السياسة المُدَلّسة والكوليرا المتفجرة في العراق

عبدالوهاب حميد رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 2441 - 2008 / 10 / 21 - 05:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

موجة جديدة من الكوليرا أخذت تنتشر في العراق، وسجّلَتْ 250 إصابة موزعة على هذا النحو: بابل 73، بغداد 61، الديوانية 50، البصرة 39، كربلاء 9، النجف 8، الأنبار 3، ميسان 2، أربيل 2، المثنى 1، واسط 1، ديالى 1.
ويلاحظ أن هذه الإصابات ارتفعت من 418 حالة كوليرا بتاريخ 5 أكتوبر 2008 إلى 479 في 14 من نفس الشهر موزعة على هذا النحو: بابل 230، بغداد 73، الديوانية 61، البصرة 50، كربلاء 39، النجف 9، الأنبار 8، ميسان 3، أربيل 2، المثنى 2، واسط 1، ديالى 1.
ويظهر أن الوباء أخذ بالتركز في الجنوب، مع ملاحظة انتشاره إلى الأنبار وشمالا لغاية أربيل، علاوة على أن حصة محافظة بابل كانت الأكبر، حيث أصبحت هذه المحافظة مركز الثقل في انتشار هذا الوباء.
ورغم انخفاض عدد الإصابات في الموجة الأخيرة مقارنة مع الموجتين السابقتين، فإن الأنظار اتجهت إلى حدوث نوع من التقصير وإساءة التصرف بالمال العام وحياة الناس من قبل موظفين في المحافظة من اتباع المجلس الإسلامي الأعلى SIIC.
فقد اشترت وزارة الصحة ما قيمته 11 مليون دولار من مادة الكلورين chlorine من إيران لمعالجة وتعقيم مياه الشرب في الديوانية وكربلاء وبابل لمنع الكوليرا. لاحظ موظفون في الديوانية وكربلاء إنتهاء صلاحيتها expiration date فلم يستخدموها، بينما استخدم الموظفون المنتمون للمجلس الأعلى هذه المادة في بابل. وهنا في بابل ظهرت معظم الإصابات!
وبالنتيجة تحركت الشرطة واعتقلت العديد من الموظفين المتسببين في هذه الكارثة ممن هم أعضاء في ميليشات فيلق بدر التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى. طلب المجلس إخلاء سبيل هؤلاء ممن ينتمون إليه، رفض رئيس حكومة الاحتلال في بغداد. وهكذا انطلق أعضاء من مليشيات فيلق بدر- بعد أن يأسوا من إطلاق سراح زملائهم- نحو الشرطة المحلية في بابل وأطلقوا سراح أحد الموظفين من أنصارهم. وما جعل الوضع أكثر سوءً هو تهديد أعضاء فيلق بدر وإرهابهم intimidated لعناصر الشرطة ممن اعتقلوا المتورطين من أتباع المجلس.
هذه ليست الحالة الأولى لانتشار الكوليرا في العراق ولم تكن أسوأ من سابقاتها. ففي العام 2007 كانت الحالة أسوأ بكثير وتجاوزت الإصابات من الكوليرا 3000 حالة، رغم أن الموجة الأخيرة شملت مناطق أكثر في العراق. لكن الأمر الأهم في هذه المعضلة أنها أظهرت بأن قوة الأحزاب وممارساتها هي فوق القانون والنظام. والأمر الأهم الآخر هو حقيقة أن انتشار المرض في بابل جاء بسبب عدم أهلية incompetence موظفي المجلس الأعلى المحليين، على أقل تقدير!
ويرتبط بذلك أن الأحزاب "الفائزة" في ظل "انتخابات" العام 2005 أخذت بتحويل سلطة الحكومة إلى اتباعها، خالقة بذلك نظاماً ضخماً للزبانية/ المحسوبية patronage (الولاء قبل الكفاءة!). من هنا تم اختيار الكثيرين من الموظفين بسبب تبعيتهم وليس كفاءتهم. وعوملت المجالس والوزارات باعتبارها إقطاعيات fiefs. وهكذا توضح حادثة بابل بجلاء أن هناك أحزاباً لا زالت تنظر إلى نفسها كونها فوق الحكومة، وتشعر وكأن لها حق امتلاك السلطة والتعامل وفق منظورها بإهمال القوانين والإجراءات عندما ترى ذلك مناسباً لها!
مممممممممممممممممممممممممـ

Political Intrigue and the Cholera Outbreak,(Musings On Iraq), uruknet.info, October 16, 2008.
For more on the cholera outbreak see: Latest United Nations Numbers On Cholera Epidemic Cholera Cases Multiplying

#عبدالوهاب_حميد_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات