حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2450 - 2008 / 10 / 30 - 01:31
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
الأخوة العربيـة الكردية ’ تلك التي هتفنـا بهـا وانشدنـا لهـا وغنينا ورقصنا وكتبنـا ’ ومنذ عقود بقى على ابوابهـا العربي والكردي والمكونات الأخرى ينتظرون دخولها الى فضاءات الحرية والديمقراطية والسلم الأجتماعي والمساواة ’ ومنذ قرون تمارس النخب الفوقية تدميـر مـا تنجزه الملايين في القاعـدة ’ يقاتل العـم العربي خال اطفاله الكوردي والخال الكوردي يقاتل عم اطفال اخته وذات الأمر يحدث بالنسبة للعم او الخال التركماني’ دورة اقتتـال عبثيـة يختلق لهـا الكبار مبررات ودوافع تسحق اضلاع الملايين مـن فقـراء القوميتين الرئيسيتين ومعهـا مصير المكونات الأخرى ’ ومـن ظريبـة دمائهـم وارواحهـم تتكـرش وتتضخـم مصالـح النخب القياديـة وتتورم شخصياتهـا تأليهـاً فـي الوعي الساذج لملايين الضحايـا . .
يختلف الكبار في قمـة الهرم السياسي فـي نزوة متشنجـة ’ فيلعنوا ويهددوا بعضهـم بكبائر الأمور ويدفعوا بأتجاه الصدام مبارزة تزهـق فيهـا ارواح الألاف وتسيـل الدمـاء ويتضخـم حجـم الأرامـل والأيتام والمعوقين ترافقهـا عمليات تهجير وانفلـة وتدمير عشوائي للممتلكات ’ وتشرد العوائل ليموت بعضهـا في الطرق الوعرة وقسوة الطقس بعيداً عـن ديارهم وقراهم وتعيد آفات الجهل والفقر والأوبئـة دورة البؤس والعذابات والحرمان ’ فيستقبل الجنوب والوسط مئآة القتلى والجرحى وأكثر منـه تستقبل كردستان ’ كـل هـذا والأتصالات السريـة والعلنيـة والمساومات والأبتزازات والرشوات تأخـذ مجراهـا بين القيادات في عرائنهـا الأمنـة ’ يلتقي القادة ــ الرمـوز الظروريـة ــ مـن هذا الطرف او ذاك ليتصالحوا ويتبادلوا القبل وينسجموا حـول الموائـد ليخرجوا متحابون جـداً ومتفقون حـول امـور يعلم جميعهم مدى سطحيتها وعدم جديتهـا ’ وتستعيد الأغاني والأناشيد والرقصات الشعبية حيويتهـا وتتذكرالناس اسباب فرحهـا في قراهـا او مدنهـا حيث الصرائف وبيوت الطين والزرائب وعلى افواههم ترقص البشرى ـــ لقـد توقف اقتتـال الأخـوة ـــ وعادت المياه الى مجاريهـا ’ حتـى يمتص الزمـن لحظات الهدنة الحذرة كلحظات انتظار الموت .
يبـداء سؤ الفهـم فعله وتتساقط الوعود والعهود والبنود والقسم والشرف ايضاً ’ فتشتعـل حرائق الشتيمـة والتشهير والأتهامات والتصعيـد والأستعدادات والأستنفارات ثـم الأقتتال بكـل ما تعنيـه البشاعات مـن معنـى .
هكـذا كان طريق الأخوة العربيـة الكورديـة ومنذ تشكيل الدولـة العراقيـة عام 1921 ’ معبـدة بالكمائن والمصائد والوقيعـة والغـدر ’ وهكذا كانت ارضيتهـا خصبـة لزراعـة الكراهيـة والأحقاد والفتـن والموت الموسمـي .
بعـد 09 / نيسان / 2003 ’ هتف العراقيون بجميع مكوناتهم مستبشرون بعهـد جديد ’ فاتحـة اخـوة عربيـة كردية مكسبـاً عراقياً مشتركاً مؤطـراً بشراكـة مصيريـة بين جميع مكونات المجتمـع ’ وعبر انتخابات مليونيـة واستفتاء على الدستور ’ اصبـح رئيس الجمهوريـة كورديـاً ونائبيـه عربيان مـن هذا المذهب وذاك واصبح رئيس الوزراء عربياً مـن هذا المذهب ونابيـه عربيـاً مـن ذاك المذهب وكرديـاً ’ وبين الفرقاء الشركاء المؤتلفين داخـل السلطات الثلاث تم تحاصص الوزارات السيادية والحيوية والمكسبية عقوداً وصفقات وذهبوا في نهج التحاصص والتوافق والتراضي الى ابعـد حدوده في الأدارات الأمنيـة والأقتصاديـة والأعماريـة والأستشاريـة والسلك الدبلوماس وغيرهـا وانتفع وشبع المقربون مـن العائلـة والعشيرة والحزب والمذهب وتضخـم حجـم المنتفعين مـن الحوشيـة والحبربشية ’ كل هـذا وقـد شدت الجماهير المليونيـة احزمـة الجوع على البطون صبراً وانتظاراً لأنفراج سياسي واقتصادي واستقراراً امنيـاً يتكرم بـه مجلس نـواب القوائم والكتـل كسلطـة تشريعيـة تجمعت داخـل ثكنتـه ( ممثلي !!! ) القوميات والطوائف والمذاهب والأحزاب ومن مختلف الأنتماءات والأيديولوجيات والبرامج التبشيرية .
لـم يستمـر حلـم الجماهير شهوراً فتكسرت بيضاتـه على رؤوس الملايين خلافات واختلافات وابتزازات ومطامع وصراعات واتهامات ومناورات وتصعيـد تفجرت في الشارع العراقي البريء مليشيات دمويـة وفرق موت واغتيال وتصفيات سريـة صادرت الأمن والأستقرار ودمرت المتبقي مـن حريات الناس وكرامتهـم وسارعت بعض القوى لأستيراد الأموال والأسلحـة والمفخخات والمفجرين والأنتحاريين ثـم الأنتحاريات والمتخصصين بصناعـة العبوات والأحزمـة الناسفـة مـن حاضناتهـا وامتداداتهـا القوميـة والمذهبيـة ’ وكالذئآب الشرهـة اخذت بعض الأطراف تنهش الجسد العراقي وتعض بعضهـا موتـاً يوميـاً في الشارع العراقي المنهـك .
مرت خمسة سنوات عجاف تركت خلفهـا الملايين مـن الشهداء والجرحى والمعوقين والأرامـل والأيتام ’ وبطرق غير مسبوقـة ارتفعت وتيـرة الكراهيـة والأحقاد والشكوكيـة والخوف مـن الآخر ومـن اشتعال الشارع العراقي بحريق الفتنـة .
في الجانب الآخر وداخل محميـة المنطقـة الخضراء تحديداً ’ يلتقي رئيس الجمهوريـة ونائبيـه بمنتهى الود والأنسجام الروحي وللامبالات ’ ويحصل ذلك ايضـاً بين رئيس الوزراء ونائبيـه ’ ويتكرر الأمر بين اعضاء المجلس السياسي للأمن الوطني ’ ولم تفتقر العلاقات واللقاءات داخل اروقـة مجلس النواب الى الألفـة وتبادل العواطف والقبل ’ لكن الجميع يكـره الجميع في الشارع العراقي ’ والجميع يتراشق بالدم العراقي مـع الجميع والجميع يتربص الجميع ليغدر وينكل بـه في الشارع العراقي فقط ’ وفي حالة مـن الأستفزاز والوقيعـة ترتفع حرارة التصعيد في الشارع العراق عربيـاً كان ام كرديـاً او تركمانيـاً ’ واذا ما اراد احـد الأطراف ان يفرض مشروعـه على الأخرين ’ فيفجـر الشارع العراقي موتـاً ’ وعلى مقدار دمـاء الناس وخراب الوطن يسجـل لـه حجـم المكاسب الفئويـة والقوميـة الطائفيـة والمذهبيـة والحزبيـة ’ لكن الثرثـرة المنافقـة وبالأساليب الدجليـة تزداد صخبـاً عـن الأخوة العربيـة الكورديـة بعـد ان اشترك الجميع في كسر ظهرهـا وتدمير اسباب عافيتهـا يأسـاً في نفوس الناس الأبرياء ووجدانهـم .
لا يوجد منصفاً من يتجاهل او ينكر’ كون الأخوة العربية الكوردية المؤطرة بالتضامن الوطني لجميع المكونات ’ هي الطريق الوحيد الأوحـد نحـو مستقبل العراق ديموقراطياً فدراليـاً موحـداً .
ايهـا السادة الكبار جداً : أأتمنكم الشعب ثقته واصواته عبر انتخابات الأمر الواقع ممثلين لـه ’ وفي جميع الحالات تبقى ثقتهـم واصواتهـم تستحق الوفاء ’ الآن تستصرخكم ’ حكومـة في المركز ـــ بغداد ــ واخرى في اقليم كردستان ــ اربيـل ـــ ’ انـه لا طريق للعراق الديموقراطي الفدرالي الا عبر الأخوة الراسخـة صدقاً واستقامـة بين العرب والأكراد ’ لقـد جربتم طرقكـم فكانت نتائجهـا كوارث الأنفلـة والتهجير والأجتثاث والمقابر الجماعيـة ’ دعوا الناس تجرب طريقهـا وتتعامل وطنيـاً مـع قضيتهـا وانسانيـاً ترسم مستقبلهـا الآمـن ’ ان الأخوة العربيـة الكورديـة كأساس للوحـدة الوطنيـة التي تحترم خصوصيات المكونات الآخرى ’ سوف لن تتعارض اطلاقـاً مـع الأهداف القوميـة للأشقاء الكورد او خصوصيات المكونات ’ بعكسـه سيكون النموذج الفدرالي الناجح في العراق قوة جذب لشعب كردستان المجزاء وداعمـاً لنضاله السلمي من اجـل التحرر والديموقراطي واقامـة فدراليات مماثلة في ايران وتركيا وسوريـا حيث الضغط الهائل لمؤسسات التيارات الديموقراطيـة واقعـاً متطوراً محليـاً واقليميـاً وعالميـاً ’ سيدفع في النهاية بفدراليات كردستان الديمقراطية لممارسة كامـل حريتهـا في تقرير مصيرهـا ومستقبل شعبهـا بالصيغ التي تختارهـا ’ فقط دعوا الناس تجرب الأخوة الصادقـة والعمل المخلص في بناء النظام الديموقراطي الفدرالي لعراق يشترك في خيراتـه وامنـه وانجازاتـه جميع مكوناتـه ’ دعوا الناس تجرب طريقهـا سلماً اجتماعيـاً ومساواة حقـة .
وهنـا ثمـة سؤال يجلد حالـة الوعي فينـا : اقليم كردستان ــ العراق ــ وبحكم تاريخـه الدامي وتجاربـه المريرة وتحرره الراهـن وامكانياته الكبيرة وواقعه المؤهـل ’ تربة لزراعة النموذج الديموقراطي للعراق والمنطقـة ’ هـل هناك مـن هو مؤهـل ايضـاً بتجرد وجاهزيـة ورغبـة ووعي وثقافـة ’ ليضـع البذور الخيرة في تربتهـا الصالحـة ويرعاهـا مثالاً رائداً تلتقي حول طاولتـه شعوب المنطقـة حصاداً ديوقراطياً وتوحداً انسانياً ...
تبقى الأجابات هي الآخرى قاسية تجلد الوعي فينا وقيحاً في صدرالثقافـة الوطنية حتى يصل فجر الأخوة العربية الكوردية ’ وحدة وطنيـة تجمع بين اضلاعهـا جميع مكونات المجتمع العراقي .
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟