|
قراءة في الورقة المصرية للحوار الفلسطيني ....
يونس العموري
الحوار المتمدن-العدد: 2444 - 2008 / 10 / 24 - 05:57
المحور:
القضية الفلسطينية
وأخيراً تصاعد الدخان الأبيض من العاصمة المصرية فيما يخص الحوار الوطني الفلسطيني وبالتالي تم الكشف عن الأفكار المصرية والتي جاءت من خلال ورقة العمل المصرية والتي تمثل رؤية القاهرة للأساس الذي ستكون عليه المصالحة الفلسطينية وانهاء حالة الانقسام الداخلي، وفي سياق دراسة الورقة المصرية نلاحظ انها قد جاءت عمومية اكثر منها تفصيلية وقد تعمدت في بناءها على كونها عناوين وافكار عامة تستند الى حالة التوافق الشعاراتية اذا ما جاز التعبير، بمعنى انها قد جاءت لترضي قدر الإمكان كافة الأطراف لتشكل بالتالي ارضية للقاء الحواري المفروض التئامه، واعتقد ان التفاصيل يكمن في ثناياها الشيطان والتي تمت احالتها الى اللجان المنبثقة عن طاولة الحوار العتيد ... من الواضح انه وبعد ان اصبح الإنقلاب العسكري في غزة من قبل حماس حقيقة واقعة قد تغيرت الكثير من المفاهيم والرؤى على خلفية فرض وقائع فلسطينية جديدة مما خلق تداعيات اقليمية، اسهم الى حد كبير بإجبار الكل العربي وحتى الدولي للتعاطي وهذه الحقيقة والمسماه نجاح الانقلاب العسكري وسيطرة حماس على غزة مما يعني ان المصالحة الفلسطينية الداخلية لا يمكن ان تبنى بعيدا عن هكذا حقيقة وهو ما يعتبر تغيرا جوهيرا وجذريا في منظومة المفاهيم الفلسطينة والتعاطي معها من قبل المجتمع الدولي والإقليمي وبالتالي من قبل صُناع القرار العربي وحتى المحلي ... الأمر الذي يعني ان ثمة تطويع ما وبلغة ما لمفهوم سياسي جديد على الساحة الفلسطينية يقوم على اساس ان عملية فرض الوقائع على الأرض بالقوة قد أتت بثمارها بشكل او بأخر وعلى هذا الأساس نلاحظ ان الورقة المصرية قد تجاوزت الدخول بتفاصيل توصيف الحالة الفلسطنية الراهنة على شكل عبارة انهاء حالة الإنقسام والخلاف الفلسطيني الفلسطيني وهذا مجافي للحقيقة لأن المسألة ليست مجرد اختلاف بوجهات النظر حول طريقة الحكم السلطوي او تنافس سياسي ديمقراطي ما بين الفرقاء للوصول الى قمة الهرم السياسي فحسب بل لابد من تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية. ثمة تناحر دموي قد جرى بغزة بمعنى ان حالة من الحرب الأهلية الفعلية قد عبرها الشعب الفلسطيني نتيج عنها حالة من الإنفصال الفعلي والإنقسام الجغرافي الحقيقي وتكوين سلطتين برأسين وبمفاهيم متناقضة ومتناحرة ما بين الضفة وغزة وبالتالي لا يكفي توصيف الحالة الفلسطينية كما وردت عليه بنص الورقة المصرية ... وهو الأمر الذي يعني ان الورقة قد اخذت بعين الاعتبار حساسية كل طرف من الاطراف بالعبارات المستخدمة مما نتج عنه عبارات غير دقيقة المعنى او التوصيف وبالتالي جاءت ركيكة المعنى لا تعكس حقيقة الواقع برمته وبشكل واضح ... وهنا كان لافتاً خلوّ الورقة المصريّة من عبارة تشير إلى عملية الحسم العسكري لـ«حماس» في قطاع غزة أو حتى إعادة الأوضاع في القطاع إلى ما كانت عليه قبل الرابع عشر من حزيران عام 2007. والاكتفاء بـ«مبادئ عامّة» تشدّد على «وحدة الأراضي الفلسطينية جغرافياً وسياسياً وعدم القبول بتجزئتها تحت أية ظروف»، وعلى «حرمة الدم الفلسطيني، وتجريم الاقتتال الداخلي، ووقف التحريض، ونبذ العنف». وهي عموميات ليس اكثر ... الملاحظة الأخرى التي لابد من التوقف عندها بأن الورقة قد حسمت بشكل او بأخر الحالة الثنائية للإنقسام والتناحر الفلسطيني الداخلي الى غير رجعة (وان كان ثمة رأسين لحربة الإقتتال الداخلي وللحرب الأهلية الداخلية التي كانت) الا ان هذا ايضا منوط بمواقف باقي القوى والفصائل الفلسطينية العاملة على الساحة والتي تمثل حضورا سياسيا ما بحاجة اليه كل من فتح وحماس ... اي ان عملية انهاء الحالة الثنائية والمحاصصة ما بين فتح وحماس منوط بمدى قدرة باقى القوى على فرض الرؤية الجماعية الإجماعية وانهاء حالة الإحتكار والتقاسم السياسي الوظيفي ما بين حماس وفتح وهذا ما نعلق عليه الكثير من الأمال ... وقد جاءت حالة انهاء الثنائية المشار اليها من خلال الإشارة الواضحة والمباشرة لرفض الحوار الثنائي الشامل ما بين حماس وفتح كخطوة ما قبل الحوار الوطني العام وبالتالي نصت الورقة المصرية على «تشكيل لجان (الحكومة، الانتخابات، الأمن، منظمة التحرير، المصالحات الداخلية) لوضع ما يتم التوصل إليه موضع التنفيذ، ولا مانع من مشاركة عربية في أي من هذه اللجان إذا ما طلبت التنظيمات ذلك». ما عنى ويعني ان هذه اللجان المعنية بعمق الحوار للتوصل الى صيغ كاملة لحالة التوافق والاتفاق مشكلة من قبل الكل الوطني الفلسطيني، وهو ما يعني ان على الفصائل والقوى الفلسطينية مجتمعة ان تقف عند مسؤولياتها وان تتحمل المسؤولية فهذه المرة الكل مشارك بصياغة القرار والروؤية وبالتالي لا حجة لهم من ما يسمى بالثنائية او المحاصصة او حتى ا|لإستبعادية وما ستخرج به هذه اللجان سيكون بمثابة حالة اجماع وتوافق وطني شامل وكامل بصرف النظر عن الرؤى الخاصة لكل فصيل على حدا ... حاولت الورقة المصرية ان تتحدث عن فعل المقاومة الا انها قد جنحت باتجاه تدجينها وربطها بحالة التوافق الوطني او تحقيق الإجماع عليها وهو الأمر المستحيل الى حد ما، حيث ان فعل المقاومة عموما وبالحالة الفلسطينية خصوصا لا يتحقق حولها حالة اجماعية تفصيلية ولا يمكن ان تحقق مثل هذه الحالة وهذا ما يمكن ان يعيدنا الى ضرورة مراجعة توصيف طبيعة المرحلة السياسية الراهنة من خلال الإجابة على سؤال طبيعة ماهية الواقع الفلسطيني الراهن وهل ما زلنا بمرحلة التحرر الوطني ام ان القضية الفلسطينية قد عبرت هذه المرحلة وهي في طور بناء السلطة ليتم تحويلها الى مفهوم الدولة بصرف النظر عن طبيعتها وشكلها وحدودها وقضاياها ... ؟؟ ومن خلال الاجابات هذه، يكون توصيف ماهية هذه المقاومة وبالتالي ضرورتها ام لا .. وبأي السياق من الممكن وضعها، ومن قال ان المقاومة بحاجة الى حالة اجماع او توافق عليها وعلى اساليبها وادواتها ..؟ وهنا تكفي الاشارة الى ان فلسطين ما زالت محتلة حتى يستوي فعل المقاومة وهو الأمر البديهي... ولا يمكن ان تستوي الا هكذا .... ضبابية شكل الحكومة العتيدة جاءت بالورقة عن قصد وبشكل متعمد على اعتبار ان شكل الحكومة وطبيعتها سيحددها طبيعة التوافق ذاته بمعنى انها نتيجة طبيعية لحالة التوافق اذا ما تم انجازه مع الأخذ بعين الاعتبار مهمات هذه الحكومة اذا ما جاز التعبير والتي تتلخص وحسب الورقة المصرية دائما، (العمل على رفع الحصار والإشراف على تنفيذ بنود الاتفاق..). اما فيما يتعلق بمسألة بناء او اعادة بناء الأجهزة الأمنية فقد جاء هذا البند عاماً، ونصّ على إعادة البناء «على أسس مهنية ووطنية بعيداً عن الفصائلية، وما يتطلّبه ذلك من تقديم المساعدة العربية اللازمة لإنجاز عملية البناء والإصلاح».وهو الأمر الهلامي بالشكل وبالمعنى اذ ان مفهوم اعادة بناء الأجهزة على اسس مهنية له الكثير من التفسيرات التي تتجاوز الحالة الفلسطينية المعقدة حيث ان مدلول المهنية يعني قيام بناء الأجهزة الأمنية على اسس جديدة وبعقيدة جديدة بعيدة عن جذور ومنطلقات العمل الأمني لهذه الأجهزة على اعتبار انها القادمة من اتون وكينونة الثورة والمقاومة. وهنا لابد من الاشارة الى ان المهنية تفرض عقائد جديدة على اجهزة السلطة وتفرض اجندة اخرى غير تلك المسماه وطنية تتناسب وطبيعة توصيف المرحلة ذاتها وبالتالي ارى ان البند المتعلق بالأجهزة الأمنية بالورقة المصرية قد جاء بناء على استحقاقات المرحلة وما تفرضه الساحة الإقليمية، اي ان لهذا البند اجتهادات وافتراضات دولية كإستحقاق دولي واقليمي يتناسب والتوافق والأجندة الإقليمية لكبار المنطقة بشكل او بأخر ... اما فيما يخص الانتخابات فقد تعمدت الورقة ان تحاكي القضية من منطلق سياسي كامل دون الانتباه الى ما يسمى بالنصوص القانونية ومصوغاتها على اعتبار ان هذه المسألة سياسية بإمتياز ولا يمكن الإحتكام الى ما يسمى القانون الأساسي في ظل حالة الفوضى التي سادت وتسود الواقع الفلسطيني ما قبل وما بعد الإنقلاب في غزة كما ان الحالة الفلسطينية هنا كانت وما زالت على الدوام غير خاضعة لمنطق المصوغات القانونية وهي اشارة لابد من التوقف عندها، وقد جاءت الفقرة الخاصة بالإنتخابات مباشرة دون ترك اي مجال للإجتهاد او التفسير... والنص كان على النحو الأتي (إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة في توقيت متفق عليه، ومراجعة قانون الانتخابات وفقاً لما تقتضيه مصلحة الوطن). واستنادا الى القاعدة القانونية القائلة لا اجتهاد مع النص فمسألة الانتخابات محسومة تماما هنا. يبقى ان نقول ان الورقة المصرية قد وضُعت وترك تحديد مصيرها لتباحث اللجان والتي من المفروض ان تسترشد بهذه الورقة ليس اكثر ... وبالتالي فإن انجاز الاتفاق ما زال في مربعه الأول ....
#يونس_العموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لعيسى قراقع .... ( دور يا كلام على كيفك دور) ....
-
كرنفالية لعكا ...
-
تراتيل في نداء مطران القدس كبوتشي ....
-
المصالحات الفتحاوية لابد ان تكون على اساس الإصلاحات اولا ...
...
-
تعويذة مقدسية بحضرة الفتنة من جديد ...
-
مطالعة نقدية لواقع حركة فتح وسبل استنهاضها ...
-
ابعاد الغضب الأمريكي من لقاء عباس بالقنطار ...
-
على متن الفراشات كان رحيل محمود درويش ....
-
الكل يتحمل مسؤولية المأساة ....
-
بالرحيل او الهروب ... لم يعد هناك الكثير من الفرق ....
-
القدس تتوحد مع غزة
-
حينما يصبح التناقض الثانوي رئيسي واساسي في الحالة الفلسطينية
...
-
حينما يعود الشهداء ....
-
لفقراء الوطن كلمة ايضا ...
-
لماذا لم ينعقد اجتماع عباس مشعل في دمشق ..؟؟
-
في حضرة دلال المغربي ....
-
في ظل التهدئة...اين اصبحت حماس اليوم..؟؟
-
هل تقرع اسرائيل طبول الحرب على ايران ... ؟؟؟
-
الدلالات الرقمية لحرب تموز على لبنان ...
-
بيان حزيران الفقراء ...
المزيد.....
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
-
مباشر: عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية وأربعة
...
-
مشاهد منسوبة لأحمد الشرع في سجون العراق.. هذه حقيقة الفيديو
...
-
هل تتحول العلاقة بين ترامب والسيسي إلى -فاترة- بسبب غزة؟ - ن
...
-
تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن قصف مدرسة في كورسك
...
-
إسرائيل تُعيّن إيال زامير خلفا لهاليفي.. ماذا نعرف حتى الآن
...
-
فيدان: ندعم بيان القاهرة حول مواجهة مشروع تهجير الشعب الفلسط
...
-
مراسلتنا: المستوطنون حرقوا مسجدا بالضفة الغربية ومطالب فلسطي
...
-
الشـرع يصل إلى الرياض في أول زيارة خارجية
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|