|
مناظرة ثانية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان...أي مدخل؟ وأي أفق؟
حسن أحراث
الحوار المتمدن-العدد: 2452 - 2008 / 11 / 1 - 04:03
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
مناظرة ثانية تستعد هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المشكلة من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف لعقد مناظرة ثانية قريبا. ولذلك نظمت ندوة أولى يوم 26 شتنبر 2008 حول موضوع "راهن الوضع الحقوقي العام ومآل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة" وندوة ثانية حول "أسئلة الحقيقة وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب" يوم 23 أكتوبر 2008. وبالمناسبة أطرح بعض الأفكار ذات العلاقة بالموضوع متوخيا الدفع بالنقاش الى ملامسة عمق الإشكالية وأبعادها السياسية. إن المنطق المعتمد حتى الآن في معالجة وتتبع موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان يمشي على رأسه. فالهيئات الحقوقية ومن زاوية تناولها للموضوع لم تضع إجابات شاملة وجذرية، وبالتالي لم تستطع فرض مقارباتها أو حتى العناصر المشتركة في مقارباتها (توصياتها). والأمر بديهي، لأن حتى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة كآلية رسمية لم تر النور (الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية والقانونية والاعتذار العلني والرسمي للدولة المغربية وحفظ الذاكرة و جبر الضرر الجماعي لعدد من المناطق المغربية وبلورة إستراتيجية وطنية لعدم الإفلات من العقاب والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، وعلى نظام المحكمة الجنائية الدولية...). فما بالك بالنسبة لكشف الحقيقة الكاملة والمساءلة، خاصة إذا استحضرنا استمرار رموز الماضي في مواقع المسؤولية. علما أن الهيئات الحقوقية أو بعضها على الأقل لم تذهب بعيدا في تعاطيها مع موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، أي بما يخلق الحدث السياسي أو الحقوقي أو الرجة المجتمعية التي من شأنها إرباك حسابات النظام القائم. لا أنفي دور المدخل الحقوقي أو التناول الحقوقي بهذا الصدد وكذلك تأثير الجهود التي بذلت ليبقى الموضوع مفتوحا، خاصة إذا سقطت بعض الحسابات الضيقة التي تعيق رفع سقف المعالجة. إلا أن ما يجب الانتباه اليه أو ما أريد التأكيد عليه هو محدودية هذا المدخل/التناول واستنفاذه لجل إمكانياته. فلم يعد ممكنا الآن، أي باعتماد المدخل الحقوقي، تجاوز سقف نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة المعلقة، وذلك رغم بعض الإشارات القوية لإحداث التصدع في جدار طمس أو القفز على موضوع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كنشر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لائحة طويلة بأسماء العديد من المتورطين في هذه الانتهاكات والتأكيد على مسؤولية رئيس الدولة السابق في مناسبات عدة ومن بينها الأنشطة العمومية للاستماع لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المنظمة من 12 فبراير الى02 يوليوز 2005 وعلى ضرورة اعتذار رئيس الدولة الحالي وقوافل الحقيقة المنظمة من طرف المنتدى، بالإضافة الى المد الدولي للمحكمة الجنائية الدولية بشان عدم الإفلات من العقاب... إن الخطير في اعتماد المدخل الحقوقي لوحده وفي حدوده الضيقة، هو إعفاء الهيئات السياسية من مسؤوليتها تجاه ملف سياسي يعنيها أكثر مما يعني غيرها. وللتوضيح أكثر فبعض الهيئات السياسية تتخذ من الهيئات الحقوقية والمدنية قفازات تقيها حرارة المواجهة المباشرة، وتوظفها في إستراتيجيات تخدم مصالحها السياسية بعيدا عن الحلول الفعلية والمقبولة. وعودة الى المناظرة الأولى، فقد شاركت في أشغالها الى جانب هيئات لجنة المتابعة الهيئات التالية: جمعية هيئات المحامين بالمغرب ومنظمة العفو الدولية-فرع المغرب والاتحاد الوطني للقوات الشعبية ومنظمة العمل الديمقراطي الشعبي وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحركة النهج الديمقراطي وحزب التقدم والاشتراكية والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحركة الديمقراطيين المستقلين والحركة من أجل الديمقراطية والحركة من اجل الأمة والبديل الحضاري والعدل والإحسان والمؤتمر الوطني الاتحادي (حسب الترتيب والأسماء السابقة لبعض الهيئات، وذلك كما ورد في كتاب "أشغال ونتائج المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب" الصادر عن لجنة المتابعة). فكيف يعقل أن تضع هذه الهيئات وهيئات أخرى مثل الاتحاد الاشتراكي ملفا من هذا الحجم على عاتق ثلاث هيئات حقوقية وتنسحب الى الوراء، بل وان تنفض أيديها من متابعته والاشتغال عليه!! لا يخفى الثمن المطلوب في ظل استمرارية نفس النظام المسؤول عن جرائم الماضي، وهو ما يضعف التجربة المغربية ويجعلها مختلفة كليا عن التجارب الأخرى، كما لا يخفى واقع موازين القوى الحالية وشروط مرحلة جديدة يمكن أن نؤرخ لها بإعلان نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة وعدم تطبيقها في نفس الوقت (الضحك على الذقون، حتى لا نقول الإهانة)، أي نهاية مرحلة "الانتقال السلس والهادئ للسلطة" وإكراهاته وضغوطاته، إلا أنه آن الأوان لاعتماد المدخل السياسي حتى نضع منطق المعالجة على قدميه، وليتحمل الجميع مسؤوليته في ضخ دم جديد في شرايين الحياة السياسية، وأقصد بالخصوص اليسار ومناضلي اليسار من أجل خلخلة حقيقية وعميقة للراهن الراكض والمستسلم لأوهام التوافقات البئيسة... فالوضع الراهن، وكما توقفت عند ذلك جل التدخلات إبان الندوة الأولى يعرف استمرارا مفضوحا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تقل خطورة في بعض حالاتها عن الماضي. وهو ما يبرز أهمية التدخل السياسي المباشر لتفادي تكرار أخطاء المناظرة الأولى، ومنها بالخصوص وضع الكرة في مرمى الهيئات الحقوقية وتأجيل/تعليق النظر في نقطة المساءلة، بما تعنيه من تكريس للإفلات من العقاب. فحتى التوازنات السياسية والتي كانت قائمة على تقديرات معينة، في علاقة ذلك ببعض الأحزاب السياسية، مثل الاتحاد الاشتراكي، لم تعد ذات معنى. وبالنظر الى التفاعلات الحالية في الحياة السياسية والسعي لإبرام صفقات جديدة وإقامة توازنات بديلة، لا بد من إدراج الجرائم الاقتصادية في أشغال المناظرة الثانية الى جانب الجرائم السياسية والحسم في موضوعة المساءلة، رغم ما قد يؤدي اليه ذلك من تبرم لبعض الأطراف المعنية عن مواصلة العمل المشترك. باختصار وحتى لا تكون المناظرة الثانية نسخة طبق الأصل للمناظرة الأولى ومساهمة في تجاوز تعثر المناظرة الأولى أقترح: - الانخراط السياسي لليسار وبقوة في المناظرة الثانية والمساهمة الفعالة في أشغالها، وبالتالي تحمل المسؤولية في متابعة نتائجها؛ - إدراج الجرائم الاقتصادية ضمن نقط جدول أعمال المناظرة؛ - الحسم في نقطة المساءلة في تجاه اعتمادها كآلية لضمان عدم تكرار ما جرى.
#حسن_أحراث (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى... استشهاد المسكيني وشباضة والدريدي وبلهواري (المغ
...
-
فؤاد علي الهمة: يد النظام المغربي الحريرية
-
الشهداء لا يموتون...
-
الجريمة بالمغرب أفق مفتوح على مصرعيه
-
الهمة ومهمة خلط الأوراق السياسية
-
الخوف من جريدة بشفشاون(المغرب)
-
التحاق الشجعان بالقوى السياسية
-
وجهة نظر ... التحاق الشجعان بالقوى السياسية
المزيد.....
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
المزيد.....
-
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام
/ رزكار عقراوي
-
حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية
...
/ محمد الحنفي
-
الإعدام جريمة باسم العدالة
/ عصام سباط
-
عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية)
/ محمد الطراونة
-
عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد
...
/ أيمن سلامة
-
عقوبة الإعدام والحق في الحياة
/ أيمن عقيل
-
عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة
...
/ زبير فاضل
-
عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء)
/ رابح الخرايفي
المزيد.....
|