هفال زاخويي
الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:48
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ما يثير الدهشة والإستغراب أن معظم التيارات السياسية العراقية ـ المشاركة في الحكومة وغير المشاركةـ يتحدث عن الهوية العراقية وعن وحدة الصف الوطني وعن خدمة العراق وأهل العراق في حين أن أغلب ما يحدث على أرض الواقع يؤكد عكس الكلام الذي نسمعه تماماً ، فكل منحاز لدينه ، لطائفته، لعرقه ، لحزبه، لقائده ، و"كل حزب بما لديهم فرحون".
ضحك على الذقون كلامهم عن الهوية العراقية ، ونضحك على أنفسنا حينما نصدقهم ، فها هو العراق مثخنُ بالجراحات ، وهاهم أهل العراق منقسمين متشرذمين منقطعين عن بعض ، فليأتوا ببرهانهم ان كانوا صادقين فيما يذهبون اليه على مسار تحقيق الهوية العراقية، وليتحدثوا عن منجز واحد حققوه في طريق لَم الشمل العراقي وتجاوز التقوقع الديني والمذهبي والعرقي والحزبي .
لا والله ما كان الظن بهم هكذا ، بل كانت تراودنا الأحلام الوردية بعد إزاحة النظام الديكتاتوري وكنا نرسم في مخيلتنا جنة عدن اسمها (العراق) ، لكن أحلامنا هوت واليقظة طاحت بكل أحلامنا ، فبدل إعادة الإبتسامة أتخموا الأطفال بالبكاء والدموع ، وبدل إعادة اعمار ما خربته حروب وسياسات النظام السابق أضافوا الى الخراب خراباً بخلافاتهم وصراعاتهم ومصالحهم ، فليقولوا لنا وليؤكدوا لنا وليقنعونا ان هذه الخلافات والصراعات وصفحة التناحر الدموي والركض وراء تحقيق المصالح الضيقة هو لخدمة العراق ؟ نريد برهاناً واحداً وليعلق بعد ذلك كل مواطن على برهانهم .
الشعارات لم تعد تجدي نفعاً فليس بمقدورها تحقيق الهوية العراقية ، وجيلنا هذا يستهلك ما لم تستهلكه الدولة العراقية من مقدرات عبر تأريخها الحديث منذ تأسيسها قبل 87 عاماً فما الذي سنتركه لأجيالنا القادمة ؟
نحن بحاجة الى قوى مدنية ذات هوية وطنية تجيد العمل والحديث والتحليل حتى نتمكن من القيام بخيارات صحيحة وبحاجة كذلك الى قوى مدنية ذات هوية وطنية تلهب فينا حماسة التعايش السلمي وتجاوز القطيعة والتسامح وتقبل الآخر ، نحن بحاجة الى قوى مدنية ذات هوية وطنية يكون بمقدورها السير بنا نحو شاطيء الأمان ويحشد العالم الخارجي لمساندتنا حتى نتمكن من الخروج من عنق الزجاجة .
من كان يحب العراق فالعراق باقٍ ومن كان يعشق القادة والزعماء فهم راحلون ، وعلينا أن لا ننسى ان عشق القادة والزعماء إدعاء لاغير فما هو إلا طريق سهل لتحقيق المآرب.
لكن الهوية العراقية ستتحق لأن كل البدائل الأخرى مدمرة.
#هفال_زاخويي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟