خالد وليد
الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 07:03
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
يتميز العراق بالتنوع العرقي والديني الذي فرضته اعتبارات تاريخية وجغرافية، دون أن يتسبب ذلك يوما ما في أي مشكلات أمنية أو اجتماعية.لكن قضية الأقليات طفت على سطح الأحداث بالعراق في السنوات الاخيرة، ولا سيما بعد تموز 2003 على أساس محاصصة طائفية اوعرقية، حيث شكت أقليات قومية ودينية من تهميش دورها وعدم منحها أي تمثيل سياسي أو دور في الترتيبات القائمة لبناء السلطة في المستقبل.وهذا التهميش ظهر جليا واضحا عند اقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات, من دون المادة (50) الخاصة بتوزيع مقاعد الاقليات في مجالس المحافظات التي تنص على ان تمنح الاقليات القومية والدينية المسيحية المنصوص عليها في الدستور مقاعد في مجالس المحافظات وكما يلي:
1- محافظة بغداد (3) ثلاثة مقاعد.
2- محافظة نينوى (3) ثلاثة مقاعد، مقعد واحد للايزيديين ومقعد واحد للشبك.
3- محافظة كركوك (2) مقعدان.
4- محافظة دهوك (2) مقعدان.
5- محافظة اربيل (2) مقعدان.
6- محافظة البصرة (1) مقعد واحد.
مما اثار ردود فعل انعكست على الساحة السياسية الى ارض الواقع وبدات في محافظة الموصل بصراعات اخذت جانبا واحدا حيث يعاني اليوم مسيحيو الموصل من الاقصاء والتهميش والاغتيالات والتهديدات المستمرة, دفعهم الى الهجرة من مناطقهم باعداد لابد ان تلتفت لها المنظمات الدولية والعالمية قبل فوات الاوان. والسؤال الذي يساله الجميع: لماذا تنفذ هذه العمليات ضد المسيحيين وهم بعيدون كل البعد عن اي صراع سياسي؟ اما الجواب فلا يخفى على كل من يبحث في توجهات حكومة اقليم كردستان ومنهجها في المناطق المتنازع عليها, بعد سقوط النظام الرامية الى الهيمنة على كل هذه المناطق والموصل واحدة منها, ولاننسى ان انتخابات مجالس المحافظات باتت على الابواب, وستعمل الاحزاب الكردية المستحيل لاقصاء جميع التنضيمات التي تقف في طريقها, وهي تفعل ذلك الان بالمسيحيين المنتضمين في قائمة واحدة وهي قائمة الرافدين بقيادة يونادم كنا التي كانت ومازالت ضد تقسيم العراق والفدرالية القائمة على اسس طائفية وقومية. اذن فانها مسالة تغيير ديمغرافي واضحة لتغيير معالم محافظات العراق التي تسكنها اعداد من القومية الكردية, لاسيما الموصل وكركوك الى جانب انها تصب ايضا في مشروع التصفيات التي تشهدها الساحة العراقية للمثقفين والعلماء, من قبل احزاب وتنضيمات تمولها جهات ايرانية حيث لايمكن ان نستبعد ايران من التغيير الذي يجري في تركيبة العراق ومايحتويه من قوميات وديانات وانها بدات منذ اليوم الاول لسقوط النظام السابق تخطط لتحويل العراق الى دولة اسلامية, واذا دققنا في حيثيات هذه الاقليات حيث انها صغيرة في العراق وتقوم على أساس ديني وليس عرقياً، ومن أبرزها الطائفة اليزيدية والصابئة والكلدان والآشوريون.ولم يحظ اليزيديون والصابئة بأي تمثيل في مجلس النواب، كما أنهم لم يكونوا حاضرين في أي ترتيبات سياسية لإقرار وبناء هياكل السلطة في العراق، ولذلك أصدروا بيانات عديدة تطالب بحقوق سياسية عادلة، كان آخرها بيان الطائفة اليزيدية الذي قال: إن عدد أفرادها في العراق يبلغ نحوا من مليون شخص، مشيراً إلى أن هذا العدد يحتم منح هذه الطائفة حقوقاً سياسية وتمثيلاً في مجلس النواب.ويقطن اليزيديون في مناطق بمحافظة نينوى ومناطق أخرى بشمال العراق، وقد تمتعوا كبقية الأقليات الدينية بحرية العبادة وممارسة طقوسهم أيام النظام السابق، لكنهم لم يكونوا ممثلين في السلطة أو الحكومة.ويعاني الصابئة الذين يقطنون جنوبي العراق ولا سيما في منطقة العمارة الأمر ذاته، وقد أصدروا بيانات تندد بتجاهلهم وتهميشهم سياسياً، غير أن هذه البيانات لم تحقق شيئاً يذكر لتغيير واقع الحال السائد في البلاد.ولم يعرف أن لأي من هاتين الطائفتين قدرات عسكرية أو قوة مؤثرة على الأرض، كما أن مطالباتهم لم تتعزز بتكثيف عملهم السياسي أو بتشكيل أحزاب وطرح برامج ذات بعد وطني، وربما يكون ذلك أحد أسباب تجاهل مطالبهم. ومن ناحيتهم يحظى المسيحيون بتمثيل في مجلس النواب من خلال رئيس الحركة الديمقراطية الآشورية يونادم كنا، لكنهم عبروا أيضاً عن تذمرهم بسبب اعتبار الطائفة الآشورية التي ينتمي إليها يونادم ممثلة لكل المسيحيين في العراق الذين قد لا يتجاوز عددهم المليون نسمة، لاسيما بعد هجرة أعداد كبيرة منهم خلال السنوات العشر الماضية.وقد أصدر بعض الكلدان والآشوريين مؤخراً بياناً أدانوا فيه دمجهم تحت مسمى "الكلدوآشوريون" في نص قانون الدولة, مؤكدين أنهم طائفتان مستقلتان، وطالبوا أيضاً بدور سياسي وموقع في الحكم يتناسب وتعدد أطيافهم ومرجعياتهم الدينية. وليس للمسيحيين في العراق قوة مسلحة, فقد عرف عنهم أنهم مسالمون, وقد حصلوا في السابق على حقوقهم الدينية كاملة، كما كان طارق عزيز عضوا بارزا في الحكومة. وكان من أقرب مساعدي صدام حسين وتولى مواقع مهمة عديدة في القيادة العراقية السابقة.وهناك تشكيلة أخرى متنوعة داخل المجتمع المسيحي في العراق مثل السريان والأرثوذكس وسواهم، ولم يعرف لهم جميعاً نشاط سياسي محدد على شكل أحزاب فاعلة على الأرض.والأقليات العراقية بمجملها لا تطرح شعارات سياسية مضادة للاحتلال، كما أنها لا تطرح بالمقابل شعارات مؤيدة لبقائه في العراق، فهي بحكم وضعها تسعى للإفادة من الوضع الراهن من غير أن تكون مستعدة للمخاطرة بالتعايش المميز الذي حققته في علاقاتها بالأغلبية العربية والمسلمة.
#خالد_وليد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟