إن كل الثقافات تريد الانتساب إلى الإبداع الإنساني المعاصر لامناص لها من الترجمة، اعتبارا لكون الترجمة أضحت أحد مظاهر الإبداع الفكري والثقافي.
بالعودة إلي تاريخ البشرية العريض نجد أن جل الثقافات قامت بنقل آثار حضارية أخرى لإلى ثقافتها والثقافة الإسلامية لم تخرج عن هذه القاعدة.
إلا انه الآن بالنسبة لأغلب الدول العربية والإسلامية لا وجود لاستراتيجية للترجمة تكون مندمجة ضمن مشروع التكوين المجتمعي بصفة عامة. فلا شك أن هناك جهود فردية كثيرة قامت بتوسيع مجال تفكير العقل حين عملت على نقل آثار من لغات مختلفة إلى اللغة الوطنية ليمكنوا عامة الناس من الإطلاع على إنتاجات كتبت بلغات أخرى، كما أنه لازالت مجتمعاتنا العربية والإسلامية في حاجة إلى المزيد من جهود الترجمة لإغناء الرصيد المعرفي للغة الوطنية.
إلا أن الجهود الفردية المعزولة تظل قاصرة وغير كافية – رغم قيمتها الأكيدة- لسد الحاجة الفعلية للترجمة ولتمكين هذه الأخيرة من القيام بدورها.
والأمر لا يتعلق فقط بالترجمة إلى اللغة العربية فقط، لأن الثقافة الوطنية هي كذلك في حاجة إلى ترجمة إبداعاتها إلى لغات أخرى، كما أنها في حاجة لتكوين موضوع دراسات بلغات أجنبية.
وبذلك ما زلنا مطالبين أولا ببلورة استراتيجية شاملة لتفعيل الترجمة ولتشجيعها في مختلف الميادين الفكرية سعيا وراء خلق مناخ ثقافي يساعد على المساهمة في الإبداع الإنساني.
وما دام نحن في حاجة للترجمة، فمن الأفضل التخطيط لها لجعلها دائمة ومستمرة، وهذا يمكن أن تضمنه استراتيجية شاملة في هذا الصدد.