أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جمعة الحلفي - كيف يمكن إعادة بناء الثقافة؟














المزيد.....

كيف يمكن إعادة بناء الثقافة؟


جمعة الحلفي

الحوار المتمدن-العدد: 755 - 2004 / 2 / 25 - 09:02
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


حتى أجل لاحق وغير مسمى سيظل السؤال عن ماهية ومضمون "الثقافة" التي أنتجت خلال العقود الثلاثة الماضية في العراق، أي في ظل شرط الاستبداد وتعبيراته وآليات عمله، سؤالاً ضرورياً وجوهرياً يستوجب الكثير من الجهد والبحث من أجل تقصي الآثار والندوب والتشوهات الفكرية والسلوكية والنفسية، التي خلفتها تلك الثقافة. وإذا كانت المقابر الجماعية وفظائع السجون والإعدامات والموت المجاني، هي الوجه الدموي الأكثر تعبيراً عن نمط السلوك السياسي للنظام السابق، فإن آلية التفكير الدغمائي ومظاهر الظلامية والتقديس والخنوع للفرد- الديكتاتور وأنماط السلوك العبودي، هي من بين أوجه التركة الثقافية الثقيلة، التي خلفها هذا النظام.  ومثلما سيحتاج المجتمع العراقي إلى حقبة من الزمن ومن علاقات وأنماط الحياة المغايرة، لتجاوز الآثار الروحية والنفسية الدفينة لمشاعر الفقد والخسارات  ومرارات القسوة والوحشية، التي تركتها مشاهد الجماجم والعظام البشرية المتكدسة تحت التراب، سيحتاج، لا محالة، إلى حقبة أخرى قد تطول، من ذلك الزمن المغاير لاستعادة طاقته على انتزاع أو تغيير سلوكيات وآليات تفكير وأنماط تعبير، كانت ثقافة النظام قد تركت  ندوبها محفورة في جسد المجتمع وفي بنيته الروحية والنفسية، ذلك أن تحرر الإنسان ـ المجتمع من سطوة القمع وعبودية القوة ليس شرطاً وحيداً، أو كافياً لتحرره من آثار وتشوهات تلك السطوة وتجلياتها الدفينة في أنماط وأنساق التفكير والسلوك.
لقد أسس النظام السابق ثقافته تلك، مثل أية ثقافية شمولية، على مبدأ استبدادي تعسفي، يفترض اليقين والصدقية افتراضاً تجريدياً وينظر إلى المجتمع المتلقي لهذه الثقافة بوصفه مجتمع القطيع القابل، بالرشوة والترغيب أو بالقسر والتعسف، على هضم وتمثل ما يضخ له، فكراً كان أم أدباً أم فناً. ولم تكن تلك اليقينية الخرافية متأتية فقط من جوهر تلك الثقافة بوصفها ثقافة استبدادية وقسرية وقدرية، بل وكذلك من تلك (الضمانات) التي يوفرها لها الطابع القمعي التعسفي، الذي كان سائداً في حياة المجتمع، وهو الطابع الذي وفر لها، أي للسلطة السياسية، فرصة بلوغ غايتها في اختراق المنظومة المعرفية الاجتماعية والثقافية وتشويه أنساقها الحسية والجمالية، الأمر الذي أوقع ثم عمق من حالة اغتراب الثقافة عن هويتها الوطنية الأصيلة وعن طابعها الإنساني، وأحدث شرخاً في بنيتها العامة لا يمكن جسره بمجرد إقصاء منتجي ومروجي تلك الثقافة، إنما يستوجب الأمر اجتثاث كامل التشوهات التي أحدثتها ثقافة النظام عبر إعادة بناء جذرية للثقافة الوطنية تقوم أساساً على قاعدة إعادة الاعتبار لهذه الثقافة الأصيلة والاعتراف بدورها كحامل للإرث الإبداعي والحضاري وبدور المثقف كعامل فاعل وحيوي في عملية رفد ومراكمة كل ماهو معرفي وتنويري، في كيان هذه الثقافة، وتعزيز طابعها الديمقراطي. كذلك يجب أن تقوم على قواعد وأسس حرية الرأي والتعبير والعلاقات الايجابية واستقلالية المثقف واحترام دوره وحماية حقوقه. فعبر هذه الأسس والقواعد وفي ضوئها فقط  يمكن  إنجاز مهمة إعادة بناء الثقافة الوطنية وتخليصها من ذلك الركام الرديء والظلامي، الذي نطلق عليه، مجازاً أو تجاوزا، أسم ثقافة.   



#جمعة_الحلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي كريم سعيد... هل كان عليك أن تنتظر؟
- أزمة -العقل- أم -الفعل- العربي؟
- عشائر المثقفين!
- أمة بلا ذاكرة ... مثقفون بلا ضمائر
- بانتظار... المثقف!
- ثقافة الخرافة والتنجيم .. العربية!
- ثقافة المحاكمة والتخوين
- رسالة الى مهدي خوشناو


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جمعة الحلفي - كيف يمكن إعادة بناء الثقافة؟