يوميات عبد الله الاعظمي-غربة الجسد

عبد الله الاعظمي

الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 04:27
المحور: سيرة ذاتية

تعودت منذ مجئ الى هنا ان اسمي بعض الشوارع بأسماء شوارع في بغداد...و بما ان المدينة التي اسكن بها تشبه بغداد الى حد كبير من ناحية انبساطها و شوارعها فأنني اجد شوارع مشابهة كثيرة...امر احيانا في العرصات و امر احيانا اخرى في الاسكان قرب سكة الحديد و امر قرب الصرافية و هناك جسر حديدي يشبه الصرافية كثيرا...اصلا انا اسكن هنا في امريكا في الجادرية..فالمنطقة التي اسكن بها تشبه الجادرية في شوارعها و اشجارها.
بالامس ذهبت الى المدينة القديمة في المدينة التي اسكن بها....المدينة القديمة هي ما نعرفه نحن ببغداد القديمة..او شارع الرشيد...ذهبت الى هناك لعلي ارى الحياة القديمة لهذه المدينة الامريكية....لم ارّ شيئا من القدم سوى الارصفة خشبية و ارضية رصت بالطابوق و انتهى الامر...اما المحلات فهي عادية لا وجود لاي دلالة تاريخية عليها....عندها اغمضت عيني و رجعت بذاكرتي الى شارع الرشيد....هذا الشارع العظيم الذي يرقد على كتف دجلة الخالد....و الذي يختزل تاريخ بغداد القريب بين محلاته و درابينه...كل محل من محلاته له دلالة تاريخية..كل زاوية كل حجر....لو اردنا ن نذكر المقاهي لذكرنا مقهى الزهاوي الذي اخذ اسمه من شاعرنا الكبير جميل صدقي الزهاوي و الذي كان كثيرا ما يجلس فيه..لو اردنا ان نذكر الجوامع لتذكرنا الحيدر خانه و الذي استخدم منبره لدفع الناس و رفع حماستهم في انطلاقة ثورة العشرين..لو اردنا ان نذكر المكتبات لذكرنا شارع و ليس مكتبة ...انه شارع السّراي..لو اردنا ان نذكر مكاتب حكومية لذكرنا القشلة....لو ذكرنا محلات العصير لذكرنا الحاج زبالة و كعك السيد و لذكرنا تسجيلات جقماقجي... ولذكرنا سينما الوطني و الزوراء و اورزدي باك و و لذكرنا تمثال الرصافي و عكد النصارى و عكد دانيال و شارع النهر و المتحف البغدادي و المدرسة المستنصرية و مئات مئات من المكانات و العلامات في تاريخ بغداد....انه ببساطة رئة بغداد.
رجعت بي الذاكرة الى سنين مضت و قد تعودت كل نهاية اسبوع ان اذهب الى شارع الرشيد..اجلس في مقهى ام كلثوم و اتمشى في شارع السراّي و اقلب الكتب و اروي ضمأي من زبيب الحاج زبالة....لا اعلم بماذا يتفاخر هؤلاء الناس هنا؟؟ما هو تاريخهم و اين حضارتهم؟؟؟مدينتهم القديمة لا يوجد ما يدل على قدمها .
تمشيت في مدينتهم القديمة اقل من ساعة و عندها رأيت سيارات الشرطة تغلق الشارع و يترجلون و رأيت عدد من الاشخاص يحملون لافتات و لم اعلم ماذا يحدث .....ثم عرفت انها مظاهرة للمثليين يطالبون بأن يتم الاعتراف بزواجهم!!...بئسا لها من مدينة قديمة و بئسا لهؤلاء الناس و الذين تحميهم الشرطة...عندما تكبر ابنتي ماذا سأقول لها عندما تسالني من هؤلاء الناس و ماذا يحملون؟؟كل يوم افكر الف مرة و مرة....ادعو الله ان تنزاح الغمة و ارجع الى عراقي العزيز و اهلي و اصدقائي.
الجسد عندي غير ان الروح عندكم
فالجسد في غربة و الروح في وطني
دعونا الان من مدينتهم القديمة و خبّروني......كيف حال رئة بغداد هذه الايام؟؟احملوا لها سلامي و شوقي.

#عبد_الله_الاعظمي (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات