أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - الابستمولوجيا بين الفلسفة والعلم














المزيد.....

الابستمولوجيا بين الفلسفة والعلم


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 02:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لعل ما حققته علوم الطبيعة من نجاحات باهرة سيما في مجالي الفيزياء والكيمياء كان مدعاة للتراجع الحاصل في مضمار الفلسفة بعد ان كانت هذه الاخيرة امأً للعلوم والمحدد لها في النظام العام للفكر الانساني .. لكن ـ منذ القرن التاسع عشر ـ طفقت تلك العلوم تنفصل عن امّها حتى قال اغيست كونت : (( آن الاوان لنحد من غرور الفلسفة )) ، وحجم عملها واناط بها فقط مسؤولية تنظيم العلوم وتنسيق نتائجها .. غير ان تلك المهمة ما برحت تنحسر بعد ان استبدل (( الانجلوسكسونيون )) الفلسفة بالمنطق واطمانوا الى تقليده تلك المهمة .
يمكن القول ان استقلال العلوم عن الفلسفة نجم عن اعتماد هاتيك العلوم على الرياضيات التي لا تحتاج الى علل ما ورائية لكي تكون يقينية .. بخلاف ما كان ما يظنه (( ارسطو )) من (( ان حقيقة الموجودات تكمن في عللها القصوى )) .
من هنا ميز (( كانت )) بين الاحكام الرياضية والاحكام الماورائية واسبغ المشروعية على الاولى فيما وصم الثانية بالسببية في تكوين في تكوين اوهام العقل ، وبقول آخر فان العلوم تهتم بالكيفية التي تجري بها الاحداث لا باسبابها وعللها القصوى التي هي مركزالبحث الفلسفي المبني دائما على السؤال : لماذا ؟ .
كانت الابستمولوجيا في الماضي تعرف بكونها خطابا فلسفيا حول العلم أي مجرد كلام حول اصول العلم ونتائجه ، فيما صار معناها بعد انفصال العلوم عن الفلسفة الى خطاب علمي حول العلم او دراسة علمية للعلم او تسمى (( علم العلوم )) .
فيما خلصت النظرة العلمية الجديدة الى اسباغ معنى اكثر جدوى على الابستمولوجيا عندما وسمتها بانها بحث نقدي في مبادىء العلوم واصولها واهدافها وعلاقتها بالانسان والمجتمع والطبيعة .. لكننا يجب ان نستدرك فيما اذا عتبرنا الابستمولوجيا ـ كنظرية منطقية تضبط اسس وقواعد علم ما ـ هي ذاتها علم ، لانها والحال هذه تحتاج بدورها الى نظرية اخرى تضبط اسسها وقواعدها وهكذا دواليك .. الامر الذي يمنعنا من دراسة العلوم بذات رموزها وقواعدها لان محاولاتنا هذه تضطرنا الى تجاوز اسس ذلك العلم للاحاطة بالظروف والمشكلات الناجمة عنه .
فالعالم يبقى عالما ما دام ينتج فرضيات ويجري تجاربه لغرض التاكد من صحتها ، لكنه يصبح ابستمولوجيا عندما يتساءل عن تاثير هذه الفرضيات وتجاربها على تصوراتنا للواقع والحقيقة .. لذلك تجاوز (( انشتاين )) .. } ممارسته الفنية للفيزياء ليتساءل عن مدى ادراكها للواقع ، وعن سر نجاعتها { .
فالابستمولوجيا ليست فلسفة اذا اردنا بها تلك الافكار الفضفاضة والتصورات الفخمة التي يقصد منها تبرير نظرية ما مثل نظرية (( المثل )) لافلاطون .. ولكنها فلسفة اذا نظرنا اليها على انها } تفكير جدي ينبع من المشكلات الحقيقية التي تطرحها العلوم والتي تمس الانسان ومكانته في الطبيعة والمجتمع { .
ان اهم مشكل في الابستمولوجيا الحديثة هو انها تطرح اشكالية علاقة العلوم بالواقع ( الواقع الذي نحس به تلقائياً ) ، فقديما كانت العلوم فروعا للفلسفة التي تعد ( صناعة الصناعات وحكمة الحكم ) كما عند ارسطو الذي اخضعها الى منطقه ، واعتقد بانه منطق قار وان علومه بالتالي قارة ومطلقة .
حيث بني المنطق الارسطي على مبادىء ثلاث هي مبدا الهوية ومبدا عدم التناقض والمبدا الثالث المرفوع والتي اعتقد بانها تعصم العقل من الخطا .. ولعل من نافلة القول ان التجربة اليومية والعلاقة التلقائية بالواقع تؤيد هذه المباديء .. لذلك فقد اخذ الناس شرقا وغربا بافكار ارسطو وعلومه واعتبروها حقائق مطلقة ، فقد سماه العرب ( الحكيم ارسطو ) ولقبوه ( المعلم الاول ) ، كما كان يعتبر مقياس الحقيقة ابان العصور الوسطى في الفلسفة المدرسية المسيحية التي سعت الى عقلنة اللاهوت المسيحي .. بيد انها انتهت اخيرا الى حالة من الجمود والتحجر العقلي والتخبط الفكري مما حدا بعلماء عصر النهضة والعصور التالية الى الاعراض عنها وارساء اسس العلوم الطبيعية على العقل والمشاهدة الحسية والتجارب العلمية ، وهذا ما عرف بالنظرة العلمية القديمة التي تطورت لاحقا الى مذهب مادي صارم يؤمن بازلية المادة ويرفض كل ما هوغيبي ويبنى على اساس علل الضرورة والصدفة .. ثم انتهت هذه النظرة الى الالحاد والاستهتار بالقيم الروحية والاخلاقية وفسرت السلوك تفسيرا غريزيا فسيولوجيا . وفي مطلع القرن العشرين برزت الى الوجود نظرة علمية جديدة كان من المع روادها آباء الفيزياء الحديثة كانشتاين وبور وغيرهم ، واجمعت اراء هؤلاء العلماء على ان الكون قد بدا في لحظة محددة من الزمن ، فثبت بما لا يدع مجالا للشك ان المادة ليست ازلية ، وآمنوا بعقل ازلي الوجود يدبر هذا الكون واسع الارجاء ويرعى شؤونه .. ثم جاء جيل اخر من العلماء انتهوا من ابحاثهم الى ان الانسان مكون من عنصري الجسد الفاني والروح الخالدة .
واخيرا ظهرت حركة جديدة في علم النفس تؤمن بالقيم الاخلاقية والجمالية والجوانب الروحية والفكرية والنفسية .
وهكذا يتبين بان النظريات العلمية الجديدة ترفض الدراسات الارسطية وتتحفظ على النظرة العلمية المادية ، وان فحوى النظرة الجديدة هو دراسة المشكلات الابستمولوجية الاساسية .. القائمة على العلاقة بين النظريات العلمية بالواقع المحسوس ، وسر نجاعة تلك العلوم .. وحدود التفسير العلمي والكشف عن حقيقة تلك العلوم .. واهدافها وموقع الانسان والمجتمع في كل ذلك الخضم المتلاطم .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة .. ومأتمية النهايات
- جدلية الادب والحياة
- قرن الهزائم العربية
- نقد الحداثة / آيديولوجيا النسق المغلق ودينامية التحكم المحاي ...
- اشكالية العقل المتمحور حول المقدس
- احتفالات الاعياد في ديالى
- الاستخراب الامريكي
- تقنية كتابة الرواية
- رقص الكهرباء
- صناعة الجوع
- الاستقواء الطائفي
- هواجس
- سقوط امة من صفحات التاريخ
- وادي الشعب .. ووادي السياسة
- التكامل بين الفلسفة والادب 2
- التكامل بين الفلسفة والادب 1
- مأزق الحداثة
- اضمحلال مفردات البطاقة التموينية
- الاصول الفكرية للسياسة الامريكية
- ما بعدالحداثة ومفهوم الاختلاف


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - الابستمولوجيا بين الفلسفة والعلم