دبي: نشر موقع صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا عن حوادث "اصطياد" فتيات المدارس في بغداد من قبل وحوش بشرية لأيام حيث يتم اغتصابهن مرارا ومن ثم يتم إطلاق سراحهن ليعدن إلى بيوتهن ويواجهن سكاكين الأهل الذين لا يرون غير القتل وسيلة لإخفاء العار وحفظ الشرف.
ونشرت الصحيفة قصة طفلة اسمها "سنرية" (9 سنوات) تعرضت للاغتصاب ليلة 22 مايو الماضي، ومنذ ذلك الحين وهي تعيش هواجس الخوف ليلا من ذكريات تلك الحادثة، ونهارا تتعرض للضرب بسبب وبدون سبب من قبل أشقائها الأربعة الذين لم يستطيعوا التهرب من حقيقة أنها جلبت لهم العار.
وليست "سنرية" هذه الطفلة هي الوحيدة التي تناهشتها غرائز وحوش بغداد ، فأمام كل مدرسة بنات في العراق ثمة ساحة للاحتمالات تفصح عن مأساة شبه يومية، وفي مقابل طوابير السيارات المشبوهة التي تجوب الشوارع المحيطة بتلك المدارس بحثا عن فرائس، توجد طوابير من الأهل المرعوبين الذين يرفضون مغادرة باحات المدارس حتى يصطحبوا بناتهم إلى منازلهم. وهؤلاء أنفسهم لا يشعرون بكثير من الأمن وهم بصحبة طفلاتهم.
ويؤكد البغداديون أن معظم ضحايا الخطف والاغتصاب يرفضون الكشف عما تعرضوا له؛ لما في ذلك من تبعات اجتماعية، وهم بالتالي مسجونون رهن هواجسهم اليومية من جهة، ورهن انعدام الفرص في الحصول على حقوقهم ممن أجرموا بحقهم من جهة أخرى.
والتقرير نفسه يشير إلى أن مقابر العاصمة العراقية تستقبل كل يوم جثث نساء تم قتلهن بدم بارد على أيدي ذويهن بعد عودتهن من رحلة الاختطاف الدامية.
ونشرت الصحيفة أيضا حكاية "بيضاء جعفر صديق" (17 سنة) التي تجرأت على الذهاب إلى المدرسة رغم تحذير ذويها الذين لم يكونوا قادرين على تأمين عودتها إلى البيت. وكانت تلك الرحلة هي الأولى والأخيرة لها إلى مدرستها القريبة، ومنذ ذلك اليوم المشؤوم في الثاني والعشرين من مايو، وشقيقها فراس يجوب العراق شرقا وغربا وشمالا وجنوبا بحثا عن أي أمل في العثور على شقيقته حية أو ميتة، ربما ليقتلها إن كانت لا تزال على قيد الحياة. ويقول أهل بيضاء إنهم استنجدوا بالأمريكيين ومنظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر والأمم المتحدة ولكن دون طائل.
ويتساءل عدد من البغداديين عن جدوى اللجوء إلى تلك المنظمات ما دام أن كل ما يمكن أن يحصل عليه المبلغ هو الفضيحة ليس إلا؟! وعلى هذا الأساس يفضل أهل الضحايا أن يأخذوا حقوقهم بأيديهم، ليس من المجرمين طبعا، بل من الضحايا أنفسهن، وهن فلذات أكبادهم اللواتي يتعرضن للقتل مرتين إن لم يكن عشرات المرات.
يذكر أن منظمة حقوق الإنسان قد نشرت تقريرا أعدته استنادا إلى سبعين مقابلة مع مسؤولين وضحايا وعائلات وأطباء وجنود محتلين حول هذه المسألة. وجاء في التقرير أن تلك المقابلات السبعين كشفت عن 25 حالة اختطاف واغتصاب معروفة لدى من تحدثوا عنها، منذ سقوط بغداد في أيدي الأمريكيين.