أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد سعد عبيد - القاهرة الفاطمية















المزيد.....

القاهرة الفاطمية


أحمد سعد عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 2466 - 2008 / 11 / 15 - 03:47
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


سار الجيش الفاطمي بقيادة جوهر الصقلي في مدينة الفسطاط بعد الاستيلاء عليها من بقايا الاخشيدين وهو يحمل لواء النصر حتى حط الرحال في السهل الرملي الواقع إلي الشمال من الفسطاط وهو سهل يحده من الشرق جبل المقطم ومن الغرب خليج أمير المؤمنين وكان السهل خاليا من البناء إلا قليلا مثل بقايا بستان كافور الإخشيدي وحصن صغير يسمي قصر الشوك ودير مسيحي يعرف بدير العظام وفي هذا السهل اختط جوهر في ليلة وصوله رابعة مدن مصر الإسلامية التي قرر تأسيسها لتكون مدينة ملكية حصينة للخليفة وأتباعه كما اختط القصر الفاطمي الذي أعده ليستقبل مولاه المعز لدين الله وحينما أتت وفود أعيان الفسطاط في صباح اليوم التالي لتهنئته بالفتح وسلامة الوصول وجدوا أن مواضع أسس البناء الجديد كانت قد حفرت وبني جوهر سورا خارجيا من اللبن علي هيئة مربع طول كل ضلع من أضلاعه حوالي 1200 متر أدرك المقريزي في القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي جزءا منه فيما بين باب البرقية ودرب بطوط خلف السور الحالي الذي بناه فيما بعد صلاح الدين الأيوبي وابدي دهشته من كبر حجم الطوب المستخدم في البناء إذ بلغ طول الواحدة منه قدر ذراع في ثلثي ذراع كما أشار أن هذا السور كان من السمك بحيث يستطيع ان يمر فوقه فارسان جنبا إلي جنب
ونظرا لان الأعمال الإنشائية قد تمت في ليلة وصول الجيش الفاطمي فان جوهر الصقلي قد لاحظ في صباح اليوم التالي إن جدران السور و القصر جاءت غير معتدلة فلم تعجبه ومع ذلك فقد تركها علي حالها واستمر في تشييد البنيان حتى أكمله وكان كل ضلع من أضلاعه يواجه احدي الجهات الأصلية إلي حد كبير فقد كان الضلع الشرقي في محاذاة جبل المقطم والضلع الغربي في محاذاة الخليج والضلع الجنوبي في مواجهة مدينة الفسطاط والضلع الشمالي في مواجهة السهل الرملي وقد ضم هذا السور جميع المنشات الداخلية بالقاهرة فبدت المدينة كأنها حصن عظيم يدور حوله سور سميك وقد أختلف المؤرخون في الغرض الذي أقيم من أجله فمنهم من قال إن جوهرا قصد باختطاط القاهرة أن تصير حصنا فيما بين القرامطة وبين مدينة مصر ليقاتلهم دونها فأدار السور علي مكانه الذي نزل فيه عساكره وأنشأ داخل السور جامعا وقصرا واعتبرها معقلا يتحصن به وتنزله عساكره وحفر الخندق من الجهة الشمالية ليمنع اقتحام عساكر القرامطة إلي القاهرة وما وراءها من المدينة .. ويري آخرون إن في هذا السور هدفا ارستقراطيا يختلف عن هدف التحصين ليكون من داخل السور بمعزل عن العامة
ومن الممكن أن يكون قصد الهدفين معا بمعني انه حصن المدينة تحصينا كافيا وأعاق عامة الشعب في الفسطاط والعسكر والقطائع من الوصول إلي القاهرة فقد كان محظورا علي أي فرد اجتياز أسوار القاهرة إلا إذا كان من جند الحامية الفاطمية أو من كبار موظفي الدولة كما كان الدخول إليها وفقا لتصريح خاص
عن طريق الأبواب الثمانية التي فتحها جوهر في السور وهي :
اثنان في السور الشمالي هما باب الفتوح وفي شرقه باب النصر و باب بعقدين في السور الجنوبي يطلق عليه باب زويله افتتح إلي الغرب منه باب أخر سمي باب الفرج أما بابا الضلع الشرقي للسور فهما باب البرقية ويعرف باسم باب التوفيق والباب الثاني هو باب القراطين ويعرف باسم الباب المحروق وسمي بالحروق لما حرقه المماليك الهاربين بعد مقتل الأمير أقطاي حيث تركوا منازلهم في أثناء الليل وتقدموا نحو هذا الباب فوجدوه مغلقا فأوقدوا النار فيه حتى سقط من الحريق وخرجوا منه
وفي الضلع الغربي كان هناك بابان باب القنطرة بناه جوهر بعد سنتين من بناء السور وأقام أمامه قنطره فوق الخليج ليمشي عليها إلي المقس ليدافع عن القاهرة ضد القرامطة والأخر باب سعادة الذي عرف بهذا الاسم تيمنا باسم سعادة بن حيان غلام الخليفة المعز لدين الله الفاطمي
ويجمع الباحثون الذين تناولوا موضوع تأسيس مدينة القاهرة علي صحة القصة المتواترة في المصادر بصدد اعتماد جوهر القائد علي المنجمين عند بناء السور إذ أصدر إليهم الأوامر باختيار طالع سعيد لتأسيس أسوار القاهرة وأبوابها وقصورها وعندما حفرت الخنادق لبناء أسس الجدران ثبتت فيها قوائم ربطت بحبال علقت عليها أجراس حتى إذا حانت الساعة المحددة أرسل المنجمون الإشارة الخاصة بالبدء في العمل وأمر العمال بان يقفوا علي تمام الأهبة لإلقاء مواد البناء في الخنادق المعدة لذلك عندما تدق الأجراس ولكن قبل ان تحين اللحظة المقررة وقع غراب علي الحبال المشدودة فدقت الأجراس فظن العمال ان المنجمين أعطوا إشارة البدء في العمل فالقوا الأحجار ومواد البناء في الخنادق المحفورة بينما كان كوكب المريخ في الطالع وكان يطلق عليه قاهر الفلك فسميت القاهرة . ومع هذا هناك من يشكك في هذه الرواية لمشابهتها لرواية بناء الاسكندر للإسكندرية وإنها مجرد خرافة
فمدينة القاهرة عرفت في أول الأمر باسم المنصورية تيمنا باسم المنصورية التي أنشاها المنصور بالله ثالث الخلفاء الفاطميين خارج مدينة القيروان بشمال إفريقيا ولم تعرف بالقاهرة إلا بعد أربع سنوات بعد أن حضر الخليفة المعز إلي مصر ورأي من قرأته الخاصة للطالع أن هذه التسمية فال حسن إذ رأي أن اسم القاهرة مشتق من القهر والظفر فأطلق عليها اسم القاهرة
وهناك البعض يقول إن موقع القاهرة لم يرق في نظر الخليفة لأنها بغير ساحل وانه وجه اللوم إلي جوهر قائلا فاتك عمارة القاهرة علي الساحل عند المقس فهلا كنت بنيتها علي الجرف . أي منطقة الرصد في جهة مصر القديمة لان هذه المنطقة كانت تشرف علي النيل وبركة الحبش وجمعت بين السهل والجبل وبين الخضرة والماء
والسور الذي بناه جوهر لم يعمر أكثر من ثمانين عام إذ كان قد تهدم في عصر الخليفة المستنصر بالله فأستبدل به بدر الجمالي وزير الخليفة المستنصر سورا أخر بناه ثلاثة من الأخوة أحضرهم من مدينة الرها في شمال العراق بأرض أرمينية وذلك بعد أن وسع رقعة القاهرة بمقدار 150 مترا شمال السور القديم وحوالي ثلاثين مترا إلي الشرق ومثلها إلي الجنوب وقد تم تشييد هذا السور موازيا للأسوار القديمة من الحجر المنحوت المصقول السطح المثبت في مداميك منتظمة ليكون أوفي بأغراض الدفاع عن القاهرة وقد بقي من هذا السور ثلاث أبواب مهمة هي باب النصر وباب الفتوح شمالا وباب زويلة جنوبا وأقدمها جميعا باب النصر المعروف بباب العز الذي شيد بين برجين مربعين نقش علي أحجارهما رسوم تمثل بعض آلات القتال من دروع وسيوف ويعلو الباب فتحات أعدت لكي تصب منها المواد الحارقة علي العدو المهاجم ولكل برج سلم يوصل إلي دوريين آخرين فوق الدور الأرضي المصمت وبالدور الأوسط حجرات تسقفها قباب ضحلة شيدت من أحجار منحوتة ويتوج باب النصر شريط به نقش كتابي بالخط الكوفي يسجل لنا تاريخ إنشاء هذا الباب والسور
ويعلو المدخل عقد مستقيم من صنج معشقة في شكل زخرفي
وقد أقيم باب الفتوح المعروف بباب الإقبال في العام نفسه ولكنه يختلف تخطيطه عن باب النصر فبرجيه مقوسا القاعدة وقد حليت جوانبهما بعقدين مغلقين تحت حجارتهما علي هيئة وسائد حجرية صغيرة متلاصقة ويتوج مدخله مجموعة من العقود زينت بأشكال متنوعة من أزهار ونجوم وفصوص شبيهة بالعمارة المغربية في تونس كما أن ممر البوابة تعلوه قبة ضحلة مشيدة من الحجر فوق مثلثات كروية علي حين سقفت أبراج الدور الأوسط بقبوات متعارضة
أما باب زويلة فقد تم تشيده مع السور الجنوبي للقاهرة وكان يتقدمه ذلاقة كبيرة تغير بعض مظاهرها في زمن السلطان الكامل الأيوبي وبرجي باب زويلة مقوسي القاعدة ويشبهان برجي باب الفتوح لكنهما أكثر استدارة وممر الباب يعوه أيضا قبة ضحلة ترتكز علي مثلثات كروية وان كانت اغلب زخارف واجهته قد اختفت تماما .
وفي قلب هذه المدينة نمت بذور العمارة الفاطمية حيث وضع جوهر القائد أساس السور المحيط بالقاهرة والقصر الكبير الذي أعده لنزول الخليفة المعز وقد تلاشي هذا القصر عقب سقوط الدولة الفاطمية ولم يبق لنا منه سوي الوصف الذي جاء في الكتب التاريخية حيث تصفه بان كان له تسعة أبواب ويشغل مساحة تقرب من سبعين فدان من 340 فدان تشغلهم القاهرة حينئذ وانه كان يتألف من خطط وأحياء تخترقها الطرقات والمسالك التي تفضي إلي أجزائه المختلفة فوق الأرض أو في داخل السراديب المارة تحت الأرض وكانت تضيئه الرحبات الكبيرة غير المسقوفة أو الأفنية الصغيرة وكانت بعض السراديب مظلمة
وكان بالقاهرة قصر أخر إلي الغرب من هذا القصر عرف بالقصر الغربي شيده الخليفة العزيز بالله وكان له عدة أبواب أهمها باب السباط وباب التبانين وباب الزمرد وكان يتصل بالقصر الكبير الشرقي بواسطة سرداب تحت الأرض كان ينزل منه الخليفة ممتطيا ظهر بغلته تحيط به فتيات القصر وقد تم بناء هذا القصر في زمن الخليفة المستنصر وكان يشتمل عدة أماكن منها قاعة كبيرة سكنتها ست الملك أخت الخليفة الحاكم بأمر الله والتي أقيم عليها فيما بعد بيمارستان المنصور قلاوون
وكان أمام القصر الكبير الشرقي وفيما بينه وبين القصر الغربي ميدان فسيح كانت تقام فيه حفلات عرض الجيش حيث يقف فيه عشرة آلاف بين فارس و مرتجل واشتهر فيما بعد باسم بين القصرين كما كان هناك ميدان آخر بجوار القصر الغربي يجاور البستان الكافوري المطل علي الخليج
والي جانب هذه القصور التي عرفت باسم القصور الزاهرة احتوت القاهرة علي مجموعة أخري من المباني منها دار الضيافة ودار الضرب سك النقود والمنظرة بالجامع الأزهر والمنظرة بجوار الجامع الأقمر ودار الحكمة والتربة المعزية التي عرفت بتربة الزعفران وغيرها



#أحمد_سعد_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاكي الخواجة مجدي
- النصوص المحرمة في رواية عزازيل
- من اجل الوصول للموضوعية
- اللقاء الثاني
- أوهام جسدية
- ترانيم عن العشق والحياة 1
- علاقة انترنتية
- حتي لا تكون طائفية
- تكامل وتناقض الانتماء الايدولوجي
- التمثيل النيابي للأقباط في مصر
- مادة 2 من دستور مصر
- بطاقة تموين
- دستور مرقع
- الشيخ أحى
- هارب من الحياه
- مولد كوم الهوى.
- صناعة الأزمة كحرب بديلة
- تساؤلات في ذهني
- موقف تروتسكي من الصهيونية
- حركات التغيير


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد سعد عبيد - القاهرة الفاطمية