أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بوزكَو - الرقص على لغتين














المزيد.....

الرقص على لغتين


محمد بوزكَو

الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 04:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الفترة الأخيرة طلعت علينا مختلف الجرائد بكتابات تناولت مشكلا قديما جديدا هو مشكل التعدد اللغوي في المغرب أو الإشكالية اللغوية بالمغرب.. والواقع أن هذا المشكل تم تناوله في الغالب من طرف فريقين متناقضين من حيث المنبع الذي سقوا منه حمولتهم الفكرية في حين أن المعنيين بالأمر وأقصد السكان الأصليون هم في دكة الاحتياط يسترقون السمع والبصر.. ومن كان منهم حاذقا وفيه قلب يَجْبَدُ أدواته المعرفية والفكرية والتاريخية ليصيح بصوته المبحوح "آعباد الله الناس تأكل فينا في عز النهار ولا من قلب يدق".. حرب ضروس بين جمل وديك في زريبة حصان على علف.. فريق ابتلع ثقافة حملتها رياح الشركَي الشرقية على ظهر جمل حتى اختلطت لديه المفاهيم فتراه كالمُدَوخِ في أعماق البحر، يصْرُطُ الماء وينفي ملحته وان نجا ينعي البحر... وفريق آخر هبت عليه رياح غربية غيرت مَشْطَتَه كما الديك مع زَنْطيطُه، وجاء إلى المغرب مسرعا، فرحا بثقافة جديدة يغرسها في مغرب لا غرب له.. أرض بثقافتها الأمازيغية شامخة وبلغتها يانعة وثقافتان مستوردتان تتناطحان عن وجود وعن سكن..
هكذا يبدو المشهد مثيرا للشفقة أحيانا وأحيانا أخرى يبعث على التقزز.. وإذا كان المتفرنسون غالبا ما لا يكترثون لوجود لغة اسمها الأمازيغية وبالتالي لا يَجْبدونَها حتى، بحيث مركزين فقط على توجيه أسلحتهم نحو اللغة العربية التي يرون أنها قد سحبت منهم بساط أرض أرادوا أن يُسَرِحوا فوقها، حتى هم، أرجلهم الثقافية ويَسْرَحوا شرايينهم الفكرية... فان المعربون تخصصوا في جدول الضرب، بحيث يتلقفون كل ما هو أمازيغي فيضربون به الفريق الخصم.. مطبقين ما قاله محمود درويش في أحد أشعاره"..التقطني واضرب بي عدوك.." فتراهم لا ينكرونك كبربري، كما يحلوا لهم أن يسمونا، ولكن فقط لتُونِسَهُم وتُوَجِد لهم أَتايَ ويضحكوا عليك باستهزاء ماكر، ويضربوا بك خصومهم، ويأكلوا عليك لغتك بلغتهم ويشربوا ثقافتك بثقافتهم ثم يمسحوا بك قصائدهم إلى أن تحفظها عن ظهر قلب وتقول آمين ويخلف الله على من أنفق...
إذا كانت الوطنية تتطلب وطنا وإذا كان الوطن يبتغي أرضا فان أرض المغرب أرض امازيغية بثقافته ولغته وأُناسه وبالتالي فالانتماء يتحدد من هذا المنطلق... أي انتماء للغة الوطن الحقيقية ولثقافته.. أن نتكلم لغة الأرض ونحمل ثقافتها لا أن نتنكر للغة الأصل ونستورد لغات أخرى لنزرعها في تربة لها لغتها... بهذا التفكير السليم تاريخيا، حضاريا وواقعيا، سيكون الإنسان المغربي منسجما مع ذاته وتاريخه وأرضه ولغته.. وبالتالي متصالحا معه.. وبعد ذلك فمرحبا باللغة العربية والفرنسية كمان.. سندرس المعلقات بعد تمحيص "ازْران" وسنقف عند الثورة الفرنسية بعد دراسة مقاومة الريف.. سننطلق منا نحو الآخر..
العالم الآن في صراع من أجل إثبات الوجود ضد ممحاة العولمة.. كل الشعوب تخرج ما بداخلها من غيرة ووعي حاملة سلاح الأرض والانتماء ومساحيق التنظيف وعطر الهواء من أجل إنعاش أصولها وصيانتها ومن أجل توطين ثقافتها فتراها تغرس مخالبها كي لا يجرفها التيار..
إلا نحن.. شعب بذاكرة قصيرة.. بوعي مثقوب من الداخل مسلوب من الخارج.. نَسخَرُ من أصلنا وفصلنا في حين رُيوكُنا تسيل بفعل سحر الآخر.. نمجد ضَادَ الجمل وننحني للغة أهل الديك وفي الزريبة حصاننا مربوط دائما بالضمة الظاهرة ومجرور أبدا بالكسرة.. في الصباح، الجريدة طبعا، يفطرون بتراب الوطن حين يتحدثون عن المغرب العربي.. وفي المساء، الجريدة كذلك، يتعشون بلغة الأرض بعد سلخها عن جذورها، أما على طول الأيام، هي الأخرى جريدة، فاستفزاز، واحتقار، وضرب تحت الحزام بالصوت الديمقراطي..
وفي الصف الآخر نجد "تيل كيل" التي تعني: كما هو، وهي مجلة ما أن تبدأ قراءتها حتى تتساءل عن مدى حقيقة اسمها.. إذ أنها لا تعكس معنى: كما هو، بل تعاكسه... فتصور لك المغرب كما هو عندها.. يتكلمون عن كل شيء، إلا عن ثقافة ولغة وأصل هذا البلد.. إنهم بذلك ينقضون الوضوء هنا ويجددونه في فرنسا.. أما المسكينة لوبينيون، والحاج لومتان فرفع عنهما القلم...
هذا هو حال هذا الوطن.. بقدر ما هو متجذر في التاريخ بالقدر نفسه يقزمونه في مادة التاريخ.. ومهما كانت ثقافته موغلة في القدم ترتفع المعاول من أجل اجتثاثها.. وطن بأبناء عاقين.. ينهبون زرقة سمائه، طراوة نسيمه، جمال طبيعته وأكثر من ذلك تاريخه وحضارته... ويديرون له بعد ذلك ظهورهم ليحضنوا ثقافات وحضارات أخرى تنبعث منها روائح ممزوجة بالبترول واليورو.. من أجل ماذا..؟
من أجل شيء واحد... ألا يكون لهذا الوطن ملامح.. أن يكون وطن بلا وطن..
مغاربة اكتروا لغات وثقافات ليفرحوا ويبدعوا...
مغاربة استلفوا أفواه غيرهم ليأكلوا أحشاءهم...
أما الحقيقة، فلا زالت هناك... بعيدة، بعيدة... لن تقترب ما لم يرجعوا ما تم كرائه واستلافه... ما لم يغيروا سؤال، الإشكالية اللغوية بالمغرب بسؤال، اللغة الأصل وإشكالية الاستلاب اللغوي بالمغرب..
ودعوا الرقص على لغتين.



#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعريب السحور ..
- أَيور وشهر أيار... وباسل.
- أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء
- ختان المرأة بالمركب الثقافي بمناسبة عيد المرأة
- أني كتبتُكِ وقرأتُكِ غدا...
- الرابطة المنحلة... فكريا
- تلفزتنا... قد نشاهدك لكننا لا نراك
- ماذا لو ذبح ابراهيم اسماعيل...
- التعريب...التغريب
- المغرب وطن لنا أم موطن لنا؟
- متاهة


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بوزكَو - الرقص على لغتين