خالد وليد
الحوار المتمدن-العدد: 2461 - 2008 / 11 / 10 - 02:09
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تركزت حملة اوباما في خلال سنتين على تعهدات عديدة يصب معضمها لسحب القوات من العراق فاليوم وبعد انتخابه رئيسا يبرز السؤال عن امكانية تنفيذ اوباما لتعهداته ازاء العراق حيث لايستبعد ان يؤدي الاقدام على ذلك بجرالعراق الى فوضى كبيرة او يتمخض عن ديكتاتورية جديدة على منوال النظام السابق.ومن ذلك نستنتج ان الرئيس الامريكي المنتخب باراك اوباما سيواجه تحديات شديدة من خلال تحويله وعود حملته الانتخابية الى حقائق ملموسة على الارض في العراق،فخلال حملته الانتخابية الرئاسية التي دامت نحو عامين، تحدث اوباما كثيرا عن وضع جدول امده 16 شهرا لاخراج غالبية القوات القتالية من العراق، الذي وصفه بـ (ساحة القتال الخطأ) بحجة ان ذلك سيسمح للولايات المتحدة بنقل المزيد من الجنود والاموال الى افغانستان، التي يعدّها خط المواجهة في الحرب على الارهاب.عارض اوباما حرب العراق حتى قبل انتخابه في مجلس الشيوخ عام 2004، ورأى ان الموعد الصارم سيجبر العراقيين على اتخاذ الخطوات الضرورية باتجاه مصالحة سياسية واضطلاعهم بمسؤولية امنهم الخاص بهم واستقرارهم.فقد قال اوباما في كلمة له في اب اغسطس 2007 القاها في مركز ولسون بواشنطن ان (انهاء هذه الحرب سيكون اول اولوياتي عندما اتولى مهامي كرئيس)،كما سوّغ كلامه هذا بان (ما من حل عسكري في العراق، فالقادة العراقيون وحدهم يستطيعون تسوية مشكلاتهم في قلب حرب العراق الاهلية، وعلينا نحن ان نضغط عليهم ليقوموا بفعل،اذ ان افضل استفادة لنا من ذلك يتمثل بتقليل وجود قواتنا). وان كلام اوباما ذاك جاء بُعيْد وصول زيادة القوات الى ذروتها، على انه راح يعترف منذ ذلك الحين ان زيادة القوات قد اتت بثمارتجاوزت اكثر الاحلام جموحا، وواصل تأكيد ان زيادة القوات لم تنتج المصالحة السياسية بين العراقيين في حين ان هذا كان هدفها الاكبر.وقال اوباما في 4 من ايلول سبتمبر متحدثا الى جمع حاشد في لانكستر ان (الحجة نفسها كانت وما تزال هي: متى نضع في ايدي العراقيين مسؤولية بلدهم؟ ومتى سيحلون خلافاتهم السياسية؟). ومن دراسة حملة اوباما الانتخابية نجد ان خطة اوباما تقوم في ترك قوة باقية من القوات الامريكية في العراق لتولي مهام مكافحة الارهاب، وحماية مستخدمي الولايات المتحدة الذين يبقون في البلاد ويدربون قوات الامن العراقية، في حين تواصل الحكومة تقدمها السياسي.ونرى ان جدول اوباما في الانسحاب اكثر تماشيا مع جدول تخفيض القوات الامريكية المقرر بموجب مسودة الاتفاقية الامنية طويلة الامد التي تم التوصل اليها قبل اسبوعين فقط بين مفاوضين امريكيين وعراقيين. فبحسب الاتفاقية، ستنسحب القوات الامريكية من المدن العراقية وتعود الى قواعدها في حزيران 2009 وتغادر البلاد بنهاية عام 2011، ما لم يطلب العراقيون خلاف ذلك.الاان هذا السيناريو يتغير الان،حيث ان الاتفاقية اليوم في علم الغيب، اذ ان العراقيين يريدون اجراء تغييرات، ومن غير الواضح ان يتفقوا هم والبيت الابيض على نسخة جديدة قبل 31 من كانون الاول ، حينما تنتهي صلاحية تفويض الامم المتحدة، فلو انتهى التفويض قبل ابرام اتفاقية، على القوات الامريكية ان توقف عملياتها.واذا لم تبرم الاتفاقية، فمن المرجح ان يعمد العراقيون او الامريكيون الى طلب تمديد التفويض، بدلا من مخاطر الفوضى التي يكاد تفشيها ان يكون مؤكدا في حال انسحاب القوات الامريكية.وبما ان العراقيين يريدون بوضوح ان تبقى مساعدة الولايات المتحدة قائمة لهم. وهذا يستوجب وجود اساس قانوني للاحتلال الامريكي.اذن حتى لو لم يتم التوصل الى اتفاقية امنية قبل مغادرة بوش مهامه، او حتى لو لم يمدد تفويض الامم المتحدة، ستبقى الولايات المتحدة والمسؤولين العراقيين البحث في صياغة سلسلة من الشروط الاستثنائية التي من شانها السماح للقوات الامريكية العمل في البلاد,الا ان الضغط يتزايد من اجل مغادرة غالبية القوات الامريكية البلاد.حيث ان الضغط الوحيد الان يقوم في تسريع الانسحاب بعد تولي اوباما الرئاسة التي تتماشى رغبته مع رغبة العراقيون الرامية لخروج القوات الامريكية. ولا اعتقد بعد ما فقدوا ما يزيد عن 4.000 عسكري امريكي ارواحهم في العراق منذ بدء الحرب بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003، وبعد ما جرح 30.000 عسكري اخرين سيبقي اوباما قوات في العراق. فإضافة الى افغانستان، من المتوقع ان تصل تكاليف حرب العراق الى 800 بليون دولار في نهاية العام الحالي. وطبقا لاستطلاعات راي فان اكثر من نصف الامريكيين يقولون انهم لم يعودوا يؤيدون الحرب فلا يمكن ان يدعم اوباما اقتصاد امريكا بوجود هذا العدد من القوات وهذه الميزانية الضخمة المسخرة لحرب العراق.لكن ربما ان مغادرة العراق شيء سهل بالقول اكثر من الفعل. فعندما يتولى اوباما مهامه سيواجه عددا من التحديات اكثر من امر وضع جدول زمني سيحكم في نهاية المطاف كيفية وزمان مغادرة القوات الامريكية العراق.حيث لا يستبعد تفجر التوترات. اذ انه في حين هدأ العنف الطائفي، الا ان التوترات بين اطراف معروفة من الممكن ان تندلع مرة اخرى، بخاصة لو تعثرت الخطوات باتجاه مصالحة سياسية.والنزاع وسط التوترات الهشة في داخل البلاد على أي من هذه القضايا من الممكن ان يودي بالعراق الى الفوضى مرة اخرى. ونظرا لضعف الدولة، فان تبني جدول زمني لانسحاب في 16 شهرا قد يكون مخاطرة كبيرة.والاعتقاد بان الجراح كلها التأمت، وان الثقة كلها عادت، هو تفاؤل مبالغ به.حيث ان الجنرال ديفيد بيتريوس، الذي اشرف على الكثير من التحولات في العراق وهو الان يتولى مسؤولية القيادة المركزية الامريكية، كان قد حذر الكونغرس ان أي انجاز امني تحقق حتى الان في العراق ما زال هشا و قابلا للارتداد.وان القوات العراقية ما زالت تعتمد بشدة على الجيش الامريكي في العمليات اليومية، بخاصة في مجال الدعم اللوجستي.ولا ننسى ان في عدد من الصدامات الكبيرة مع مسلحين على مدى سنوات ماضية، حدث ان رفض عدد من الوحدات القتال، بل ان بعضها انضم الى الجانب الاخر.فاذا ما ابتدات القوات الامريكية بمغادرة العراق قبل ان تتمكن قوات الامن العراقية من العمل بمفردها بنحو تام، فاعتقد انكم سترون اللاعبين الكبار في العراق ينسحبون ويبدأون بجولة اخرى من الاقتتال الشرس.الاننا نستطيع القول ان فوز باراك اوباما في الانتخابات الرئاسية الامريكية، سيضع العراق بمواجهة مشكلاته منفردا،حيث ان فوزه لم يمض عليه سوى ايام، برغم ذلك فان تحولا بدأ يحدث في الواقع السياسي في العراق والمنطقة.
#خالد_وليد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟