إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2465 - 2008 / 11 / 14 - 08:20
المحور:
حقوق الانسان
مرة أخرى نزلت صاعقة "الإعدام العملي" لجريدة "المساء" على خلفية مقال نشرته واعتبره القضاء قد تضمن سبا وقذفا مباشرا في حق رجال قضاء عاملين بالقصر الكبير.
وعلاوة على مختلف الجوانب القانونية البحتة والتكييفات المرتبطة بفحوى النصوص القانونية الجاري بها العمل وبنودها، والتي حشدت حشدا، بدعوى ما يتطلبه أمر رد الاعتبار إلى الوكلاء العامين للملك الذين طالهم القذف والسب، وكذلك لاسترجاع هيبتهم، وعبرهم، هيبة القضاء، هناك دواعي سياسية مفادها أنه لا يمكن السماح للإعلام بالمغرب أن يصبح فعلا "سلطة رابعة" لها القدرة على إحراج القائمين على الأمور عندما تدعو الضرورة إلى ذلك، عبر التأثير على الرأي العام المحلي.
وإذا كان الهدف هو رد الاعتبار لوكلاء الملك والهيبة للقضاء، ألم يكن من الأولى أن لا يتم ذلك على جثة جريدة "المساء"، سيما وأن القائمين عليها قدموا اعتذارا، وكان من الأولى أن يكون هذا الرد بالاكتفاء بالمطالبة بـ "الدرهم الرمزي"، اعتبارا لكون المشكل معنويا ـ أخلاقيا أكثر منه ماديا، وربما كان هذا المنحى سيكون معبرا أكثر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سيرفع قدر رجال القضاء الذين طالهم القذف والسب بدرجة أقوى مما قد توفرها المطالبة بمئات الملايين من الدراهم التي سيحوزونها بعد تنفيذ حكم "الإعدام العملي" في حق جريدة "المساء" كما هو الحال الآن، وذلك لأن رد الاعتبار واسترجاع الهيبة على جثة صحفية متميزة في المشهد الإعلامي الوطني لن يؤول إلا بنية الرغبة الأكيدة في اغتيالها مع سبق الإصرار والترصد، وهكذا لن يتحقق مبتغى إعادة الاعتبار لوكلاء الملك بالقصر الكبير ولا استرجاع هيبة المنظومة القضائية، بل لربما تكون النتيجة عكس المراد بالتمام والكمال.
في واقع الأمر إن حكم "الإعدام العملي" في حق جريدة "المساء" اليوم هو رسالة واضحة موجهة إلى مختلف الصحف المستقلة التي اختارت الجرأة واعتمدت تكسير مختلف الطابوهات تطبيقا لـ "العقد" التي أبرمته من تلقاء نفسها مع القارئ : تزويده بالمعلومات أو أنصاف المعلومات التي تحصل عليها وتتقصى بخصوصها، وذلك تكريسا لحق المواطن في المعلومة.
ويأتي تنفيذ الحكم بـ "الإعدام العملي" لجريدة "المساء" عبر حجز أموالها وكل ما من شأنه أن يعكس قيمة مالية لشل حركتها توا، وهذا في وقت يطالب فيه صحفيي المغرب بمراجعة مشروع قانون الصحافة في اتجاه توسيع مجال حرية الصحافة والتعبير وضمان الحق في الخبر والمعلومة ومراجعة الغرامات المالية الباهظة المشلة للعمل الصحفي والمهددة للمؤسسات الإعلامية، سيما المستقلة منها، بالإغلاق والصحافيين بالبطالة.
وها هي نازلة جريدة "المساء" تسقط على رؤوسنا كالصاعقة في وقت خلق فيه تناسل محاكمات الصحافة والصحافيين، وطنيا وجهويا، قلقا حقوقيا من جديد، مما يستوجب التضامن غير المشروط.
ومهما يكن من أمر، صدم الجسم الصحفي بنزول خبر حجز ممتلكات جريدة "المساء" وهي إحدى الصحف التي تساهم في تكريس صحافة القرب والصحافة المستقلة الساعية إلى التفاعل مع نبض المجتمع.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟