أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعدون محسن ضمد - الإنسان الناقص














المزيد.....

الإنسان الناقص


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2444 - 2008 / 10 / 24 - 02:39
المحور: المجتمع المدني
    


ليس لدي شك كثير في أن المنطقة مقبلة على حقبة عراقية.. وأن العراقي قد سرق عصا الساحر، ما أن تحول لإنسان مذبوح، وهو يحاول الآن التحكم من خلالها بالمستقبل فالمذبوح لا يمكن خداعه بسهولة، ذلك أنه وصل حدَّ الموت، وللموت حدٌّ كفيل بأن يعلم الإنسان سر الحياة، قيمة العراقي الآن أن الواقعي فيه أخذ يغلب على الخيالي، فبعد أن خذلته كل الآيديولوجيات والشعارات والأفكار المطلقة والفلسفات الشاملة وبعد أن اشتركت كل هذه (المتعاليات) بشكل أو بآخر بعملية سلخه، تجده واقفاً منها على حد الشك، لم يعد يؤمن بخيالها الجامح وشعاراتها الضبابية. هو الآن يكذب فكرة الكمال ويحاول الانطلاق من فكرة النقص. لم ينقذه إنسانه الكامل بجميع تجلياته لذلك كف عن الإيمان بوجوده، وصار أكثر واقعية، انتقل من البحث في سر الربوبية إلى البحث في سر البشرية.. سره هو، لعله ينجح باستثمار هذا السر في بناء عالم أكثر هدوءاً واستقراراً.
في العراق هنالك جموع كبيرة من البشر أخذت تحج لبيت الشك والنقص، البيت البشري الأصيل البيت الذي احتمى به البشر يوم كان يتسلح بعصا بسيطة وهو يجوب الغابات التي تعج بالكواسر والضواري، لم تكن تلك العصا لتنجيه من خوف أو تبلغه مأمناً، لذلك هي لم تستطع أن تقنعه بأي مستوى من مستويات الكمال باهظة الخيال. ومن هنا كان واقفاً على حد البشرية. والعراقي اليوم عاد لنفس تلك النقطة الموغلة بالقدم، عاد خالياً من أبسط شروط الحماية وهو يجوب غابة من نوع آخر ويخشى كواسر وضواري أشد شراسة ووحشية. وهو لذلك ينفض عن أسماله جميع الأكاذيب المطلقة، بعد أن لم تحمه أي منها ولم تتسبب له بغير الذبح... اسأل العراقيين ـ مثلاً ـ عن الانتخابات الآن وستتلقى أجوبة متشابهة: لا أريد، لن أصدق، لا أوافق.. والسبب ببساطة بأنهم انتهوا من الشعارات.
ليست هناك فرصة تعود بالإنسان الى مربع الواقع كفرصة الخوف. للرعب سحر خاص يستطيع بلمح البصر أن يحطم أكبر مغرور ويعود به بشراً فقط وليس أي شيء آخر. هذا الرعب تمكن من العراقي بل وهز كيانه هزّاً عنيفاً، ولذلك هو الآن يمسك بخناقه ويهدده في حال أنه عاد يوماً للتصديق بأوهام الكمال. أوهام الآيديولوجيا بمختلف أشكالها، التي أهدرت دمه واشتركت بذبحه، وصارت اليوم ماثلة بقفص اتهامه.
اللعنة على كل فكرة تحتكر الخلاص، اللعنة على كل مفكر لم يتوقف عند حد النقص. والرحمة كل الرحمة على الجموع الغفيرة من البشر المخدوعين الذي سحقتهم الحروب والمحاكم والمجازر التي انعقدت للدفاع عن هذه الفكرة أو ذلك المفكر. بعد أن يدرك الإنسان بأن كل الأفكار المطلقة فشلت عند محك التطبيق يصبح جديراً بأن يلتفت للنقص ويوقن بأنه حتم لا مفر منه، مصير يجب احترامه والقبول به، بل والإنطلاق منه. نعم ليس بين البشرية والكمال من قرابة، لذلك يجب أن تكون فكرة النقص هي المركز، أن يكون النقص هو الشرف والمعيار. ليس هناك شيء دائم أكثر من عدم الدوام، الذي هو سر الموت وحقيقته، لذلك فقد مات وسيموت كل من يكذب هذه الحقيقة. مهمتنا كبشر أن نقرأ كتاب الزمن والتاريخ والوجود.. ومن خلال رحلتنا طويلة الأمد سننتقل بين صفحات لن تنتهي، وكل من توقف أو سيتوقف عند صفحة ما من صفحات هذا الكتاب فإنه حكم أو سيحكم على نفسه بالجهل.





#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نبوئة لن تتحقق
- اغتيال مدينة
- كنت ثوريا
- التثوير الديني
- يقين الأحمق
- كلام المفجوع لا يعول عليه يا صائب
- البقاء للأقوى يا كامل
- اقليم الجنوب
- القرد العاري
- محمد حسين فضل الله
- وأعدائهم
- عبد الكريم قاسم
- ثقافة الوأد
- أعد إليَّ صمتي
- سخرية القصاب
- وعينا المثقوب
- ولا شهرزاد؟
- لو أنته حميد؟
- I don’t believe
- كيف تسلل الشيطان


المزيد.....




- صندوق تقاعد نرويجي ينسحب من كاتربلر بسبب تورطها في الانتهاكا ...
- نتنياهو يناقش احتمال إصدار أوامر اعتقال ضده وجالانت
- الأمم المتحدة تكشف عدد اللاجئين السودانيين المهجّرين إلى تشا ...
- الهلال الأحمر: الآلاف من سكان قطاع غزة يواجهون خطر المجاعة
- محنة العابرين.. مأساة المهاجرين بين ضفتي المتوسط
- حملة اقتحامات تخللها اعتقالات في مناطق متفرقة بالضفة
- أوراق التوت الأخيرة.. المجاعة بغزة تكشف عورات العالم!
- الأمم المتحدة تكشف عدد اللاجئين السودانيين المهجّرين إلى تشا ...
- السعودية تنفذ الإعدام بحق البارقي لقتل جذمي والجريمة بحادث س ...
- نتنياهو يعقد اجتماعا طارئا ويؤكد: مذكرات الاعتقال من الجنائي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعدون محسن ضمد - الإنسان الناقص