|
فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية - 3-
بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 03:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
5- ظهور راسمالية الدولة التبعية
لقد سجلنا سابقا بان الراسمالية التبعية المغربية ، قد مثلت التجاوز التاريخي للراسمالية الكولونيالية ، لكن الراسمالية التبعية ، ماهي ؟ ان عبارة « راسمالية تبعية » لاتعبر سوى عن مفهوم عام مجرد ، شانه شان كل المفاهيم المجردة الاخرى مثل ، الانسان ، المادة ، الوطن ، الحياة ... الخ فانا مثلا عندما اكتفي بالقول : الانسان ، فاني بذلك ابقى في المجردات ، ولايمكنني الانتقال من المجرد العام الى الملموس المعين ، الا اذا تقمص المفهوم المجرد مضمونا ملموسا ، كمثل تجاوز مفهون الانسان بشخص جمال عبد الناصر ، او شخص فيروز ، او أي شخص محدد اخر . كذلك هو الحال تماما بالنسبة لمفهوم الراسمالية التبعية المغربية اذ لكي يمكن تجاوز ذلك المفهوم المجرد ، لابد من مضمون ملموس محدد ، فماهو اذن المضمون بالنسبة للراسمالية التبعية المغربية ؟ . ان هذا المضمون لم يتحدد تاريخية بطريقة اعتباطية ، من طرف هذا الزعيم السياسي او ذاك ، او وفق رغبة هذه القوة الاجتماعية او تلك ، ولكنه تحدد بفعل الضرورة التاريخية ، لان الذي حدده هو الراسمالية التبعية المغربية نفسها ، انسجاما مع واقعها القائم حينئذ ، وهذا الواقع نفسه ، قد انجبه التناقض الموضوعي الذي كان قائما في نهاية المرحلة الكولونيالية / كيف ذلك ؟ ان التناقض الذي جاءت الراسمالية التبعية لحله ، لم يكن بين طبقة بورجوازية مغربية مكتملة النمو ، وبين الراسمال الكولونيالي المعيق لذلك النمو ( فالبرجوازية المغربية كانت في ذلك الوقت ، لاتزال في بدايات تطورها) ، ولكنه كان بين الاقتصاد الراسمالي المغربي الذي اصبح ذا طابع وطني ( بحكم انتشاره وتوسعه على الصعيد الوطني ) ، وبين استمرار السيطرة السياسية الكولونيالية عليه ، من هنا فان حل ذلك التناقض حلا موضوعيا تاريخيا ، كان يقتضي احداث التطابق بين الاقتصاد والسياسة ، أي تحول الاقتصاد الراسمالي الوطني الى اقتصاد وطني حقا ، عن طريق تحريره من السيادة السياسية الكولونيالية ، وهو التحرير الذي كان يقتضي بدوره تحويل الدولة الكولونيالية الى دولة وطنية مغربية . ان التطابق بين الاقتصاد والسياسة ( او وحدة الاقتصاد بالسياسة ) ، هو نفسه الذي حدد موضوعيا الشكل الذي ستكون عليه الراسمالية التبعية الخارجة حديثا من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، ذلك ان الدولة المغربية الوطنية ، في غياب طبقة بورجوازية مكتملة النمو ، لم تكتف فقط بتأميم السياسة ( الغاء الدولة الكولونيالية وتحويل السيادة السياسية للدولة الوطنية ) ولكنها عمدت ايضا الى تاميم الاقتصاد نفسه ، عبر اخضاع المرافق الاقتصادية الاساسية لسيطرتها ضمن القطاع العام ، ومن هنا كان الشكل الاول الذي ظهرت به الراسمالية التبعية المغربية ، هو راسمالية الدولة التبعية . ان الراسمالية المغربية التي تجسدت اقتصاديا في شكل راسمالية الدولة ، قد تطورت وتوسعت أيضا على اساس ذلك الشكل نفسه . هكذا كان شكل راسمالية الدولة حاضرا وممثلا في كل شيء ، في الزراعة ، في الصناعة ، في التجارة ، في المال ، في النقل ، في المعادن ، في الكهرباء ، في الماء ، في البريد ، في السياحة ، وغيرها . لذلك ليس من قبيل الصدفة ، اذا كانت راسمالية الدولة المغربية تعتبر اول مستثمر ، واول مشغل لقوة العمل ، واول زبون واول مصدر . ان القوة الاقتصادية لراسمالية الدولة ، يعبر عنها عدد المؤسسات الخاضعة لها ، وفي سنة 1983 ، بلغ عدد مؤسسات القطاع العمومي 600 مؤسسة . في الجزء المقبل : تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية .
6- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية
في كتاباته الاقتصادية ، يؤكد الاقتصادي المغربي الحبيب المالكي ، على ان المفهوم العلمي الانسب لواقع النظام الراسمالي المغربي ، هو مفهوم راسمالية الدولة التبعية . ان الحبيب المالكي يرتكب هنا خطأ نظريا ، لانه يخلط بين شيئين مختلفين : بين جوهر النظام الراسمالي التبعي المغربي ، الذي هو وحدة العمل المغربي والراسمال المغربي . ( ولانه جوهر ، فلذلك سيظل ثابتا لايتغير ، مادامت العلاقات الراسمالية قائمة ) . وبين الشكل الخارجي الذي يتمظهر فيه ذلك الجوهر ، حسب اللحظة التاريخية التي يمر منها تطور النظام الراسمالي المغربي . وبالطبع فان الشكل الخارجي ، لانه شكل ، فهو بالضرورة معرض للتغير والتحول والانتقال من من حالة الى حالة اخرى نقيضة ، لذلك فان مايعتبره المالكي حقيقة النظام الراسمالي المغربي ( أي راسمالية الدولة التبعية ) ليس في الواقع سوى الشكل الاول ، المباشر الذي ظهرت عليه الراسمالية المغربية ، الخارجة للتو من احشاء الراسمالية الكولونيالية ، وكنا يقول المثل الشعبي بان « دوام الحال من المحال » كذلك ليس شكل راسمالية الدولة التبعية هو حدها الاقصى النهائي ، بل ان منطقها الداخلي نفسه ، يدفعها الى تجاوز ذاتها عبر الانتقال من شكل راسمالية الدولة الى الشكل النقيض ، الذي هو : ظهور الطبقة البورجوازية المغربية القائمة الذات . ان مانشهده اليوم من تفكيك للقطاع العام ، وتفويت مؤسساته للقطاع الخاص ، ليس سوى تعبير عن المنعطف التاريخي النوعي الذي دخله التطور الاقتصادي – الاجتماعي المغربي ، والمتمثل في الانتقال من شكل قديم ( راسمالية الدولة ) الى شكل جديد ( الراسمال المغربي الخاص ) . وهذا الانتقال من شكل الى شكل نقيض ، يندرج ضمن المنطق الضروري الداخلي الذي يتحكم في الحركة الموضوعية لتطور الراسمالية التبعية المغربية . فتحن اذن ، من زاوية المنطق الراسمالي التبعي ، نوجد في نهاية مرحلة موضوعية نوعية اخرى . وكما كانت راسمالية الدولة ضرورية في مرحلتها ، فكذلك اصبح الراسمال الخاص ضروريا في مرحلته . في المرحلة الاولى لم تكن هناك طبقة بورجوازية متطورة ، ولذلك لم يكن بد من سيادة شكل راسمالية الدولة . اما في المرحلة الحالية ، فمن جهة ، لقد استنفذت راسمالية الدولة امكاناتها التاريخية على قاعدة التبعية ، ومن جهة اخرى ، لقد تطورت البورجوازية المغربية الى الحد الذي جعلها تطمح وتتطلع الى مراقبة الراسمال المغربي في معظمه ، مما ادخلها في تناقض مع القطاع العام . هذه هي الحياة : في البدء كان القطاع العام بمثابة الثدي التي رضع منها الصبي الراسمال الخاص ، لكن في مرحلة لاحقة من التطور ، عندما لم يبق الصبي صبيا ، فقد ارتد ضد حليب امه ، مفضلا عليه طعاما جديدا اشهى والذ ، وهو لذلك اراد تصفيته.
6- تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية - تابع -
قلنا في الفقرة السابقة ان الصبي لم يبق صبيا ، فقد ارتد ضد حليب امه ، مفضلا عليه طعاما جديدا اشهى والذ ، وهو لذلك اراد تصفيته . ان بعض الاقتصاديين المغاربة ، يسوقون حكاية الحليب تلك ، كحجة ضد البورجوازية المغربية ، ففي نظرهم ، ان الرضيع يجب ان يبقى رضيعا مهما كانت كمية الحليب التي غذى بها جسمه ، وان الام يجب دائما ان تبقى قادرة على انتاج الحليب مهما شاخ عظمها وجف جلدها . وفي الحقيقة ان تلك الحجة ليست حجة ضد البورجوازية المغربية بقدر ماهي حجة لصالحها ، لان البورجوازية المغربية ، لاتتميز بشيء عن باقي ظواهر الوجود ، اذ ان كل هذه الظواهر بالمطلق ، في الارض كما في السماء ، وفي التاريخ والطبيعة كما في الفكر ، تخضع لقانون جدلي واحد : هو تحول الشيء الى نقيضه . لذلك فان ارتداد البورجوازية المغربية ضد القطاع العام ، الذي استمدت منه في الاصل وجودها ذاتها ، ليس سوى تاكيد لذلك القانون الكوني . ربما ان اصحاب تلك الحجة يضعون نصب اعينهم بعض امثلة النموذج الاوربي ، الذي تميز بتطور الطبقة البورجوازية في استقلال عن الدولة ، وفي هذه الحالة فانهم يسقطون في التجريد الفارغ ، لانهم ينسون الاختلاف الجذري القائم بين التجربتين ، بالنسبة للتجربة الاوربية ، لقد خرجت الراسمالية من احشاء الاقطاع ، اما بالنسبة للتجربة المغربية ، فقد خرجت الراسمالية المغربية من احشاء الراسمالية الكولونيالية . ان انتقال الراسمالية المغربية من شكل راسمالية الدولة التبعية ، الى شكل الطبقة البورجوازية التبعية ، لانه ينتمي لصلب الحركة الموضوعية للنظام الراسمالي التبعي ذاته ، فهو لذلك ، سيكون من العبث محاولة وقفه بواسطة اعادة الروح للقطاع العام ، على نفس القاعدة الراسمالية التبعية السابقة . ان القطاع العام الحالي قد انتهى دوره التاريخي ، ولايمكن بالتالي تكراره الا في شكل نوع جديد ارقى ، أي ليس على قاعدة الراسمالية التبعية القائمة ، وانما على قاعدة الراسمالية الوطنية المتحررة جذريا من الراسمال الاحتكاري العالمي . ان تراجع راسمالية الدولة امام صعود الطبقة البورجوازية ، لانلمسه فقط من خلال تفكيك بعض ممتلكات القطاع العام وتفويتها للراسمال الخاص ( كما هو الشان مثلا بالنسبة لمكتب التسويق والتصدير الذي فقد دوره الاحتكاري في تصدير المنتوجات الفلاحية ، بعدما تخلى عن تصدير المصبرات الحيوانية والنباتية ، او بالنسبة لقطاع السياحة ، والاراضي الفلاحية التابعة للدولة ... ) ، لكننا نلمسه ايضا من خلال الموقع الذي يحتله الراسمال الخاص ضمن البنية العامة للراسمال الاجتماعي في الصناعة فهذه البنية تبين ما يلي في ذلك الوقت : 16.56في المائة للقطاع الخاص الاجنبي. 32.36 في المائة للقطاع العمومي . 51.28 في المائة للقطاع الخاص المغربي . ان الانتقال من راسمالية الدولة الى الراسمال الخاص ، يشكل فعلا قفزة نوعية في مسيرة البورجوازية المغربية، وهذه القفزة لم تكن فحسب اقتصادية ، وانما ايضا هي بالضرورة قفزة سياسية وايديولوجية . فعلى الصعيد السياسي : ان تنامي القاعدة الاقتصادية للطبقة البورجوازية ، قد خلق الحاجة لديها الى تعبير سياسي حزبي مستقل ، لتكريس سلطتها الاقتصادية ( من هنا ظاهرة الاحزاب البورجوازية الجديدة المتميزة بالاستقرار والاستمرارية ) . وعلى الصعيد الايديولوجي : لقد منحتها تلك القاعدة الاقتصادية ، الاساس المادي لتشكيل منظور ايديولوجي طبقي منسجم سواء في تصورها للمجتمع او في نظرتها للعالم ولصراعاته ( نلاحظ مثلا كيف ان البورجوازية المغربية ، بدات تميل الى تغيير موقعها السابق ، وذلك بنزوعها الى الابتعاد عن بلدان عدم الانحياز ، وانحيازها المكشوف للعالم « الحر » ولقيمه الراسمالية التحررية المزعومة . بل اكثر من ذلك ، ميلها الى تغيير جذورها الافريقية – العربية – الاسلامية ، بالوحدة الوهمية مع اوربا الراسمالية ) . وفي الواقع ان تبلور البورجوازية المغربية في شكلها الجديد ، له تاريخ : ويمكن تقسيم تاريخ تطور الطبقة البورجوازية الى اربع مراحل رئيسية : 1- المرحلة البدائية : تجسدت في صناعة إحلال الواردات التي كانت سوقها الاساسي هو الدولة بموظفيها وعمالها وتجهيزاتها ( ولقد استفادت الصناعة الوطنية الناشئة من الحماية الجمركية التي فرضتها الدولة ) 2- مرحلة المغربة سنة 1973 : وفيها تمت تصفية الراسمال الاجنبي من الفلاحة ، واضعاف دوره في باقي القطاعات الاقتصادية الاخرى . 3- مرحلة الانتقال من الانتاج للسوق الداخلية الى الانتاج للسوق العالمية الراسمالية ، بعدما استنفذت امكانات الاول ، ولقد حدث ذلك الانتقال بشكل خاص في منتصف السبعينات . 4- بداية تفكيك القطاع العام وتفويته للراسمال الخاص سنة 1983 . 7- اتجاه تطور الطبقة البورجوازية
قالت احدى الشخصيات الرئيسية في تراجيديا « فاوست» للكاتب الالماني جوته ، بحسرة : ثمة وبالاسف ، روحان تسكنان قلبي .. والواحدة منهما تريد الطلاق مع الاخرى . لعل هذا الكلام لهو اصدق تعبير ، عن الحالة النفسية التي تمر منها اليوم الطبقة البورجوازية المغربية ، ان هذه الاخيرة يمزقها تناقض داخلي حاد ، تتكون اطرافه من : من جهة : فهذه الطبقة التي نمت وترعرعت في احضان السوق الداخلية ( صناعة احلال الواردات ) ، سرعان ما وجدت نفسها بعد استنفاذ تلك السوق لامكاناتها التاريخية السابقة ، امام هذين الخيارين : 1- اما الاستمرار في الاعتماد على السوق الداخلية . لكن هذا يتطلب توسيعها ، ، الامر الذي يقتضي بدوره احداث اصلاحات جذرية على البنية الاقتصادية – الاجتماعية ... 2- واما هجرها الى السوق العالمية الراسمالية . ولقد اختارت الخيار الثاني السهل . ومن جهة ثانية : بعد انتهائها الى قرار اللجوء الى السوق الخارجية ، وجدت نفسها تصطدم ( في ظروف انفجار الازمة الراسمالية العالمية ) ، بجملة عوامل ردعت اندفاعاتها الطموحة . ولقد تمثلت تلك العوامل المعيقة في ثلاثة رئيسية : 1) انضمام اسبانيا والبرتغال الى السوق الاوربية المشتركة .. 2) الخلل الكبير الذي اصاب نظام التبادل التجاري والنظام النقدي ..3) السياسة الاقتصادية المزدوجة التي تنهجها البلدان الراسمالية المتطورة ، والمتمثلة في: من جهة ، توجهها نحو التحديث الاقتصادي عبر التخصص في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وهي سياسة تفرضها ضرورة تحسين موقعها التنافسية في السوق العالمية .. لكن من جهة اخرى رفضها احداث قطيعة تامة مع الصناعات الكلاسيكية ، رغم انها اصبحت بدون مردودية اقتصادية ورغم انها تكلف الدولة دعما ماليا ضخما . والسبب في ذلك هو ان تلك الصناعات تمثل مجالا هاما للتشغيل ، وبالتالي فان الدولة تتجنب تصفيتها من اجل الحد من اتساع البطالة . وبالطبع فان تلك السياسة المزدوجة ، تحرم البلدان المتخلفة مثل المغرب ، من التخصص في الصناعات الكلاسيكية ، وفق قسمة عمل دولية جديدة . والخلاصة اذن هي ان الطبقة البورجوازية المغربية ، لا يمكن لها ان تتقدم الا عن طريق تحقق واحد من اثنين : اما اصلاح السوق الداخلية اصلاحا جذريا ( وهذا هو الخيار الوطني ) ، واما اصلاح السوق الراسمالية العالمية ، وهذا يعني تعميق الارتباط والاندماج بالراسمال الاحتكاري العالمي . ان الخيار الاول في متناولها ، لكنها لاتريده ، لانه يتطلب منها تنازلات كبيرة ( مثل الاصلاح الزراعي ، وتاميم التجارة الخارجية والابناك الرئيسية ، واعادة الاعتبار للقطاع العام ). اما الخيار الثاني فهي تريده ، ولكنه ليس في متناولها ، كيف سيتم الحسم ؟ . لكي ينتصر الخيار الوطني ، لابد من توفر شرطيين رئيسين : الاول ، ان تكون الطبقات الشعبية وتنظيماتها السياسية والنقابية ، قادرة على فرضه . والثاني ، ان تكون افاق السوق الخارجية افاقا مظلمة بالنسبة لها . لكن القوى الشعبية لا تملك في الوقت الحاضر ، القوة التي تمكنها من فرض الخيار الوطني . ثم من ناحية اخرى ، ان الطبقة البورجوازية المغربية تستطيع دائما ، ايجاد موطئ قدم في السوق العالمية ، فضلا عن ان هذه الاخيرة مرشحة لنوع من التغير يستجيب لبعض رغبات البورجوازية المغربية ( ان التوفيق بين سياسة التحديث الاقتصادي في المجالات ذات التكنولوجيا المتطورة ، وبين المحافظة على الصناعات الكلاسيكية ، لدرء اخطار تفاقم البطالة في البلدان المتقدمة ، هي مجرد سياسة انتقالية بالنسبة للراسمال الاحتكاري العالمي . ذلك ان تناقضاته الداخلية نفسها ، عندما تعجز عن التوفيق الدائم بين مصالح الربح الراسمالي وبين الاعتبارات الاجتماعية المحضة ، فانها تدفعه بالضرورة الى التضحية بمصالح الشغيلة . وهذا ما بدانا نلمسه بشكل صارخ في بريطانيا ، التي تمت فيها بطريقة عنيفة ، تصفية الصناعة الكلاسيكية في مدن الشمال العريقة ، التي مثلت تاريخيا مهد الثورة الصناعية الكلاسيكية ) . من هنا يبدو بان اتجاه تطور الطبقة البورجوازية المغربية ، سيتبع طريق المزيد من الاندماج في الراسمال الاحتكاري العالمي ، وليس الارتداد ضده لصالح السوق الوطنية . وفي الحقيقة ان الاتجاه الاندماجي التبعي الجديد ، قد تم حسمه منذ مدة ، وهذا ما يبينه التوجه الليبرالي المتبع حاليا ، والمتمثل بشكل خاص في تبني البرنامج الاقتصادي لصندوق النقد الدولي . ان المرحلة التاريخية التي نحن بصدد اجتيازها ، ستكون قاسية بالنسبة للشعب الكادح ، سواء من الناحية الاقتصادية ( الضغط على الاجور لتحسين الموقع التنافسي للبورجوازية المغربية في السوق العالمية ) ، او من الناحية السياسية ( قمع الحريات لفرض ذلك الضغط الاقتصادي ) .
8- تناقضات الطبقة البورجوازية المغربية
ان البورجوازية المغربية لايمكن لها ان تنمي ذاتها كطبقة ، بدون تنمية في نفس الوقت ، الطبقة العاملة والطبقة الوسطى . وفي مرحلة معينة من التطور ، سيحتد التناقض مابين : الطابع الديمقراطي للمجتمع المغربي ( الناجم عن تنامي الطبقات الديمقراطية ، وعلى راسها البروليتاريا والطبقة الوسطى الحديثة ) ، وبين الطابع الهيمني للبورجوازية السائدة على راس الدولة . ان الحل السياسي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين المجتمع المدني والدولة السياسية وهذا يعني الانتقال من دولة الهيمنة للطبقة الواحدة الى دولة كل طبقات المجتمع . لكن هذا التناقض السياسي الذي يقود الى ترسيخ الحياة الديمقراطية في البلاد ، لن يكون نهاية المطاف ، بل انه سيدفع الى بروز على السطح بتناقض جديد هو : مابين الطابع الاجتماعي للانتاج ، والطبع الخاص لملكية وسائل الانتاج . ان الحل التاريخي الوحيد الممكن لذلك التناقض ، هو احداث تطابق بين الانتاج والملكية . وهذا يعني الانتقال من الملكية الراسمالية الى الملكية الاشتراكية لوسائل الانتاج .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدلية الدولة والمجتمع . تابع
-
3جدلية الدولة والمجتمع .
-
حقيقة الدولة السياسية المغربية .
-
نظرية الديمقراطية المغربية : حقيقة المجتمع المدني المغربي -
...
-
فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية -2-
-
نظرية الديمقراطية المغربية حقيقة المجتمع المدني المغربي
-
نظرية الديمقراطية المغربية
-
فكر وحوار : نظرية الراسمالية المغربية 1
-
اتجاه تطور الطبقة البورجوازية
-
تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية - تابع -
-
تحول راسمالية الدولة الى طبقة بورجوازية
-
ظهور راسمالية الدولة التبعية
-
من الراسمالية الكولونيالية الى راسمالية تبعية
-
تحول الراسمالية الكولونيالية الى راسمالية تبعية - تابع –
-
تناقضات الراسمالية الكولونيالية المغربية - تابع –
-
تناقضات الراسمالية الكولونيالية المغربية .
-
تطور الراسمالية الكولونيالية المغربية .
-
نظرية الراسمالية المغربية – عبد السلام المؤذن-تابع-
-
نظرية الراسمالية الكولونيالية المغربية عند عبد السلام المؤذن
-
جوهر الراسمالية الكولونيالية المغربية لعبد السلام المؤذن
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|