاء والى أين يذهب, فمن المعروف أن لفظ اليسار الاجتماعي والسياسي اقترن بالثورة الفرنسية ومواجهة الارستقراطية ومقاومة السلطة وتطورت المفاهيم بعد ذلك إلى ضبابية واسعة تجعل من مصطلح اليسار مصطلح فضفاض يلك الجميع الحق بامتلاكه إن شاء وهو لم يعد حكرا على احد فبإمكان العلماني والديني والشيوعي ادعاء اليسار وما سيميزهم عن بعضهم هي برامجهم العملية لا شعاراتهم وتسمياتهم التي يطلقونها على أنفسهم وإلا فكيف يمكننا مثلا تفسير التحالف بين الحزب الجمهوري الأمريكي ( يمين ) مع حزب العمال البريطاني ( يسار وسط ) مع الحزب الشيوعي العراقي ( يسار شيوعي ) في احتلال العراق ولذا فان اليسارية ليست في التسميات بل في البرامج فأنت إذن مطالب بالانتماء إلى قواك الحية وأهدافها وان أنت خرجت عن ذلك فليس من حقك الانتماء إلى يساريتك وهذا ينطبق حتى على قناعات اليمين والانتماء لأهدافه فالمسالة ليست اختراعا طوباويا.
في فلسطين نحن أمام مهمات محددة
تحرير الوطن والشعب من الاحتلال
إقامة فلسطين حرة مستقلة عربية أو إسلامية أو علمانية أو ثنائية القومية, وكل من هذه التسميات من المفترض ان لها قواها المحركة, لكن المشترك بينها جميعا هو التحرير من المحتلين وهي الخطوة الضرورية الأولى, ففلسطين لن تكون لا إسلامية ولا عربية ولا علمانية, لا يمينية ولا يسارية مادامت محتلة, فلا مهمات قبل التحرير إلا تلك الضرورية من اجله, إذن فان أي تعريف لليسار يأتي من مهماته ولا يوجد تعريف جاهز لليسار أيا كان إلا بمعنى الانتماء فعلا للحاجات الأغلبية الشعبية في مواجهة قاهريها وبالتالي فان التعريف الحقيقي لليسار هو بتعريف مهماته فلسطينيا وعربيا وعالميا كما يلي:
- تحرير الأرض الفلسطينية من مغتصبيها.
- الكفاح في سبيل الاقتناع أن لا حكومة ولا سلطة دون حكم وارض واستقلال وان الأشكال الكاريكاتورية القائمة باسم السلطة هي فقط أدوات إدارة شؤون يومية للمواطنين لا أكثر ولا اقل وبالتالي فان الادعاء بالانتماء إلى اليسار لا يتفق والسعي المحموم للاشتراك بحكومات اوسلوية أين كانت تسميتها بل والكفاح في سبيل ردع قوى المقاومة عن فعل ذلك.
- عدم تقزيم المشروع الوطني إلى مشروع سلة وهمية وبالتالي عدم الاشتراك
- الكفاح في سبيل وحدة الوطن والشعب وسائر القوى المناضلة في سبيل التحرير على برنامج الحد الأدنى للتوافق الوطني برنامجا للكفاح لا للسلطة.
- مقاومة الهجرة والتهجير والعمل على تثبيت الناس فوق أرضهم والدفع باتجاه عودة المهاجرين طوعا خارج الوطن على طريق عودة كل الشعب.
- خوض المعارك اليومية للجماهير الفقيرة وتحديدا في قضايا الفقر والبطالة ومجانية التعليم والصحة.
- الكفاح في سبيل حماية الأرض من المصادرة وتجذير الانتماء للفلاحين بأرضهم وتطوير أدائهم وحماية منتجاتهم.
- قيادة الكفاح اليومي لجماهير اللاجئين الفلسطينيين وخصوصا في لبنان لصالح قضاياهم وحقوقهم كبشر وكفلسطينيين أصحاب قضية حية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية.
- إشاعة الديمقراطية في الحياة التنظيمية لهذه القوى أولا وبناء جبهة اليسار على أسس ديمقراطية في تنظيمها لا على قاعدة استحسان نظام الكوتة.
- استعادة منظمة التحرير الفلسطينية لدورها وعدم الاكتفاء بدور الملحق كما كان سابقا.
- الاصطفاف في معسكر اليسار العربي والأممي في مواجهة كل القوى المعادية لتحرر الشعوب ورفاهية البشر انتماء فاعلا مشاركا على قاعدة أن الكفاح ضد هؤلاء مشترك أينما كان وبدل إقامة علاقات مع الحكومات والأنظمة الرسمية ينبغي العمل على تجذير العلاقات مع قوى الكفاح والمقاومة.
إن اليسار اليوم أمام مفترق طرق خطير وانعطافة مهمة في تاريخه على الأرض ليس في فلسطين فقط وإنما في العالم اجمع وبكل قواه الوطنية والقومية تحديدا فلم يعد ممكنا تخطي الانتماء القومي إلى الانتماء الاممي كما لم يعد ممكنا إغلاق الأبواب على الوطني ومنعه من الانتماء لجذوره فعلا وفكرا فالعالم اليوم والرأسمالية تحديدا تحاول تصوير الصراع الدائر وكأنه صراع منفرد القطبين بين أصولية تمثلها القاعدة وامتداداتها من الذين يحلو للغرب حشرهم بثوبها والديمقراطية والحرية التي تمثلها الامبريالية الأمريكية وامتداداتها في الأرض حسب ما يرسمون أنفسهم عليه علنا بمعنى أن هناك قوة موحدة متماسكة تدرك ما تريد وتستطيع التأقلم مع التطورات هي الامبريالية التي وجدت نفسها في أزمة العام الحالي مضطرة للنبش على أسس الاقتصاد الاشتراكي أو رأسمالية الدولة أو نماذج القطاع العام والتأميم لتتملك الدولة نفسها أهم المؤسسات المالية وتؤممها بالمفهوم اليساري وليعلن دعاة الرأسمالية أهمية توجيه الرأسمال وتدخل الدولة الرسمي في نشاطه وعدم ترك الجبل له على الغابر, كل ذلك دون أن تفكر بالإعلان عن أن هناك خللا ما في نظامها الاقتصادي وفقط اكتفت بأخذ ما لدى الآخرين وتحويله إلى ملكية لها بالمطلق ومن نوع الماركة المسجلة ومقابل ذلك تتقن القوى الامبريالية وفي قدمتها الامبريالية الأمريكية ووجها الأبشع الحركة الصهيونية إلصاق أبشع التهم واختراع ما يطور وجود عدو أصولي بشع بات المسلمين اليوم هم من يمثلوه وهي لا تضع بن لادن وحده في الصوره بل تضم له المقاومة العراقية برمتها وقوى المقاومة في فلسطين كالجهاد وحماس والمقاومة الأفغانية واللبنانية وتضم إليهم دول مثل إيران وسوريا والسودان ولا تتورع أن تضع في نفس القائمة دولا ليست إسلامية مثل فنزويلا وبوليفيا وكوبا وكوريا الشمالية ومن قد يطرأ على القائمة في أي وقت ممن سيقرر أن يقول لا للحلف المعادي للبشرية وحريتها.
إن اليسار في فلسطين والوطن العربي والعالم مطلوب منه اليوم أن يستجيب للأمر " إلى اليسار در " والتوقف عن القيام بدور المنظمات غير الحكومية التي تعمل بالمال الامبريالي لتنفيذ أجندات تنتمي للمال وأصحابه والعودة إلى جماهيرها وبرامج هذه الجماهير للانطلاق نحو تحقيق الأهداف العليا لهذه الجماهير وفي بلادنا يقف التحرير في مقدمة هذه الأهداف أو الحاضنة المطلوب تهيئتها أولا لتنفيذ أية أهداف أخرى أيا كانت ودون ذلك فان هناك طريقين لا ثالث لهما إما الانتماء إلى المنظومة الامبريالية بدراية أو بدون دراية أو الانتقال إلى المعسكر المقابل واعتقد أن المعسكر الأول هو الأقرب لهم إن ظلوا في غيهم هذا.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحدة اليسار فلسطينيا ( رواية بلا نص )
- نحو اداة تنظيمية جديدة
- بصدد ما ينبغي تعلمه - دراسة لتجربة الطبقة العاملة الفلسطينية
- ليس لنا ما نسوقه
- نحن أسياد المؤقت
- غياب الرئيس عباس ضرورة اسرائيلية
- من يكره غزة يكره نفسه
- مديح الاغتيال...هجوم التوريط
- أعيدوا لنا أبناءنا
- أم قيس...قرية حدودها السناء
- عصرنة التأصيل في مواجهة تحديات التحديث
- البشرية مقابل حفنة لصوص
- المقاومة والجبهة المفككة
- عالم بلا حب
- أو شرعنة الاحتلال
- اتهام علني
- مأزق ومليار حل غائب
- اقرب السماء...اعمق الارض
- وعي الفعل
- فلسطين تحت الاحتلال


المزيد.....




- الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على ...
- روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر ...
- هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
- الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو ...
- دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
- الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل ...
- عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية ...
- إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج ...
- ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر ...
- خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عدنان الصباح - الى اليسار در