أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سلام عبود - الكرد الفيلية: عراقيون رغم أنف العرقيين جميعا!














المزيد.....

الكرد الفيلية: عراقيون رغم أنف العرقيين جميعا!


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2438 - 2008 / 10 / 18 - 08:21
المحور: حقوق الانسان
    


أنت كردي فيلي، إذن أنت غير موجود!
هذه المعادلة الوجودية الظالمة كانت وما زالت القانون الأساسي المسيّر لنظرة الحاكم العراقي الى هذه الشريحة المظلومة من أبناء العراق.
لقد أخرجهم الحاكم العربي، المتباهي بعثمانيته، من محميته الوطنية، وجعلهم "بدون" مرة، ومرة أخرى جعلهم أكرادا من الدرجة الثانية، أقل كردية من الكردي البهدناني أو السوراني. لأنهم، في تقديره العرقي، أقل عثمانية منه.
والكردي لا يعترف بكرديتهم أيضا. لأنهم أدنى منزلة وأقل نقاء من كردي الجبل، يشوب كرديتهم كدر التفريس. فهم في نظر الهرر البيض، القيادات الكردية الحاكمة، قطط الكرد السود، الأقل منزلة وحظا من الجميع.
وحتى الإيراني، تهمة الفيلي الأبدية، يتنكر لهم، ويصفهم بالعراقيين، تقليلا من شأنهم.
هل رأيتم أو سمعتم شريحة حاق بها الخذلان بقدر ما حاق بالفيلي!
ما الذي يميز الكردي الفيلي عن غيره من المقهورين؟
في الفرهود الذي تعرض له اليهود قتل، في أعلى تقدير صهيوني، مئة وخمسون يهوديا، لكن حادثة الفرهود أضحت جزءا من تاريخ الأدب والثقافة والسياسة وحتى من تاريخ علم الكلام. أما دماء الكردي الفيلي ووجوده وتاريخه فتشبه العدم.
الفيلية هم الشريحة الوحيدة في التاريخ العراقي التي نهبت وسفرت ودمرت علنا، رسميا وشرعيا. (لاحظوا جيدا جدا غرابة المأساة: لم يشمل الفيلون أجمع بمكرمات الطاغية. ففيليو السلطة البعثية وحلفاؤها السمان ظلوا يمارسون خدماتهم الجليلة رغم تدمير أبناء جلدتهم أمام أنظارهم!! هذا لتذكير من يتباكى الآن عليهم بدموع التماسيح المفترسة!!) حينما بدأت السلطة الديكتاتورية حملة تنظيف المجتمع عرقيا كانوا هم الهدف الأول، وحينما بدأت عمليات خلع الفيلي من بيته ووجوده التاريخي، جرى انتهاب مزدوج للملكية والمواطنة والأرواح، لم تشارك فيه السلطة فحسب، بل شارك فيه نهابون متطوعون، جذبتهم رائحة الدم المراق والحق المهدور، فراحوا يشاركون في عمليات الافتراس البشعة، بضمائر مستريحة.
وحتى موت الكردي الفيلي لا يشبه غيره من الموت. فكل الشرائح استدلت على مظلومياتها حسيّا من طريق تجميع بقايا قتلاها، عدا الكردي الفيلي. مئات الشباب الفيلي البريء، الذين ساقهم الطاغية الى المجهول، لم يعثر أحد على بقاياهم، حتى هذه اللحظة، وقد حيكت عنهم الأساطير.
كأنهم لا يريدون للفيلي أن يكون موجودا، لا حيا ولا ميتا.
أي ظلم هذا؟
واليوم يقف الكرد الفيليون، قطط العراق السود، مجددا أمام الظلم. لكن المأساة الآن غدت أعمق وأبشع، فالذي يتلاعب بوجودهم هو من جاء باسمهم.
القادة الطائفيون العرب نسوا شأن الفيلية مع أو لحسة لمرق السلطة.
القادة الكرد، الذين تدخلوا في كل شادرة وواردة، وهددوا مرة بالانفصال إذا لم تزاد مالية رئاسة الجمهورية، ينظرون بسلبية وشراهة الى وصمة التبعية، التي تلحق بالكردي الفيلي، والتي أعيد تثبيتها رسميا، مرة أخرى، في عهد العراق الجديد، الحر!
كثيرون يتساءلون لماذا؟
الجواب نجده في محاكمات صدام. قضية الكرد الفيليين، التي تفوق قضية الدجيل بآلاف المرات في بشاعتها ولا شرعيتها وعمقها، لم تدرج في قائمة المحاكمات؟ لماذا مرة أخرى؟
لأن من قام بها- ولا أعني الشرطة وقوات الداخلية- وإنما الجهاز العسكري المختص بقضية الفيليلة، باعتبارهم عنصر مساس بالأمن الوطني، أي جهاز المخابرات، هو المحميّ الآن أكثر من شرائح المجتمع المظلومة. أولئك أثمن من آلاف الكرد الفيليين، في حسابات القتلة.
هذا الجهاز، بدءا من قيادته العليا، حتى أصغر شرطي فيه، يعمل بكامل طاقمه وأقسامه: شعبة فلسطين واسرائيل، شعبة ايران، شعبة أمريكا، شعبة أوروبا، شعبة العالم العربي، شعبة آسيا وأفريقية، شعبة المعسكر الاشتراكي، وغيرها من الشعب، تعمل بكامل طواقمها وأفرادها منذ اليوم الأول لسقوط الصنم حتى هذه الحظة، تحت أمرة المخابرات الأمريكية، باستقلال مطلق عن الحكومة العراقية، ماليا واداريا وفنيا ووطنيا ( أي يمكن أن يتجسسوا على العراق وعلى أعلى سلطة فيه، وهم يفعلون ذلك؛ لأن رصد الآخر، العدو، جزء من مهام الشعبة الجديدة، المستحدثة : شعبة العراق)
الجزء الآخر من هذه القوات ذهب للعمل تحت أمرة القادة الأكراد شخصيا، أو في جهاز المخابرات الكردي فرع الخارج والعلاقات الدولية (لأن العراق جزء من الخارج)!
كيف تحاكم هؤلاء، ومن يحاكمهم؟
الكردي الفيلي لا يريد محاكمة أحد، رغم أنه يملك حقا دستوريا في فعل ذلك أكثر من غيره؛ ولا يريد أن يستدل على أبنائه المذوّبين في غياهب العدم، رغم أنهم زهرات هذا المجتمع، التي يجب أن نقاتل من أجل معرفة مصائرها وإعادتها الى بيتها الوطني؛ لكنه يريد لمن تبقى منهم مواطنة عادلة تسقط عنهم هذه التهمة الشوفينية القذرة، التي استخدمها الحكام جميعا ضدهم، ويريد أن تعاد حقوقهم المادية والاجتماعية والدستورية التي اغتصبت علنا، وكنّا جميعا، جميعا من دون استثناء، شهودا جبناء في وقائعها، إن لم نكن مشاركين فيها.
آن الأوان أن يكون الفيلي عراقيا أصيلا، كعهدنا به، عراقيا له وجود دستوري كالآخرين. وآن الأوان أن يكف الحكّام عربا أو كردا عن هذه اللعبة القذرة، لعبة الاستهانة بوجود البشر، ولعبة استغلال مصائرهم لإغراض سياسية.



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيان الشيوعي لمرحلة الاحتلال- الجزء الثالث
- البيان الشيوعي لمرحلة الاحتلال - الجزء الثاني
- موت الماركسية أو ورطة النصر.... الحلقة الأولى: موت الاشتراكي ...
- اللجنة الإعلامية للحزب الشيوعي العراقي تدعو الى محاكمة كاتب ...
- الشيوعي ما قبل الأخير (كامل شياع كما أراه)
- أسرار أزمة كركوك: المقدمات، الدوافع، النتائج
- المادة 24، الانتقال من التحاصص الدستوري الى سياسة كسر العظم
- الجوانب الخفيّة في الاتفاقيّة الأميركيّة العراقيّة
- من نوري السعيد الى نوري التعيس
- صولات الدم العراقية
- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. الديموقراطيّة للاحت ...
- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. تعبئة وتعميم الشر: ...
- نقد المثقف الشيوعي.. فخري كريم نموذجاً.. الشيوعية السحريّة أ ...
- نقد المثقف الشيوعي.. قيادة (طريق الشعب): فخري كريم نموذجاً.. ...
- نقد المثقف الشيوعي.. قيادة (طريق الشعب): فخري كريم نموذجاً.. ...
- نقد المثقف الشيوعي ..مخيلة العنف، من النفسي الى السياسي وبال ...
- نقد المثقف الشيوعي..فوضى اللغة والبواعث النفسية للعنف الثقاف ...
- نقد المثقف الشيوعي.. من ديالكتيك ماركس الى جدلية رامسفيلد
- نقد المثقف الشيوعي
- محاكمة الأدب الفاشي عالميا


المزيد.....




- بعد مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت.. سيناتور جمهوري يوجه تحذي ...
- قادة من العالم يؤيدون قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الا ...
- معظم الدول تؤيد قرار المحكمة الجنائية باعتبار قادة الاحتلال ...
- اتحاد جاليات فلسطين بأوروبا يرحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغال ...
- الأمم المتحدة: نتائج التعداد بيانات عامة دون المساس بالخصوصي ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي ينهي الاعتقالات الإدارية بحق المستوطن ...
- من هم القادة الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنا ...
- ماذا يحدث إذا رفضت دولة اعتقال نتانياهو بموجب مذكرة -الجنائي ...
- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سلام عبود - الكرد الفيلية: عراقيون رغم أنف العرقيين جميعا!