أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جاسم محمد الحافظ - سلآماً على المسيحي , الذي سأبقى مُدآن له بحياتي..!!














المزيد.....

سلآماً على المسيحي , الذي سأبقى مُدآن له بحياتي..!!


جاسم محمد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن أنهينا دراستنا الجامعية في منتصف العقد السابع من القرن الماضي , إلتحقنا في صفوف الجيش لتأدية الخدمة الإلزامية , صار البعثيون من أقراننا ضباطاً , ونحن جنوداً بسطاء , تَشرفَ الواعين منا بوسام التمييز هذا , أصبحت سائق دبابة ماهر , ووصلت وبائس آخر مساء يوم ممطر الى معسكر اللواء المدرع المُنسبين إليه , وقد إنتصبت عند بوابته الرئيسية قِبالة إقامة الحراس خرابة , خلتها زريبة حيوان ..لمح مصاحبي فيها رجلاً رثاً ..قال لي مذعوراً .. وجلاً .. ياإلآهي .. هذا طالب من جامعة السليمانية ضن أهله إنه قد مات منذ زمن .. هَمَ إليه .. لكن الحراس زجروه وحالوا بينهما , وراحا يتبادلان النظرات الحيرى وفهمنا بأن هذا الباسل "عاثر الحظ " يؤدي آخر طقوس دوامات الموت في ثكنات الرعب البعثي , قادنا بعد إنتظار طويل وممل رئيس عرفاء بطين موشح ..يتأبط عصاً صغيرةً , وقال لنا بلهجة جنوبية عند مهجعٍ للجنود " إنطمرو هنا وباجر نوزعكم " صار نصيبي دبابة إنقاذ في مفرزة تصليح اللواء , وبدأت أستشعر أجواءاً عدوانيةً تحاصرني يوماً بعد آخر حتى دعاني ذات يوم نائب ضابط مسيحي من الموصل الى مكتبه , يوم كان هو أعلى المراتب غير المجازة والباقية في المفرزة , وقال لي إغلق الباب وإسمعني جيداً .. لقد إجتمعت اللجنة الحزبية بحضور ضابط إستخبارات اللواء – رتبته نقيب كان حلاقاً في أحد الأحياء الشعبية ومولع بتربة الحمام "مطيرجي " يطلق كل مساءٍ في أجواء المعسكر الحمام من قفص أقامه فيه – وأطلعنا على تقريرٍ مفصلِ حول نشاطاتك المعادية للحزب والثورة في الجامعة , وكلف نائب الضابط الأقدم " س الدليمي " بمهمة إستفزازك .. فإن حدث ذلك , وأتمنى أن لايكون .. ستُرَحل الى الإستخبارات العسكرية , وبعد أن عجزت عن إقناعه بفبركة ما أسند إلي وقبل أن أهم بالخروج .. إستوقفني .. ورفع ستارة النافذة المطلة على ميدان الرماية , وقال بإبتسامة عسكري صارم , تذكر.. إن أنت أعلمت أحداً بما دار بيننا هنا , ونقر بسبابته على الطاولة , وأردف قائلاً : سنلقى حتفنا رمياً هناك , ثم أسدل الستارة بعصبية .. إختلطت فيها مشاعر التعاطف معي , والشعور بتوريط نفسه بواجبٍ وطنيٍ قد ره وأحسن تقديره .. وتمتم غاضباً فهمت منه , أن لعلعة الرصاص قبل ليلتين خلت كانت تزف كزغاريد الصبايا نزيل الخرابة عند بوابة الحزن , إعترتني قشعريرة الإعتزاز بهذا الفارس العراقي , وعاهدته صامتاً بأن ألقنهم درساً بليغاً في صلابة وحدة الإرادات الخيرة لإحفاد السومريين والآشوريين .
وما أن عاد أخي في الدين من البادية بعد إنقضاء إجازته , وفي صباح جمعة كئيبة وقف الدليمي بنا عند بقايا خربة , أمرني بمساواتها مع الأرض , تحت أنظار الجميع اللآهين فيما بينهم , وقرر أن نقيم مكانها مستودعاً , كان نصيبي في قسمة العمل أن أجلب الطين الى البنائين وحدي من مسافة 50 متراً وبالإناء الذي أتناول فيه طعامي " القصعة " , وللإمعان في الإذلال والتعبير عن الكراهية كان يلقي على مسامعي كلاماً جارحاً ضد رموز النظال الوطني والتحرري العراقي ,يعكس طبيعة المستنقع الحزبي الذي تلقى فيه آدابه , ممنياً نفسه المريضة بردة فعلٍ مني , تُنعش أحلام الثأر الهمجي لديه , ألزمني أن أكون خفراً وحيداً لقاعتين كبريتين - إعتاد أربعة جنود الوفاء بإنجاز مهامهما يومياً – لأكثر من خمسة وأربعين يوماً متتآلية , وحرمني الإجازات الدورية وفرض علي تنظيف الدبابات ومحيط القاعات ونقل مؤنة الجنود من الطعام , ويتصاعد تنكيله بي مع تصاعد إصراري على أن أحطم نفسية هذا البدوي المتعجرف حتى لا أقع في فخه , وأن أفي عهداً قطعته في سري لأخي في الإنسانية والمواطنة , وهو يرقب أدائي عن بعدٍ ويطمئنني بإشارات الرضى بإبهام يده الكريمة , حتى قال لي خلسةً بلهجته المصلاوية " بقى تقول ما عمل شئ بالجامعة "
أخيراً إعترف المستبد بهزيمته أمام الجنود , يوم إستجاب لطلبي بالحصول على إجازةٍ , وهو يتسائل بعقلية قبلية عشعش فيها الوهم , أما أخبرتني بربك من بطون أي القبائل العربية الشريفة أنت ؟ ومن معادن أي الرجال قد قُددت ؟ ما قلت لي أفاً ! من كل ما سلطت عليك من جورٍ ...برقت في عيون المصلاوي إبتسامة جميلة .. هز رأسه ونسحب بهدوءٍ جليل , وداخلي يهتز طرباً وأنا أرد على الدليمي صامتاً , أنا أبن من أرضعت جدته النبي (ص) قيم الصمود بوجه مستبدي قريش , يشد في أزري سليل وهب النصراني الذائد عن نساء الحسين (ع) بكربلآء , وقد قُددنا من غيوم الخير الأزلي , التي تنشر البرد والسلام والحناء فوق بيوت الفقراء والكادحين في بلآدنا , فسلاماً إيها المسيحي , الذي آلى على نفسه أن لا يأكلني أخي في الدين , وبؤساً لقاتليك ومشعلي النار في بيتك , وسحقاً لمن يسرق من قلادة دجله أجمل لأآلؤها , فالأوغاد ياأخي – زبدٌ- ذاهبون , وأنا وأنت والنخيل سنبقى لأننا ننفع الناس



#جاسم_محمد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتهازيون لا يعمرون وطناً ، ولا يقيمون عدلاً ..!!
- تصدع حصن “ القدسية الدينية ” المزعومة .. فتمترسوا بالعشيرة . ...
- هل بأمثال هؤلاء تبنى الدولة الديمقراطية ..؟
- مرحلة معقدة...وهيكل أيديولوجي متخلف...وقدسية مزيفة...يالها م ...
- إنها أكثر أمهات المعارك شرفآ !!!
- الإفاء بمستلزمات الديمقراطية ....لوازكم الى العلم المتقدم !!
- إستراتيجية(الخمور) خديعة ومصيدة مكشوفة !!
- صار العراق حقلآ تجريبيآ للرجال والنساء الفاشلين..!!
- من رأى منكم عباسآ ،فليخبره....!!
- أتمنى أن لا تكون حكايتهم .. كحكاية *غاله* !!
- أهناك بعدآ طبقيآ لصراع الإسلاميين في أزقة الأحياء الفقيرة في ...
- هل ستمر الإتفاقية المشبوهة...تحت غبار معارك الإسلاميين البائ ...
- فشلوا في إدارة الدولة...فأشاعوا البؤس والخرافات !
- التكامل الصناعي -الزراعي ...أساس تطور الريف العراقي !
- الإقتصاد المختلط..يوفر العمل..والحريات السياسية للناس ..في ظ ...
- سمير! أيها الراقد بشموخ بين الجبال لك المجد كله
- الى اصدقائي الشيوعيين مع أطيب التمنيات
- حل البرلمان ..طريق أكيد..لموصلة البناء الدمقراطي!
- كنا بين مطرقة صالح المطلك ...وسندان أريكه جونسون !
- معاهدة مشبوهة.....تتناقض مع مصالح شعبنا !


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جاسم محمد الحافظ - سلآماً على المسيحي , الذي سأبقى مُدآن له بحياتي..!!