|
ضرورة إتفاقية دولية لحماية زوار كل الأماكن المقدسة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 00:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بدأ إطلال موسم الحج ، و مع تلك الإطلالة أجد من الضرورة ان أجدد الحديث عن حقوق الحجاج و المعتمرين و كل زوار الأماكن المقدسة الإسلامية بالحجاز ، فالأخطار لازالت قائمة . منذ أشهر كتبت مقال بعنوان هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام ، تحدثت فيه عن العوائق الأمنية التي تعيق المعارضين الجادين من أداء مناسك الحج ، سواء كانوا من أبناء المنطقة الجغرافية التي يمتد لها نفوذ آل سعود في شبه الجزيرة العربية أو بالبلدان الأخرى التابعة لآل سعود ، مثل مصر ، و التي غدت مجرد كوكب صغير مظلم محطم يدور في الفلك السعودي . في المقال السابق ، مثلما شخصت القضية ، و بسطت المخاطر الأمنية ، فقد طالبت بنزع تلك الأماكن المقدسة من أيدي أي نظام سياسي ، لتوضع تحت سيطرة إسلامية دولية ، على أن يكون التمويل من خلال رفع السلطات - في كل البلدان الإسلامية - يدها من على الأوقاف التي خُصصت للأماكن المقدسة الإسلامية بالحجاز ، أو خُصصت لرعاية الحجاج و المعتمرين و الزائرين و المجاورين ، مع دعم هذا التمويل و زيادته بالتبرعات النقدية الطوعية ، التي من الممكن أن تصل إلى مبلغ مليار دولار سنوياً ، لو فرضنا تبرع نصف المسلمين بمبلغ دولارين فقط كل عام لهذا الغرض . إذا كان هذا الإقتراح هو الأفضل ، إلا أنه و للأسف هو الأبعد عن التحقيق في الوقت الراهن ، نتيجة حالة التراخي المستشرية ، لهذا أتقدم بإقتراح أخر ، لا ينزع الأماكن المقدسة من الدول الواقعة بها ، و لكنه يحمي زوار تلك الأماكن بإناطة مسئولية الحماية للأمم المتحدة و منظماتها المعنية بحقوق الإنسان و إقامة العدالة . الإقتراح يتلخص في ضرورة عقد إتفاقية دولية برعاية الأمم المتحدة ، تصبح جزء من القانون الدولي ، تضمن حصانة أي زائر للأماكن المقدسة المذكورة بالإتفاقية ، مع جواز زيادة القائمة بالإضافة . حصانة تكون أشد مفعولاً من الحصانة الدبلوماسية ، فالحصانة الدبلوماسية و إن كانت تضمن سلامة الدبلوماسيين من مخاطر الإعتقال و الإستجواب و المحاكمة ، إلا إنها تجيز للسلطات الرسمية بالدولة التي يقيم بها الدبلوماسي الأجنبي ، أن تطلب منه مغادرتها خلال أجل معلوم تحدده بمعرفتها ، أما الحصانة التي أطمح لإضفائها على زوار بيت الله الحرام فيجب أن ينتفي فيها هذا الحق ، فلا يكون لأحد سلطة طرد أي حاج أو معتمر أو زائر ، خلال مدة التأشيرة التي حصل عليها ، و أيضا لا يجوز منعه من الدخول . ضرورة هذه الإتفاقية تتمثل في إنه لا يمكن أبداً الإعتماد على مبدأ النوايا الطيبة لآل سعود ، فما أكثر فقهاء السلاطين ، الذين بإمكانهم إستخراج فتوى ترجع للعصر العباسي أو المملوكي - حين أصبح الحاكم ، لمجرد أنه مسلم ، هو ظل الله على الأرض ، له الطاعة العمياء المطلقة - ليتم إعتقال أي زائر لبيت الله الحرام ، قبل أو بعد أداءه للمناسك ، و في ظل الثقافة الدينية الضحلة الحالية ، و حيث تصدق الأغلبية أي فتوى لمجرد شهرة مُصدرها ، أو لأنها - أي الفتوى - تعتمد على رأي قديم - فالقدم له عند الجهال قداسة - تسقط الجريمة عن آل سعود ، و تصبح الضحية هي المذنبة و المستحقة للعقاب ، و تضيع مع الفتوى الحقوق الإنسانية في دولة - أو هي أشبه بالدولة - توظف الدين لخدمة السياسة ، و تستفيد من سيطرتها على أقدس الأماكن الإسلامية . الأمم المتحدة بإمكانها صياغة تلك الإتفاقية و رعايتها بالمتابعة الدقيقة ، و لتكن تلك الإتفاقية شاملة ، بحيث لا تنحصر في الأماكن الإسلامية فقط ، بل في كل الأماكن الدينية في العالم ، و لكل الديانات و المعتقدات ، من خلال قائمة تشمل على سبيل المثال مكة و المدينة و الأماكن المحيطة بهما و الضرورية للحج و العمرة ، و كذلك القدس و بيت لحم و الناصرة و الخليل ، و جبل سيناء و عيون موسى و مسار العائلة المقدسة بمصر ، و مراقد أئمة الشيعة الإثنا عشرية و الإسماعيلية بالحجاز و العراق و إيران و مصر و غيرهم ، و كنائس الفاتيكان ، و أي منطقة تقترحها أي جهة و ترى الأمم المتحدة ضرورة إضافتها ، لتضفي الحصانة المطلوبة . للأمم المتحدة و منظماتها المنبثقة عنها تجارب يوثق بها في هذا الشأن ، تبدأ بميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ، و المعاهدات و المواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الدبلوماسيين و الأسرى العسكريين و المدنيين أبان وقت الحروب ، بل من الممكن أن أمد ذلك لأذكر الحصانة التي تضفيها منظمة اليونيسكو - أحد منظمات الأمم المتحدة - على المواقع التي تضمها لقائمتها للتراث العالمي الإنساني ، و نذكر كمصريين بالعرفان ، حماية تلك المنظمة لأثار هضبة الأهرام بالجيزة من عدة مشاريع سلطوية للإعتداء عليها ، أخرها - حتى الأن - مشروع الطريق الدائري في التسعينات من القرن الماضي . فإذا كانا لا نختلف على ضرورة توافر حصانة للدبلوماسيين و حماية الأسرى العسكريين و حماية المدنيين في وقت الحروب و ضمان حقوق الإنسان بصفة عامة و كذلك صيانة مواقع التراث الإنساني من التدمير و التشويه ، فإن إضافة حصانة أخرى ، تضمن حقوق كل زائر للأماكن المقدسة التي تشملها الإتفاقية لا يقل ضرورة ، فلا يكون بإمكان آل سعود أو السلطات الإسرائيلية أو الفلسطينية أو الصينية - بخصوص التبت - أو الإيطالية - بخصوص الفاتيكان - أو الهندية أو النيبالية أو المصرية أو العراقية أو الإيرانية ، أو غيرهم ، منع أي راغب في زيارة أي مكان مشمول بالإتفاقية الدولية تلك ، و لا يكون بالإمكان طرد أو إعتقال أو إستجواب أي زائر أو تقديمه للمحاكمة مادام كان تواجده في تلك الأمكان من خلال تعريف تلك الإتفاقية ، و يعد أي إنتهاك لتلك الإتفاقية إنتهاك لقانون دولي بل و جريمة ضد الإنسانية . نريد زيادة حقوق البشر ، و مزيد من الحد من نفوذ السلطات في العالم أجمع ، لتعود الكرة الأرضية - تدريجياً - ملك للبشر كافة ، كما أراد الله - عز و جل - حين خلق أدم و إستخلفه و ذريته على الأرض .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المستقبل للتقدمية ، أي الرأسمالية الضميرية ، أو الطريق الثال
...
-
القضية الأندلسية يا سادة يا أوصياء لها أصحاب
-
في قضية الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
في قضية هضبة الجلف الكبير ، الكذب على العالم ضحى
-
لن أغير رأيي بسبب شهرين
-
علم الوراثة الجينية يثبت أن العرب و بني إسرائيل من أصل واحد
-
إمتدادات الإخوان المسلمين الخارجية تمنعهم من قيادة التغيير ا
...
-
دلالات طلبهم منا الإنتظار ، السلطة خائفة
-
يكفيك ما قمت به يا شيخ قرضاوي
-
مصر تستحق علم مصري ، لا ألماني قيصري و لا تركي الأصل
-
مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني
-
الدعاء وحده لا يكفي يا شيخ إبراهيم
-
في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟
-
عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
-
غزة ، مرحباً بالإنضمام ، و لا لعودة الإدارة المصرية
-
يوم الفخر - يوم الدرعية 9-9-1818
-
أوباما أو ماكين ، العبرة بالموقف من القضية المصرية
-
لسنا ضد أهل الخليج ، و لكن ضد بيع مصر لهم
-
تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضن
...
-
عبد الوهاب المسيري حي بنا
المزيد.....
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|