محمد مقصيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2462 - 2008 / 11 / 11 - 05:53
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يقول كونفوشيوس : من يمكن أن يخرج إذا لم يستعمل الباب ؟ لماذا إذن , لا أحد يتبع هدا الطريق .
ربما الكثيرون لهم رأي مختلف تماما , البعض يحاول أن يقفز من النافذة وآخرون يفضلون أن تنهدم جدارات البيت حتى يكونوا أمام الخارج كأمر حتمي ... ولكن من يمكن أن يخرج من القمع السياسي والتخلف الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في المغرب دون دستور حقيقي وآليات ديموقراطية ومؤسساتية تضمن التطبيق الفعلي لأساساته , طبعا لا أحد باستتناء العائلات التي تقتسم ثروات البلاد وأذنابها . إن الدستور باعتباره القانون الأساسي الذي يبين شكل الحكومة ونظام الحكم والعلاقة بين المواطن والدولة والحريات الاساسية والمبادئ العامة هو جوهر كل تغيير ديموقراطي حقيقي . ثم إن الدولة بوصفها من المنظور الهيجلي الحرية الكلية والموضوعية في الإستقلال الحر للإرادة الجزئية , فهي تقتضي مشاركة فعلية وليست صورية للمواطنين ومساءلة مستمرة لبناءها وسيرورتها . إن ما يحدث في المغرب وهو الأمر الذي ينطبق عموما على دول العالم الثالت هو تقويض حرية المواطنين وتعطيلها سواء بواسطة الدساتير التي تكرس الأوضاع القائمة , أو بواسطة تعطيل الآليات والمؤسسات الساهرة على إقرار العدالة داخل الدولة – وهو الأمر النابع أيضا من الدستور - , ومن هذه الزاوية لا تنتفي المواطنة وحسب , بل تتحول إلى نمط جديد من العبودية . إذ يصبح المواطن مسلوب الإرادة بل خاضعا بالإطلاق لإرادة خارجية , إرادة تفرض عليه رغباتها ولا يمكنه التصرف خارج دائرتها .
هنالك من يتحدث اليوم في وسائل الإعلام وفي الندوات والمؤتمرات حول قيم المواطنة والشعور بالإنتماء للوطن وضعف المشاركة في الإنتخابات التي وصلت أحيانا إلى أقل من عشرين في المئة , وينظر للأمر كأنه عدم ثقة في الأحزاب السياسية وعزوف الشعب مرده لأدائها الفاشل , أو لعدم ثقة بالمؤسسات السياسية في كليتها ,وهذا أقصى ما تذهب إليه المعارضة الراديكالية , بينما تعزى غياب المواطنة للمصلحة الشخصية كما هو الحال بالنسبة مثلا للرياضيين الذين يرغبون في تغيير جنسياتهم أو للجراح والمواقف السلبية التي تتخدها الطبقة الحاكمة ضد المواطنين , وهي إجابات تبعث على الضحك اكثر منها إلى الإستهجان .
لماذا لا يطرحون السؤال الأكثر بداهة عن سبب ما يدفع الناس إلى اتخاد موقف من الدولة بسبب الطبقة الحاكمة , وعن سبب هدا الخلط بين الطبقة الحاكمة والدولة حتى التماهي . أليس فعلا أنهم يدركون تماما أن لا وجود للدولة اساسا خارج الطبقة الحاكمة وما يوجد فعلا هم فقط أشخاص يملكون الأرض وخيراتها ويتحكمون في كل ما يرتبط بها . إن الكثيرين من المواطنين البسطاء يعتقدون في أن المغرب سجن كبير ويفعلون أي شيء للعيش خارجه ولو اقتضى الامر الإنتحار في البحر رغبة في الوصول إلى أوربا , وحتى من يحاول أن يبرر انتماءه للمغرب هو لا يتعدى خطوط علاقاته مع عشيرته وروابطها .. وأكيد أن السيرورة التاريخية لعبت دورا كبيرا في تشكيل هذه البنية الفكرية , ولكن علينا أن لا ننسى أن الفكر ممثلا بالطبقة الحاكمة ساهم أيضا في تتبيت هذه السيرورة والحرص على عدم تعرضها لأي شكل من أشكال التطور أو الإنحراف . وما أريد التأكيد عليه هنا أنه لا يوجد ولا يمكن أن توجد مطلقا مواطنة في غياب الحرية , الحرية التي لن توجد أبدا في إطار نظام سياسي غير عادل وغير اخلاقي ..
عموما إن الكثير من المشاكل التي يعيشها المغرب هي مرتبطة بشكل أو بآخر بالدستور الذي أوجد ملكية مطلقة وهذا أمر متجاوز على المستوى النظري بقرون عديدة . وقبل أن أقوم ببعض الملاحظات الهامشية حول الدستور الحالي والتي تقوض ركائز النظام الديموقراطي أريد الإشارة إلى بعض الذرائع التي يسوقها أعداء الديمقراطية والتي يزعمون أنها لا تسمح بالتغيير الدستوري . إن الكثير من السياسيين المدافعين عن الطبقة الحاكمة ومنظريها يقولون أن الوقت لا يسمح بمناقشة الدستور - ولا أعرف حقا متى سوف يسمح هدا الوقت - , إذا كان كل شيء بإرادة الملك وكل الفاعلين السياسيين الرئيسيين هم يمثتلون لقراراته باستتناء بعض الأشخاص الذين هم مطاردون أصلا ومضيق عليهم الخناق إلى أقصى حد وهي محاولات فردية أكثر منها مؤسساتية , ولا أعتقد أن من يختلفون مع الملك حول صلاحياته سوف لن يرحبوا بفكرة التغيير الدستوري الذي يضع توازنا بين السلط السياسية إذ هذا هو مطلبهم بالأساس . ثمة حجة أخرى هي أن المؤسسات السياسية عاجزة عن تسيير البلاد فإذا كانت عاجزة أو غير مؤهلة فما هي وظيفتها الآن ؟؟ أليس كان من الأحرى إلغاءها ما دام من يمتلك المعرفة الحقة بالصالح العام وبمصلحة الشعب لوحده هي المؤسسة الملكية , فإذا كان دعوى عدم قبول الملكية البرلمانية هي أن البرلمان غالبيته أميون ووصوليون , فكيف تقود البلاد في الوقت الراهن مؤسسة بهذا الشكل ,أليس في الأمر تناقضا ؟ أليس من الأحرى أن نتسائل لماذا هو قائم إذن الآن إذا كان لا يستطيع القيام بدوره الذي هو من أجله ؟؟ أو هو فقط من أجل أغراض أخرى كتسويق فكرة الديمقراطية للخارج . أليس من الأحرى أن نتسائل أيضا من ساهم في وجود برلمان بهذا الشكل ؟؟ أليس هي السلطة التنفيذية التي رعت الفساد وحمته وقامت بحماية كاملة للرشوة والمحسوبية بتدخلها المباشر سابقا وبحيادها السلبي حاليا ؟؟؟
ملاحظات هامشية :
1- تصدير الدستور يؤكد على أن المملكة المغربية دولة إسلامية , وهذا يتناقض مع مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان وهو حرية الإعتقاد , أي لا يمكن إجبار شخص غير مسلم على اعتناق الإسلام كي يشعر بالإنتماء إلى دولة ما , إنني أنتمي إلى دولة ما لأنني جزء كامل منها وليس جزء مني هو خارجها , فكيف يعقل أن يكون جزء من الكل خارج هذا الكل ؟؟ فالدولة يجب أن تقف على باب المساواة أمام كل المواطنين , وإلا سوف يصبح كل من هو غير مسلم خارج هذه الدولة , إن البعض سوف يقول ان المغرب يدافع عن المعتقدات الأخرى , إنه يدافع عن الأجانب أيضا داخل التراب المغربي فهل سيشعر هؤلاء الأجانب أنهم مغاربة لأن المغرب يدافع عن حقوقهم , هذه مزايدات سياسية ليس إلا , إن غير المسلمين لا ينتظرون شفقة من المغرب إذا كان وطنهم فهم أيضا جزء منه , وبالتالي , فإن المغرب دولة تحترم كل الأديان بدون انحياز لطرف على حساب آخر . ثم إن مسألة الدولة الدينية أصبحت من حكايات الماضي في الدول الديموقراطية لأنها وصلت أن السلطة الدينية والسلطة الزمنية شيئان مختلفان .
كما أن التصدير ينص على أن لغتها الرسمية هي اللغة العربية وهذا إجحاف في حق من يتكلمون لغات أخرى , إ ذ كان بالإمكان تلافي هدا التمييز والإنحياز العرقي العربي ضد المكونات الأخرى بلا مبرر .
2- الفصل الأول ينص على أن المغرب دولة ملكية دستورية . وقد حان الوقت للذهاب نحو ملكية برلمانية يكون فيها الملك يسود ولا يحكم أو باختصاصات محدودة , وليس كما هو الآن , فالملكية الدستورية جرت العادة تصنيفها في خانة الأنظمة غير الديمقراطية , لأن ما يحدث هنا هو تركيز كل الإختصاصات في يد سلطة واحدة
3- الفصل السادس يكرر أن دين الدولة هو الإسلام وهذا أمر ذكرناه في التصدير
4- الفصل 19 الذي اثار جدلا كثيرا : الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي .حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة . فهذا الفصل يركز كل السلطات في يد الملك ويلغي ضمنيا كل المؤسسات الدستورية الأخرى , أي أن الملك له كافة الصلاحيات للقيام بأي شيء يخدم البلاد من منظوره الخاص , وهذا فصل لا يمكن أن يوجد إلا في نظام طاعن في الحكم الإستبدادي .
5- الفصل23 شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته. في ظل المحاكمات استنادا على هذا الفصل ينبغي وضعه في إطاره الصحيح بوضوح حتى لا يتم تمطيطه في القانون الجنائي وتركه فضفاضا حيث يصبح سلاحا ضد المعارضة وكل من يناضل من أجل الديمقراطية . فكل من أدلى برأيه في سياسة عامة ما بالإمكان أن يحاكم بتهمة المس بشخص الملك وهذه لا يمكن ان توجد إلا في المجتمعات العبودية
6- يجب إلغاء الفصل44 الذي يصبح بمقتضاه الوزير الأول والحكومة مجرد كاريكاتير يتم تعيينهم من طرف الملك بلا صلاحيات , حيث لا يمكن مساءلة الحكومة من طرف الشعب لأن ليس الشعب من اختارها , بل اختارها الملك وبالتالي هي تخدم مصالح الملك وليس الشعب . وليس لها أن تقوم بأي تغيير في البرامج أو السياسات بدون الملك لأنها لا تستطيع ذلك , فكيف سنحاسب شخصا على شيء ليس في استطاعته فعله وليس من صلاحياته ؟
7- الفصل 27 ينص على أن الملك من صلاحياته حل البرلمان وهدا يقوض صلاحيات السلطة التشريعية ويمس بالسيادة الشعبية , إ ذ يجعل البرلمان تحت رحمة الملك دون مراعاة للإرادة الشعبية , ويجعل الإرادة الملكية فوق الإرادة الشعبية التي هي جوهر وجود الدولة .
8- الفصل30 و31 و32 و33 يعطي للملك مباشرة كل الصلاحيات فهو قائد القوات المسلحة وهو من يتحكم في العلاقات الخارجية وهو من يترأس المجلس الأعلى للقضاء ويترأس المجالس العليا للإنعاش الوطني والتخطيط والتعليم , وبذلك له كل السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن البديهيات لا يمكن أن نتحدث عن الديمقراطية بدون مبدأ فصل السلط العائد إلى القرن 17 ونحن لا نزال نتعثر في مناقشته حتى الساعة .....
إنها ملاحظات هامشية حول الدستور المغربي , ولم أرد الإسترسال لمناقشة السلطة التشريعية والتنفيذية لأنني أرى أنها بدون جدوى ما دامت لا تملك من أمرها شيئا , إد أن المجلس الوزاري الدي يترأسه الملك ليس من صلاحيات أي وزير ان يتقدم بأي اقتراح ليس مدرجا في جدول الأعمال , وبطبيعة الحال جدول اعمال جلسة المجلس يصادق عليها الملك . إن الأمور واضحة , فالحكومة ينبغي أن تنبثق من الإرادة الشعبية دون وصاية , إن الإقتراع هو من عليه تحديد طبيعة الحكومة وليس الرغبة الملكية , فلمادا تقام الإنتخابات التشريعية إدا كان الملك من سيعين الحكومة ؟ كان من الفائدة عدم تضييع الوقت و المال في الإنتخابات وتعيين وزراء وبرلمان مباشرة , الأمر نفسه ينطبق على السلطة التشريعية التي لا تملك من السلطة التشريعية إلا الإسم حيث يحدد الفصل 46 و47 اختصاصات البرلمان في التشريع و يحد من صلاحيات تشريعها في المجالات الاخرى , حيث يصبح البرلمان السلطة التشريعية الإستتنائية في ظروف خاصة بينما تتحول السلطة التنفيدية إلا سلطة تشريعية مطلقة تختص بكل ما لا يدخل في اختصاصات البرلمان , وهدا تناقض سافر ضد كل المبادئ الديمقراطية , ناهيك عن صلاحيات الملك في حل البرلمان ... بل حتى مطابقة القوانين للدستور والدي هو من صلاحيات المجلس الدستوري فالملك هو من يعين رئيسه , إد لم يكفي هدا الدستور الممنوح الدي لا يخدم الديمقراطية ولا رائحتها , بل إن دستورية القوانين من عدمها هي بإرادة الملك ممثلة في من قام بتعيينه ....
وأخيرا , يمكنني أن أقول انه إدا أردنا ان نستعمل الباب فعليه ان يكون بابا حقيقيا وليس مرسوما , كما في احد الحكايات القديمة حينما رسم احدهم بابا وخرج منه لكنه لم يعد , إن تجربة الدساتير الممنوحة هي تجربة فاشلة وحتى الدساتير الممنوحة التي تسهر عليها لجنة مختلطة مكونة من ممثلين للشعب وممثلين للطبقة الحاكمة لن تاتي إلا بديموقراطية ممسوخة ...
محمد مقصيدي
يقول كونفوشيوس : من يمكن أن يخرج إذا لم يستعمل الباب ؟ لماذا إذن , لا أحد يتبع هدا الطريق .
ربما الكثيرون لهم رأي مختلف تماما , البعض يحاول أن يقفز من النافذة وآخرون يفضلون أن تنهدم جدارات البيت حتى يكونوا أمام الخارج كأمر حتمي ... ولكن من يمكن أن يخرج من القمع السياسي والتخلف الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في المغرب دون دستور حقيقي وآليات ديموقراطية ومؤسساتية تضمن التطبيق الفعلي لأساساته , طبعا لا أحد باستتناء العائلات التي تقتسم ثروات البلاد وأذنابها . إن الدستور باعتباره القانون الأساسي الذي يبين شكل الحكومة ونظام الحكم والعلاقة بين المواطن والدولة والحريات الاساسية والمبادئ العامة هو جوهر كل تغيير ديموقراطي حقيقي . ثم إن الدولة بوصفها من المنظور الهيجلي الحرية الكلية والموضوعية في الإستقلال الحر للإرادة الجزئية , فهي تقتضي مشاركة فعلية وليست صورية للمواطنين ومساءلة مستمرة لبناءها وسيرورتها . إن ما يحدث في المغرب وهو الأمر الذي ينطبق عموما على دول العالم الثالت هو تقويض حرية المواطنين وتعطيلها سواء بواسطة الدساتير التي تكرس الأوضاع القائمة , أو بواسطة تعطيل الآليات والمؤسسات الساهرة على إقرار العدالة داخل الدولة – وهو الأمر النابع أيضا من الدستور - , ومن هذه الزاوية لا تنتفي المواطنة وحسب , بل تتحول إلى نمط جديد من العبودية . إذ يصبح المواطن مسلوب الإرادة بل خاضعا بالإطلاق لإرادة خارجية , إرادة تفرض عليه رغباتها ولا يمكنه التصرف خارج دائرتها .
هنالك من يتحدث اليوم في وسائل الإعلام وفي الندوات والمؤتمرات حول قيم المواطنة والشعور بالإنتماء للوطن وضعف المشاركة في الإنتخابات التي وصلت أحيانا إلى أقل من عشرين في المئة , وينظر للأمر كأنه عدم ثقة في الأحزاب السياسية وعزوف الشعب مرده لأدائها الفاشل , أو لعدم ثقة بالمؤسسات السياسية في كليتها ,وهذا أقصى ما تذهب إليه المعارضة الراديكالية , بينما تعزى غياب المواطنة للمصلحة الشخصية كما هو الحال بالنسبة مثلا للرياضيين الذين يرغبون في تغيير جنسياتهم أو للجراح والمواقف السلبية التي تتخدها الطبقة الحاكمة ضد المواطنين , وهي إجابات تبعث على الضحك اكثر منها إلى الإستهجان .
لماذا لا يطرحون السؤال الأكثر بداهة عن سبب ما يدفع الناس إلى اتخاد موقف من الدولة بسبب الطبقة الحاكمة , وعن سبب هدا الخلط بين الطبقة الحاكمة والدولة حتى التماهي . أليس فعلا أنهم يدركون تماما أن لا وجود للدولة اساسا خارج الطبقة الحاكمة وما يوجد فعلا هم فقط أشخاص يملكون الأرض وخيراتها ويتحكمون في كل ما يرتبط بها . إن الكثيرين من المواطنين البسطاء يعتقدون في أن المغرب سجن كبير ويفعلون أي شيء للعيش خارجه ولو اقتضى الامر الإنتحار في البحر رغبة في الوصول إلى أوربا , وحتى من يحاول أن يبرر انتماءه للمغرب هو لا يتعدى خطوط علاقاته مع عشيرته وروابطها .. وأكيد أن السيرورة التاريخية لعبت دورا كبيرا في تشكيل هذه البنية الفكرية , ولكن علينا أن لا ننسى أن الفكر ممثلا بالطبقة الحاكمة ساهم أيضا في تتبيت هذه السيرورة والحرص على عدم تعرضها لأي شكل من أشكال التطور أو الإنحراف . وما أريد التأكيد عليه هنا أنه لا يوجد ولا يمكن أن توجد مطلقا مواطنة في غياب الحرية , الحرية التي لن توجد أبدا في إطار نظام سياسي غير عادل وغير اخلاقي ..
عموما إن الكثير من المشاكل التي يعيشها المغرب هي مرتبطة بشكل أو بآخر بالدستور الذي أوجد ملكية مطلقة وهذا أمر متجاوز على المستوى النظري بقرون عديدة . وقبل أن أقوم ببعض الملاحظات الهامشية حول الدستور الحالي والتي تقوض ركائز النظام الديموقراطي أريد الإشارة إلى بعض الذرائع التي يسوقها أعداء الديمقراطية والتي يزعمون أنها لا تسمح بالتغيير الدستوري . إن الكثير من السياسيين المدافعين عن الطبقة الحاكمة ومنظريها يقولون أن الوقت لا يسمح بمناقشة الدستور - ولا أعرف حقا متى سوف يسمح هدا الوقت - , إذا كان كل شيء بإرادة الملك وكل الفاعلين السياسيين الرئيسيين هم يمثتلون لقراراته باستتناء بعض الأشخاص الذين هم مطاردون أصلا ومضيق عليهم الخناق إلى أقصى حد وهي محاولات فردية أكثر منها مؤسساتية , ولا أعتقد أن من يختلفون مع الملك حول صلاحياته سوف لن يرحبوا بفكرة التغيير الدستوري الذي يضع توازنا بين السلط السياسية إذ هذا هو مطلبهم بالأساس . ثمة حجة أخرى هي أن المؤسسات السياسية عاجزة عن تسيير البلاد فإذا كانت عاجزة أو غير مؤهلة فما هي وظيفتها الآن ؟؟ أليس كان من الأحرى إلغاءها ما دام من يمتلك المعرفة الحقة بالصالح العام وبمصلحة الشعب لوحده هي المؤسسة الملكية , فإذا كان دعوى عدم قبول الملكية البرلمانية هي أن البرلمان غالبيته أميون ووصوليون , فكيف تقود البلاد في الوقت الراهن مؤسسة بهذا الشكل ,أليس في الأمر تناقضا ؟ أليس من الأحرى أن نتسائل لماذا هو قائم إذن الآن إذا كان لا يستطيع القيام بدوره الذي هو من أجله ؟؟ أو هو فقط من أجل أغراض أخرى كتسويق فكرة الديمقراطية للخارج . أليس من الأحرى أن نتسائل أيضا من ساهم في وجود برلمان بهذا الشكل ؟؟ أليس هي السلطة التنفيذية التي رعت الفساد وحمته وقامت بحماية كاملة للرشوة والمحسوبية بتدخلها المباشر سابقا وبحيادها السلبي حاليا ؟؟؟
ملاحظات هامشية :
1- تصدير الدستور يؤكد على أن المملكة المغربية دولة إسلامية , وهذا يتناقض مع مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان وهو حرية الإعتقاد , أي لا يمكن إجبار شخص غير مسلم على اعتناق الإسلام كي يشعر بالإنتماء إلى دولة ما , إنني أنتمي إلى دولة ما لأنني جزء كامل منها وليس جزء مني هو خارجها , فكيف يعقل أن يكون جزء من الكل خارج هذا الكل ؟؟ فالدولة يجب أن تقف على باب المساواة أمام كل المواطنين , وإلا سوف يصبح كل من هو غير مسلم خارج هذه الدولة , إن البعض سوف يقول ان المغرب يدافع عن المعتقدات الأخرى , إنه يدافع عن الأجانب أيضا داخل التراب المغربي فهل سيشعر هؤلاء الأجانب أنهم مغاربة لأن المغرب يدافع عن حقوقهم , هذه مزايدات سياسية ليس إلا , إن غير المسلمين لا ينتظرون شفقة من المغرب إذا كان وطنهم فهم أيضا جزء منه , وبالتالي , فإن المغرب دولة تحترم كل الأديان بدون انحياز لطرف على حساب آخر . ثم إن مسألة الدولة الدينية أصبحت من حكايات الماضي في الدول الديموقراطية لأنها وصلت أن السلطة الدينية والسلطة الزمنية شيئان مختلفان .
كما أن التصدير ينص على أن لغتها الرسمية هي اللغة العربية وهذا إجحاف في حق من يتكلمون لغات أخرى , إ ذ كان بالإمكان تلافي هدا التمييز والإنحياز العرقي العربي ضد المكونات الأخرى بلا مبرر .
2- الفصل الأول ينص على أن المغرب دولة ملكية دستورية . وقد حان الوقت للذهاب نحو ملكية برلمانية يكون فيها الملك يسود ولا يحكم أو باختصاصات محدودة , وليس كما هو الآن , فالملكية الدستورية جرت العادة تصنيفها في خانة الأنظمة غير الديمقراطية , لأن ما يحدث هنا هو تركيز كل الإختصاصات في يد سلطة واحدة
3- الفصل السادس يكرر أن دين الدولة هو الإسلام وهذا أمر ذكرناه في التصدير
4- الفصل 19 الذي اثار جدلا كثيرا : الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي .حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة . فهذا الفصل يركز كل السلطات في يد الملك ويلغي ضمنيا كل المؤسسات الدستورية الأخرى , أي أن الملك له كافة الصلاحيات للقيام بأي شيء يخدم البلاد من منظوره الخاص , وهذا فصل لا يمكن أن يوجد إلا في نظام طاعن في الحكم الإستبدادي .
5- الفصل23 شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته. في ظل المحاكمات استنادا على هذا الفصل ينبغي وضعه في إطاره الصحيح بوضوح حتى لا يتم تمطيطه في القانون الجنائي وتركه فضفاضا حيث يصبح سلاحا ضد المعارضة وكل من يناضل من أجل الديمقراطية . فكل من أدلى برأيه في سياسة عامة ما بالإمكان أن يحاكم بتهمة المس بشخص الملك وهذه لا يمكن ان توجد إلا في المجتمعات العبودية
6- يجب إلغاء الفصل44 الذي يصبح بمقتضاه الوزير الأول والحكومة مجرد كاريكاتير يتم تعيينهم من طرف الملك بلا صلاحيات , حيث لا يمكن مساءلة الحكومة من طرف الشعب لأن ليس الشعب من اختارها , بل اختارها الملك وبالتالي هي تخدم مصالح الملك وليس الشعب . وليس لها أن تقوم بأي تغيير في البرامج أو السياسات بدون الملك لأنها لا تستطيع ذلك , فكيف سنحاسب شخصا على شيء ليس في استطاعته فعله وليس من صلاحياته ؟
7- الفصل 27 ينص على أن الملك من صلاحياته حل البرلمان وهدا يقوض صلاحيات السلطة التشريعية ويمس بالسيادة الشعبية , إ ذ يجعل البرلمان تحت رحمة الملك دون مراعاة للإرادة الشعبية , ويجعل الإرادة الملكية فوق الإرادة الشعبية التي هي جوهر وجود الدولة .
8- الفصل30 و31 و32 و33 يعطي للملك مباشرة كل الصلاحيات فهو قائد القوات المسلحة وهو من يتحكم في العلاقات الخارجية وهو من يترأس المجلس الأعلى للقضاء ويترأس المجالس العليا للإنعاش الوطني والتخطيط والتعليم , وبذلك له كل السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن البديهيات لا يمكن أن نتحدث عن الديمقراطية بدون مبدأ فصل السلط العائد إلى القرن 17 ونحن لا نزال نتعثر في مناقشته حتى الساعة .....
إنها ملاحظات هامشية حول الدستور المغربي , ولم أرد الإسترسال لمناقشة السلطة التشريعية والتنفيذية لأنني أرى أنها بدون جدوى ما دامت لا تملك من أمرها شيئا , إد أن المجلس الوزاري الدي يترأسه الملك ليس من صلاحيات أي وزير ان يتقدم بأي اقتراح ليس مدرجا في جدول الأعمال , وبطبيعة الحال جدول اعمال جلسة المجلس يصادق عليها الملك . إن الأمور واضحة , فالحكومة ينبغي أن تنبثق من الإرادة الشعبية دون وصاية , إن الإقتراع هو من عليه تحديد طبيعة الحكومة وليس الرغبة الملكية , فلمادا تقام الإنتخابات التشريعية إدا كان الملك من سيعين الحكومة ؟ كان من الفائدة عدم تضييع الوقت و المال في الإنتخابات وتعيين وزراء وبرلمان مباشرة , الأمر نفسه ينطبق على السلطة التشريعية التي لا تملك من السلطة التشريعية إلا الإسم حيث يحدد الفصل 46 و47 اختصاصات البرلمان في التشريع و يحد من صلاحيات تشريعها في المجالات الاخرى , حيث يصبح البرلمان السلطة التشريعية الإستتنائية في ظروف خاصة بينما تتحول السلطة التنفيدية إلا سلطة تشريعية مطلقة تختص بكل ما لا يدخل في اختصاصات البرلمان , وهدا تناقض سافر ضد كل المبادئ الديمقراطية , ناهيك عن صلاحيات الملك في حل البرلمان ... بل حتى مطابقة القوانين للدستور والدي هو من صلاحيات المجلس الدستوري فالملك هو من يعين رئيسه , إد لم يكفي هدا الدستور الممنوح الدي لا يخدم الديمقراطية ولا رائحتها , بل إن دستورية القوانين من عدمها هي بإرادة الملك ممثلة في من قام بتعيينه ....
وأخيرا , يمكنني أن أقول انه إدا أردنا ان نستعمل الباب فعليه ان يكون بابا حقيقيا وليس مرسوما , كما في احد الحكايات القديمة حينما رسم احدهم بابا وخرج منه لكنه لم يعد , إن تجربة الدساتير الممنوحة هي تجربة فاشلة وحتى الدساتير الممنوحة التي تسهر عليها لجنة مختلطة مكونة من ممثلين للشعب وممثلين للطبقة الحاكمة لن تاتي إلا بديموقراطية ممسوخة ...
محمد مقصيدي
يقول كونفوشيوس : من يمكن أن يخرج إذا لم يستعمل الباب ؟ لماذا إذن , لا أحد يتبع هدا الطريق .
ربما الكثيرون لهم رأي مختلف تماما , البعض يحاول أن يقفز من النافذة وآخرون يفضلون أن تنهدم جدارات البيت حتى يكونوا أمام الخارج كأمر حتمي ... ولكن من يمكن أن يخرج من القمع السياسي والتخلف الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في المغرب دون دستور حقيقي وآليات ديموقراطية ومؤسساتية تضمن التطبيق الفعلي لأساساته , طبعا لا أحد باستتناء العائلات التي تقتسم ثروات البلاد وأذنابها . إن الدستور باعتباره القانون الأساسي الذي يبين شكل الحكومة ونظام الحكم والعلاقة بين المواطن والدولة والحريات الاساسية والمبادئ العامة هو جوهر كل تغيير ديموقراطي حقيقي . ثم إن الدولة بوصفها من المنظور الهيجلي الحرية الكلية والموضوعية في الإستقلال الحر للإرادة الجزئية , فهي تقتضي مشاركة فعلية وليست صورية للمواطنين ومساءلة مستمرة لبناءها وسيرورتها . إن ما يحدث في المغرب وهو الأمر الذي ينطبق عموما على دول العالم الثالت هو تقويض حرية المواطنين وتعطيلها سواء بواسطة الدساتير التي تكرس الأوضاع القائمة , أو بواسطة تعطيل الآليات والمؤسسات الساهرة على إقرار العدالة داخل الدولة – وهو الأمر النابع أيضا من الدستور - , ومن هذه الزاوية لا تنتفي المواطنة وحسب , بل تتحول إلى نمط جديد من العبودية . إذ يصبح المواطن مسلوب الإرادة بل خاضعا بالإطلاق لإرادة خارجية , إرادة تفرض عليه رغباتها ولا يمكنه التصرف خارج دائرتها .
هنالك من يتحدث اليوم في وسائل الإعلام وفي الندوات والمؤتمرات حول قيم المواطنة والشعور بالإنتماء للوطن وضعف المشاركة في الإنتخابات التي وصلت أحيانا إلى أقل من عشرين في المئة , وينظر للأمر كأنه عدم ثقة في الأحزاب السياسية وعزوف الشعب مرده لأدائها الفاشل , أو لعدم ثقة بالمؤسسات السياسية في كليتها ,وهذا أقصى ما تذهب إليه المعارضة الراديكالية , بينما تعزى غياب المواطنة للمصلحة الشخصية كما هو الحال بالنسبة مثلا للرياضيين الذين يرغبون في تغيير جنسياتهم أو للجراح والمواقف السلبية التي تتخدها الطبقة الحاكمة ضد المواطنين , وهي إجابات تبعث على الضحك اكثر منها إلى الإستهجان .
لماذا لا يطرحون السؤال الأكثر بداهة عن سبب ما يدفع الناس إلى اتخاد موقف من الدولة بسبب الطبقة الحاكمة , وعن سبب هدا الخلط بين الطبقة الحاكمة والدولة حتى التماهي . أليس فعلا أنهم يدركون تماما أن لا وجود للدولة اساسا خارج الطبقة الحاكمة وما يوجد فعلا هم فقط أشخاص يملكون الأرض وخيراتها ويتحكمون في كل ما يرتبط بها . إن الكثيرين من المواطنين البسطاء يعتقدون في أن المغرب سجن كبير ويفعلون أي شيء للعيش خارجه ولو اقتضى الامر الإنتحار في البحر رغبة في الوصول إلى أوربا , وحتى من يحاول أن يبرر انتماءه للمغرب هو لا يتعدى خطوط علاقاته مع عشيرته وروابطها .. وأكيد أن السيرورة التاريخية لعبت دورا كبيرا في تشكيل هذه البنية الفكرية , ولكن علينا أن لا ننسى أن الفكر ممثلا بالطبقة الحاكمة ساهم أيضا في تتبيت هذه السيرورة والحرص على عدم تعرضها لأي شكل من أشكال التطور أو الإنحراف . وما أريد التأكيد عليه هنا أنه لا يوجد ولا يمكن أن توجد مطلقا مواطنة في غياب الحرية , الحرية التي لن توجد أبدا في إطار نظام سياسي غير عادل وغير اخلاقي ..
عموما إن الكثير من المشاكل التي يعيشها المغرب هي مرتبطة بشكل أو بآخر بالدستور الذي أوجد ملكية مطلقة وهذا أمر متجاوز على المستوى النظري بقرون عديدة . وقبل أن أقوم ببعض الملاحظات الهامشية حول الدستور الحالي والتي تقوض ركائز النظام الديموقراطي أريد الإشارة إلى بعض الذرائع التي يسوقها أعداء الديمقراطية والتي يزعمون أنها لا تسمح بالتغيير الدستوري . إن الكثير من السياسيين المدافعين عن الطبقة الحاكمة ومنظريها يقولون أن الوقت لا يسمح بمناقشة الدستور - ولا أعرف حقا متى سوف يسمح هدا الوقت - , إذا كان كل شيء بإرادة الملك وكل الفاعلين السياسيين الرئيسيين هم يمثتلون لقراراته باستتناء بعض الأشخاص الذين هم مطاردون أصلا ومضيق عليهم الخناق إلى أقصى حد وهي محاولات فردية أكثر منها مؤسساتية , ولا أعتقد أن من يختلفون مع الملك حول صلاحياته سوف لن يرحبوا بفكرة التغيير الدستوري الذي يضع توازنا بين السلط السياسية إذ هذا هو مطلبهم بالأساس . ثمة حجة أخرى هي أن المؤسسات السياسية عاجزة عن تسيير البلاد فإذا كانت عاجزة أو غير مؤهلة فما هي وظيفتها الآن ؟؟ أليس كان من الأحرى إلغاءها ما دام من يمتلك المعرفة الحقة بالصالح العام وبمصلحة الشعب لوحده هي المؤسسة الملكية , فإذا كان دعوى عدم قبول الملكية البرلمانية هي أن البرلمان غالبيته أميون ووصوليون , فكيف تقود البلاد في الوقت الراهن مؤسسة بهذا الشكل ,أليس في الأمر تناقضا ؟ أليس من الأحرى أن نتسائل لماذا هو قائم إذن الآن إذا كان لا يستطيع القيام بدوره الذي هو من أجله ؟؟ أو هو فقط من أجل أغراض أخرى كتسويق فكرة الديمقراطية للخارج . أليس من الأحرى أن نتسائل أيضا من ساهم في وجود برلمان بهذا الشكل ؟؟ أليس هي السلطة التنفيذية التي رعت الفساد وحمته وقامت بحماية كاملة للرشوة والمحسوبية بتدخلها المباشر سابقا وبحيادها السلبي حاليا ؟؟؟
ملاحظات هامشية :
1- تصدير الدستور يؤكد على أن المملكة المغربية دولة إسلامية , وهذا يتناقض مع مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان وهو حرية الإعتقاد , أي لا يمكن إجبار شخص غير مسلم على اعتناق الإسلام كي يشعر بالإنتماء إلى دولة ما , إنني أنتمي إلى دولة ما لأنني جزء كامل منها وليس جزء مني هو خارجها , فكيف يعقل أن يكون جزء من الكل خارج هذا الكل ؟؟ فالدولة يجب أن تقف على باب المساواة أمام كل المواطنين , وإلا سوف يصبح كل من هو غير مسلم خارج هذه الدولة , إن البعض سوف يقول ان المغرب يدافع عن المعتقدات الأخرى , إنه يدافع عن الأجانب أيضا داخل التراب المغربي فهل سيشعر هؤلاء الأجانب أنهم مغاربة لأن المغرب يدافع عن حقوقهم , هذه مزايدات سياسية ليس إلا , إن غير المسلمين لا ينتظرون شفقة من المغرب إذا كان وطنهم فهم أيضا جزء منه , وبالتالي , فإن المغرب دولة تحترم كل الأديان بدون انحياز لطرف على حساب آخر . ثم إن مسألة الدولة الدينية أصبحت من حكايات الماضي في الدول الديموقراطية لأنها وصلت أن السلطة الدينية والسلطة الزمنية شيئان مختلفان .
كما أن التصدير ينص على أن لغتها الرسمية هي اللغة العربية وهذا إجحاف في حق من يتكلمون لغات أخرى , إ ذ كان بالإمكان تلافي هدا التمييز والإنحياز العرقي العربي ضد المكونات الأخرى بلا مبرر .
2- الفصل الأول ينص على أن المغرب دولة ملكية دستورية . وقد حان الوقت للذهاب نحو ملكية برلمانية يكون فيها الملك يسود ولا يحكم أو باختصاصات محدودة , وليس كما هو الآن , فالملكية الدستورية جرت العادة تصنيفها في خانة الأنظمة غير الديمقراطية , لأن ما يحدث هنا هو تركيز كل الإختصاصات في يد سلطة واحدة
3- الفصل السادس يكرر أن دين الدولة هو الإسلام وهذا أمر ذكرناه في التصدير
4- الفصل 19 الذي اثار جدلا كثيرا : الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي .حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة . فهذا الفصل يركز كل السلطات في يد الملك ويلغي ضمنيا كل المؤسسات الدستورية الأخرى , أي أن الملك له كافة الصلاحيات للقيام بأي شيء يخدم البلاد من منظوره الخاص , وهذا فصل لا يمكن أن يوجد إلا في نظام طاعن في الحكم الإستبدادي .
5- الفصل23 شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته. في ظل المحاكمات استنادا على هذا الفصل ينبغي وضعه في إطاره الصحيح بوضوح حتى لا يتم تمطيطه في القانون الجنائي وتركه فضفاضا حيث يصبح سلاحا ضد المعارضة وكل من يناضل من أجل الديمقراطية . فكل من أدلى برأيه في سياسة عامة ما بالإمكان أن يحاكم بتهمة المس بشخص الملك وهذه لا يمكن ان توجد إلا في المجتمعات العبودية
6- يجب إلغاء الفصل44 الذي يصبح بمقتضاه الوزير الأول والحكومة مجرد كاريكاتير يتم تعيينهم من طرف الملك بلا صلاحيات , حيث لا يمكن مساءلة الحكومة من طرف الشعب لأن ليس الشعب من اختارها , بل اختارها الملك وبالتالي هي تخدم مصالح الملك وليس الشعب . وليس لها أن تقوم بأي تغيير في البرامج أو السياسات بدون الملك لأنها لا تستطيع ذلك , فكيف سنحاسب شخصا على شيء ليس في استطاعته فعله وليس من صلاحياته ؟
7- الفصل 27 ينص على أن الملك من صلاحياته حل البرلمان وهدا يقوض صلاحيات السلطة التشريعية ويمس بالسيادة الشعبية , إ ذ يجعل البرلمان تحت رحمة الملك دون مراعاة للإرادة الشعبية , ويجعل الإرادة الملكية فوق الإرادة الشعبية التي هي جوهر وجود الدولة .
8- الفصل30 و31 و32 و33 يعطي للملك مباشرة كل الصلاحيات فهو قائد القوات المسلحة وهو من يتحكم في العلاقات الخارجية وهو من يترأس المجلس الأعلى للقضاء ويترأس المجالس العليا للإنعاش الوطني والتخطيط والتعليم , وبذلك له كل السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن البديهيات لا يمكن أن نتحدث عن الديمقراطية بدون مبدأ فصل السلط العائد إلى القرن 17 ونحن لا نزال نتعثر في مناقشته حتى الساعة .....
إنها ملاحظات هامشية حول الدستور المغربي , ولم أرد الإسترسال لمناقشة السلطة التشريعية والتنفيذية لأنني أرى أنها بدون جدوى ما دامت لا تملك من أمرها شيئا , إد أن المجلس الوزاري الدي يترأسه الملك ليس من صلاحيات أي وزير ان يتقدم بأي اقتراح ليس مدرجا في جدول الأعمال , وبطبيعة الحال جدول اعمال جلسة المجلس يصادق عليها الملك . إن الأمور واضحة , فالحكومة ينبغي أن تنبثق من الإرادة الشعبية دون وصاية , إن الإقتراع هو من عليه تحديد طبيعة الحكومة وليس الرغبة الملكية , فلمادا تقام الإنتخابات التشريعية إدا كان الملك من سيعين الحكومة ؟ كان من الفائدة عدم تضييع الوقت و المال في الإنتخابات وتعيين وزراء وبرلمان مباشرة , الأمر نفسه ينطبق على السلطة التشريعية التي لا تملك من السلطة التشريعية إلا الإسم حيث يحدد الفصل 46 و47 اختصاصات البرلمان في التشريع و يحد من صلاحيات تشريعها في المجالات الاخرى , حيث يصبح البرلمان السلطة التشريعية الإستتنائية في ظروف خاصة بينما تتحول السلطة التنفيدية إلا سلطة تشريعية مطلقة تختص بكل ما لا يدخل في اختصاصات البرلمان , وهدا تناقض سافر ضد كل المبادئ الديمقراطية , ناهيك عن صلاحيات الملك في حل البرلمان ... بل حتى مطابقة القوانين للدستور والدي هو من صلاحيات المجلس الدستوري فالملك هو من يعين رئيسه , إد لم يكفي هدا الدستور الممنوح الدي لا يخدم الديمقراطية ولا رائحتها , بل إن دستورية القوانين من عدمها هي بإرادة الملك ممثلة في من قام بتعيينه ....
وأخيرا , يمكنني أن أقول انه إدا أردنا ان نستعمل الباب فعليه ان يكون بابا حقيقيا وليس مرسوما , كما في احد الحكايات القديمة حينما رسم احدهم بابا وخرج منه لكنه لم يعد , إن تجربة الدساتير الممنوحة هي تجربة فاشلة وحتى الدساتير الممنوحة التي تسهر عليها لجنة مختلطة مكونة من ممثلين للشعب وممثلين للطبقة الحاكمة لن تاتي إلا بديموقراطية ممسوخة ...
محمد مقصيدي
ملاحظات حول الدستور المغربي الذي يكرس العبودية
يقول كونفوشيوس : من يمكن أن يخرج إذا لم يستعمل الباب ؟ لماذا إذن , لا أحد يتبع هدا الطريق .
ربما الكثيرون لهم رأي مختلف تماما , البعض يحاول أن يقفز من النافذة وآخرون يفضلون أن تنهدم جدارات البيت حتى يكونوا أمام الخارج كأمر حتمي ... ولكن من يمكن أن يخرج من القمع السياسي والتخلف الإجتماعي والإقتصادي والثقافي في المغرب دون دستور حقيقي وآليات ديموقراطية ومؤسساتية تضمن التطبيق الفعلي لأساساته , طبعا لا أحد باستتناء العائلات التي تقتسم ثروات البلاد وأذنابها . إن الدستور باعتباره القانون الأساسي الذي يبين شكل الحكومة ونظام الحكم والعلاقة بين المواطن والدولة والحريات الاساسية والمبادئ العامة هو جوهر كل تغيير ديموقراطي حقيقي . ثم إن الدولة بوصفها من المنظور الهيجلي الحرية الكلية والموضوعية في الإستقلال الحر للإرادة الجزئية , فهي تقتضي مشاركة فعلية وليست صورية للمواطنين ومساءلة مستمرة لبناءها وسيرورتها . إن ما يحدث في المغرب وهو الأمر الذي ينطبق عموما على دول العالم الثالت هو تقويض حرية المواطنين وتعطيلها سواء بواسطة الدساتير التي تكرس الأوضاع القائمة , أو بواسطة تعطيل الآليات والمؤسسات الساهرة على إقرار العدالة داخل الدولة – وهو الأمر النابع أيضا من الدستور - , ومن هذه الزاوية لا تنتفي المواطنة وحسب , بل تتحول إلى نمط جديد من العبودية . إذ يصبح المواطن مسلوب الإرادة بل خاضعا بالإطلاق لإرادة خارجية , إرادة تفرض عليه رغباتها ولا يمكنه التصرف خارج دائرتها .
هنالك من يتحدث اليوم في وسائل الإعلام وفي الندوات والمؤتمرات حول قيم المواطنة والشعور بالإنتماء للوطن وضعف المشاركة في الإنتخابات التي وصلت أحيانا إلى أقل من عشرين في المئة , وينظر للأمر كأنه عدم ثقة في الأحزاب السياسية وعزوف الشعب مرده لأدائها الفاشل , أو لعدم ثقة بالمؤسسات السياسية في كليتها ,وهذا أقصى ما تذهب إليه المعارضة الراديكالية , بينما تعزى غياب المواطنة للمصلحة الشخصية كما هو الحال بالنسبة مثلا للرياضيين الذين يرغبون في تغيير جنسياتهم أو للجراح والمواقف السلبية التي تتخدها الطبقة الحاكمة ضد المواطنين , وهي إجابات تبعث على الضحك اكثر منها إلى الإستهجان .
لماذا لا يطرحون السؤال الأكثر بداهة عن سبب ما يدفع الناس إلى اتخاد موقف من الدولة بسبب الطبقة الحاكمة , وعن سبب هدا الخلط بين الطبقة الحاكمة والدولة حتى التماهي . أليس فعلا أنهم يدركون تماما أن لا وجود للدولة اساسا خارج الطبقة الحاكمة وما يوجد فعلا هم فقط أشخاص يملكون الأرض وخيراتها ويتحكمون في كل ما يرتبط بها . إن الكثيرين من المواطنين البسطاء يعتقدون في أن المغرب سجن كبير ويفعلون أي شيء للعيش خارجه ولو اقتضى الامر الإنتحار في البحر رغبة في الوصول إلى أوربا , وحتى من يحاول أن يبرر انتماءه للمغرب هو لا يتعدى خطوط علاقاته مع عشيرته وروابطها .. وأكيد أن السيرورة التاريخية لعبت دورا كبيرا في تشكيل هذه البنية الفكرية , ولكن علينا أن لا ننسى أن الفكر ممثلا بالطبقة الحاكمة ساهم أيضا في تتبيت هذه السيرورة والحرص على عدم تعرضها لأي شكل من أشكال التطور أو الإنحراف . وما أريد التأكيد عليه هنا أنه لا يوجد ولا يمكن أن توجد مطلقا مواطنة في غياب الحرية , الحرية التي لن توجد أبدا في إطار نظام سياسي غير عادل وغير اخلاقي ..
عموما إن الكثير من المشاكل التي يعيشها المغرب هي مرتبطة بشكل أو بآخر بالدستور الذي أوجد ملكية مطلقة وهذا أمر متجاوز على المستوى النظري بقرون عديدة . وقبل أن أقوم ببعض الملاحظات الهامشية حول الدستور الحالي والتي تقوض ركائز النظام الديموقراطي أريد الإشارة إلى بعض الذرائع التي يسوقها أعداء الديمقراطية والتي يزعمون أنها لا تسمح بالتغيير الدستوري . إن الكثير من السياسيين المدافعين عن الطبقة الحاكمة ومنظريها يقولون أن الوقت لا يسمح بمناقشة الدستور - ولا أعرف حقا متى سوف يسمح هدا الوقت - , إذا كان كل شيء بإرادة الملك وكل الفاعلين السياسيين الرئيسيين هم يمثتلون لقراراته باستتناء بعض الأشخاص الذين هم مطاردون أصلا ومضيق عليهم الخناق إلى أقصى حد وهي محاولات فردية أكثر منها مؤسساتية , ولا أعتقد أن من يختلفون مع الملك حول صلاحياته سوف لن يرحبوا بفكرة التغيير الدستوري الذي يضع توازنا بين السلط السياسية إذ هذا هو مطلبهم بالأساس . ثمة حجة أخرى هي أن المؤسسات السياسية عاجزة عن تسيير البلاد فإذا كانت عاجزة أو غير مؤهلة فما هي وظيفتها الآن ؟؟ أليس كان من الأحرى إلغاءها ما دام من يمتلك المعرفة الحقة بالصالح العام وبمصلحة الشعب لوحده هي المؤسسة الملكية , فإذا كان دعوى عدم قبول الملكية البرلمانية هي أن البرلمان غالبيته أميون ووصوليون , فكيف تقود البلاد في الوقت الراهن مؤسسة بهذا الشكل ,أليس في الأمر تناقضا ؟ أليس من الأحرى أن نتسائل لماذا هو قائم إذن الآن إذا كان لا يستطيع القيام بدوره الذي هو من أجله ؟؟ أو هو فقط من أجل أغراض أخرى كتسويق فكرة الديمقراطية للخارج . أليس من الأحرى أن نتسائل أيضا من ساهم في وجود برلمان بهذا الشكل ؟؟ أليس هي السلطة التنفيذية التي رعت الفساد وحمته وقامت بحماية كاملة للرشوة والمحسوبية بتدخلها المباشر سابقا وبحيادها السلبي حاليا ؟؟؟
ملاحظات هامشية :
1- تصدير الدستور يؤكد على أن المملكة المغربية دولة إسلامية , وهذا يتناقض مع مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان وهو حرية الإعتقاد , أي لا يمكن إجبار شخص غير مسلم على اعتناق الإسلام كي يشعر بالإنتماء إلى دولة ما , إنني أنتمي إلى دولة ما لأنني جزء كامل منها وليس جزء مني هو خارجها , فكيف يعقل أن يكون جزء من الكل خارج هذا الكل ؟؟ فالدولة يجب أن تقف على باب المساواة أمام كل المواطنين , وإلا سوف يصبح كل من هو غير مسلم خارج هذه الدولة , إن البعض سوف يقول ان المغرب يدافع عن المعتقدات الأخرى , إنه يدافع عن الأجانب أيضا داخل التراب المغربي فهل سيشعر هؤلاء الأجانب أنهم مغاربة لأن المغرب يدافع عن حقوقهم , هذه مزايدات سياسية ليس إلا , إن غير المسلمين لا ينتظرون شفقة من المغرب إذا كان وطنهم فهم أيضا جزء منه , وبالتالي , فإن المغرب دولة تحترم كل الأديان بدون انحياز لطرف على حساب آخر . ثم إن مسألة الدولة الدينية أصبحت من حكايات الماضي في الدول الديموقراطية لأنها وصلت أن السلطة الدينية والسلطة الزمنية شيئان مختلفان .
كما أن التصدير ينص على أن لغتها الرسمية هي اللغة العربية وهذا إجحاف في حق من يتكلمون لغات أخرى , إ ذ كان بالإمكان تلافي هدا التمييز والإنحياز العرقي العربي ضد المكونات الأخرى بلا مبرر .
2- الفصل الأول ينص على أن المغرب دولة ملكية دستورية . وقد حان الوقت للذهاب نحو ملكية برلمانية يكون فيها الملك يسود ولا يحكم أو باختصاصات محدودة , وليس كما هو الآن , فالملكية الدستورية جرت العادة تصنيفها في خانة الأنظمة غير الديمقراطية , لأن ما يحدث هنا هو تركيز كل الإختصاصات في يد سلطة واحدة
3- الفصل السادس يكرر أن دين الدولة هو الإسلام وهذا أمر ذكرناه في التصدير
4- الفصل 19 الذي اثار جدلا كثيرا : الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي .حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة . فهذا الفصل يركز كل السلطات في يد الملك ويلغي ضمنيا كل المؤسسات الدستورية الأخرى , أي أن الملك له كافة الصلاحيات للقيام بأي شيء يخدم البلاد من منظوره الخاص , وهذا فصل لا يمكن أن يوجد إلا في نظام طاعن في الحكم الإستبدادي .
5- الفصل23 شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته. في ظل المحاكمات استنادا على هذا الفصل ينبغي وضعه في إطاره الصحيح بوضوح حتى لا يتم تمطيطه في القانون الجنائي وتركه فضفاضا حيث يصبح سلاحا ضد المعارضة وكل من يناضل من أجل الديمقراطية . فكل من أدلى برأيه في سياسة عامة ما بالإمكان أن يحاكم بتهمة المس بشخص الملك وهذه لا يمكن ان توجد إلا في المجتمعات العبودية
6- يجب إلغاء الفصل44 الذي يصبح بمقتضاه الوزير الأول والحكومة مجرد كاريكاتير يتم تعيينهم من طرف الملك بلا صلاحيات , حيث لا يمكن مساءلة الحكومة من طرف الشعب لأن ليس الشعب من اختارها , بل اختارها الملك وبالتالي هي تخدم مصالح الملك وليس الشعب . وليس لها أن تقوم بأي تغيير في البرامج أو السياسات بدون الملك لأنها لا تستطيع ذلك , فكيف سنحاسب شخصا على شيء ليس في استطاعته فعله وليس من صلاحياته ؟
7- الفصل 27 ينص على أن الملك من صلاحياته حل البرلمان وهدا يقوض صلاحيات السلطة التشريعية ويمس بالسيادة الشعبية , إ ذ يجعل البرلمان تحت رحمة الملك دون مراعاة للإرادة الشعبية , ويجعل الإرادة الملكية فوق الإرادة الشعبية التي هي جوهر وجود الدولة .
8- الفصل30 و31 و32 و33 يعطي للملك مباشرة كل الصلاحيات فهو قائد القوات المسلحة وهو من يتحكم في العلاقات الخارجية وهو من يترأس المجلس الأعلى للقضاء ويترأس المجالس العليا للإنعاش الوطني والتخطيط والتعليم , وبذلك له كل السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن البديهيات لا يمكن أن نتحدث عن الديمقراطية بدون مبدأ فصل السلط العائد إلى القرن 17 ونحن لا نزال نتعثر في مناقشته حتى الساعة .....
إنها ملاحظات هامشية حول الدستور المغربي , ولم أرد الإسترسال لمناقشة السلطة التشريعية والتنفيذية لأنني أرى أنها بدون جدوى ما دامت لا تملك من أمرها شيئا , إد أن المجلس الوزاري الدي يترأسه الملك ليس من صلاحيات أي وزير ان يتقدم بأي اقتراح ليس مدرجا في جدول الأعمال , وبطبيعة الحال جدول اعمال جلسة المجلس يصادق عليها الملك . إن الأمور واضحة , فالحكومة ينبغي أن تنبثق من الإرادة الشعبية دون وصاية , إن الإقتراع هو من عليه تحديد طبيعة الحكومة وليس الرغبة الملكية , فلمادا تقام الإنتخابات التشريعية إدا كان الملك من سيعين الحكومة ؟ كان من الفائدة عدم تضييع الوقت و المال في الإنتخابات وتعيين وزراء وبرلمان مباشرة , الأمر نفسه ينطبق على السلطة التشريعية التي لا تملك من السلطة التشريعية إلا الإسم حيث يحدد الفصل 46 و47 اختصاصات البرلمان في التشريع و يحد من صلاحيات تشريعها في المجالات الاخرى , حيث يصبح البرلمان السلطة التشريعية الإستتنائية في ظروف خاصة بينما تتحول السلطة التنفيدية إلا سلطة تشريعية مطلقة تختص بكل ما لا يدخل في اختصاصات البرلمان , وهدا تناقض سافر ضد كل المبادئ الديمقراطية , ناهيك عن صلاحيات الملك في حل البرلمان ... بل حتى مطابقة القوانين للدستور والدي هو من صلاحيات المجلس الدستوري فالملك هو من يعين رئيسه , إد لم يكفي هدا الدستور الممنوح الدي لا يخدم الديمقراطية ولا رائحتها , بل إن دستورية القوانين من عدمها هي بإرادة الملك ممثلة في من قام بتعيينه ....
وأخيرا , يمكنني أن أقول انه إدا أردنا ان نستعمل الباب فعليه ان يكون بابا حقيقيا وليس مرسوما , كما في احد الحكايات القديمة حينما رسم احدهم بابا وخرج منه لكنه لم يعد , إن تجربة الدساتير الممنوحة هي تجربة فاشلة وحتى الدساتير الممنوحة التي تسهر عليها لجنة مختلطة مكونة من ممثلين للشعب وممثلين للطبقة الحاكمة لن تاتي إلا بديموقراطية ممسوخة ...
#محمد_مقصيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟