بمجرد أن يسجل بن لادن أو الظواهري شريطا يدافعان فيه عن قضية عربية او إسلامية ما، فإن القضية تتحول فورا من حق إلى باطل في أذهان ستة مليارات شخص في هذا الكوكب، فالظواهري وبن لادن ليسا إلا زعماء عصابة، وتدخلهما لصالح أية مسألة جدلية أو حق عربي أو إسلامي يعني تشويه هذا الحق.
لم يكن الجدل حول الحجاب في فرنسا يحتاج تدخل أيمن الظواهري، فالمنظمات الإسلامية والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان كانت تعمل جيدا ضمن النظام الديمقراطي الفرنسي وخارج فرنسا ايضا للدفاع عن حق المسلمات في فرنسا بارتداء الحجاب سواء كحق ديني أو كخيار شخصي. كما كان هذا الحق يتمتع بدعم وتشجيع من الكثير من المؤسسات والرأي العام حتى في أوروبا. ولكن تدخل ملوك الإرهاب ومجرمي تنظيم القاعدة يجعل قضية الحجاب فورا قضية مرتبطة بالفكر الإرهابي، ويجردها من مضمونها الأخلاقي والإنساني والديني وتصبح قضية للصراع السياسي والثقافي العنيف.
الظواهري الذي يدعي أن الحكومة الفرنسية تقوم بحملة ضد الإسلام يعرف تماما بأنه يكذب، وأن أخطر حملة على الإسلام في العالم يقودها فعليا تنظيم القاعدة لأنه هو المسؤول عن جعل المسلم شخصا متهما ومطاردا ومشكوكا به في كل العالم، ومحاصرا بحقوقه وموارد رزقه بسبب حماقات تنظيم القاعدة وجرائمه بحق الإنسانية، وإذا كان هناك إساءة حقيقية للإسلام في الغرب فإن سببها الوحيد هو تنظيم القاعدة.
لا داعي لأن نكذب على أنفسنا، فلم تكن هناك في أوروبا أو الغرب حملة صليبية على المسلمين، بل أن المسلمين في الغرب كانوا يحصلون على حقوق إنسانية وسياسية ومهنية قد لا يحصلون عليها في الدول الإسلامية، ولكن فور أن قام تنظيم القاعدة باختطاف أربع طائرات تضم 300 شخص مسالم وحطمتها في أبراج التجارة تاركة ورائها 3 آلاف قتيل والكثير من الفكر الحاقد والمتطرف تحولت النظرة إلى المسلمين بشكل أساسي فأصبحوا يشكلون في نظر الدول الأوروبية خطرا بشريا حقيقيا.
نعم كانت هناك دائما سياسات متحيزة ضد المسلمين والعرب في النطاق السياسي الدولي ولكن على المستوى الشخصي وضمن الأنظمة السياسية والاجتماعية في أوروبا لم يكن المسلمون معرضون للضغط أو المضايقات وبقي المسلمون يمارسون حرياتهم الثقافية والدينية والفكرية ومعظم الحريات السياسية الممنوحة للمواطنين منهم في أوروبا، ولكن بن لادن والظواهري وتنظيم القاعدة بفكره المتطرف والحاقد هو الذي وضع مليار مسلم في قفص الشك أمام خمسة مليارات شخص يشاركونا العيش في الكرة الأرضية.
الحملة الأخطر على الإسلام هي تلك التي يمارسها تنظيم القاعدة لأنه يشوه سمعة الإسلام ويساهم في التضييق على المسلمين في كل العالم وإذا كان هناك ثمة فعل رئيسي على المسلمين القيام به لحماية دينهم فهو ايقاف تنظيم القاعدة ومنع انتشار فكره المتطرف والذي يهدد مستقبل كل المسلمين.