مصير الميزانية

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 10:13
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

كل المؤشرات المحيطة بإنجاز الميزانية العامة للسنة المالية القادمة تؤكد إن التعامل مع هذا الملف سيعيد نفس المشاهد والجدالات والعقبات التي شهدتها ميزانية عام 2008 لتحشر الميزانية في نهاية المدة الزمنية المفترضة لإنجازها، وقد يزداد ملف الميزانية تعقيدا إذا وضعنا في الحسبان بعض القضايا من مثل عدم التوصل الى حلول للإشكاليات التي رافقت إقرار الموازنة الحالية وكذلك تزامن موعد تمرير الميزانية مع الحملات الانتخابية المحلية مما سيضاعف من عملية تسييس النقاشات التي تدور حول الموازنة وتدفع الى حالة من المزايدات وخاصة إن معظم مجالس المحافظات ترجع بطء الاعمار وتردي الخدمات الى عدم وجود مخصصات مالية كافية وتتهم هذه المجالس الحكومة الاتحادية بعدم العدالة في توزيع الثروة رغم إن كثير من المحافظات تفشل في إنفاق مخصصاتها وتعيد جزءا منها الى الخزينة العامة في نهاية العام، ويمكن أن تتحول ميزانية العام القادم الى وقود للخطابات العنصرية والطائفية المتشنجة تذكرنا بما جرى منذ عام تقريبا حين فشلت القوى السياسية في تمرير الميزانية في مجلس النواب إلا بعد ربطها بصفقة ضمت قانوني مجالس المحافظات والعفو العام، وحتى الآن يبدو إن مثل هكذا صفقة لم تتوفر بعد.
هناك عدة عوامل ظاهرة ساهمت في تعطيل إقرار الميزانية في مجلس الوزراء ومن ثم ترحيلها الى مجلس النواب ومن أهم هذه العوامل تذبذب أسعار النفط في الاسواق العالمية مما أدى الى إعادة صياغة الميزانية أكثر من مرة وكان من الاجدى لو إعتمدت الحكومة سعر برميل النفط الذي إعتمدته في ميزانية عام 2008 كأساس لميزانية عام 2009 ولتجنبت بذلك الكثير من العناء والتأخير ومن الممكن تنظيم ميزانية تكميلية في حال توفر فوائض مالية.
من المؤشرات الرمادية التي تحيط بميزانية العام القادم، حالة الصمت تجاه الحساب الختامي للميزانية المنتهية الذي من المفترض أن تقدمه وزارة المالية مرفقا مع ميزانية العام القادم ومن دون هذا الحساب الختامي تذهب كثير من جهود وتكاليف إعداد الميزانيات أدراج الرياح حيث لابد من معرفة مصير الاموال التي رصدت في العام الماضي ومدى كفاءة المؤسسات والوزارات في إنفاق تخصيصاتها والحفاظ عليها من الهدر وكذلك معرفة مدى واقعية الخطط الانفاقية التي تقدمها الوزارات وإنسجامها مع القدرة التنفيذية للمؤسسات والوزارات، وإدارة الاموال جزء مهم في عملية تقييم الكفاءة الادارية للدولة وتساهم في إخراجها من المهاترات السياسية.
لقد أحيطت ميزانية 2008 بكثير من الضجة الاعلامية وإطلقت عليها الكثير من الاوصاف التي تبين فيما بعد إنها مبالغات لا مبرر لها وحتى الخطوة الاساسية التي كانت في صالح شريحة كبيرة من المواطنين وهي زيادة رواتب الموظفين، تحولت هذه الخطوة الى حلقة مفرغة من الفوضى والفشل تسببت في كثير من المشاكل والارباكات وهناك أكثر من وزارة لم تتمكن من المحافظة على إنسيابية الرواتب الشهرية لموظفيها.
تواجه وزارة المالية علامات إستفهام وتعجب كبيرة لا يمكن تجاوزها بالاجابات الاعلامية المنمقة ولا بالتحليلات والتعليقات الساخرة فبعد إنتهاء كل ذلك تبقى المشاكل الواقعية في مكانها، وهي مشاكل تتحمل مسؤوليتها كل قنوات القرار في العراق لا وزارة المالية وحدها وفي مقدمتها مجلس النواب وتحديدا اللجنة الاقتصادية في المجلس التي من المفترض أن تكون الآن قد عقدت عدة جلسات إستماع وحوار مع المسؤولين عن إعداد الميزانية ومن المفترض أن تكون هذه الجلسات وسيلة لإطلاع النواب مسبقا على عملية وضع الميزانية وهو الامر الذي يساهم في تسريع مرور الاتفاقية في مجلس النواب الذي يكون أوصل الكثير من ملاحظاته وإعتراضاته الى من يضعون الميزانية ليعالجوا كل ذلك قبل طرح الميزانية بشكل رسمي على مجلس النواب.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات