أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - شي بحط العقل بالكف....














المزيد.....

شي بحط العقل بالكف....


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 757 - 2004 / 2 / 27 - 10:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اللافت في هذه الأيام السورية حضور أمريكا، وما يجري في العراق على طاولة أية حلقة صغيرة تجمع شلة من الأصدقاء حول كأس، أو في أية سهرة عائلية، أو في أي مشوار يجمع بين شخصين، وقد أخذت تتسلل هذه الهموم المستجدة حتى إلى فراش الزوجية لتزاحم كلمات الحب والغزل، على ذمة إحداهن وهي تشكو زوجها متذمرة .. وقد بدأت هذه الهموم الجديدة تحل محل الفساد الحاضر الدائم في أحاديث السوريين، بل كثيرين منهم لم يعودوا يتحدثون عن "إسرائيل" التي تحتل جزءاً غاليا من أرض الوطن إلا إذا ذكرهم بها حزب الله، أو استشهادي فلسطيني ضحى بنفسه في سبيل وطنه..الخ. ولماذا يشغلون بالهم بهذه القضية، فهناك من يفكر بها عنهم!..
البارحة قمت بزيارة مريض أصيب المسكين بجلطة قلبية..وما أكثر الجلطات القلبية والدماغية هذه الأيام، وفي طريق العودة استقليت سيارة أجرة، وما كدت أجلس حتى بادرني سائقها وهو ينفس الهواء من صدره بعصبية لافتة قائلا: والله يا أستاذ شي بحط العقل بالكف. فقلت له: خير إنشاء الله شو القصة؟ وفي خاطري يجري شريط من الأفكار عن عادة بعض سائقي التكسي الذين يعملون مخبرين لدى الأجهزة الأمنية، استجرار الراكبين معهم إلى الحديث في القضايا المحرمة وما أكثرها، خصوصا المستجد منها ، فيكتبون بهم التقارير إلى الأجهزة الأمنية الساهرة دوما على "أمن" المواطنين وكرامتهم!. تصور يا أستاذ، لي قريب يعمل في التعهدات الصغيرة، فأبرم عقداً بالتراضي مع دائرة حكومية لتجديد الشبكة الكهربائية فيها، وبدأ العمل، لكن ما لم يكن بالحسبان هو التالي : وهنا تبدأ القصة...
في إحدى الغرف اعترض مسار التيب صورة معلقة لرمز من "رموز" الأمة، فطلب من الموظف الموجود في الغرفة يستأذنه بإنزال الصورة ريثما يمرر التيب ومن ثم يعيدها إلى مكانها. فأجابه الموظف أنه لا يملك الصلاحية للسماح له بإنزال الصورة، لكن انتظر قليلا لأستأذن لك مدير القسم. وذهب إلى مدير القسم وشرح له مطلب المتعهد. فانتفض مدير القسم مذعوراً وكأن عقرباً قد لسعه، كيف..كيف .. بدك مني اسمحلك تنزل الصورة، ولك بلكي حدا شافك، مين بدو يتحمل المسؤولية، بالله منروح فيها!. اذهب إلى مدير الدائرة واستأذنه. فرجع الموظف إلى غرفته وشرح للمتعهد جواب مدير القسم، وطلب منه الانتظار قليلاً لكي يذهب إلى مدير الدائرة يستأذنه. طلب للمتعهد كأساً من الشاي، وذهب إلى مدير الدائرة وشرح له مطلب المتعهد: انتفض المدير واقفا وقال للموظف المسكين: شو..شو..ومين بيضمن لي ما يكتب معلمك فيني تقرير. مفكر معلمك ما ني صاحيلو.. من زمان عينو ع هالكرسي.. اذهب إلى معلمك وقل له أن يرفع كتاباً حسب الأصول إلى المدير العام. فعاد الموظف إلى مكتبه وشرح للمتعهد جواب مدير القسم، وطلب منه أن يكتب كتاباً بمطلبه إلى المدير العام، يسجله في الديوان ويضع عليه الطابع القانوني، ويراجع بعد أسبوع لأن تمشية المعاملات باليد ممنوعة بأمر المدير العام.
وبعد أسبوع يعود المتعهد ليستفسر من الموظف عن جواب المدير العام، فوجد أمامه كتاباً عليه الحاشية التالية:
.... نظراً لأن هذه القضية تتجاوز صلاحيتنا، وحرصاً منا على بقاء صور رموزنا الوطنية معلقة في كل غرفة وممر وفسحة وحتى في....، نعلمكم بأننا وجهنا كتابا بهذا الخصوص إلى إحدى الجهات الأمنية واسعة الاختصاص، نسألهم الرأي والأذن. ونظراً لأن الجهة الأمنية عينها، قد تحتاج إلى استشارة المسؤولين في المركز، وإلى القيام ببعض التحريات عن مطلب المتعهد، ربما يريد أن يستغل حادثة التيب ليسيء إلى رموزنا...وبناء عليه يمكن للمتعهد أن يراجع بعد أسبوعين.
 ذهب المتعهد وهو يلعن حظه، وبعد أسبوعين عاد ليسأل عن جواب الجهة الأمنية فقيل له أنهم لم يتلقوا الجواب بعد، ليعد بعد أسبوع آخر. ومضى أسبوع وعاد المتعهد وما إن دخل غرفة الموظف حتى ناوله هذا الأخير كتاباً قرأ في حاشيته: لسنا الجهة المخولة، وصاحبة الصلاحية، لإبداء الرأي بموضوع كتابكم.
وما إن انتهى من قراءة الحاشية حتى علت وجهة ابتسامة سأله الموظف مستغرباً عن سرها، فقال له: ولك والله لولا إني بمكتب رسمي لرقصت وهيصت، شبوووش لأول مرة بسمع أنو الأمن مالو علاقة بقضية بهالبلد....وما إن عادت الفكرة حتى سأل الموظف: والآن ما العمل؟ فأجابه الموظف لقد وجه السيد المدير العام كتاباً إلى سيادة المحافظ يسأله أوامره بهذا الخصوص. عد بعد حوالي أسبوع ربما يأتيك الفرج فتحل قضيتك.
وبعد أكثر من أسبوع عاد المتعهد المحظوظ ليلتقي بالموظف في الممر المفضي إلى مكتبه، وما إن شاهده هذا الأخير حتى علت وجهه ابتسامة عريضة، وبادره قائلاً: الحمد لله على السلامة، لقد حلت القضية، خذ واقرأ حاشية السيد المحافظ. قرأ المتعهد في الحاشية: تنزع الصورة باحترام وتعاد إلى مكانها باحترام بعد الانتهاء من العمل.
   التفت سائق التكسي نحوي وقال: بالله عليك يا أستاذ ما شي بحط العقل بالكف؟! فقلت له هذا إذا بقيت لدينا عقول!!.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق الفكر
- نقد الفكر مقدمة لنقد السياسة
- الديمقراطية وبيئتها المفهومية في الوعي السياسي العربي
- الديمقراطية والنخبة
- الديمقراطية والعلمانية والليبرالية
- الديمقراطية والمجتمع المدني
- عندما -تحاول- أمريكا التفكير بعقل -غير- إسرائيلي يظل مثقفونا ...
- الديمقراطية وحقوق الإنسان
- الديمقراطية والحرية
- الديمقراطية الحديثة بين نخبوية لوك ومساواتية روسو
- الديمقراطية: ولادة المصطلح وحدوده الواقع
- هموم التنمية العربية ومشكلاتها
- العولمة وطبيعة العصر
- الديمقراطية الممكنة والمحتملة في سورية
- الديمقراطية في الفكر العربي المعاصر
- وعي الديمقراطية لدى الحركات القومية والليبرالية
- الديمقراطية وطبيعة المرحلة في سورية
- الديمقراطية والأسئلة الصعبة
- الديمقراطية والحركة الشيوعية والماركسية العربية -1
- الديمقراطية في فكر الإسلام السياسي المعاصر


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر خدام - شي بحط العقل بالكف....