أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - خيبة أمل العلمانية














المزيد.....

خيبة أمل العلمانية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2432 - 2008 / 10 / 12 - 08:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول : جوليان هكسلي عبر شرحه لمذهبه الإنساني الطبيعي : من الممكن أن ينشأ في المستقبل دين جديد يؤمن بالمعرفة .
وكان جوليان هكسلي هذا عالم بيولوجي , وبنفس الوقت علماني وكان مستاءا من الدين كله وكان على يقين من أن الدين في المستقبل من الممكن له أن يؤمن بالمعرفة وصحيح أن توقعاته لم تصب بخيبة الأمل ولكن العلمانيون والإنسانيون هم الذين أصيبوا بخيبة الأمل .

الدين في الشرق يؤمن بالعلم والمعرفة ويؤمن بتطور الشارع والنبات والأشجار والملاعب والآلات ولكنه لا يؤمن بضرورة تطور الإنسان من حالته الصعبة إلى حالته الجديدة القائمة على البساطة والصور الجميلة وإلتقاطها في كل شيء أينما كانت سواء في الشجر أو الحجر أو في البر أو في البحر .

لقد إنتبه العالم المؤرخ الفيلسوف (توينبي) إلى أن الشرق المتدين والذي أنتج الديانات الشرقية اليهودية والمسيحية والإسلامية قد إستسلم في القرن التاسع عشر للتكنولوجيا العربية ولكنه بنفس الوقت لم يؤمن الشرق العربي للتكنولوجيا الإجتماعية .
ذاك ما قاله جوليان هكسلي وذاك ما قاله آرنولد توينبي مؤلف موسوعة :تاريخ البشرية .
وبين المذهبين لا يوجد إختلاف يذكر ولكن توجد بينهما خيبة أمل فإنني أعتقد أن هكسلي كان يتوقع إستسلام الدين أو دين يؤمن بالمعرفة والعلم وفعلا تحققت نبوءة هكسلي ولكن الدين الذي أصبح يؤمن بالمعرفة ما زال كافرا بالإنسان المدني المعاصر .
حتى هذه اللحظة نستعمل كل الأشياء الغربية ولكننا نرفض أن ندخل تلك التقنية للذين يسكنون منازلنا لبناتنا وأبنائنا ونرفض أن يستمتعوا في الجنس والعاطفة
.
أصيبت الناس في الشرق الأوسط بصاعقة التكنولوجيا الغربية ولإقتنتها في مصانعها وفي بيوتها وشوارعها ولكنها لم تمتلك البيوت الغربية ولا المصانع الغربية .
فالمصانع الغربية والتي جاءت إلينا مع معداتها التكنولوجية مازالت تخلو من الإنسان الغربي أو الإنسانه الغربية التي تقف ويقف خلف الآلة الصناعية .
لقد عملت أنا شخصيا في إحدى المصانع النسيجية للألبسة ولكن كان ومازال العامل هناك يحاسب على نظراته للفتايات ومازالت الفتايات يحاسبن على نظرتهن للشباب وأذكر مرة أن مدير مصنعي جاءه رجال أمن المصنع بفتاه ألقوا القبض عليها أثناء تلقيها قبلة من أحد المعجبين في غفلة من العمال والناس منزوية مع صاحبها أثناء الإستراحة بين الكراتين المغلفة وقد هددها المدير الإداري للمصنع بين الإتصال بأبيها وأشقائها وبين تقديم إستقالتها من المصنع وإستسلمت الفتاة فعلا وقدمت إستقالتها .

إن الدين الذي يؤمن بالمعرفة قد تحقق ولكن الدين الذي يؤمن بالحرية لم يولد في شرقنا حتى اليوم لقد دخل المصنع علينا ولكن الذين يعملون به هم من أصحاب العقول التي لا تؤمن بالحرية والتعددية والإنسان وقيمته ومرتكزاته الثقافية وحريته الفردية .
إن حريتنا في إيماننا اليوم بضرورة التعددية الفكرية والدينية والسياسية والعاطفية والفنية والسياسية وإن الحضارة لا تعني إحضار لاعبي كرة قدم من أوروبا أو شراؤهم من الأندية ولا تعني إستئجار فنانين وشعراء وأدباء من الخارج والحضارة ليست طائرة نركبها ولا هي سفينة أو غواصة بحرية وليست الحضارة آلات ومصانع بل الحضارة ما ينتج عن المصانع واللآلات من قيم إنسانية وفنية وثقافية وما الحضارة إن لم تكن الإنسان نفسه .

لقد دارت ذات يوم معركة بين الأدباء وبين العلماء وأقر العلماء بعدم جدوى العلوم الفنية والشعرية والأدبية وعارضهم طبعا بذلك الأدباء والشعراء وكانت مزاعم علماء العلوم التطبيقية البحتة من أنه لاجدوى من الشعر والأدب بكل صوره من قصة وشعر ورواية ونحت وفن وتصوير ومسرح .
ولكن إن لم تكن الحضارة ما ينتجه الإنسان من قيم فنية وعاطفية فماذا عسا الحياة أن تكون ؟
إن العلمانية التي أومن بها أنا شخصيا ما هي إلا مجموعة إنسانيات وأعمال إنسانية لا تهتم بالجنس أو النوع أو اللخلفية الثقافية إنني أنفعل وأبكي لأتفه الأسباب في نفس الوقت الذي يروق به لرجل الدين مهما كانت ديانته من أن يعذب إنسانا آخر من غير ملته ودينه .

والعلمانية التي أومن بها هي العلمانية التي تفتح صدرها لكل الناس والبشر وتطال أعمالها الإنسانية حتى الحيوانات الضارة والنافعة إن العلمانية التي أومن بها هي التي تشم رائحة كل عبير صادر من كل زهرة وهي التي ترى دواوين الشعر مثل زجاجات العطر تفوح منها روائح مختلفة من أرض نبتة ومن كل نبتة زهرة ومن كل زهرة عبير وعبق يملأ المكان والدنيا ويشغل الناس .

العلمانية لا تفرق بين السبت والأحد والجمعة ولا بين الكنيسة والمسجد والهيكل والبوذية العلمانية التي أومن بها ما أحلاها وما أنفعها للناس لو يرونها كما أراها ولو تحلوا في فمهم كما تحلو ويحلو مذاقها في فمي .
إن فمي ممتلأ بالأطعمة الذيذة وغيري فمه ممتلأ بالأطعمة الكريهة والحارة ..وفمي ممتلأ باتلأطعمة اتللذيذة لأنني لا أقرأ العنصرية ولا الطائفية وأومن بأن الناس جميعا يجب أن يسعدوا بحياتهم وأن يعشقوا وأن يتلذذوا بما لذ وطاب من الموسيقا ومن الألحان العذبة والأشعار الرومنسية حتى تتنقى قلوبهم من الدنس .
إن الأدب وحده وفنونه هي التي تجعل الإنسان إنسانا يشعر بكتلة عاطفية تخرج منه .

إن فينا أشياء حلوة وجميلة لوأننا نبحث عنها أو نلتفت إليها .
لقد خمن هكسلي أن يكون في المستقبل دين يؤمن بالمعرفة ولكنه لم يخمن أو لم يتوقع أن ينشأ في المستقبل دين قديم يكفر بالحرية والتعددية الفكرية والثقافية .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناس تكره العلماني
- من هو الفاسد؟
- فوائد الفساد 1
- مكافحة الفساد
- العرب يتحدون المخابرات الأمريكية
- عربي يلقي خطابا ساخر في: يوم المرأة العالمي
- عيد الشيطان الرجيم
- شفاه المرأة وحي يوحى
- أسباب الفساد الإداري في الأردن
- وزارة التنمية الإجتماعية الأردنية تحاصر الفقراء
- كشف الجوانب الغامضة من حياة العقاد
- التهرب الزكوي2
- سوآل إلى فقهاء الإسلام
- التهرب الزكوي 1
- البورصنجية في الأردن 2
- البورصنجية في الأردن1
- الإنسان ما قبل المسلم وما بعد المسلم2
- الإنسان ما قبل المسلم وما بعد المسلم 1
- نعمل من أجلكم نأسف لإزعاجكم
- أنا علماني


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - خيبة أمل العلمانية