أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - العراق منجم الخطر















المزيد.....

العراق منجم الخطر


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2447 - 2008 / 10 / 27 - 07:30
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مضت خمس سنوات ونيف على غزو العراق واحتلاله والاطاحة بنظام الحكم فيه بحجة وجود أسلحة دمار شامل وعلاقته بالإرهاب الدولي، ورغم ما تردد عن استبداد حكامه ودكتاتورية سلطاته المطلقة، فإن هذه الذريعة لم تكن بمستوى الذريعتين الأخريتين، وسرعان ما اختفت من أجندة القوات المحتلة لاسيما من سياسات الولايات المتحدة الواعدة بإحلال ربيع الديمقراطية ونشر نعيم الحرية.

سقط نظام صدام حسين في 9 ابريل/ نيسان 2003 وهو النظام الذي اعتبر خطراً على السلم العالمي وعلى جيرانه، لاسيما وقد عُرف ببطشه على الصعيد الداخلي وبحروبه الإقليمية، لكنه وبسبب الحصار الدولي الجائر الذي دام 13 عاماً وضعف وهزال هياكله وتركيباته، لم يعد يشكل أي خطر مزعوم، ومع ذلك فالعراق

حالياً إحدى أكثر الدول في العالم فساداً وخطراً.

يلقى المئات شهرياً مصرعهم رغم تحسن نسبي قلق، لكنه سرعان ما ينهار أمام أي مواجهة تنتقل من مكان إلى آخر ومن طرف إلى طرف، ولعل ما لحق بالمسيحيين حالياً في الموصل خير دليل على ذلك، حيث يستشري العنف على نحو مروّع وتتعرض حياة عدد لا يحصى من السكان للخطر، خصوصاً مع استمرار وتفاقم حالات الفقر وانقطاع الكهرباء والماء ونقص المواد الطبية واتساع دائرة العنف ضد النساء وتشظي المجتمع وتمزيقه بإثارة النزعات الطائفية والمذهبية، التي كرستها محاصصات سياسية ابتدعها الحاكم المدني الأمريكي بريمر وحاول فرضها، لحساب جهات متعاونة مع الولايات المتحدة ومستفيدة من الاحتلال، ناهيكم عن استنفار مشاعر الكراهية والحقد والانتقام على نحو شديد ومرعب.

وإذا كانت القوات المحتلة قد نجحت سريعاً في الاطاحة بالنظام السابق، فإنها رغم مرور أكثر من خمس سنوات أخفقت في فرض وإرساء سيادة القانون وفي قضايا حقوق الإنسان وإنهاء الإرهاب وإحلال السلام ووقف العنف أو وضع حد للقتل على الهوية الذي يجري يومياً في البلاد، وكذلك في منع ممارسة التعذيب في السجون، وكانت فضيحة سجن أبو غريب وسجون وزارة الداخلية فضائح صارخة هزّت الرأي العام في الغرب أكثر من تأثيراتها في العالم العربي الذي تتفشى فيه ظاهرة التعذيب في السجون على نحو روتيني.

ورغم وعود واشنطن بإعادة بناء العراق وتحقيق الرفاه الاقتصادي، إلا أن مثل هذا الأمر أصبح من الكماليات، لاسيما في ظل الانقسام الطائفي ووجود الميليشيات واستمرار الإرهاب والعنف واستشراء الفساد والرشوة وتبديد المال العام. كل تلك الوعود صارت اليوم من “أحلام” الماضي، بل إنها أضغاث أحلام، بل تحوّلت إلى كوابيس لاسيما للقوات الأمريكية الموجودة في العراق.

ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن إعادة البناء أو مشاريع اقتصادية حيوية من دون وقف العنف والإرهاب ومن دون تحقيق مصالحة سياسية حقيقية، والكف عن الثأر والانتقام، لاسيما على أساس طائفي أو مذهبي أو إثني ومن دون وضع حد لظاهرة الفساد والرشوة، وأولاً وقبل كل شيء من دون إعادة هيبة الدولة وبناء مؤسساتها، خصوصاً الجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن وفرض سيادة القانون والنظام العام.

ولعل هذه المهمة رغم مرور أكثر من خمس سنوات ما تزال متعثرة وتتعرض بين حين وآخر إلى النكوص، جراء إغراق الجيش الجديد بعناصر الميليشيات وقوى تابعة للاحزاب الطائفية أو الإثنية، ومؤخراً بقوات الصحوات التي تم تشكيلها للتصدي لجماعات القاعدة وتنظيماتها، لكن هذه القوى جميعها لديها ازدواجيات في الولاء، وآخر ولاءاتها هو الجيش الذي ما زال باعتراف القائمين عليه من القوات المتعددة الجنسيات، غير مؤهل ولا يتمتع بالكفاءة المطلوبة، ناهيكم عن افتقاره للمعايير المهنية والوطنية الجامعة بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو القومية أو التوجه

السياسي والأيديولوجي أو الانحدار الاجتماعي.

لقد أنفق جزء كبير من المال العراقي على أجهزة الأمن بما فيها المؤسسات الأمنية الخاصة، من دون إحراز نجاحات تُذكر على هذا الصعيد بما يتناسب مع ما أنفق عليها، ولو افترضنا إنفاق مثل هذه الأموال على ملايين الأطفال والنساء والسكان بشكل عام، خصوصاً من يعيش تحت خط الفقر لأمكن تحقيق الكثير من النجاح، ولعل ما هو مثير للمفارقة أن الحكومة العراقية خفضت منذ نهاية العام 2007 عدد المواد التي يشملها نظام الحصص الغذائية الذي بدأ العمل به منذ عام 1996 بموجب برنامج “النفط مقابل الغذاء”.

إن ثلثي سكان العراق تقريباً لا يحصلون على ماء الشرب النظيف ويعيش حوالي نصف السكان (أربعة من عشرة) بأقل من دولار واحد في اليوم وهم عاطلون عن العمل، ويحتاج ثمانية ملايين نسمة إلى مساعدات طارئة لسد الرمق حسب تقرير منظمة العفو الدولية “بين المجازر واليأس العراق بعد خمس سنوات” في حين تتضخم خزينة العراق التي كان فائضاً منها العام الماضي 48 مليار دولار وارتفعت هذا العام بسبب ارتفاع أسعار النفط، رغم أن تلك الأموال مهددة حالياً بالأزمة المالية التي تعرضت لها الولايات المتحدة بشكل خاص والعالم بشكل عام.

وبدلاً من إنفاق المال الضروري على الخدمات الأساسية والضرورية لاسيما في ميادين الصحة والتعليم، فإن هذين القطاعين يكادان ينهاران ويموت الناس بسبب نقص الرعاية الصحية وتنتشر الأمية ويزداد التسرّب من المدارس وينخفض مستوى التعليم ليس في أوساط الأطفال حسب، بل بكامل مراحل التعليم من الابتدائي ومروراً بالثانوي ووصولاً إلى التعليم الجامعي.

إن أوضاع حقوق الإنسان تشكل كارثة حقيقية، حيث تواصل المجموعات الميليشياوية المسلحة، خطف المدنيين وتعذيبهم وقتلهم، تحت حجج وذرائع مختلفة، وبعضها ليس بعيداً عن السلطة أو بعض ذيولها ووردت مثل هذه الاتهامات مؤخراً بشأن ما حصل للمسيحيين في الموصل.

وقد ارتكبت جميع الأطراف وإن بمسؤوليات متفاوتة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي دفع أعداداً واسعة من السكان إلى النزوح والهجرة حيث يشكل عدد المهاجرين والنازحين حالياً نحو 15% من مجموع سكان العراق وذلك طبقاً لتقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ووصل عددهم إلى أكثر من أربعة ملايين و600 ألف لاجئ ونازح، ورغم ما قيل عن عودة البعض إلى مناطق سكناهم، فإن النسبة لا تزيد على 1% حتى الآن، لاسيما للذين اضطروا إلى النزوح والهجرة بعد تفجير مرقدي الإمام الحسن وعلي الهادي في سامراء (شباط/ فبراير) 2006.

ورغم كل ما قيل عن مساعدة العراقيين، فإن المجتمع الدولي بقضّه وقضيضه تقاعس عن القيام بدوره، وتتحمل دول مجلس الأمن الدولي (الدائمة العضوية) مسؤولية مضاعفة على هذا الصعيد، لاسيما إزاء ما يتعرض له العراقيون من انتهاكات على يد القوات المتعددة الجنسية والقوات الحكومية، وليس بسبب العنف الطائفي والاثني حسب.

إن تعرض المسيحيين إلى القتل الجماعي والهجرة وانتهاك حقوق الإنسان يعيد إلى الأذهان وإلى الواجهة تقاعس المجتمع الدولي ومسؤوليته الأساسية، إضافة إلى مسؤولية الجهات الرسمية، لاتخاذ التدابير الضرورية والعملية إزاء الانتهاكات الخطيرة والصارخة لحقوق الإنسان لاسيما قتل المدنيين وتعذيبهم واغتصابهم، الأمر الذي يتطلب استنهاض الجهود لتقديم المسؤولين عن الارتكابات إلى القضاء وتحقيق العدالة وكبح جماح الميليشيات وفرق الموت.

إذا كان هناك بعض البلدان تعاني من انتهاكات في هذا المجال أو ذاك، فإن العراق يعتبر منجماً خطيراً للانتهاكات السافرة لكامل منظومة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المستفيد من استئصال المسيحيين في العراق؟
- المستوطنات الإسرائيلية: الصقور والحمائم!!
- حين يكتب رجل الدين قصائد الغزل!
- ثرثرة الديمقراطية
- كيسنجر وموعد الانسحاب من العراق!
- هل جاء دور أوكرانيا بعد جورجيا؟
- انها الرأسمالية.. يا صديقي
- هل ثمة يوم للديمقراطية؟!
- ما بعد الصهيونية
- الحرب من الداخل والبرنامج السري!
- الأبعاد الأخلاقية في حقوق اللاجئين!
- النووي الصالح والنووي الطالح
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!
- آثار العراق ذاكرة العالم
- محاكمة كراديتش.. «شيطان الشعر» أم لوثة التلذذ بالدم؟
- القنبلة النووية الباكستانية والإرهاب!


المزيد.....




- فيضانات مدمرة تجتاح المنازل وتقتل العشرات في جنوب الصين
- -ظلال السافانا-..لقطات عجيبة للحياة البرية من قلب إفريقيا
- ??مباشر: غالانت في واشنطن ومخاوف متزايدة من صراع أوسع بين حز ...
- مصدر مصري: القاهرة تجدد شرطها بشأن إعادة تشغيل معبر رفح لدخو ...
- سودانيون يروون تفاصيل رحلة الهروب غير الشرعية إلى مصر
- مستشار ترامب السابق يدعو إلى تشديد العقوبات على روسيا دعما ل ...
- روسيا.. ابتكار -أنبوب هوائي- يحاكي ظروف الانفجارات والحرائق ...
- روسيا تختبر درونات -بيرون- المجهزة بصواريخ مضادة للدبابات (ف ...
- لأول مرة.. الحكومة ترد على أزمة قطع الأشجار وتوجه اتهاما
- ارتفاع قتلى هجمات القوقاز إلى 15 شرطيا و4 مدنيين بينهم كاهن ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - العراق منجم الخطر