أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد الخميسي - ليس من جدار واحد ينشع دم الفلسطيني














المزيد.....


ليس من جدار واحد ينشع دم الفلسطيني


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 753 - 2004 / 2 / 23 - 04:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


حين أفكر في قضية الجدار الإسرائيلي الفاصل ، أو العازل ، لا أتمالك نفسي فأتساءل : وكم من جدار آخر عربي - غير الإسرائيلي - فاصل ، وعازل ، ينبغي إسقاطه ؟ . ليس ذلك بهدف وضع كل الجدران الفاصلة في سلة واحدة ، والمساواة بين جدار إسرائيلي وآخر عربي . كلا . ولكن من باب التفكير أسأل : لو كان الجدار الإسرائيلي يعزل الفلسطيني عن الفلسطيني ، والأم عن وليدها ، والبيت عن أشجاره ، فكم من جدار عربي يعزل العربي المصري والسوري واللبناني والأردني عن الفلسطيني ؟ . عندما قامت اللجنة المصرية لدعم الانتفاضة ذات يوم بتشكيل قافلة تحمل الأرز والقمح والدواء والغطاء واتجهت بها من القاهرة إلي الحدود عند رفح ، نهض جدار فاصل ، عازل ، بأيدي قوات الشرطة المصرية . وأوقف الدعم . يرتفع الجدار الفاصل الإسرائيلي عشرة أمتار . كم يبلغ ارتفاع الجدران العربية وطولها ؟ وحينما تدافع آلاف المصريين إلي الشوارع خلال الاجتياح الإسرائيلي لجنين ، ألقت السلطات القبض علي بعضهم ، ومازالت فئة منهم في السجون إلي اليوم ، ومنها المهندس أشرف إبراهيم المعتقل من أجل تضامنه مع فلسطين . أليس هذا جدار فاصل يعزل الشعب المصري عن أخوته هناك ؟ وكم من جدار سوري فاصل يرتفع بين الشعب هناك والشعب الفلسطيني من أحجار المعتقلات وأسلاك الحدود ؟ وكم من جدار أردني يعلو من رصاص الشرطة لقمع المتظاهرين من أجل القدس وغيرها ؟

إن كانت فكرة  الجدار الإسرائيلي هي العزل وتكريس احتلال المزيد من الأرض ، فهل أن هذه الفكرة بعيدة عن فكرة الجدران العربية الأخرى ؟ ألا تستهدف هذه الجدران عزل الجماهير العربية عن الفلسطينية ؟ وألا تؤدي تلك الجدران في نهاية الأمر إلي مساعدة إسرائيل في احتلال المزيد من الأراضي بقطع الدعم عن الفلسطينيين ؟ . أقول إنني أتساءل  ولكني لا أضع الجدران كلها في سلة واحدة . فالجدار الإسرائيلي يستحق أن يكون في صدارة القضايا الجديرة بالمواجهة لأنه استمرار للمشروع الصهيوني الذي بدأ في مطلع القرن العشرين، وهو المشروع الأكبر لكسر الإرادة العربية ومنعها من بلوغ الاستقلال السياسي والاقتصادي ، ومن ذلك المشروع وفي ظله يبنى الجدار الإسرائيلي وتمتد له كالظلال جدران أخرى أصغر هنا وهناك في بلادنا على اختلاف أحجارها وأطوالها . والجدار الإسرائيلي يتألف في واقع الأمر من جدارين يتوغلان في الضفة الغربية ، واحد في الجزء الشرقي  ويبتلع (9ر21 بالمائة من مساحتها) أي حوالي الخمس ، والثاني في الجزء الغربي ويبتلع ما يعادل ( 4ر23 بالمائة من مساحتها ) أي حوالي ربع أراضي الضفة ! وإجمالا ينتزع الجدار الإسرائيلي ويصادر 3ر45 بالمائة من أخصب أراضي الضفة وأغناها بالمياه وذلك  بحجر واحد ! وسيحمي الجدار عند انتهائه أكثر من 343 ألف مستعمر سيظلون جاثمون على صدورنا . وستكون إحدى نتائج بناء الجدار التحكم في حركة مئات الآلاف من الفلسطينيين ليلا ونهارا . فلا يمرون ولا يخرجون إلا بالتصاريح العسكرية . وستكثف إسرائيل من بناء المستوطنات واستجلاب المرتزقة ليصبح نصف مخزون المياه الجوفية في الضفة الغربية مخصص للمدن الإسرائيلية ! بينما يحصل الفلسطينيون على حاجتهم من الماء من الآبار دون السماح لهم بحفر آبار جديدة في مناطق أخرى . ويبلغ ارتفاع هذا الجدار الأسمنتي نحو عشرة أمتار مع عشرات من أبراج المراقبة ومنطقة عازلة على اتساع ما بين ثلاثين إلي مائة مترا توضع فيها الأسوار الكهربائية وآلات التصوير وتحفر فيها الخنادق . سيفصل الجدار الفلاحين عن أرضهم ، والعمال عن أماكن عملهم ، والتلاميذ عن مدارسهم ، والمرضى عن الأطباء ، وسيقتلع مائة ألف شجرة زيتون ويحبس شعب بأكمله داخل 64 معزل . وأسأل نفسي : ألا يفصل البؤس وقلة الأجر الفلاح المصري والسوري والأردني عن أرضه ؟ ألا يفصل البؤس وتفاهة الأجور العمال عندنا عن مصانعهم ؟ ألا يشعر الجميع بتلك الغربة ؟ حتى أولئك الذين لا يشاهدون الجدار .. ألا يحسون ظله الملقى في الهواء ؟ . قرأت نداء جاء في نهايته : " فلنشارك جميعا و كل بطريقته في إسقاط هذا الجدار اللعين " . نعم إنه جدار لعين . لأنه ليس جدارا واحدا . إنه جدار كالأخطبوط بألف رأس حجري . إنه جدار من الأسمنت ( بعض بلادنا تصدر الأسمنت لإسرائيل ) لكنه ليس من الأسمنت فقط ، بل ومن  الرقابة على الصحف في بلادنا ، ومن مصادرة الكتب ، ومن السياسات الاقتصادية التي تصنع الفقر كل يوم ، والسياسات الثقافية التي تخلق الجهل خلقا وتكرسه ، ومن الأحجار التي ترتفع منها مباني السجون لكل صاحب رأي ، وفكرة ، ومبادرة ، ومن ألوان التمييز الديني ، والطائفي ، ومن خنق حرية المرأة وتحقيرها .

 يا إلهي .. أيعقل أن يكون ارتفاع كل هذا الجدار عشرة أمتار فحسب ؟!

ينشع الدم الفلسطيني ليس من جدار واحد . ينشع ، وكلما حاولوا طمس حروفه ، أج في الظلماء كالنار ، ليس فوق جدار واحد .

 ***

أحمد الخميسي – كاتب مصري 



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مضارب الأهواء عمل جديد لإدوار الخراط
- صورة الإسرائيلي في مصر
- ديوان - وطنيتي - قصة الروح الثائرة
- زراعة الكارثة في مصر
- الزهرة السوداء لحضارة الروائي العالمي - كوتزي
- بطاقة لطفل فلسطيني عام جديد .. يا حبيبي
- زهور قليلة في حقل الهزيمة
- عام ثالث .. على - حوار متمدن
- جائزة الثقافة الأمريكية في مصر
- نجوم كثيرة .. وقمر واحد في وداع حمزاتوف
- صــنــع الله إبــراهــيــم رسالة من على المنصة
- الكتاب والمثقفون المصريون : لا .. للعدوان على سوريا ..
- المثقفون والأستاذ
- لثورة اليمن ، والتطور ، وليلى
- المثقفون المصريون : تحية للشعب الفلسطيني ولرئيسه المنتخب
- اتحاد الكتاب العرب نوما عميقا وشخيرا عاليا
- السياسة أقوى من الحداثة أو الحكايات المختلقة
- نظرية الاحتلال الثوري عند أنصار واشنطـــــن
- إسرائيل من الحرب إلي الثقافة
- ذكرى ناجي العلي


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد الخميسي - ليس من جدار واحد ينشع دم الفلسطيني