أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بشير زعبيه - الرهان علي الوقت الضائع














المزيد.....


الرهان علي الوقت الضائع


بشير زعبيه

الحوار المتمدن-العدد: 2460 - 2008 / 11 / 9 - 05:02
المحور: المجتمع المدني
    


ما الجدوى ؟
سؤال كبير غالباً ما يقتحكم السياق المرتب لعناصر فكرة ما ، اعتقدت لوهله بأنها تصلح أن تكون موضوع زاوية ما في مجلة او صحيفة ما فيفسد السياق فوراً وتفقد الفكرة تماسك عناصرها . بل إن الحضور الذهني الذي ولدها سرعان ما يتحول الي حالة من التشتت ثم الضيق والتوتر ، تنتهي بقرار يكون غالباً ايضاً نتاج هكذا حالات : لن اكتب ..
يقول صديق انك لا تريد ان تكون كلاعبي الكرة أولئك الذين اكتشفوا في نهاية المباراة انهم كانوا يلعبون من دون جمهور , لذلك سيكون قرار لن "أكتب" نتيجة لطبيعة السؤال في مغزاه المحبط المخرب .
أحيانا يكون سؤال الجدوى حالة تحد تستجيب لها في مواجهة نادرة فتقرر انك ستكتب لأنك تريد ان تكتب . او لان فكرة الذهاب الي الجبل لتقولها هناك لا تروق لك ولأنك ايضاً لا تملك الرغبة او القناعة . وربما حتي الشجاعة في ان تقرب فوهة مسدس نحو احد صدغيك وتطلق في قمة تمكن اليأس بك بك وفقدانك طاقة الاحتمال ..
إلا أن السؤال نفسه عند اصحاب المبررات الكبيرة يحمل روح التحريض . إما لانهم يحاولون اقناع الاخرين قبل اقناع انفسهم بانهم يكتبون للجماهير واما لان بعضهم اعتقد في لحظة ما تحت تاثير ظرف ذاتي ما بأن للكتابة مفعول السحر وان الكاتب هو نبي عصره يوحى إليه فيكتب فيصنع اتباعاً بل الكتابة عند المغالين من هؤلاء قد تقوم مقام الخبز يلوذ بها الجائع ايام الشدائد ..
يستشهد صديق يعلن في جرأة دائماً أن الشاعر لابد أن يكون في مصاف الالهة وبغير ذلك لا تكون للشعر مهمة او سلطة , يستشهد هذا الصديق بقصة منتفاة من ذكريات احدي نساء مدينة لينينغراد عن حصار النازيين للمدينة , تقول السيدة استناداً الي رواية الصديق "لقد كان الحصار قاسياً لكن الشعر ساعدنا كثيراً كي نبقي علي قيد الحياة " ..ومع ذلك ، فإنا اشك في ان يصمد الشاعر نفسه في اول امتحان جوع .. ربما يحلم الشاعر هنا ويدافع بذلك عن أوهامه التي من دونها لن تكون للشعر مهمة لكن اصحاب الاحلام الكبيرة عادة ما يكونون اول المصابين بالخيبات الكبيرة في لحظة المواجهة مع اليومي بكل عريه وفظاعته وسيكون من المكابرة عندها تجنب الاستسلام للسؤال الداهم : ما الجدوي ؟!
يكتب الشاعر او القاص او الروائي او صاحب الفكرة شاهراً مبرر او وهم الكتابة للجماهير . متعمداً الا يسأل نفسه أي جماهير هذه ..؟ انه ينطق لفظ الجماهير كمصطلح هلامي نراه مستهلكاً في خطب الزعماء والبيانات وعناوين الصحف الرسمية اما الجماهير التي يمكن مشاهدتها علي الارض ولمسها والتحادث معها ورصد حركتها الجماهير الجماهير وأنا اتحدث عن منطقتنا العربية – فإن الاعتقاد بوجود علاقة لها بما يكتب هو احد جوانب الوهم الذي يدافع عنه الكاتب اما لانه من باب الخروج عن المنطق بل ومن السخرية الادعاء بأن القراءة قد تشد اهتمام تلك الجماهير في دوامة اليومي وعذاب ركضها اليومي من أجل الخبز وضمان العودة الي فراش امن عند المساء باستثناء قراءة التسعيرة المجنحة والفواتير الملحة وعلامات الطرق السالكة وتعليمات الحكومة المشددة ابداً , واما لان الفارق الرقمي فاضح الي ابعد من التعجب ، حينما يطبع من النسخ لاي كاتب شعراً كان ام قصة ام رواية ام كتاباً الاف تعد علي اصابع اليد الواحدة في منطقة يقترب تعدادها السكاني من الثلاثمائة مليون نسمة , ومع ذلك ايضاً لن تنجو نسبة مهمة من تلك النسخ في الاحصاء العام من مصير الانتظار الطويل لقارئ لم يأت . .وبعيداً عن البحث التقليدي في الاسباب المسؤولة عن خلق هذه الحالة وعن السؤال المكرر الي حد الازعاج " في من تكمن المشكلة في النص ام في القاريء المفترض ؟" فإن المحصلة المؤلمة هي ان الجماهير قد ادارت ظهرها للقراءة وان قيل انه قد انتهي زمن الجموع الذين تحركهم قصيده وأسقط هنا علي القصة والرواية والكتابة بما يقارب التعميم , اذ لا مفر أمام الكاتب من الاعتراف بهذه الحقيقة ، وله ان يكابر فيما بعد ويستحضر المبررات , او فليقتله الفالج والكمد أمام مشهد الجماهير التي ادارت له الظهر وهي تنساق مسحوره نحو ملاعب كرة القدم , وليمت مرة اخرى وهو يرى تذاكر الدخول الي تلك الملاعب تباع في السوق السوداء باسعار فلكية بينما يحكم علي كتابه تحت ماخذ الغلاء بالبقاء الابدي في رفوف المكتبات تحت طائله الغبار والنسيان وليمت كما يشاء حين يقارن تلك الملاليم التي دخلت جيبه مقابل ما أنتجته عصارة ذهنه وخلاصة عقله والوقت الذي أنفقه طوال عمره الابداعي بتلك المبالغ التي يحصدها لاعب في أقل من نصف عمره وفي موسم كروي واحد ,أوعندما يرى الكرة تسخر لها الاقمار الاصطناعية وتنقل علي جميع القنوات التلفزيونية وتحتشد الطوابير من اجلها متحمله كافة صنوف المناخ ، حتي الروح تهون في سبيلها , فهل يفكر قمره الصناعي ان ينقل مرة مسرحية واحدة ليشاهدها العرب اجمعين ؟ وهل عادل الذين قرأوا ديوانا او قصة او قصيدة او كتاباً ما خلال سنوات عدد الجمهور الذي يحضر مباراة واحدة في كرة القدم ؟
واذ سيفشل الكاتب في سرقة جمهور الكرة . فإن هذه الكرة ستسرقه لينضم الي جمهورها ، ويجد نفسه ضمن الملايين المشدوهة امام الشاشات يتابع هذا التنطط العجيب لتلك الساحرة وستنسيه حسرته علي خسارة فريقه المفضل مثلاً حزنه علي حالة الكتابة ومصير الكتاب , حينئذ سيتخلص من هاجس السؤال الشاق ما الجدوى ؟! لانه سيكون قد تخلص من اسبابه .
انه عصر الكرة . ربما لان كل شئ فيه قابل للركل .. أو أن عناصر المعادلة التي باتت تتحكم فيه هي ملعب ولاعبون وملعوب بهم .. أو أن كل ما فيه اصبح فرجة .. مخالفات متكررة .. حارس غافل وهدف مؤجل .. خصم متسلل لا يراه المراقب .. وراية مرفوعة لا تثير اهتمام احد تسديد مفقود ضد الخصم وجمهور ينتظر نتيجة غامضة فيما الوقت يوشك علي الانتهاء ولم يبق الا الرهان علي الوقت الضائع .



#بشير_زعبيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - صناعة الجوع -
- كان هذا هو الموجز
- كم يلزم من الوقت ليتغيروا ؟!
- أنظر حولك وتفاءل !
- أبعد من اختلاف .. أقرب الى فتنة
- 2700 ليتر من المياه لصناعة قميص واحد !! ..حروب تخفي الحروب
- دائرة
- من ضرب العراق بايران الى ضرب العراق بالعراق..
- الصديق الذي قتلته -النشرة-
- قصة قصيرة :الأجندة
- قصة قصيرة


المزيد.....




- إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال ...
- مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بشير زعبيه - الرهان علي الوقت الضائع