ملاحظات اولية على موازنة 2009

فهمي الكتوت

الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 09:58
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

قدم وزير المالية الخطوط العامة لمشروع قانون الموازنة لعام 2009 مقدرا اجمالي النفقات بنحو 6156 مليون دينار بزيادة قدرها 176 مليون دينار عن المعلن سابقا في بلاغ الموازنة, اما الايرادات فقد قدرت بحوالي 5467 مليون دينار منها 4783 مليون دينار ايرادات محلية, 684 مليون دينار مساعدات خارجية, وبعجز قدره 689 مليون دينار علما ان العجز الحقيقي قبل المساعدات بلغ 1373 مليون دينار, كما قدرت النفقات الجارية ب¯ 4791 مليون دينار ونفقات رأسمالية 1365 مليون دينار, يتضح مما تقدم ان الايرادات المحلية تغطي 77.5% من النفقات العامة وهي قيمة النفقات الجارية, اما النفقات الرأسمالية سوف تعتمد الحكومة في تمويلها على القروض والمساعدات الخارجية.

برنامج الحكومة الاقتصادي للعام المقبل لم يأخذ بعين الاعتبار الازمة الاقتصادية التي تواجه العالم, وكأن رؤية الفريق الاقتصادي تنطلق من عدم تأثر البلاد بالازمة, بعيدا عن التهويل والاثارة وبرؤية موضوعية للواقع الملموس علينا الاعتراف بان جميع الدول سوف تتأثر بالازمة المالية العالمية, والتي تعمقت واخذت ابعادا خطيرة حيث تحولت في البلدان الرأسمالية الى ازمة في الاقتصاد الحقيقي, ولم تعد ازمة مالية فقط, فالاردن كغيره من دول العالم سوف يتأثر بالازمة, فمن المتوقع ان تتفاقم الازمة الاقتصادية في بلادنا نتيجة تداعيات الازمة العالمية, على الرغم من بعض التصريحات الرسمية المتفائلة, صحيح ان انخفاض اسعار المشتقات النفطية والمواد الاولية يسهمان بتخفيض عجز الميزان التجاري, وتخفيض نسبة التضخم بالمقابل علينا ان نتوقع انخفاض نسبة النمو الاقتصادي, بسبب تباطؤ الانتاج وانخفاض عائدات النفط للدول العربية, وتأثير ذلك على الايرادات الضريبية للخزينة, خاصة وان مشروع الموازنة تضمن زيادة في الايرادات المحلية بحوالي 500 مليون دينار.

كما نتوقع انخفاض الصادرات الوطنية اضافة الى انخفاض المنح والمساعدات الخارجية, هذه التقديرات تبرر طرح موازنة استثنائية استعدادا الى ما هو اسوأ خشية من تعرض الاقتصاد الوطني لازمات غير متوقعة, الا اذا كان للفريق الاقتصادي رؤية اخرى لتوفير العجز المتوقع, واخشى ان يكون الميل العام نحو مزيد من الاقتراض لتمويل العجز, او زيادة الضرائب على المواطنين وكلاهما يشكلان نهجا ضارا على الاقتصاد الوطني والمواطن على حد سواء, وان العبء الضريبي - ضريبة المبيعات - اصبح يشكل عبئا حقيقيا على الاقتصاد الوطني من جهة وعلى تكاليف المعيشة للمواطنين من جهة اخرى, كما لا بد من التذكير ان انخفاض اسعار المحروقات لم يواكبه انخفاضا مناسبا لاسعار السلع والخدمات الاساسية.

وقد لوحظ في الموازنة دعم للغاز 47 مليون دينار, مع العلم يفترض ان وفرا ما يتحقق من فرق تسعير المحروقات, واصبح من الضروري توفير صيغة اكثر ملاءمة لتسعير المشتقات النفطية واكثر شفافية, وبالمقارنة مع اسعار المحروقات في 8/2/2008 عندما اعلنت الحكومة عن تعويم اسعار المشتقات النفطية حددت سعر لتر السولار والكاز ب¯ 555 فلسا كان حينها سعر برميل النفط خلال شهري كانون ثاني وشباط حوالي 100 دولار, وفي اخر تعديل بتاريخ 19/10/2008 حددت السعر ب¯ 565 فلسا علما ان معدل سعر برميل النفط خلال النصف الاول من الشهر الحالي كان حوالي 75 دولارا, وبالتالي يفترض تخفيض سعر الاساس 25% ليصبح 416 فلسا, وهذا ينطبق على اسعار باقي المشتقات النفطية, والخدمات التي ارتفعت اسعارها بسبب ارتفاع اسعار المحروقات.

لذلك لا بد من مراجعة السياسات المالية عامة والمتعلقة منها بالظروف المعيشية للمواطنين, واعادة النظر بالموازنة المطروحة من قبل الحكومة لتخفيض النفقات العامة, وباتباع سياسة تقشفية لدى معظم الوزارات وباستثناء الخدمات الصحية والتعليمية, فعلى الحكومة ان تضبط نفقاتها وخاصة المرتبطة بالنشاطات المظهرية والتي لا تدخل في صلب الخدمات الضرورية للمواطنين, وبشكل خاص المكافآت والنفقات غير المبررة, اما النفقات الرأسمالية التي سوف تمولها الحكومة عن طريق الاقتراض, ينبغي اشتراط طرحها بتوفير تمويل لها خارج سياسة الاقتراض, على ان لا تشرع الحكومة بتنفيذ اي من بنودها الا في حال توفير تمويل عن طريق المساعدات والمنح, وان يصدر البرلمان تحريما على الحكومة بتمويل اية نفقات عن طريق الاقتراض خاصة وان هذه النفقات ليست نفقات رأسمالية تنموية تدخل في توليد الانتاج, بل غالبا ما تأخذ طابعا ليس ضروريا مثل شراء الاراضي وانشاء المباني والاثاث والسيارات وغيرها من النفقات.0

#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات