|
تجاهله خطأ كبير له آثار سلبية . رأي العراقيين في تغيير نظامهم السياسي الحاكم
عبدالحليم الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 146 - 2002 / 5 / 30 - 09:14
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
|
(العنوان: تجاهله خطأ كبير له آثار سلبية . رأي العراقيين في تغيير نظامهم السياسي الحاكم ) (الكاتب: عبدالحليم الرهيمي ) (ت.م: 29-05-2002 ) (ت.هـ: 17-03-1423 ) (جهة المصدر: ) (العدد: 14314 ) (الصفحة: 9 )
تتعدد الآراء والمواقف حيال النظام الحاكم في العراق، خصوصاً حيال مسألة الإطاحة به وتغييره، حيث تشير جميع مظاهر الأوضاع الداخلية إلي توافر معظم مبررات وعوامل هذا التغيير، والتي اكتمل نضجها بشكل أكبر مع تصاعد وتيرة التصريحات الأميركية بدعم ومساندة هذا التغيير وإطاحة النظام بمختلف السبل، بما فيها توجيه ضربات عسكرية حاسمة، خلافاً للضربات التأديبية التي شُنت سابقاً! وازاء هذه المسألة، يبدي بعض الحكومات العربية، وبعض الجماعات السياسية والكتّاب والصحافيين، آراء ومواقف تعبر عن معارضتهم العلنية، أو عدم تأييدهم لإطاحة النظام في بغداد وتغييره من حيث المبدأ أو القبول بتحقيق ذلك بفعل عوامل داخلية، وليس بفعل ضربة عسكرية أميركية، يري بعضهم إمكان القبول بها أيضاً وتفهمها، وفق ظرف وتوقيت ملائم. ويأتي في هذا الإطار الحديث الذي أدلي به أخيراً العاهل الأردني في مؤسسة بروكينغس انستيوشن للبحوث في واشنطن والذي حذر فيه من أي عمل عسكري ضد العراق قبل تسوية الأزمة الإسرائيلية - الفلسطينية. ولفت في الوقت نفسه النظام في بغداد إلي إدراك أن الرأي العام الدولي ضده. وإذ يتساءل كثير من العراقيين عن الدوافع والمبررات التي تدعو بعض الجهات العربية لاتخاذ تلك المواقف، فإن الأمر المثير في ذلك ليس فقط اقتصار تلك المواقف علي رفض إطاحة النظام وتغييره، إنما أيضاً وأساساً تجاهل رأي الشعب العراقي والايحاء، في الوقت نفسه، توهماً، بأن هذه المواقف إنما تعبّر عن مصلحة العراق وشعبه. إن هذا التجاهل لرأي العراقيين، والتعبير عن مواقفهم نيابة عنهم، يفتقد إلي الانصاف والموضوعية، ليس من وجهة نظرهم فقط، إنما أيضاً في نظر آخرين. لذلك، كان ملفتاً حقاً أن ينبه، ويشير، إلي ذلك رئيس تحرير الشرق الأوسط الاستاذ عبدالرحمن الراشد، في مقابلة ظهر فيها علي إحدي الفضائيات العربية أخيراً، عندما رد علي مداخلين عرب عبروا عن رفضهم إطاحة النظام في بغداد وتغييره، أو رفض توجيه ضربة عسكرية لتحقيق هذا الهدف بقوله: إننا كعرب نتحدث ويؤخذ رأينا، لكن أحداً لم يأخذ رأي العراقيين... . فما هو رأي العراقيين في مصير بلدهم ونظامهم السياسي الحاكم، الذي ينكره عليهم بعض العرب؟ ثم، ما هي الأسباب والمبررات التي تدعو لهذا الانكار، وابداء الرأي نيابة عنهم؟ إن واقع الحال يقول إن رأي الغالبية العظمي من الشعب العراقي، في الداخل والخارج، وبمختلف تياراته السياسية والفكرية، وكذلك بمختلف تكويناته القومية والمذهبية والدينية، ليس فقط يتطلع، وإنما يسعي ويعمل لإطاحة نظامه السياسي الحاكم وتغييره، بمختلف السبل والوسائل المشروعة، بعد أن انعدمت، والتي لم تكن متوافرة أصلاً، سبل التغيير الديموقراطي عبر الانتخابات أو عبر الحوار حول صيغ توافقية بين السلطة وبين عموم قوي المعارضة. وعلي رغم التباين والاختلافات في التوجهات الايديولوجية والرؤي السياسية، فإن قوي وفصائل المعارضة، وكذلك ممثلي التكوينات القومية والمذهبية والدينية، تكاد تُجمع، أو هي مجمعة علي ضرورة إطاحة هذا النظام وتغييره، وإن تباينت رؤاها حول السبيل الأنجع لتحقيق ذلك. إن استحالة اجراء انتخابات حرة ونزيهة، لانتخاب قيادة شرعية لحكم العراق، وكذلك استحالة الحوار والتوافق بين المعارضة والسلطة لإيجاد قيادة شرعية بديلة، وذلك فضلاً عن استحالة القيام باستطلاعات رأي مستقلة، والانعدام التام والمطلق لحرية الصحافة وابداء الرأي... ان كل ذلك يقدم بعض الأدلة القوية علي لاشرعية النظام وضرورة الإطاحة به وتغييره. أما الوقائع التي يمكن الركون إليها لتأكيد تلك الأدلة، وباعتبارها من نتاج ذلك الواقع السياسي القائم في العراق منذ أكثر من ثلاثة عقود، فهي: عدم وجود دستور دائم وانتخابات دورية حرة ونزيهة، بما يضمن تنظيم الحياة السياسية والعامة وتداول السلطة سلمياً. قيام النظام ولأكثر من ثلاثة عقود بمصادرة الحياة السياسية وقمع وإرهاب القوي والتنظيمات السياسية المعارضة، وعدم الاكتفاء بتصفية وجودها العلني، بل وأيضاً تصفية وجودها السري (العمل تحت الأرض) تحت طائلة القمع الجسدي لها وتحطيم بنيتها التحتية وارغام من تبقي منها علي مغادرة العراق قسراً إلي المنافي. هجرة وهرب ما بين 5.3-4 ملايين عراقي إلي الخارج لأسباب سياسية أو اقتصادية يتحمل النظام مسؤوليتها. شمول حال المعاناة الإنسانية والاجتماعية والمعاشية والصحية للغالبية العظمي من العراقيين ولأكثر من عقدين، علي الأقل، وهي لا تنحصر فقط بالآثار الاقتصادية والصحية الناجمة عن العقوبات الدولية، التي يعتقد معظم العراقيين بأن النظام، أولاً وأساساً، يتحمل مسؤولية فرضها علي العراق، وإنما أيضاً تمتد لتشمل كل عائلة عراقية عانت وتعاني من فقدان أحد أفرادها جراء حملات الإعدام والقمع السياسي، أو الاعتقال لسنوات طويلة، أو يعاني من عاهة جراء الحرب مع إيران، أو جراء غزو الكويت وحرب عاصفة الصحراء ، أو جراء القمع الدموي الرهيب الذي صُفيت به انتفاضة الربيع في 1991. اضطهاد ومحاربة جميع، أو معظم، التكوينات القومية والمذهبية والدينية التي يتكون منها المجتمع العراقي، سواء عبر اضطهاد وقمع عدد من رموزها وممثليها، أو عبر المس بمعتقداتها وقيمها وتقاليدها، أو عبر اختراق وتخريب نسيجها الاجتماعي... وإلي غير ذلك من اشكال القمع والاضطهاد، الأمر الذي أدي إلي ارغام عشرات الآلاف من الكفاءات العلمية الوطنية ومن تلك التكوينات إلي الهجرة ومغادرة العراق. إن هذه الوقائع، التي طالت وتطال، حياة غالبية العراقيين ومستقبلهم، وكذلك حاضر العراق ومستقبله واستقلاله وسيادته الوطنية، لا تشكل فقط نفياً مدوياً لأي قدر من الشرعية يدعيها النظام، وإنما تشي أيضاً، وبشكل ساطع، بافتقاده لأي قاعدة شعبية تمكنه من الادعاء بتمثيلها، أو أنه يستمد منها شرعية استمراره في السلطة. والسؤال الذي يُطرح هنا، في ضوء ذلك، هو: إذا كان هذا الواقع السياسي في العراق ونظامه الحاكم، قد بلور رأي العراقيين وصاغ موقفهم الاجماعي الداعي بضرورة إطاحة النظام وتغييره، انطلاقاً من قناعة راسحة بأن تحقيق هذا الهدف، وبأي وسيلة مشروعة، سيضعهم علي عتبة مرحلة جديدة لنظام سياسي جديد يرتضونه... فلماذا يقف بعض العرب ضد هذه الرغبة والهدف الشرعي والمشروع، باتخاذ مواقف، ربما تعرقل قليلاً تحقيقه، من دون أن تتمكن من وقفه؟ باستثناء مواقف الحكومات أو الجهات العربية المستفيدة اقتصادياً أو سياسياً من بقاء نظام الحكم في بغداد ومعارضة الإطاحة به، ثمة حكومات وجهات أخري تري أن إطاحة هذا النظام وتغييره سيؤديان إلي حدوث حال فراغ سياسي ترافقها أعمال عنف، واحتمال أن يسفر ذلك عن تقسيم العراق إلي ثلاثة أقسام، تمتد آثاره علي بقية دول المنطقة، وذلك إضافة إلي أسباب ومبررات أخري. الواقع ان تلك الأسباب والمبررات لمعارضة إطاحة النظام وتغييره تفتقد إلي الدقة والتماسك وقوة الحجة. وفضلاً عما ينطوي عليه من إهانة القول بحدوث فراغ سياسي، وعجز النخبة السياسية الفكرية العراقية الواسعة عن ايجاد قيادة سياسية بديلة، فإن حال الفوضي والعنف المتوقعة، والناجمة عن حال الاحتقان، لن تكون بأسوأ من حالات مشابهة تنتهي وتتوقف خلال فترة زمنية قصيرة قد لا تتعدي ساعات، أو بضعة أيام في أسوأ الحالات. أما تقسيم العراق إلي ثلاث مناطق أو أكثر، فهو مبرر لا يستقيم وواقع الحال، فإضافة إلي أن الأكراد الذين يشار إليهم، غمزاً أو صراحة، بأنهم يسعون إلي التقسيم، فإن خطابهم السياسي ومواقفهم وممارساتهم، علي رغم ما يمكن توجيه النقد للكثير منها، إلا أنهم يؤكدون أنهم يسعون فقط إلي صيغة اتحادية (فيديرالية) مع الحكم المركزي في بغداد، شرط أن يكون حكماً ديموقراطياً دستورياً يمثل إرادة العراقيين بمختلف تكويناتهم. أما المسلمون الشيعة، فلم تطرح أية جماعة أو جهة منهم التقسيم أو الانفصال، لسبب بسيط، هو أنهم ضد التقسيم أولاً، ولأن وجودهم البشري لا يقتصر علي جنوب العراق، بل وفي وسطه، ولا سيما في بغداد، وبعض بلدات الشرق والشمال. وما يقال عن الأكراد والمسلمين الشيعة، يقال عن المسلمين السنة الموجودين ليس في الوسط وبغداد فقط، بل وفي شمال العراق وشرقه وجنوبه، حيث التداخل في النسيج الاجتماعي، هو تداخل تاريخي وراسخ. وما يقال عن هذه التكوينات يقال أيضاً عن التركمان والآشوريين، الذين علي رغم الاحتكاكات التي تشهدها أحياناً علاقاتهم مع الأكراد أو مع العرب، لكن أيضاً منهم لم يدع للانفصال أو التقسيم. ان رغبة العراقيين لإطاحة النظام وتغييره، ليحل محله نظام وطني ديموقراطي دستوري بديل يضمن للعراقيين حرياتهم وكرامتهم ويحفظ للعراق وحدته وتقدمه وازدهاره هي رغبة، بل هدف مشروع يُخطئ بعض العرب في الوقوف أمامه. إن المرارة وخيبة الأمل اللتين يشعر بهما العراقيون في سجالاتهم الداخلية من موقف بعض العرب تجاه تطلعهم لإطاحة النظام وتغييره، ستكون لها آثار سلبية علي علاقتهم بأشقائهم العرب الذين عليهم واجب دعمهم ومساندتهم في كفاحهم المشروع لإطاحة نظامهم الحاكم وتغييره... والوقت لم يفت بعد، للتأمل في خطأ غير مقصود، ربما، والعمل علي تصحيحه!
ہ كاتب عراقي، لندن.
|
#عبدالحليم_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إصدار نسخة -صبري قليل- بالفرنسية.. وشيرين توجه تحية لروح الم
...
-
الجيش الإسرائيلي ينشر صورا ويُعلن: قواتنا وصلت إلى نهر الليط
...
-
مصر.. انتشال الجثث الأولى بعد غرق مركب سياحي
-
الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قائد عمليات قطاع الساحل لدى
...
-
مصادر لبنانية لمراسلتنا: القرار 1701 هو المرجعية الوحيدة لات
...
-
شجار داخل البرلمان الصربي بعد الحادث المأساوي في محطة نوفي س
...
-
الفيضانات تُغرق خيام نازحي غزة: -هربت مع أطفالي ولكن أين نذه
...
-
وزير خارجية لبنان: سننشر 5 آلاف جندي في جنوب البلاد بموجب ات
...
-
أزمة في مصر تلمح إسرائيل لضرورة استغلالها.. معهد أبحاث إسرائ
...
-
اختراق علمي نحو علاج لـ-فقر الدم الأسود الماسي-
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|