أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - عظمة الكلمة الإلهية وتأثيرها فى قلوب البشر















المزيد.....

عظمة الكلمة الإلهية وتأثيرها فى قلوب البشر


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 2447 - 2008 / 10 / 27 - 05:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"أقسم بالاسم الأعظم إنه لمن الخسران المبين في هذه الأيام أن تنظر نفس إلى الشؤونات العرضية. قوموا على خدمة أمر الله واسلكوا مع بعضكم بعضًا بكمال المحبة. أحرقوا بنار الأحدية الحجبات النفسية خالصًا لوجه المحبوب، وعاشروا بعضكم بعضًا بوجوه ناظرة مستبشرة.
قد اشتعل قلب العالم بالكلمة الإلهية فاشتعلوا أنتم أيضًا بها. نأمل إن شاء الله أن تعتبروا .............وتتّحدوا مع بعضكم بعضًا وتتزينوا بطراز الأخلاق الحسنة الممدوحة وأن تبذلوا الهمة في هداية غرقى الفناء إلى الشريعة الباقية. عاشروا العباد بالأخلاق التي تظهر منها آثار الحق لأنكم أول الوجود وأول العابدين وأول الساجدين وأول الطائفين. فوالذي أنطقني بما أراد إن أسماءكم في الملكوت الأعلى لأشهر من ذكر أنفسكم في حق أنفسكم. لا تحسبن أن هذه الكلمات مجرد وهم. يا ليت أنتم ترون ما يرى ربكم الرحمن من علو شأنكم وعظمة قدركم وسمو مقامكم. نسأل الله بأن لا تمنعكم أنفسكم وأهواؤكم عمّا قدّر لكم..."( "منتخبات من آثار حضرة بهاءالله"، رقم 147 )

من أبرز نصائح حضرة بهاءالله ما يحكي عن كيفية سلوك الشخص وتعامله مع الآخرين. إن المبدأ الذي تنبع منه نصيحة حضرة بهاءالله هذه تشكل إحدى الحقائق الأساسية التي تتحكم بخُلق الإنسان. فيصرح حضرته بأن ليس هناك في هذا العالم ما يمكنه أن يضر أو يؤذي المرء البصير. فلن ينال من استقامته وعلو مقامه كل ما قد يقع له في حياته. فعندما يحب شخص إنسانًا ويتواضع له في سبيل الله، كأنما أحب الله وتواضع له. بذلك يجلب لنفسه بركات الله وعطاياه وسوف يُجازى على أعماله. أمّا لو عامل الشخص الآخر صاحبه بازدراء وتكبّر، فإن ذلك لن يؤثر أبدًا على مقام الشخص الذي يحقّره، بل سيعتبر كأنه أبغض الله واستكبر عليه، وبذلك تحق عليه السيئة وينال عقابه.
يصرح حضرة بهاءالله في أحد ألواحه(بهاءالله، "مائدة آسماني"، المجلد 4، الصفحة 352.) بأن الله قد أدان في هذه الدورة الذين يثيرون الفتنة ويتعاملون بخبث مع الناس. فكل من يميل لأذية أحد أو ضره، كأنما قام بالعمل ذاته نحو الله.
إن مبدأ حضرة بهاءالله هذا يلقي ضوءًا جديدًا على العلاقات البشرية، ويفتح آفاقًا مدهشة أمامها. فهو يسبغ على الإنسان تبصّرًا أعمق وأعظم في عالم الحقائق، ويعينه على نبذ الكراهية بشكل فاعل، وكذلك التعصب وغيره من النقائص التي غالبًا ما تتبدى من البشر عند تعاملهم أو معاشرتهم لبعضهم البعض. مثلاً، يشعر المرء بمرارة وألم عندما يوجَّهُ له انتقاد ليس بمحله وتُستنكَر أعماله. في الموقف والأحوال العادية في الحياة غالبًا ما يؤدي هذا إلى برودة وجفاء وشعور بالمرارة وحتى الكره بين الناس. فالنقد الظالم والاتهامات الباطلة عوامل ضاغطة على الإنسان قد تؤدي به إلى التحطيم التام والانهيار الكامل. لكن إذا ما آمن الشخص بحضرة بهاءالله وكلماته واتبع تعاليمه السامية بإخلاص، فإن موقفه تجاه الآخرين سيتغير تمامًا وسيكتسب مناعة ضد هذا الخطر. لأنه صار يعلم بأن النقائص، مثل البهتان والعداء والحقد لن تتمكن من التأثير فيه ما دام يتوكل على الله، بينما سيئات المذنبين موجهة -طبقًا لهذا المفهوم الجديد- إلى الله الذي سيعاقبهم على أفعالهم.
حينما يبلغ المرء هذه المرحلة من النضج والتبصر، فلن يُثبطه نقد لا مبرر له، كما لن يسرّه مديح وتعظيم. في الحالتين نجد "الذات" هي التي تنفعل بمرارة إذا أزعجت وبانشراح إذا أرضيت. والمفهوم آنف الذكر، كما يفسره حضرة بهاءالله، يساعد الإنسان على كبح أنانيته والسيطرة عليها. فإن مجرد الوعي بحقيقة أن الشخص في هذه الحالة، يتصرف ضد الله عندما يدين أو يتهجم على غيره، يكفي لردعه عن الاستمرار بهذا السلوك الذي يؤاخَذ عليه. كما يمكّنه أيضًا من الإدراك بأنه ما دام متوجهًا إلى الله، فلن تستطيع قوى الشر أن تضره أبدًا بأي نحو كان.
فيما يلي كلمات تبعث على التأمل كتبها المفكر الورع ميرزا عزيز الله مصباح، العلاّمة الكبير:

لن يُضر من له عينان إذا نُسب له العمى، كما لن ينفع الأعمى شيئًا لو مُدحت حدة بصره. ذلك لأن ما يُعتبر مستحق المدح أو القدح في الحقيقة هو امتلاك البصر أو فقده على التوالي وليس تعليق الناس، إيجابًا أو إثباتًا، على الأمر. يستنتج من ذلك بأن العلامة الوحيدة على حدة البصيرة تُعرف عندما لا يعبأ ذاك الشخص بمديح أو ذم الناس.( "ديوان مصباح"، الصفحة 366. )

يصرح حضرة عبدالبهاء(عبدالبهاء، "مائدة آسماني"، المجلد 9، الصفحة 122) بأنه إذا ما ذكر أحد في محضر حضرة بهاءالله عن وجود خلاف طفيف فيما بين المؤمنين في مكان ما، فإن الجمال المبارك يغرق في حزن شديد بدرجة تبدو على محياه علامات عميقة من الألم والغضب. في عدة مناسبات أكد حضرة بهاءالله لمن كان في محضره بأنه لو علم أن أمر الله صار مصدر فُرقة بين اثنين، لاستغنى عنه.
إن تأسيس الاتحاد فيما بين المؤمنين هو حجر الزاوية لتعاليم حضرة بهاءالله. بدونه لا يمكن لأمر الله أو مؤسساته أن تقوم بوظائفها، كما لا يمكن للفرد أو المجتمع أن يتقدما روحيًا أو ماديًا. إن الوحدة بين المؤمنين، وعند تمام الأجل، بين البشر أجمعين، لا يمكن تحقيقها بإجراءات نابعة من دوافع مصلحية، بخطط من صنع الإنسان، أو حتى بتوفر نية طيبة وتفهمّ من قبل كل البشر. إذ بهذه وأشباهها من السبل والوسائل قد يفلح البشر بتأسيس اتحاد سياسي، لا الوحدة التي أتى بها حضرة بهاءالله، وحدة تتخطى كل حدودات البشر، وتؤلّف بين أفئدة الناس وأرواحهم بروح الأخوّة الحقة وتستمد قوتها الموحّدة من حضرة بهاءالله نفسه.
إن الإنسان لقادر على تحقيق إنجازات عظيمة في كافة ميادين النشاط الإنساني. فبوسعه كسر قوانين الطبيعة، والسفر بسرعة ما فوق الصوت في الفضاء، ويقدر أن يخلق ويسيطر على مصادر طاقة مهولة ويستغلها. بل ما من حدود لما يمكنه بلوغه في المستقبل. لكن الذي لا قدرة له على تحقيقه هو التأثير في قلوب الناس وجعل خصمين يحب أحدهما الآخر. فإذا ما حاول، بنفسه فقط، أن ينفق كل ما لديه من قدرات مادية لتوحيد نفسين روحيًا، فإنه فاشل لا محالة. فتوحيد قلوب الناس وتآلفها من شأن المظاهر الإلهية ومهامهم. يشهد بذلك حضرة بهاءالله في أحد ألواحه:

"ولا تجادلوا للدنيا وما قدّر فيها بأحدٍ لأن الله تركها لأهلها وما أراد منها إلاّ قلوب العباد وإنها يُسخّر بجنود الوحي والبيان كذلك قدّر الأمر من أنامل البهاء على لوح القضاء من لدن مقضيٍ عليم."( "منتخبات من آثار حضرة بهاءالله"، رقم 128 )

وكذلك قوله المبارك في لوح آخر:

"أن افتحوا يا قوم مصاريع القلوب بمفاتيح الذكر من هذا الذكر الحكيم. ما أراد الله من الأرض وما عليها إلاّ قلوب عباده وجعلها عرشًا لظهور تجليّاته. إذًا قدسوها عن دونها ليرتسم عليها ما خُلقت لها وإن هذا لفضل عظيم."( "منتخبات من آثار حضرة بهاءالله"، رقم 136)

عند مجيء المظاهر الإلهية، فإن أفئدة أتباعهم تتآلف وتتحد، بتأثير الكلمة الإلهية، في رابطة من الوحدة. حتى وإن كان أولئك أعداء من قبل، فإنهم يصبحون أحبابًا أوداء. فتراهم ينقلبون خلقًا جديدًا وقد حلّت فيهم قوة تؤثر في غيرهم وتبدل قلوبهم. هذه كانت قصة كل الأديان وشأنها. إن كلاً من حضرة موسى وحضرة عيسى وحضرة محمد فعل ذلك في أيامه. واليوم فإن كلمات حضرة بهاءالله فقط هي القادرة على تبديل قلوب الناس. فقد تمكن أتباع حضرة بهاءالله، متسلحين بقوة الكلمة الإلهية الخلاقة، من توحيد قلوب ملايين من البشر كانوا من قبل أعداء. فلقد اعترف في هذا اليوم وأقرّ بأمر حضرته يهود ومسيحيون ومسلمون وبوذيون وأتباع أديان أخرى، ووثنيون وغنوصيون وملحدون في كل قارات الأرض، يمثلون كافة الأجناس والقبائل تقريبًا، ورغم اختلاف لغاتهم ومشاربهم، اعترفوا وأقروا بمقام حضرة بهاءالله على أنه الآب الموعود وأصبحوا أتباعه. وبفضل تأثير كلمته حلّت في قلوبهم نزعة اتحاد روحي وحب عالمي لبني الإنسان، محل البغض والتعصب اللذين لم يعد لهما مكان في جوارحهم. هذه الجامعة العالمية الواسعة المتنامية باستمرار والقائمة بوظيفتها بتوافق وانسجام، هي ظاهرة وحدث فريدان في تاريخ البشر. فهي تشكل النمط، وتدلل على مجد ووعد ما سيتمخض عنه المستقبل في تكوين الرابطة البهائية العالمية. هذا وقد لا يجد المراقب المنزّه عن التعصب والباحث عن أدلة أحقية رسالة حضرة بهاءالله، صعوبة في الاقتناع بأن قوة أواصر الاتحاد التي تربط جامعة البهائيين اليوم ببعضها، لهي إحدى أوضح العلامات على عظمة مؤسسها وعلى أصلها السماوي.(من كتاب-ظهور حضرة بهاءالله-ج2)



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحري الحقيقة
- المبادئ التي أعلنها حضرة بهاءالله
- دين عالمي موحد
- الوحدة الدّينيّة
- رسالة حضرة بهاءالله
- دواعي التجديد
- خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها
- الشمس والكواكب
- الأمة الوسط
- قضية ماريو وأندرو إلى أين وإلى متى؟؟؟؟!!!
- قادة عمي يقودون عميانا
- أسباب اعتراض الإنسان على رسل الله
- الميزان
- القيامة والساعة
- الموت والحياة
- التمثيل والتشبيه في الكتب السماوية
- شاهد ومبشر ونذير
- التوحيد في كتاب الله
- سُرُج نورها واحد
- لا يا شيخ الأزهر-تحروا....تسلموا


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - عظمة الكلمة الإلهية وتأثيرها فى قلوب البشر