|
زمانهم نوبل.. وزماننا فتوى الزلابية
سعيد الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 08:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لاشك أن العديد من المثقفين والكتاب سوف يكتبون بمرارة عن المفارقة المؤلمة في دلالاتها.. ففي الوقت الذي كانت فيه لجنة نوبل تعلن أسماء العلماء الغربيين المستحقين لأهم جائزة عالمية لانجازاتهم العلمية الفائقة التميز والتي ستكون لها انعكاسات لافتة ومهمة من حيث تقدم البشرية.. في هذا الوقت بالذات تستغرق ولن نقول تغرق مجتمعاتنا العربية ومشهدنا الثقافي والاجتماعي العام في جدالات ساخنة وطاحنة حول ظاهرة الفتاوى التي انفلتت من جديد وهذه المرة بشكل يهدر ويبدد آخر ما تبقى لنا من بقايا عقلنا العربي المبذول أصلاً والمهدور أساساً في جدالات وسجالات حول ما تضخه آلة الفكر الخرافي ولن نقول الديني، فالدين من هذا الفكر براء من فتاوى خرافية مثل تحريم أكل الزلابية وفتوى عدم خلط خضراوات السلطة بين »المذكر والمؤنث من أنواع وأسماء الخضار« ومن فتوى إحلال وإباحة قتل ملاك وأصحاب القنوات الفضائية وغيرها من فتاوى لعل آخرها فتوى النقاب »الأعور« أبو عين واحدة الذي يبدو أنه توطئة ومقدمة تهيئ المناخ لاستحضار واستعمال »شادور« ونقاب طالبان التي بدأت الروح تعود اليها نتيجة الحالة التي تمر بها المنطقة الممتدة من هنا الى جبال الأفغان مروراً بكل البلدان الواقعة على طريق الحرير والتوابل والذي أصبح الآن طريق القنابل الفكرية والثقافية التي تسعى لإحياء مشروع أهل الكهف الأول بعد تراجع مشروع الصحوة السياسية ذات الغلاف الديني وما جرى في المشروع من مظاهر تفخيخ وتفجير وتدمير. إنها بالفعل مفارقة شديدة المرارة شديدة القسوة والوطأة على نفوسنا.. فهم هناك في الغرب »الصليبي الكافر والملعون على لسان البعض منا صباح مساء« يمضون بلا كلل في استكمال انجازاتهم وأعمالهم العلمية وكشوفاتهم المعرفية التي بهروا بها العالم ومن خلالها فرضوا وجودهم الذي لا يستغني عنه أشد مناوئيهم كراهية لهم والذين عندما يصابون بوعكة صحية عابرة سرعان ما يستقلون أول طائرة ليحطوا هناك في بلاد »الكفار« طلباً لنجدتهم وعلمهم وطبهم وطبابتهم وبحثاً عن دواء يشفي العليل منهم ويعيد له شبابه الذي مضى وما زال في النفس بقية من طلب للذات الدنيا لن يوفره له سوى هذا »الغرب« الملعون سراً وعلانية.. وهي حالة أخرى مريرة. لكنها في المجمل مفارقة شديدة المرارة عندما نكتشف بؤس الحالة العربية والاسلامية وهي تتخبط في صراع طويل، لم ينتهِ حول فتاوى الخرافات التي يدفع بها بلا هوادة، فيما البعض الآخر يطلع علينا بنسخة مهترئة من خطابات ومن أفكار ومن مقولات وكتابات يومية مرسلة بين الناس تزيف وعيهم وتسلبه بعد أن تعمل فيه تشويهاً حيث الأسطوانة المشروخة تديرها عقلية المؤامرة والتي ما زالت ترى في جائزة نوبل العالمية مجرد »جائزة امبريالية تحركها اصابع الصهيونية والاستعمار لا تمنح الا وفق شروط مصالح الامبريالية الابتزازية ومشاريع الهيمنة«. وهكذا تزداد الحالة العربية والاسلامية سوءاً وتستمر غيبوبتها المزدوجة ما بين ثقافة الخرافة متجسدة في تلك الفتاوى، وما بين ثقافة ترفع راية التحرر والتقدم لكنها »وهنا المفارقة الأخرى«، تلتقي وتتعانق في منتصف الطريق مع ثقافة الخرافة من حيث منهجها القائم على أساس عقلية المؤامرة لتصبح النتيجة واحدة هي تغييب الوعي من جهة وتقييده من جهة أخرى..!! انها بالفعل حالة مستعصية على الفهم مستعصية على الحل لا تملك سوى اعادة انتاج أفكارها المأزومة وتدوير أزماتها بمثل هذه الأفكار التي لا تملك البديل الحقيقي والحل الحقيقي بما يترك فراغاً واسعاً من الطبيعي في اجوائه، أن تتمكن الفكرة الخرافية والمشروع الثقافي الخرافي الذي يغرقنا في جدالات وسجالات ومناقشات نفتح لها الأرض والفضاء حول قتل أو تعزيز أو مجرد جلد ملاك الفضائيات وآكلي الزلابية وخالطي خضراوات السلطة. وفيما هم هناك في الغرب يتفوقون على العالم بمزيد من الانجازات العلمية الكبيرة لا نملك هنا إلا أن نقتل الذات أو نجلدها.. وهل هناك من مفارقة أكثر بؤساً!؟؟
#سعيد_الحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتاوي التحريم : فتوى تحريم الزلابية مثالا
-
بين ابن قمبر وابن حماس
-
رهان التنوير رهان المستقبل
-
خياران لا ثالث لهما.. دولة دينية أم دولة مدنية
-
أسئلتنا إلى النيابة
-
حزب الله.. سقط القناع عن القناع
-
وهم »الاعتدال«.. الإخوان المسلمو
...
-
باتيل ورولينغ.. امرأتان في زمن ا
...
-
السباحة ضد التيار
-
لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين
-
من مروة التركية إلى نورية الكويتية
-
الإخوان وجهازهم السري..
-
نهاية عام.. إعدام صدام
-
خسارة على التسامح
-
ضد المرأة.. أم ضد الاصلاح؟
-
ديمقراطية بلا حداثة .. أضغاث احلام
-
حوار أديان أم حوار أفكار؟
-
كرامتي في دوري و مساواتي
-
في إيران , اعتداء صارخ على الديمقراطية المزعومة
المزيد.....
-
-داعش- يعلن مسؤوليته عن -هجوم المسجد- في سلطنة عمان
-
تنظيم -الدولة الإسلامية- يتبنى الهجوم على مسجد للشيعة في مسق
...
-
-داعش- يعلن مسؤوليته عن -هجوم المسجد- في عُمان
-
الجيش الإسرائيلي يبدأ تجنيد اليهود الحريديم الأسبوع المقبل
-
أجدد أغاني البيبي مع طيور الجنة.. تردد قناة طيور الجنة toyou
...
-
نصر الله: عملية طوفان الأقصى ساهمت في تخفيف الاحتقان المذهبي
...
-
المسلمون الشيعة يحيون ذكرى عاشوراء في مرقد الامام الحسين في
...
-
الشرطة الإسرائيلية تقمع احتجاج اليهود المتشددين ضد التجنيد ا
...
-
اشتباكات بين الشرطة واليهود المتشددين بعد اعتزام الجيش الإسر
...
-
الإفتاء المصرية: لو صليت الفجر على الساعة 11 ظهرا فصلاتك صحي
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|