ـ من يتابع الخطاب العربي المعاصر، من الصحافة الى معظم النتاج الأكاديمي، يرصد ارتفاع حرارة الانفعال فيه ودرجةً من الغضب تراوح بين الحنق والهياج والتحريض، وصولاً، في أدنى حالاتها، إلى التفجع والعويل والسخط المكتوم. تكاد عبارات من نوع "الزمن العربي الرديء" و"المرحلة الحرجة من تاريخ أمتنا" تكون ملْكاً مشاعاً لكل أهل القلم. ويمضي بعضنا في كل الأوقات، وكلنا في بعض الأوقات، في استعراض لا يخلو من تشفٍّ بالذات لهوان العرب على أنفسهم وعلى غيرهم، لغيابهم وغيبوبتهم. أما النبرة فهي دائماً تهويلية أو أشد تهويلاً.
تشترك في هذا الموقف غالبية منابر الكتابة والنشر العربية في مختلف إيديولوجياتها السياسية وولاءاتها. ولا يكاد ينافس خطاب الغضب هذا إلا خطاب الرضا، بل التمجيد الذاتي، الذي تنشره الصحف العربية الرسمية عن حكّام دولها، علماً أن هذه الصحف نفسها لا تلبث أن تعود إلى السخط والتفجع، بل والتجريح، حين تتناول الشأن العربي العام.
يتعارض خطاب الغضب الراهن، وبزاوية 180 درجة، مع خطاب الثقة والحماسة الذي سيطر على الكتابة العربية بعد الاستقلال و"الثورات" حتى هزيمة حزيران. فكأن اجترار تجريح الذات يعكس دوام نزف "الجرح النرجسي"، في تعبير جورج طرابيشي المستعار من فرويد، الذي أحدثته تلك الهزيمة ولم يندمل بعدُ. وكأن استعراض الغضب من الذات يضمر رغبة لا ترتوي في الانتقام منها لسهولة انخداعها بالأوهام أو تعليل نفسها بالأحلام. لقد أمسى الغضب الشكل المعاصر للعروبة.
يولّد الإجماع على الغضب، إن جاز التعبير، حالاً من التعمية يصح أن نسمّيها تجهيل الفاعل، بحيث يبدو سوء الحال العربي فعلاً من غير فاعلين أو مسؤولين. الشكل الأساسي لتجهيل الفاعل هو توزيع المسؤولية على الجميع، كالقول مثلاً إن الأنظمة العربية هي المسؤولة، أو أحياناً المجتمع العربي أو الثقافة العربية، من دون أن يتعارض ذلك مع إلقاء اللوم أيضاً على الإمبريالية أو الصهيونية، واخيراً على العولمة، وهي محض غول جديد بلا ملامح يتيح مدّ عمر هذا النوع من الممارسة الخطابية.
الحقيقة أن التوزيع التجهيلي للمسؤولية، والتعمية المرتبطة به، نتيجة جانبية لخطاب الغضب أكثر مما هو وظيفته. فالوظيفة الفعلية لهذا الخطاب هي إنتاج انفعال مناسب يغطي على العجز والحيرة. أي أنه يجب أن نبحث عن وحدة هذا الخطاب على مستوى وظيفته الانفعالية لا على مستوى تحديده للفاعلين أو للأسباب. فسواء كان الفاعلون أو الأسباب داخليين أو خارجيين، من ماضينا أو من حاضر غيرنا، فإن القصد دائما هو الشعور بهم كعقبة تصلح لإثارة الانفعال الغاضب ذاته. والرهان في كل الحالات هو ملءُ خانة واحدة، هي الحاجة النفسية التي لا تشبع للغضب، والحفاظ على هذا المزاج الساخط الذي أصبح أشبه بقالب نفسي ثابت في المعنى الكانطي للكلمة، أي صبِّ الوقائع في قالب مُسْتَبْطَن بحيث ينتج منها الغضب والسخط. مع فارق كبير: إن الزمان والمكان وبقية مقولات الحساسية المُتعالية لدى كانط هي (وفقا لتصور مبسّط جدا) القالب الذي تنسكب فيه الظواهر ليُنتج منها معرفة وأحكاماً تحليلية، بينما يسكب القالب النفسي الساخط الوقائعَ منتجاً منها الانفعال: الغضب، الشعور بالنقص، الشعور بالذنب. وفي حين كان كوجيتو ديكارت يقول: "أنا أفكر اذاً أنا موجود"، وكانت الحساسية المتعالية لدى كانط بناءً للذات في مواجهة العالم الذي صار موضوعاً، فإن كوجيتو النفس العربية الساخطة ـ كما سنرى توّاً ـ يقول : "أنا غاضب إذاً أنا على حق". وبهذا الحق تبقى الذات أسيرة الدائرة الانفعالية وأحكام القيمة، أي أننا نبقى ضمن دائرة الشعور- لا الوعي - وتالياً في مجال ما تحت الذات.
من المرجح أن ثبات هذا القالب النفسي الغاضب يتجذر في حاجة عميقة إلى التبرّؤ وإلقاء مسؤولية العجز بعيدا عن الذات، سواء في اتجاه الماضي أو في اتجاه الخارج، بل حتى في اتجاه الذات ذاتها. إذ في هذه الحال الأخيرة نكسب الصدق على الأقل ونرتاح. فمن يدين نفسه يخلع ذاتاً مشروخة وينقذ ذاته العميقة الصادقة. لكن هذا الصدق هو الصدق الصغير، صدق المطابقة لا صدق التجاوز والخلق والحرية. في كل الأحوال، يلبي الغضب حاجة نفسية تتيح للذات القلقة أن تتخفف من قلقها وتُسقط عن نفسها القصور والعجز وتتطهر. إنه مسعى للنقاء، لحيازة الشعور بأننا ـ ذاتنا العميقة ـ على حق. لكن هذا مسعىً مرضيٌ في المعنى الحقيقي للكلمة; لا لأن العافية النفسية والروحية هي نقيض بتر الذات ونقيض رد الواقع إلى مناسبة للانفعال والشعور بدل كونه موضوعاً للفعل والوعي، بل لأننا محتاجون للغضب، وتالياً لسوء الواقع أو "تسويئه". والقاعدة النفسية المرضية تقول إنه يستحيل شفاء مريض يحتاج إلى مرضه.
لعل مرض الوعي العربي، أو شقاءَه وتمزقه، متأصلٌ في التناقص العميق للنفس العربية، أي تمزقها بين ما تعاينه من ضآلة الشأن وبؤس الواقع، والشعور المكنون بالعظمة، حسبما يقول هشام جعيط، مطابقاً حال المثقفين العرب المعاصرين مع حال المثقفين الألمان في بداية القرن التاسع عشر(تعبير الوعي الشقي للفيلسوف الألماني هيغل).
استثمرت هذا الثابت الثقافي العربي الطويل الأمد إيديولوجيتان، وأفرز تفاعل العرب مع العالم الحديث وانفتاحهم عليه إيديولوجيتين أيضاً. وتطرح كل من هذه الإيديولوجيات مثلاً أعلى خاصاً بها. سنتناول الآن بسرعة دور منابع المثل العليا هذه في إنتاج نظام الغضب وتثبيته.
ثمة أولاً الإيديولوجيا القومية، ومثلها الأعلى هو الأمة العربية الواحدة السيّدة المزدهرة. هنا يُدرك الواقع المعيش بوصفه ابتعاداً عن هذا المثل الأعلى. فالعرب ليسوا أمة في المعنى السياسي للكلمة (كان هيغل يقول إن إلمانيا ليست دولة في أيامه)، وليسوا حتى دولاً متضامنة، بل هم دول منقوصة السيادة، "متعددة الثقوب" أو "مسامية" بحسب تعبير جميل مطر. الغضب من حال الأمة هنا وسيلة للانتماء إليها، وإدانة الواقع يتيح لنا الوفاء للمثل الأعلى الذي يُعرِّف الحق بالذات.
المثل الأعلى الثاني تقدمّه الإيديولوجيا الإسلامية المعاصرة: وحدة الأمة الإسلامية واعتصام شعوبها بحبل الله أو شريعته. يقول أوليفيه كاريه: قد نجد مسلمين سعداء، لكننا لن نجد إلا مناضلين إسلاميين غاضبين. والمناضل الإسلامي، في تعريف كاريه، هو الذي يرفض التفكير في السياسة ومعرفة الواقع، ويُبقي أنظاره معلقة على كمال المثل الأعلى الإسلامي الذي هو الحق بالتعريف.
المثل الأعلى الثالث، وإن يكن الآن في حال انحسار، هو المثال الاشتراكي الماركسي عن دولة عادلة ومتقدمة وتقدمية (قبل أن تتكشف أنها كانت "تقدمية" لأنها ليست عادلة ولا متقدمة). هنا أيضاً نرصد أن المناضل الشيوعي شخصية غاضبة يتناسب غضبها طرداً مع شدة عقائديتها، أي مع ولائها الحصري لمثلها الأعلى. وقد نضيف مثلاً أعلى رابعاً يزداد حضوره اليوم في الوعي الاجتماعي، هو المثال الديموقراطي الليبيرالي: دولة الحقوق والـتقـدم معاً. وهنا ـ أخيراً ـ يحتد الشعور بتلوث الواقع وقبحه بقدر ما نتمسك بنقاء المثال.
في الحالات الأربع قُبح الواقع أثرٌ خطابي لجمال المعيار، وفي الحالات الأربع لا يقتصر الغضب على كونه مقتضى نفسياً لتماسك الذات القلقة العاجزة، بل هو مقتضى خطابي لتماسك الإيديولوجيات ومنابع المُثُل (ليست الذات سوى حقل تقاطع استراتيجيات خطابية، إذا أخذنا برأي ميشال فوكو). لذلك ربما ارتدت هذه الإيديولوجيات إلى مصادر للتقويمات والأحكام التي تمكِّــننا من إدانة الواقع، أكثر مما هي مصادر للمفاهيم التي تتيح فهمه واستيعابه، أو الخطط والبرامج التي تتيح توجيه العمل فيه.
هل نعني اذاً أن مصدر الغضب هو علوّ المثل الأعلى لا "سفالة" الواقع؟ وردية الآمال لا قتامة المعيش؟ وتاليا، هل لا سبيل إلى التحرر من الغضب والتفجع إلا بالتحرر من التفاؤل المفرط للآمال؟ ألا سبيل للمصالحة مع الذات إلا بخفض سقف المطامح أو حتى التخلص منها؟
المشكلة أنه مهما أبدى المرء من استعداد للتفهم، ومن "واقعية" واعتدال، فإنه لا يستطيع احترام نخب الحكم العربية وتقبُّل سياساتها، كيلا نقول إنه سيشعر بالخزي منها. قلة هم المثقفون الذين لا يخنقهم الاحتقار حيال حكّام بلدانهم. تبدو الحال لعيون الكثيرين كأن أقصى مطمح للسياسات والنخب السائسة بلوغ "المثل الأسفل"، من دون أن يمنعها ذلك من استغلال كل المثل العليا والتلاعب بها تعزيزاً لصمود الدولة المثقوبة. إن التعسف والاعتباط والذل وتفاهة المقامات الرفيعة السائدة، المستعدة لامتطاء كل موجة والمتاجرة بكل قيمة، إن ذلك كله من الملامح التي لا جدال فيها لحياة العرب المعاصرين. هذا يعني، جزئياً على الأقل، أن غضبنا هو غضبة الحق، هو الانفعال الإنساني الطبيعي حيال الظلم والقبح واللاإنسانية. هل نحن اذاً غاضبون، ببساطة، لأن هناك ما يُغضب، وأنه لا معنى لأن نغضب من غضبنا بدلاً من توفير الغضب لهذا الواقع المحنق؟ نعم بكل تأكيد. لكن هذا الاستدراك لا يفسر ما نسمّيه نظام الغضب. إن نظام الغضب هو بالضبط تحوّل الغضب من انفعال مزعج، لكن سوي وعابر، إلى قيمة مقبولة وفضيلة مستقرة، بحيث يغدو صنواً للالتزام والإيجابية، بينما يصير الرضا والسكينة معادلين للامبالاة والسلبية. وبدلاً من أن نغضب لأن هناك مشكلة أو عائقا تعسفيا في وجه الإرادة، فإننا نحتاج إلى المشكلة أو العائق لكي نغضب. المقصد اذاً انقلاب الأدوار: من "أنا غاضب لأني على حق في هذا الشأن أو ذاك"، إلى "أنا على حق لأني غاضب، وأنت على باطل لأنك راضٍ". الغضب الأول انفعال محدد، والثاني شعور مرسل وتكوين مستقر. وهكذا يتحول الغضب إلى ثقافة وسياسة وأخلاق وتكوينٍ نفسي. هذا هو نظام الغضب.
ولعلّ أصل الانقلاب المذكور ونظام الغضب المتولد منه، هو العجز المتكرر عن إنتاج الحق وتحويله إلى تقليد أو علاقة اجتماعية. إن النفس المتوترة، المشدودة بين حق تحس به ومستنقع الوضاعة يجذبها نحو الأسفل، والعاجزة عن الخروج من هذا الشرط قدر عجزها عن تغييره، هي نفس لا تتماسك إلا عبر حماية غضبها والحرص عليه. والحق الذي لا يتحول إلى واقع يتفجر في غيظ مستمر لا تمتصه وتسيطر عليه إلا العقائد المثالية. وإحباط فاعلية الناس الإيجابية في تحويل شروط حياتهم واكتساب التوازن من هذا التحويل، أي إحباط الفاعلية المنتجة للحق، سيؤدي إلى أن المصدر الوحيد الباقي للتوازن هو الولاء لمثل أعلى، وحماية هذا المثل بسورٍ من الغضب والهياج. وبالعكس، تنقلب وظيفة المثل الأعلى من توضيح الأهداف والغايات العامة إلى حصن لتثبيت هذا المزاج، بما يكفل تحويل الإخفاق الواقعي إلى شعور بالنصر الأخلاقي.
أما المآل النهائي ـ والمفارقة القصوى أيضا ـ لتحوّل الغضب من انفعال سوي إلى نظام وبنية ، فهو العجز عن الغضب بالذات. فإذا كان كل شيء يثير الغضب، حسب ما يقتضيه نظام الغضب، فلن يبقى شيء يثير الغضب فعلاً. أو بالأحرى إذا كنا نغضب حيال كل شيء، فلن نستطيع أن نغضب حيال الشيء المختلف عن الكل. لذلك فالقواعد الآمنة التي نسكن إليها بعد غضبات تزداد ندرة هي التحرر من الأوهام فاللامبالاة والاستسلام فالاستهتار والكلبية، وهي أطوار متقدمة متدرجة من دورة حياة نظام الغضب. أطوار تلف الأعصاب أو حتى انقطاعها بعد طول توتر. ليس من المفاجىء اذاً أن يكون الواقعيون الأشد تطرفا اليوم ثوريين سابقين متشددين، فقد أتلف هؤلاء الغاضبون المحترفون والمتعصبون أعصابهم في انتظار معركة "سحق الشائن" الفاصلة التي لن تأتي أبداً (فهي تمر كل يوم مرتدية أقنعة تنكرية). وهكذا فإن استواء الغضب نظاماً (أو مأسسة الغضب) هو أيضاً نهاية الغضب، كما أن تحوّل الهوان إلى عادة ونظام يجعل الهوان سهلاً، وكما أن تعوّد اليأس يحرر الذات من التقلب على سرير الآمال الشائك. لعل في ذلك بعض أسباب الشلل أو الغيبوبة العربية. فلن نستعيد قدرتنا على الغضب والشعور بالكرامة من دون التحرر من نظام الغضب، أي من تحالف تسافل الواقع مع تعالي المثل العليا، وإنتاجهما معاً للشلل الروحي والعقلي والعملي.
حلّلنا وجهاً من إيديولوجياتنا ومثلنا العليا لنشير إلى دورها في خلق نظام الغضب. فإزاء الفجوة بين الواقع السيىء والمثل العليا تركن الإيديولوجيات التي انسحب الواقع من تحت أيديها إلى الانسحاب من الواقع والاستسلام للتنويه الذاتي بقيمها ومُثلها وأهدافها. في عبارة أخرى، تعوّض تلك الإيديولوجيات من تعطيل فاعليتها في الواقع بتعطيل فاعلية الواقع عليها، وبانقطاع تأثيرها على الحياة بالارتفاع عن هذه الحياة وإدانتها. ترتفع دعوتها إلى المطلق بقدر ما ينحط الواقع إلى/ وينحل في نسبية مطلقة لا قوام لها. لكن رهان الوعي على المطلق يقترن دائماً باستسلام الإرادة للواقع، بل إن إطلاقية الوعي وسيلة للارتضاء السلبي بالواقع كما هو، وفي الوقت نفسه تقنيع لهذا الارتضاء السلبي.
ليس المطلوب التخلي عن المثل العليا، فما من ثقافة أو مجتمع يمكن أن يرتقيا من دون رصيد من القيم والمثل، لكن المطلوب عدم التغطية بالولاء لمثل عليا على الحاجة إلى معرفة الواقع وإلى خطط للعمل والتغيير. صحيح أنه لا خطط عمل من دون مثل عليا، لكن الأصح أن المثل العليا ليست في ذاتها خططا وبرامج عمل. وصحيح أن لا سياسة بلا أخلاق، لكن الصحيح أيضاً أن الأخلاق ليست في ذاتها سياسة.
إن نجاح الإيديولوجيات في التعويض من إقصائها، أي إقصاء المعتصمين بها، بإدانة الواقع وتغذية مشاعر الغضب، هو نفسه الذي يسدّ عليها آفاق الانفتاح على التجديد الفكري والفاعلية العملية، أي هو منبع إخفاقها من وجهة نظر الخلق والتأثير. قد نرصد هنا حلقة معيبة: فالإقصاء يثير الغضب الذي يبرر نفسه بالحق والتعالي عن الواقع الباطل، الذي يقود بدوره إلى زيادة حدة الشعور بالإقصاء. وهكذا يستمر تخارج الواقعي والمثالي، لكن يضاف إليه تخارج جديد بين الحق والحقيقة. فما يمنحه الغضب من شعور بالحق يضعف الحاجة إلى البحث عن الحقيقة، أي أن الحق يلعب دور "عقبة معرفية" في وجه اكتشاف الحقيقة.
والخلاصة أن نظام الغضب إنشاء إيديولوجي وإحباط واقعي في آن واحد. وتالياً فإن التحرر من الغضب يقتضي تفكيك نظامه، أي نقداً مزدوجاً لتعالي المثال ولانحطاط الواقع. فستبقى الذات العربية ساكنة إلى غضبها وفيه ما دامت لا تعثر على توازن بين المثالي والواقعي. وللتخلص من هذا التجاذب المرهق ستقع دائما تحت إغراء التطرف، التطرف في الواقعية والتطرف في المثالية. أما "المثل الأعلى" الذي نصبو إليه فهو سداد الوعي والعمل: تحويل المثل إلى قيمة موجهة بدلاً من حصنٍ للنفس اللوامة، وتحويل الواقع إلى موضوع للفكر والعمل بدلاً من مناسبة للندب والسخط. إن النفس المطمئنة، الراضية المرْضِيّة، هي النفس التي عثرت على ذاتها في فاعليتها الخلاقة. (عن ملحق النهار الثقافي")