|
لماذا أكتب ؟
طارق حجي
(Tarek Heggy)
الحوار المتمدن-العدد: 2457 - 2008 / 11 / 6 - 08:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أكتبُ منذ ربع قرنٍ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أننا مصريون أولاً وأخيراً، وأن هويتنا تنبع من موقعِنا الجغرافي والذي يربطنا بشرقِ البحر الأبيض المتوسط. لنا روابط إسلامية ومسيحية وعربية وأفريقية لا تنكر – ولكن لا شئ من ذلك يجلس في مكانِ هويتِنا الوحيدة وهي الهوية المصرية.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن العالمَ الخارجي قد يعادينا أحياناً وقد يعمل من أجل مصالحِه في معظم الأحيانِ ولكنَ مشاكلنا برمتِها تنبع من الداخلِ ولا يمكن أن تُعالج إلاَّ من الداخل وإننا المسئولون في المقامِ الأولِ عن وجودِها وعن عدِم علاجِها وأن فرطَ الإيمانِ بنظرية المؤامرة صكُ إعترافٍ بالعجزِ وفي نفسِ الوقتِ صك إعتراف بفاعلية الآخرين في مواجهةِ عطالتنا.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري قيمَ الليبرالية والديموقراطية والحرياتِ العامة وحقوق الإنسان بصفتها أجل وأعظم وأرقى ما أنجزته مسيرةُ الإنسان على الأرض.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري قيمة وفاعليات المجتمع المدني التي هي الآلية الأكثر فاعلية للمشاركة العامة في الحياة العامة.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن موقفَ بعضِ الحضاراتِ من المرأةِ موقفٌ مخزي وأن المرأةَ ليست فقط نصف المجتمع بل أكثر من ذلك بكثير، فهي نصف المجتمع عددياً وأكثر من ذلك بكثير كأمٍ ... ولا أمل ولا رجاء في مجتمعٍ لا يعطي المرأة كل الحقوقِ في كلِ المجالاتِ.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن الإدارةَ الحديثة والفعالة والخلاقة هي الأداةُ الوحيدةُ لحدوثِ التقدمِ المنشودِ – وأن واقعَنا يفتقر أشد الإفتقار لكادرٍ بشري يملك تقنيات الإدارة الحديثة.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن إختيارَ أنور السادات التاريخي لنقلِ الصراع العربي/الإسرائيلي من أرض المعارك الحربية إلى موائدِ المفاوضاتِ والحوارِ هو السبيلُ الوحيدُ للوصولِ إلى تسويةٍ معقولةٍ لهذا الصراع حتى نتوقف عن تأجيل الديموقراطية والتنمية بحجةِ أن الإنشغال الأول هو بهذا الصراع.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن مؤسساتنا التعليمية في حاجةٍ لثورةٍ كاملةٍ لأنها لا تثمر إلاَّ مواطناً لا يصلح البتة لمواجهة تحديات العصر (وما يكرره البعض عن تطوير التعليم في مصر دعاية مبالغ فيها لأبعد حد والدليل هو نوعية الخريج أو الخريجة).
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن الإسلامَ المصري المتحضر والمسالم قد تعرض في جوانبٍ عديدةٍ منه لغزوةٍ أثيمةٍ من ثلاثي الفكر الوهابي وفكر التكفير وطغيان البترودولار الذي مولَ فهماً للإسلام يختلف كلياً عن فهمِ مصرَ والمصريين المهذب والمتحضر والمتعايش مع الآخرين.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن أقباط مصرَ ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية وإنما هم (معنا) مُلاك أصليون للمواطنة المصرية وأن لهم مشاكل قابلة بالكلية للعلاج.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن في الحضارةِ الغربيةِ عيوباً، ولكنها (أي الحضارة الغربية) هي سنام التمدن الإنساني وأن أي موقفٍ مخاصم لهذه الحضارة هو موقف مخاصم للعلم والتقدم والتحضر والتمدن.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن علينا أن نقلل من موجاتِ مدحِ الذاتِ والمبالغِة في الحديث عن الماضي وضرورةِ أن نتعلم نقد الذات وقبول النقد وأن نخرج من ثقافتنا الشخصانية الحالية إلى ثقافة أكثر موضوعية - وأكتب لكي أرسخ في العقل المصري أن تأليه المسؤولين هو أحد أهم مصادر ومنابت واقعنا المترع بالعيوب وأن المسؤولية هنا تقع بالكامل على عاتقنا نحن (أي على عاتق الأفراد).
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري أن مؤسساتنا الإعلامية بحاجة ماسة للحاق بركب العصر لا في الشكلِ الخارجي وعددِ القنوات التليفزيونية وإنما في جوهرِ الرسالة الإعلامية – - فإذا كان التعليمُ هو أداة الإصلاح المثلى على المدى البعيد فإن الإعلامَ هو أداةُ التصويبِ والتوعيةِ المثلى على المدى القصير.
وأكتبُ لكي أُرسّخ في العقلِ المصري (ولاسيما عقول الشباب) أن كل شئ في الحياة قابل للتحقيق إذا توفر التكوين السليم مع الإرادة الصلبة ، وانه لا يوجد شئ أسمه المستقبل ، فالمستقبل هو ثمرة ما نصنعه الآن.
هذه هي رسائل مئات المقالات التي نشرتُها و13 كتاب صدرت لي خلال ربع القرن الأخير ، وقد يرى البعض أنها مثل صوت يوحنا المعمدان (صرخة في البرية) ...ولكنها ليست كذلك بأي شكل من الأشكالٍ، فلم تكن كلمات يوحنا المعمدان (صرخات في البرية)...وإنما تمهيد لطريق رفيع ونبيل.
#طارق_حجي (هاشتاغ)
Tarek_Heggy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختيار المفكر المصري طارق حجي للفوز جائزة -غرينزين- الدولية
-
سجون العقل العربي المعاصر
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|