|
الثقافة لا تختزل بالطائفة
كاظم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 2434 - 2008 / 10 / 14 - 01:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
(ماذا يعني انسان لايملك قيمة وجودية خارج طائفته او قبيلته) ادونيس الذاكرة الحية التي تعيش في التاريخ، تحمل التنوع والاختلاف والتباين فتتراكم التجارب فتنزع او تميل الى الاختيار والتفرد فتنمو في داخلها الحرية والاستقلال واحترام التعددية بشتى مجالاتها السياسية والدينية والعرقية وينشأ عن ذلك المصالحة مع الذات والآخر والمكان. وتلعب طبيعة علاقتنا مع الآخر (غير المسلم، او من طائفة اخرى) دورا كبيرا في جغرافية العلائق بكل صورها-المأزومة من خلال المنظور الديني، ويكون الجانب السياسي فاعلا في عملية تكفير الاخر واقصائه وتهميشه. هذه الاشكالية الناتجة من تقسيم العالم الى فسطاطين، فسطاط الايمان والكفر، ادى الى حدوث شرخ وتصدع في النسيج الاجتماعي للشعوب في الشرق الاوسط واثارة الضغائن والاحقاد داخل المجتمعات قبل تصديرها الى العالم. وهذا في جزء كبير منه يعود الى وجود احتدامات وتوترات واحتقانات، ناتجة عن وجود انماط مختلفة للثقافة يوجزها جاك دريدا بالقول: 1- الثقافات الاسطورية (الميثولوجية-الشفهية). 2- الثقافات الابجدية. 3- الحضارة الالكترونية مابعد الابجدية. وتعتبر هذه الانماط متعاقبة في الزمان ومتجاورة في المكان كحقول ثقافية واجتماعية. الا ان هذا التدرج لم تعرفه المنطقة العربية ولقد كان هنالك اعتقاد بان العلم يمكن ان يتعايش مع الميتا فيزيقيا من دون توتر (على طريقة هربرت سبنسر). ولذلك يرى الباحث الاجتماعي (فالح عبد الجبار)، ان فكر الكواكبي يمثل طفولة اللقاء بين الفكر المثيولوجي/ التاريخي والفكر الاوروبي الوضعي، فتراه يجمع بين اقطاب تمثل السلالة المقدسة (الخلاقة) والبناء السياسي الحديث (الدولة الدستورية) والنزعة الاثنية (للمعاصرة، هذا القرآن المدهش يبدو فيه من الوجهة المنطقية تناقض في التعريف لكنه من الوجهة الثقافية يكمل مابدأه الافعاني. ازاء هذه الحالة المشوشة، كيف يكون حال المثقف تجاه طائفته؟ ان الزمن (حسب وصف عبد الله العروي)، هنا مثيولوجي، دائري مغلق يعيد انتاج الجاهلية والاسلام في تناوب ابدي، يتماهى من جراء ذلك (الحاضر والماضي). واذا تنقلنا الى داخل الدين وفي منحاه السياسي، فسوف نرى، السقيفة هي الفضاء الكلي للمكان والزمان في الذاكرة الجمعية، والعودة الى الماضي، من دون تفكيك آليات الصراع المزمنة، يعني اعادة انتاج ادبيات النزاعات من جديد وباشكال مختلفة ومسميات زائفة تنبع من جذرها الاول! ويعتقد الباحث فالح عبد الجبار، ان الازمة التي تعيشها المنطقة والمتمثلة باللاتسامح الثقافي ناتجة من: تعثر عملية الانتقال من نظم ثقافية ميثولوجية-شفاهية، او مقدسة-ابجدية الى النظام المعرفي الحديث القائم على المعرفة الوضعية والكلمة المطبوعة في مطلع القرن الماضي، لتبدأ قبل انصرامه نقلة جديدة الى عالم مابعد الابجدية عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال الالكترونية والروبوت. ويرى اسبابها: الحقل الاول يدور حول انتاج الثقافة الحديثة التي تعتمد على حلول المؤسسة المنتجة للخطاب الثقافي بدل الفرد المثقف المتشظي والمتجزئ. الحقل الثاني: يتعلق بصعود الثقافات الدنيا بفضل وسائل الاتصال التكنولوجي على حساب الثقافة العليا مدعمة بتغيرات مجتمعية هائلة (الهجرة الى الحواضر). الحقل الثالث: تأرجح مؤسسات الثقافة بين شكلين من اشكال التعلق: اي تسليح الثقافة او احتكار الدولة كعامل مركزي لانتاج الثقافة الحديثة. نحن هنا ازاء مثقف، يحاول الانسلاخ عن طائفته، ولكنه غير منتم الى مؤسسات ثقافية تملأ الفراغ الحاصل من هذا الانتقال، فيصبح امامه خياران، اما العزلة والتوحد مع الذات والاغتراب او التواطؤ مع السلطة وهذا يفسر سر تعاظم التأييد للطغيان والدكتاتورية بين معظم المثقفين. يقول الدكتور سعد الدين ابراهيم: اصبحنا بصدد انتاج حكام مسيئين ومثقفين اسوء، وتكون النتيجة اعادة انتاج ثالوث يستند في رأسه على مثقفين متواطئين مع الحكام وفي ضلعه الثالث على شعوب عربية غائبة عن الوعي، يتملكها الخوف من حكامها ويستبد بها الفزع من اعداء خارجيين حقيقيين او وهميين. هذا المأزق هو الذي جعل الاسلام السياسي يتسيد الساحة وكأنه يحاول الاجهاز على ما تبقى من ارث دولة الدكتاتور. ويرى ادونيس في جذور العنف المستشري الى ان كل دين يزعم إلهه هو الافضل، كما يشن كل دين الحرب دفاعا عن الهه. غير ان الله قادر وحده كما اعتقد على الدفاع عن نفسه لذا فهو ليس بحاجة الى جنود ودبابات وحاجته اقل الى انتحاريين وفدائيين للدفاع عن نفسه! ويغدو الاله بالغ العنف حينما يقال باسم الاله لاتفعل هذا، لاتقل هذا، لاتفكر في هذا، ذلكم هو جذور العنف وبدايته وبعد ذلك يأتي العنف السياسي والاجتماعي. وعندما يأخذ الشاعر ادونيس لبنان كنموذج للطائفية المقيتة، حيث يرى ان الدستور يصنف الاشخاص حسب الانتماء الطائفي وهذا هو الأسوء، فالكائن الانساني بما هو كائن انساني في ذاته غير معترف به في لبنان فاذا كنت مسيحيا فلن تنال قط وظيفة مخصصة لرجل مسلم لان مزايا المواطن يجري تحديدها في لبنان من خلال طائفته لاثقافته. وماذا يعني انسان لايملك قيمة وجودية خارج طائفته او عشيرته؟ ان الطائفة واقع معطى في حالة صيرورة الا ان فشل عملية التحديث في المنطقة جعلت البعض يعتقد واهما انها من الثوابت وعلى جوانبها يراق الدم. في حين ان تطور الامم، ينحو باتجاه المجتمع السياسي، مجتمع للمواطنين الذين يرتقون بوعيهم السياسي من درجة الطبيعة الى درجة الثقافة حيث تصبح الاعراق واشجار النسب والمعتقدات الدينية والطائفية معبرة عن حالات مجتمع ما قبل السياسة. وفي كتاب (اللغة والهوية)، تأليف جون جوزيف سلسلة عالم المعرفة، العدد 342، آب 2007). يصف الهويات الدينية/ الطائفية: تعنى الهويات الاثنية والدينية، بالمكان الذي اتينا منه والمكان الذي سنرحل اليه، اي بوجودنا الكامل وليست لحظة من حياتنا. فهذه الهويات بالنسبة الى اكثر الناس هي التي تعطي اولا وقبل كل شيء، معنى عميقا للاسماء التي نعرف بها انفسنا باعتبارنا افراداً او جماعات وهي تزود الحبكة لروايات حياتنا بشكل منفرد وجماعي وهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بمعتقداتنا الاكثر عمقا حول الحياة والكون وكل شيء وعلاوة على ذلك ترتبط الهويات الاثنية والدينية في معظم الثقافات بالانتاج باعتبار انها تحدد للمرء القرون الطويلة في اوروبا، اذا ما سئل اي غريب تائه عبر الريف او القرية عن تحديد هويته، يدعي انه مسيحي او يهودي.
#كاظم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدهر والعطار.... في الأزمة العراقية
-
اين سلة المهجرين قسراً؟
-
الطعام و السياسة
-
التوريث الثوري
-
خرافة انتصار البطل
-
آخر الدواء
-
جدلية المثقف والجمهور
-
المعارضة من التقاليد الديمقراطية
-
صدمة المستقبل
-
تعايش الاضداد والاعتدال السياسي
-
جدل الرغبة والواقع
-
البيت بيتك
-
اغلال الخوف بين عنف السلطان وتقاليد الاستبداد الاجتماعية
-
عيد وطني.. مؤجل
-
لماذا الخوف من الحرية؟
-
الشخصانية ونظام المؤسسات
-
العنف بين القانون والسياسة
-
الدكتاتور خبازا
المزيد.....
-
إسرائيل توجه إنذارا لسكان جنوب لبنان بعد دخول وقف إطلاق النا
...
-
3 رؤساء فرنسيين لم يوقفوا أحداث نوفمبر الساخنة في باريس
-
وقف إطلاق النار في لبنان يدخل حيز التنفيذ
-
اتفاق وقف إطلاق النار بين -حزب الله- اللبناني وإسرائيل يدخل
...
-
مباشر: بدء سريان هدنة لمدة 60 يوما بين إسرائيل ولبنان بعد أش
...
-
اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله يدخل حي
...
-
بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل
-
ترحيب دولي باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
-
بيان أمريكي عن قصف -منشأة لتخزين الأسلحة- تابعة لجماعة موالي
...
-
مسؤول أمريكي: لم نهدد إسرائيل بوقف تزويدها بالأسلحة
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|