|
القناة الفضائية للحزب الشيوعي العراقي..
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23 - 08:27
المحور:
الصحافة والاعلام
قبل أيام زرت معرض الكتاب الدولي في مدينة فرانكفورت ، وفي مشاهدة لم يتعودها المعرض منذ عقود هاجر الناس الأقبال المتزايد على كتب ماركيز وكونديرا وأصحاب نوبل وكتب العولمة وأبراج الحظ والطبخ والأزياء وتلك التي تبشر بصدام الحضارات ،ليقفوا طوابير طويلة لشراء كتب ماركس وأنجلز ومختارات لينين ، ويبدو إن الأزمة المالية التي يمر بها العالم الرأسمالي وأنهيار بورصة وول ستريت وما تبعها من أفلاس حشد هائل من المضاربين والبنوك دفع الناس الى العودة الى النظرية الأشتراكية والشيوعية التي تقنن حياتنا وفق حسابات الشراكة وتوزيع المال العام وشيوع العمل الجماعي من أجل تقليل الفارق الأجتماعي والمادي بين طبقات المجتمع ، إنها حسابات مراجعة شاملة لما آلت اليه الأمور بعد أنحسار المد الأشتراكي مع أنهيار الأتحاد السوفيتي ومنظومته الأوربية المتمثلة في دول حلف وارشو ، فلم يبق في الساحة من النظم الشيوعية أو المحسوبة عليها سوى الصين وكوبا وكوريا الشمالية وفيتنام ولاوس وربما نظام أو نظامين. وسط ذلك المشهد الجميل الذي تزينه لحية ماركس ونظرته الغائرة في الديالكتيك واحلام الكادحين يقابله وجه أنجلز النحيف ونظريته التي فندت روح الرأسمال يقف الشباب الأوربي راغبين بأقنتاء هذه الفلسفة ولربما ليقارنوا الفروقات بين توزيع البطاطا والرغيف بالتساوي وبين شهية الماكدونالد وفواتير الضرائب ، وقبل أن يذهبوا بكتبهم الى بيوتهم تذكرت العراق وفيه حزب عريق هو الحزب الشيوعي العراقي وربما هو أقدم حزب سياسي في الوطن ويشارك اليوم في العملية السياسية منذ كراسي مجلس الحكم برئاسة ( الرأسمالي ) بول بريمر..! وحتى مصاطب برلمان اليوم الذي يواجه المنعطف التاريخي الخطير والعسير عندما يرسل اليه مجلس الوزراء بنود الأتفاقية الأمريكية ــ العراقية ، وللشيوعين مقعدين في مجلس النواب ، وهما كما قطرة في بحر ، بالرغم من إن هذه النقطة تعيش تحت ظل تحالف لايملك تجانسا قويا في مكوناته الفكرية والطبقية سوى الخط الوطني والعلماني هو الوفاق الوطني برئاسة الدكتور أياد علاوي الذي لايحضر جلسات هذا البرلمان إلا نادرا وربما بسبب ظروف له الحق فيها كما رأينا وشاهدنا وسمعنا عند تعرضه للكثير من المضايقات ومحاولات التصفية وغير ذلك. نعود الى الحزب الشيوعي الذي يمتلك ريادة قيادة النضال الوطني في العراق خلال فترة القرن العشرين ، وكما نعلم فالحزب لم يعش مستقر العمل العلني إلا في زمن الزعيم عبد الكريم قاسم وزمن الجبهة الوطنية في السبيعنيات وعدا ذلك عاش الحزب فترة نضاله السري يقتات من بدلات أشتراك مناضليه وبعضا من معونات الحبيبة ( موسكو )،ولايملك غير ذلك شيئا ،لهذا ظلت صحيفته الرسمية طريق الشعب تعيش تعثر الأصدار ، وحتى في زمن ديقراطية الصحف( الألف ) تصدر مرتين في الأسبوع بالرغم إن أصحاب المطاعم وحقول الدواجن والمثقفين الهامشيين وأصدقاء السفارات العربية والأجنبية وأصحاب المزاج الرائق والاحزاب بعمومها ،صار لديها صحفا يومية مليئة بما لذ وطاب والقاسم المشترك بين تسعين بالمائة منها هو المرتجع الذي يمثل تسع وتسعين من اعداد المطبوع ، وهكذا ظلت الثقافة الشيوعية في انتشارها ملازمة لضيق اليد الذي يعيشه الحزب والذي يضع نفسه اليوم في المفترق التاريخي الخطير ازاء موقفه من العملية السياسية وتلك الروح المهادنة للكثير من الظواهر السلبية التي تمارس مع الحزب ويتعرض لها ، وكما تلك الجملة الأسطورية التي كنا نسمعها منذ ايام خلايا ( اتحاد الطلبة ) انتظروا فأن غدنا سيأتي بعد أيام ، ولأن وقائع اليوم العراقي والسير التأريخي للمسيرة الحضارية يجعل هذا اليوم بعيد ،ذيبقى الشيوعيون العراقيون يعيشون في خلال التنظير والمهادنة وهذا يعود إلى فطرة الأنتماء والأيمان بالمبادئ عن طريق روح الكراس والتوعية الحذرة ، وما تعرض له مقر الحزب في مدينة الناصرية أيام الأنتخابات البرلمانية من تدمير وحرق شاهد على هذا ،فلم تأتِ الينا سوى بيانات الأستنكار ، ومحاضر الشرطة التي تقيد الفعل ضد مجهول بالرغم من أن الحزب وكوادره يعرفون من هؤلاء الجهلة الذين خربوا مقر الحزب وأحرقوه ، لكنها اوامر الصبر الصارم من اللجنة المركزية وهذا مما يدفع الكثير من كوادر الحزب التأريخية الى التقاطع مع القيادة الحالية. بعد كل هذا العرض المستعجل اتساءل لماذا لم يسعى الحزب الشيوعي العراقي الى انشاء قناة فضائية خاصه به ، فالفضائيات في العراق كما أسماء شوارع المدن كثيرة ومتنوعة ،(فالديمقراطية)، سمحت للعراقيين أن يودعوا زمن القناة الأولى والقناة الثانية وقناة الشباب ،ومثل الصحف صار بامكان كل ميسور واعلامي مدعوم أن يفتح فضائية ناهيك على أن جميع الأحزاب العراقية الكبيرة لديها فضائيات منها من يحب العراق فعلاً ومنها من يحب العراق على طريقة لبس القناع ، ولأن الشيوعيين لم يعرفوا الأقنعة في تأريخهم الطويل سوى القناع البلشفي فكان عليهم ان يأسسوا فضائية بأسمهم وان يتحدوا ضيق اليد والتبريرات التي لم تعد مقنعة ، فهم قدر ما يحتاجون الى تغير نمط العمل الجماهيري واتساع قاعدتهم واكتساب روحاً جديدة للمجابهة والتحدي يحتاجون ايضاً الى بث ثقافة الروح الثورية الجميلة تلك التي صنعها جيفارا وهوشي منه وساكو فانزيتي يحتاجون أيضاً تلك الأفلام الجميلة التي كانت تقدمها الينا السيدة أعتقال علي الطائي في برنامج السينما أيام السبيعينات ، نحتاج لمن يغير في روح الثقافة وجماليتها نحو رؤى متحضرة جديدة تعيد تلك الأمنيات التي صنعت مجتمعات العشق الكدح وفلاحة الأبوذية الخالية من بيئة اليورانيوم ومنظمات مجتمعية وهمية ولدت فجأة كما أطفال الأنابيب والتي اكتشف منها في البصرة وحدها 82 منظمة وهمية ، فأيام كنا نقرأ في ادبيات هؤلاء كنا نعيش احلام التغيير والحرية ومشاعر الصدق العاشقة للطين والتراب مع صدى اثير القصائد الجميلة لمظفر النواب وسعدي يوسف والجواهري والسياب وأبو كاطع وابو سرحان وغيرهم من منشدي الغناء الجميل والأفكار الحقيقية. هذه دعوة الى ذلك الحزب القديم ــ العريق ليكون بمستوى تطور العالم والأثير ،ليعيش مع الأنسان في بيته وراحته وأخيلة الليل الطويل بدلاً من أن يعيش هذا الكائن المتعب مع صور الموت والمفخخات والخطاب الطائفي . انا شخصيا لااعتقد إن الغد قريب الذي سيسعى فيه الشيوعيون العراقيون لتأسيس فضائيتهم ولكن علينا ان نتذكر مقولة لينين الخالدة ( ينبغي لنا أن نحلم ).
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعض غنوص يحيى المندائي ...
-
11 سبتمبر كما تخيلهُ جَدُنا جلجامش
-
سيكولوجية رموش العيون
-
الرؤيةُ فيما يَرى الرَغيف...
-
قصائد ، للناس ، وخبز العباس . وخضر الياس
-
عاشوراء.. القضية بين الرؤية وسرفة الدبابة
-
رؤى عن الجمال وعطر البياض
-
عكاز قاسم حداد
-
الحسين ع - العراقي الأصيل الأصيل أبداً
-
النبي الأب ..والعمُ النفري
-
قصيدةٌ عن عُطاس الخبز
-
دمعة على مدرج ملعب كرة قدم
-
أنا أحب العراق ..إذن انا حزين
-
المستنصرية الشهيدة
-
بابل ...وجنائن من لغز ورموش التوراة
-
من طور سيناء ..الى طور الشطراوي
-
شروال بحجم غيمة ، وكاكا دعابتهُ القمر الآري
-
إغنية ( لصدى صرخة وردة ، في آنية حلم )
-
العراق ..الشمس أجمل في بلادي من سواها
-
العراقي الحالم ..والعراقي المسالم ..بين الوطن والمهجر
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|