سمير محمود
الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 02:11
المحور:
حقوق الانسان
ضحايا قلوب من حجر: ( 1 من 3)
اهتزت مصر فى عيد الفطر وللعام الثانى على التوالى إثر واقعة تحرش جنسى أبطالها مراهقون فى الشريحة العمرية بين 12 - 19 وضحاياها وفرائسها تحت العشرين.
الضجة والصخب الإعلامى الذى صاحب واقعة التحرش له ما يبرره. خاصة وقد وقعت فى أحد أحياء القاهرة الراقية وليست النائية, حى المهندسين وأشهر شوارعه جامعة الدول العربية الذى يكتظ بالمصريين والعرب والأجانب.
المجرمون والضحايا أصحاء أسوياء تماما, ليس بينهم ولا بينهن أسرى للإعاقة بأنواعها المختلفة والتى تضم تحت مظلتها 10% من تعداد سكان مصر (حوالى 75 مليون) أى حوالى 7.5 مليون بحسب أخصائيات الأمم المتحدة من بينهم 3% من المعاقين ذهنيا بدرجات متفاوتة لتلك الإعاقة بحسب إحصائيات اليونيسيف.
يملك الجناة والضحايا فى واقعة التحرش , كل الحقوق, أولها وأبسطها حق الحياة, اللهوواللعب والترفيه والاحتفال بالعيد, كما يملكون حق الصراخ طلبا للغوث, وقدرات حركية واسعة تمكنهم من الجرى إلى حد القفز فى الهواء هربا من العقاب.
النمر والأنثى
عدت بذاكرتى للوراء عام كامل، هناك فى قرية فقيرة بيوتها من الطوب اللبن, هى قرية الطويلة بطلخا محافظة الدقهلية ـ شمال مصر ـ ارتسمت ملامح مأساة فتاة مراهقة غير أولئك الذين يلهون ويلعبون فى الأعياد تحت أضواء العاصمة الكاشفة.
بدرية فتاة معاقة ذهنيا, إعاقتها بسيطة (بحسب اختبارات الذكاء) خرجت للعمل بالأجرة فى أرض أحد أثرياء قريتها, ,كانت علامات الأنوثة تسبقها أينما ذهبت, هى صحيح معاقة ذهنيا ولكنها أنثى مكتملة الأنوثة, تربص بها النمر, ابن صاحب العمل معتمدا على ضعفها وإعاقتها, فاغتصبها وأهدر شرفها فى التراب, ,بالصدفة البحتة اكتشف والدها (س.خ.م) وعرف منها الفاعل, وحاول صون عرضه واللجوء للثرى صاحب العمل لتصحيح الأوضاع, خاصة بعد أن وضعت بدرية (مولودها).. فتهرب صاحب العمل.. وأنكر ابنه فعلته; ومضى عامين دون أن تنل الضحية حقها، ودون أن ينل الجانى عقابه!
صابرين
من مدينة بورسعيد الباسلة إحدى مدن شمال مصر المطلة على البحر المتوسط, بحسب تقارير أمنية تناقلتها وكالات الأنباء دون ضجيج, أودعت أم معذبة ابنتها صابرين المعاقة ذهنيا إلى إحدى مستشفيات الأمراض النفسية بأبو حماد بالزقازيق ـ فى الدلتا شمال القاهرة ـ لتمضى سنوات فى العلاج .
قالت الأم: فوجئت بالمستشفى تعيد ابنتى صابرين إلى منزلنا ببورسعيد, كانت ابنتى تعانى فوق إعاقتها من متاعب فى القلب.. وبعد أيام وبالمصادفة اكتشفت أثناء عمل تحاليل أن ابنتى حامل فى الشهر الثالث.
صابرين فتاة فى سن المراهقة مزدوجة الإعاقة فاقدة للسمع عاجزة عن الكلام, أما والدتها فأبلغتنى أنها توجهت للشرطة لإثبات الواقعة التى نفتها بشدة إدارة المستشفي!
وقالت ضحي!
عنوان لا يسقط من الذاكرة لرواية بديعة للروائى الكبير بهاء طاهر, أما ضحى بطلة هذه السطور فهى فتاة فى السابعة عشر من عمرها, ولدت بإعاقة ذهنية حرمتها من أن تعيش أجمل سنوات شبابها خاصة فى ظل جحود المجتمع والإهمال الحكومى لحقها فى الصحة والتعليم والرعاية.
سعادة ضحى الكاملة تكمن فى الخروج إلى الشارع واللعب مع بنات الجيران, أو بنات خالتها كلما زارتهن الجمعة من كل أسبوع.. أما يوم الجمعة الحزينة الذى لا تنساه والدتها فكان حين قررت أن تخرج ابنتها الكبرى وتصطحب ضحي معها إلى حيث تشترى سلعا تموينية للأسرة.
تقول الأم: "فى هذا اليوم الأسود خرجت الأبنة الكبرى ومعها ضحى, وهناك حيث محل البقالة, زاغت عين الذئب ـ عم عثمان البقال الرجل الكبير ـ على ضحى التى استكثر عليها جمالها ولم يرحم إعاقتها, فدبر حيلة للإيقاع بفريسته, فأقنع شقيقة ضحى بنقل المواد التموينية إلى منزلها على مرتين, وترك ضحى بجوار ما تبقى لنقله فى المرة الثانية, وما أن خلا له الجو حتى أغلق بوابة دكانه وافترس ضحى واعتدى عليها جنسيا بوحشية, ثم هددها إذا فتحت فمها وأبلغت أسرتها.
المصادفة وحدها تكشف ويلات ضحايا القلوب والضمائر الميتة, ففى إحدى مدارس التربية الفكرية التى تتردد عليها ضحى لاحظت المربية خدوش وجروح بأنحاء جسد الفتاة النحيل, فسألت ضحى عن السبب فأبلغتها الذبيحة بالفاعل، فاستدعت المربية الوالدين اللذان فقدا عقلهما وحررا محضرا بالواقعة ليسقط المجرم ويعترف بجريمته.
ذئاب الحراسة !
ماذا جرى للناس ، هل نعيش فى غابة ، حالتنا فى عالمنا العربى ليست أفضل كثيرا من جيراننا فى أفريقيا التى أفادت آخر تقارير منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية إن أطفالا صغارا بعضهم لم يتجاوز السادسة من العمر يتعرضون لانتهاكات جنسية من قبل جنود حفظ السلام وعاملين في منظمات إغاثة دولية.وقالت المنظمة إن الأطفال في مناطق النزاعات يتعرضون للانتهاكات من قبل نفس الأشخاص الذين يعملون على حمايتهم.
وأضافت المنظمة أنه بعد إجراء أبحاث في ساحل العاج وجنوب السودان وهايتي فإنه ينبغي إنشاء هيئة رقابة دولية للتعامل مع هذه المشكلة.وقالت الأمم المتحدة إنها ترحب بهذا التقرير لكنها ستدرسه جيدا.
المنظمة البريطانية أكدت أن أكثر الجوانب صدمة في الانتهاكات الجنسية بحق الأطفال هي التي لا يتم الإبلاغ عنها والتي لا يتم عقاب من ارتكبها، وذلك بسبب خوف الأطفال من التحدث عنها.
أضع يدى على قلبى من الوجع حين يتحول الحارس الأمين على الأطفال تحت الخطر إلى ذئب مفترس ووحش كاسر ، وأترك الهم الأفريقي وأعود لبنات بلدى فى قلب القارة السمراء ، ضحى وصابرين وبدرية فهؤلاء ليسوا إلا نقطة فى بحر كبير وهائج لا يرحم لانتهاك حقوق المراهقين من الجنسين المعاقين ذهنيا. أما الكارثة الأكبر والأضخم فتكمن فى ضحايا الانتهاك الجنسى من المعاقين ذوى الاحتياجات الخاصة الذين حرموا من الأب أو الأم أو كلاهما فأصبحوا أسرى الإعاقة واليتم والاغتصاب وسوء الاستغلال معا.
اليتيمتان
ليس عنوانا لفيلم عربى شهير فقط ولكن تلخيصا لمفهوم شائك حارت فيه الدراسات والبحوث الاجتماعية التى رحت أقلب فيها وأبحث عن نهاية لحيرتى حول المفهوم.
فبحسب اليونيسيف وشركاؤها في أنحاء العالم يعرف "اليتيم" بأنه طفل فقد أحد والديه أو كليهما. وطبقاً لهذا التعريف، يوجد أكثر من 132 مليون يتيم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وفقا لإحصاء عام 2005. ولا يمثل هذا الرقم الضخم عدد الأطفال الذين فقدوا والديهم كليهما، بل أيضاً الأطفال الذين فقدوا أباً ولكن توجد لديهم أمّ باقية على قيد الحياة، أو الأطفال الذين فقدوا أماً ولكن لا يزال الأب على قيد الحياة.
ومن بين أكثر من 132 مليون طفل يُصَّنفون بأنهم أيتام، فقد 13 مليون طفل فقط كلا والديهم. وتظهر الأدلة بوضوح أن الغالبية العظمى من الأيتام يعيشون مع جدّة لا تزال على قيد الحياة، أو مع شخص آخر من أفراد الأسرة. ويتجاوز 95 في المائة من جميع الأطفال اليتامى خمس سنوات من العمر.
وبحسب الفهوم الواسع لليتيم والذى تبنته اليونسيف يمكن تفسير إحصاءات هذه المنظمة بأنها تعني وجود 132 مليون طفل في العالم بحاجة إلى أسرة جديدة، أو مأوى، أو رعاية. لذلك فقد يؤدي سوء الفهم هذا إلى استجابات قد تركّز على توفير الرعاية للأطفال بدلاً من دعم الأسر والمجتمعات المحلية التي ترعى الأيتام ممن هم في حاجة إلى الدعم.
الفقراء لهم الله
اليتيمة المعاقة هدى 17 عاما ، ليست ضحية ذئب جاهل أو عاطل أو مدمن كغيرها.. وإنما هى ضحية كونها أنثى أغرت أنوثتها صيدلي.. حينما كانت متوجهة لإحضار الدواء لوالدتها المريضة بينما كانت أختها بالمدرسة. غازلها الصيدلى فلم تستجب فدعاها للدخول إلى غرفة ملحقة بالصيدلية لإعطاء الحقن وهناك افترسها!
أتوقف مليا أمام المحضر رقم 2822 إدارى مركز سنورس بالفيوم لسنة 2008.. واسترجع الواقعة المرة التى تعرضت لها يتيمة معاقة تدعى سمية ش.م 17 عاما أيضا.. كلهن تحت العشرين ـ معاقات ذهنيا.. لاحظ 5 مراهقات أعمارهن 19 سنة, أن الفتاة تجلس بمفردها لساعات فى ميدان قرية سنهور القبلية على مدى أربعة أيام متتالية فوسوس الشيطان لهم وقرروا افتراسها, لم تكن يتيمة معاقة فقط, بل كانت فقيرة, مزقها الجوع, وبرغيف فينو وبضعة جنيهات أعطوها لها, استجابت لهم وركبت معهم "توك توك" ـ وسيلة مواصلات مصرية ـ بدعوى قيامهم بتوصيلها لمنزلها, وهناك فى قلب الزراعات وقرب المدافن نهشوا عرضها وتناوبوا الاعتداء عليها وأختها أحدهم فى النهاية وألقاها فى الطريق العام فى حالة إعياء شديد.. لم يرحموا إعاقتها, ويتمها, نهشوها وتركوها تنزف بين الحياة والموت."لأننا فقراء.. والفقراء لهم الله" قالتها الأم سيدة سيد عبدالعاطى سلطان 60 عاما, وغرقت فى بحر من الدموع.
الإدمان يلتهم الصرع!
كل شيء مباح داخل المناطق العشوائية التى تعانى الفقر والتلوث ـ أحد أسباب الإعاقات.أوراق القضية رقم 22420 لسنة 2006 جنايات الساحل لمحكمة جنايات القاهرة تفسر ذلك حيث تشير إلى الواقع المر الأليم لفتاة تحت العشرين معاقة ذهنيا ومصابة بالصرع الذى التهم كل دخل والدتها مديحة بائعة الخضار.. ولأنها تقطن غرفة مشتركة مع جيران لا يفصل بينهما سوى إطار خشبى عليه ستارة من قماش يطلق عليه مجازا باب, فمن السهل استباحة الأعراض دون تمييز أو رحمة. هذه المرة نحن أمام جريمة اغتصاب نفذها جامعى عاطل ومدمن استغل غياب الأم عن البيت وتسلل إلى الابنة المعاقة الضعيفة, ولسوء حظه عادت أم الفتاة لأخذ شيء من المنزل فوجدت ابنتها عارية تماما فى حضن ابن الجيران فصرخت بأعلى صوتها لتتولى العدالة بحث القضية.
ومن القاهرة العاصمة إلى الوراق بمحافظة الجيزة وضحية جديدة لفتاة مختلة عقليا لأب عاطل.. انفصل عن زوجته, تركها هائمة بالشوارع ضحية للذئاب البشرية الذين اغتصبوها فوق سطح أحد المنازل فى وضح النهار لتعود إليه وملابسها ملطخة بالدماء.
كشف المستور!
الفارق بين ضحى وصابرين وبدرية وأخواتهن من المعاقات ذهنيا واليتيمات, أنهن لا ينطقن.. لا يصرخن.. لأن بعضهن أصم, وأغلبهن لا ينطق تحت الخوف والتهديد.. فيستسلمن للجناة, ويصبحن فريسة سهلة لإعادة سيناريو الاغتصاب الهابط مرات ومرات لغياب الردع ولضعف العقوبة بسبب المادة (17) من قانون العقوبات ولأنهن ينتمين لليتم والفقر, فلا أحد يراقب أو يحاسب. لتترك مأساتهن رهنا للمصادفة وحدها, التى ينكشف خلالها المستور والمسكوت عنه.
اغتصاب وانتهاك وإساءة استغلال المراهقات والمراهقين من ذوى الاحتياجات الخاصة, والمعاقين ذهنيا تحديدا ومزدوجى الإعاقة من الأيتام يفتح ملف مراهقة المعاقين على مصراعيه بعد التقارير والدراسات الميدانية التى حذرت من الظاهرة والتى دقت ناقوس الخطر لحفلات الجنس الجماعى لأطفال الشوارع أسفل الكبارى والأنفاق وفى مقالب القمامة وقرب الزراعات والمدافن وجرائم استغلال الأطفال.. كل هذا يجعلنا نعاود السؤال ورحلة البحث الشاقة من جديد عن مراهقة الأطفال والمراهقين المعاقين والأيتام وسبل حمايتهم.. وعن احتياجاتهم النفسية والجنسية..وعن التربية الجنسية وزواج المعاقين ذهنيا وهو ما نتناوله تفصيلا فى التقرير التالي.
د .سمير محمود
[email protected]
ضحايا قلوب من حجر: (2من 3)
مراهقة المعاقين ذهنيا!
*البعض يستأصل رحم الأبنة خشية تعرضها للاغتصاب وآخرون يفضلون التعقيم الإجباري ولا عزاء لحقوق الإنسان!
د. سمير محمود
[email protected]
الإحصاءات فى مصر كارثة بكل المقاييس فلا تتفق جهتان حول إحصاء واحد بشأن قضية واحدة, وخلال رحلة بحثى عن رقم فعلى للمعاقين بمصر ترواحت الأرقام ما بين الـ2.5 مليون معاق (من الجهات الرسمية المتفائلة) مرورا بـ7.5 مليون قياسا على ان نسبة الإعاقة فى أى مجتمع 10% من سكانه وقد تجاوزنا بحسب آخر تعداد الـ75 مليونا, أما جمعيات رعاية المعاقين فتجزم بأن العدد قارب الـ10 ملايين معاق وان 3% منهم فقط ينالون الرعاية الكافية وان أكثر من6% منهم مصابون بإعاقات ذهنية تتراوح درجاتها من ما بين البسيطة والشديدة والمتوسطة بحسب اختبارات الذكاء المعروفة.
مجهولوا النسب
المجلس العربى للطفولة والتنمية حذر فى تقرير له من زيادة أعداد المعاقين ذهنيا والمضطربين نفسيا فى المجتمع المصرى بسبب تلوث بيئة مصر وقلة جمعياتها الأهلية المهتمة بالمعاقين (2207 جمعية)، وكما أن هناك معاقين ذهنيا وأيتام فهناك من هم أسوأ حظا, فوق الإعاقة الذهنية واليتم هناك أعداد لا حصر لها تضج بها مراكز وجمعيات التثقيف الفكرى من مجهولى النسب الذين لا اسم لهم ولا هوية ولا أصل ولا أهل ولا عنوان، ولا تملك جهة فى مصر إحصاء دقيق بهم!
دخلت فى رحلة بحثى إلى مركز التثقيف الفكرى للمعاقين ذهنيا بالجيزة, وسمعت صرخاتهم وهمهمتهم غير المفهومة من الأبواب الحديدية الخارجية, زهور بريئة, عيون حزينة.. نظرات ذابلة منكسرة بعضهم لا يتحرك, يتناول الطعام بمساعدة آخرين.
عرفت من مدير المركز أحمد شعبان أنهم أتوا هنا إما عن طريق الشرطة التى تعثر عليهم فى الشارع بعد أن يطردهم الأهل من رحمتهم أو يتخلصوا منهم بلا رحمة أو شفقة أما تحت وطأة الفقر, أو عدم القدرة على رعايتهم أو الحرج الاجتماعي.. يتلقفهم الشارع بذئابه التى لا ترحم. أو تحتضنهم المراكز وتمنحهم أسماء افتراضية, ليبقوا أسرى هذه الجدران الأشبه أحيانا بالزنازين, ولكن كيف نلومها وهم أرحم من الأهل الذين فرطوا فى حبات القلوب دون وازع من ضمير.
أتوقف هنا عند واقعة مؤلمة بطلها زبال استغل المعاملة السيئة من أسرة لابنتهم المراهقة المعاقة ذهنيا وعمرها 18 عاما, حيث كانوا يقيدونها من يدها وقدميها ويتحفظون عليها فوق سطح منزلهم حتى لا تواجه الناس وحتى لا تخرج للشارع, فكان مصيرها الاغتصاب على يد العجوز الذى أوهمها بفك قيودها فأطاعته!
أتوقف أكثر عند الانتهاكات الجنسية للأطفال والمراهقين المعاقين ذهنيا والأيتام ومجهولى النسب والتى تحدث فيما بينهم سواء فى الشوارع أو حتى مراكز ومؤسسات الرعاية الفكرية ذاتها وأبحث عن الرقابة الغائبة.
تحت المراقبة
دراسة مهمة صادرة عن المركز القومى للبحوث حذرت من أن جرائم استغلال الأطفال فى الجنس سجلت 18% من إجمالى الجرائم التى وقعت ضد الأطفال خلال العشر سنوات الماضية.
الدراسة أجرتها الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائى ورئيس قسم بحوث المعاملة الجنائية, مؤكدة أن أسوأ صور استغلال الأطفال وأكثرها شيوعا فى مصر ثلاثة أنماط هى الاستغلال فى مجال العمل والاستغلال الجنسى "التحرش" هتك العرض, الاغتصاب والبغاء.
دراسة الدكتورة شهبة بررت بكل أسف سر إدراج مصر تحت قائمة الدولة الأولى بالمراقبة ، وفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة لعام 2006 ضمن قائمة الدول التى توصف بالمعبر والمصدر والمصب للاتجار بالبشر خاصة الإناث بغرض الاتجار الجنسى.
الدكتورة سهير عبدالمنعم الأستاذة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أكدت فى دراسة لها حول الموضوع نفسه أن مصر بالفعل تعتبر بلد منبع ومصب لأنها لا تلتزم بالحد الأدنى للمعايير الدولية وتعانى من ارتفاع عدد الضحايا ـ الذين تحدثن عن حالات لهن فى التقرير السابق ـ مشيرة إلى أن أسوأ صور استغلال الأطفال والمراهقين بمصر هى الدعارة وبيع القاصرات للأثرياء العرب وانتشار زواج الكبار من الأطفال.
وجع فى قلب الوطن
30 مليون معاق فى الوطن العربى بحسب الإحصاءات الدولية التى توفرت لنا يشكلون وجعا فى قلب الوطن, وألما لأسرهم, بعض الأسر تتخلص منهم بالطرد فى الشوارع أو إيداعهم مؤسسات خاصة, مع ترك بيانات خاطئة عن هويتهم وعناوينهم حتى تتخلص الأسر من صداع الاتصال المتكرر من مؤسسات ومراكز الرعاية.
لا تتصلوا إلا إذا مات, أطلبونا لنأتى نتسلم جثته قالها نقلا عن أحد الآباء, محمد السيد الأخصائى بمؤسسة التثقيف الفكرى للأيتام الضالين والمعاقين ذهنيا. عبارة الأخصائى الاجتماعي نزلت على رأسى كالصاعقة.
لكن هل الاحتياجات الجنسية فى مرحلة البلوغ عند المعاقين خاصة المعاقين ذهنيا هى مشكلة بالنسبة لهم ولأسرهم أم أنها تطور طبيعى يعيشه هذا الفتى أو تلك الفتاة؟
مشكلات جنسية
"المراهق المعاق ذهنيا ليس متخلفا جنسيا" عبارة حادة واضحة أكدتها عدة دراسات طبية للدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس مؤكدة, ان المراهق المعاق ذهنيا يمر بنفس مراحل نمو المراهق الطبيعى ـ (نمو انفعالى جنسى اجتماعى جسمى), لكن الخوف يكمن فى ردود فعله كمراهق غير طبيعى, حيث انه من السهل استثارته جنسيا, لذا مراقبته فى مرحلة ما قبل البلوغ واجبة, ويجب تفريغ طاقته فى الأنشطة والرياضية والكمبيوتر بشرط وضعه فى مكان مفتوح تحت رقابة الأسرة ويجب توجيهه بهدوء دون عنف حينما يحاول التصرف بشكل غير لائق كما يجب فصله عن أخوته الإناث مع توجيهه وإرشاده لمعنى التحرش الجنسى بداية من الألفاظ ومرورا بالحركات لتعويده على كفاية حماية نفسه إذا ما تعرض لظروف مشابهة.
تتفق العديد من الدراسات الطبية النفسية المتخصصة فى ان معظم الأفراد المعاقين ذهنيا يمرون بمراحل النمو الطبيعى التى يمر بها الأفراد غير المعاقين كما قلنا, ليصلوا إلى ذروة البلوغ الجنسى, كما ان لهم احتياجاتهم الجنسية التى ان لم يتم إشباعها بالطرق السليمة أسيئ إشباعها أو وقع المعاقين ذهنيا تحت وطأة سوء الاستغلال الجنسى والتمادى فيه جراء الإشباع الذى يتحقق للفتى أو الفتاة.
ونظرا لضعف إدراك بعض المعاقين ذهنيا للقيم والمعايير التى تحكم السلوك الاجتماعى فإن كثيرين منهم لا يميزون بين السلوك الاجتماعى المقبول وغير المقبول وللأسف يسئ ضعاف النفوس استغلال ذلك لدى المعاقين ذهنيا, خاصة إذا علمنا أنهم فئة أكثر انقيادا للآخرين.
زواج المعاقين ذهنيا
أعود لقصص عديدة لفتيات معاقات ذهنيا تعرضن لانتهاكات جنسية بالغة وأطرح السؤال.. ماذا تفعل الأسر؟ وأتلقى إجابات تعتصر مرارة على لسان الأهل والخبراء فى جمعية سيتى وشموع لرعاية المعاقين:
"صدرها كبر وتتحرك كثيرا بلا وعى وولاد الحرام ما سبوش لولاد الحلال حاجة.. أخاف أسيبها لوحدها لحسن تضيع". قالتها سيدة حسين ربة منزل وأم لمراهقة منغولية عمرها 15 عاما.
"عايزة أخرج وألعب.. أنا بحب عمر وعايزة أتجوزه" بصعوبة بالغة قالتها "ليلى" 19 سنة تعانى تأخر عقلى وتقيم بمركز سيتى لجميع أنواع الإعاقات لتفجر قضية حق المعاقين ذهنيا فى الزواج.
تعقيم إجبارى
أما دراسة الدكتورة سمية طه الأستاذة بجامعة اﻻسكندرية وعنوانها "اتجاهات الوالدين نحو زواج أبنائهم المعاقين ذهنياً " فقد أكدت حق المعاق في ممارسة حياته بصفه عادية بحيث يأكل ويشرب ويتعلم ويتزوج وتأمين مستقبله من خلال صناديق الرعاية اﻻجتماعية بالدولة المخصصة لدعم معيشة المعاقين سواء كانت اﻻعاقة جسدية أم ذهنية .
وحول رأيها فى القضية قالت الدكتورة سمية: في بداية القرن العشرين تزايدت مشاعر الخوف والرفض داخل المجتمع الأمريكي ضد المعاقين ذهنيا حيث تم النظر إليه علي اعتبار كونه سببا مباشرا في إفساد المجتمع الأمريكي وإتلاف الجينات البشرية إذا تم السماح لهم بممارسة العلاقات الجنسية بل تم تقنين اﻻمر تشريعياً بحرمان المعاقين ذهنياً من حقهم في ممارسة حياتهم الزوجية وإذا أرادوا بسبب الضغط الشعبي فانه يتم اللجوء لوسيلة تعقيم هؤﻻء اﻻفراد المعاقين ذهنياً .
دراسة الدكتورة سمية أوضحت أن عدة وﻻيات أمريكية قامت بفرض التعقيم الإجباري علي المعاقين وكانت وﻻية انديانا أولي الوﻻيات استجابة لتلك االدعوي عام 1907 وتبعتها العديد من الوﻻيات اﻻخري . واستمر العمل بتلك القوانين حتي النصف الثاني من القرن العشرين بعدما ظهرت جماعات حقوق اﻻنسان تبعها اﻻعلان الأمريكي لحقوق المعاقين ولهذا فلابد أن تتواكب الرؤية العربية مع تلك اﻻتجاهات العالمية في ذلك اﻻعتراف العالمي بحقوق المعاقين ذهنياً لتأهيل أنفسهم اجتماعيا واندماجهم في المجتمع .
وقد أباح مفتي مصر الدكتور علي جمعة للمعاق ذهنيا أن يتزوج :
"من حق المعاق ذهنياً أن يتزوج ما دامت أركان الزواج متوافرة، فإن كانت الشريعة الإسلامية قد أباحت زواج المجنون من مجنونة، فزواج المعاق إعاقة عقلية بسيطة جائز من باب أولى، ولا حرج فيه ما دام محاطاً بالحرص على مصلحته محفوفاً برعاية منافعه".قالها مفتى الجمهورية قبيل إعلان فتواه.مضيفا أن"الأصل أن القائم على رعاية المعاق ذهنياً والوالدين أو أحدهما، تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة دائرة معها، فإن كان الزواج في مصلحته من الناحية النفسية أو الصحية أو حتى المادية، فلا يجوز شرعاً الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو قريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات والروابط التي تنظم حياة هؤلاء المعاقين".
وأشار جمعة إلى أن تأخير زواج المعاقين ذهنياً وتأخير جلب المصلحة لهم، حيث توافرت مقدماتها، فيه تقصير وإثم بقدر تحقق تخلفهم عن توصيل هذا الخير الذي يغلب على الظن حصوله للمعاقين، موضحاً أن من يقوم بتحديد المصالح البدنية والنفسية من هذا الزواج هم الأطباء المتخصصون، وعند الاختلاف والنزاع في كون الزواج مصلحة للمعاق من عدمه يتم اللجوء للقضاء لرفع هذا النزاع.
وقال "وعليه فلا يمنع المعاق ذهنياً من الزواج، لأن الزواج شيء والإنجاب شيء آخر، فالزواج فيه أنس ورحمة ومودة وتعاون ومصاهرة ومعان سامية كثيرة، ولو كان الإنجاب ضرورياً لازماً مرتبطاً كلياً بالزواج، لما صح زواج الآيسين أو العقماء ـ وهذا الموضوع يدلى فيه الخبراء وأهل الاختصاص بدلوهم ـ على عدم الإنجاب أو تأخيره أو تحديده بحسب المصلحة لكل حالة على حدة".
الدكتورة آمنة نصير العميد اﻻسبق لكلية الدراسات اسﻻلامية بنات بجامعة اﻻزهر استنكرت كلام الرافضين اﻻعتراف الشرعي بحق المعاقين ذهنياً في اﻻرتباط سواء كان زوجاً ام زوجة ام كان اﻻثنان من المعاقين ذهنياً موضحة انه يجب إعمال العقل الذي يقرر ان الجانب الغريزي ﻻ يختلف لدي السليم عن المتخلف ذهنياً حيث يوجد عند الجانبين دون ت فرقة بينهما وبالتالي فان قضاء ذلك الجانب الغريزي في طريق مشروع أولي من تركه للأهواء .
رغم أن الأسرة هي الخلية الأولى لبناء المجتمع، إلا أن هذه النظرة تختلف نسبيا في حالة المرأة المعاقة، قالتها الدكتورة سعيدة حسني، أستاذة التاريخ المعاصر بآداب القاهرة ولقد ازدادت ظاهرة العنوسة بشكل عام، إلا أن الأمر تزداد حدته بين الفتيات المعاقات، ومن هنا يبدو الأمر مضاعفا؛ باعتبارها فتاة أولا ومعاقة ثانيا، بخلاف نوع الإعاقة الذي تعاني منه.
وتؤكد د. سعيدة على أن هذه المشكلة يشترك في تكريسها ثلاثة أطراف تعتبر الأسرة أولها؛ حيث يلعب استيعاب أفرادها للإعاقة دورا كبيرا في تأهيل الفتاة للدخول في كافة جوانب الحياة، فبعض الأسر تعتبر أن مسئوليتهم توقفت بمجرد التحاق ابنتهم المعاقة بإحدى الجمعيات الأهلية، وهذه الجمعيات هي الطرف الثاني في المشكلة؛ فقد تساهم بشكل أو بآخر في الفصل أو خلق فجوة بين المعاق وأسرته. أما الطرف الأخير فهو المجتمع؛ فالأمر لن يتوقف عند ضرورة إدماج المعاق في ذلك المجتمع، لكنه يمتد إلى أهمية احتواء المجتمع نفسه للمعاق، وإنشاء مدارس وجامعات ومنازل خاصة به.
وعن موقف الأسرة نفسها من زواج الفتاة المعاقة، تقول الدكتورة سعيدة حسني، قد تعارض بعض الأسر في زواج ابنتهم المعاقة في بعض الأحيان؛ باعتبارها غير قادرة على تحمل المسئولية، أو أنها غير مؤهلة للاعتناء بأطفالها وتربيتهم بشكل صحيح، وقد تلجأ بعض الأسر إلى استئصال رحم الفتاة -خاصة لو كانت معاقة ذهنيا- كي لا تصبح وصمة عار في حالة تعرضها للاغتصاب؟!
لكن هل بالزواج وحده تحل مشكلة المعاقين ذهنيا من الأيتام ومجهولى النسب أو حتى الذين يعيشون وسط أسرهم؟ الإجابة فى التقرير المقبل.
د. سمير محمود
[email protected]
ضحايا قلوب من حجر: ( 3 وأخيرة)
للمعاقين ذهنيا رب يحميهم!
د سمير محمود
[email protected]
ليس بالزواج وحده تحل جميع مشكلات المراهقين المعاقين ذهنيا!
حقيقة تقف واضحة وضوح الشمس، فى وجه التجميل الزائف لأحوال ملايين المعاقين فى مصر والعالم العربى وشمال أفريقيا.وحين تدق منظمات حقوقية أجراس الخطر محذرة من أن الخوف يكمن مستقبلاً فى تفشى ظاهرة أطفال الشوارع المعاقين ذهنيا،خاصة فى ظل زيادة معدلات طرد الأسر لأبنائها المعاقين ذهنيا فى مراحل عمرية مختلفة ، تحت وطأة الفكر وقلة الحيلة ، وفى ظل طرد بعض مؤسسات ومراكز الرعاية والتأهيل – على قلتها وسوء تجهيزها وضعف إمكاناتها- لهؤلاء الضحايا الأبرياء ، يصبح مقلقا للغاية أن نتقبل بهدوء ومن دون إجراءات حاسمة ما يرد فى التقارير الأمريكية حول ظاهرة الاتجار بالبشر من حيث بيع الأطفال وانتهاكهم جنسيا والاتجار فى أعضائهم وتزويج القاصرات منهن للأثرياء وهى آفة يعانى منها عالمنا العربى فما العمل ، وما دور قوانين حقوق الإنسان وقوانين واتفاقيات حماية الطفل ودور الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى فى هذا الشأن .
وتصنف الحكومات التي تنطبق عليها المعايير التي تم وضعها في قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر في الفئة الأولى.أما الفئة الثانية فتضم الدول التي تثبت التزاما بمعالجة مشاكلها، ولكنها لم تبلغ مستوى المعايير الدولية بعد. وتضم "لائحة المراقبة" في نفس الفئة الثانية الدول التي تبدي دلائل على معالجة قضايا الاتجار بالبشر، في حين تصنف الحكومات التي لا تبذل جهودا ملحوظة للتقيد بالمعايير الدولية في الفئة الثالثة.
وقد آثار التقرير الأمريكي الأخير حول الاتجار بالبشر ردود فعل غاضبة في دول الخليج العربية بعد أن أبقى أربع دول منها هي المملكة العربية السعودية والكويت وسلطنة عمان وقطر على قائمة سوداء تضم 14 دولة لم تبذل أي جهد لمكافحة الاتجار بالبشر.
وتضم القائمة التي ذكرها التقرير السنوي عن الاتجار بالبشر -الذي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية في الفترة بين أبريل 2007 ومارس 2008 وشمل 170 بلدا- أيضا كلا من الجزائر والسودان وسوريا وإيران، فضلا عن كوريا الشمالية وكوبا وبورما.
قانون الطفل المصرى
جهود مصرية كبرى تبذل فى سبيل تحسين الوضع ، وبحسب الدكتورة مشيرة خطاب أمين المجلس للقومى للطفولة والأمومة ، تتواصل جهود مناقشة تعديلات قانون الطفل المصرى رقم 126 لسنة 2008ضمانا لمظلة حقوق أشمل لكل الأطفال بما فيهم ذوى الاحتياجات الخاصة فضلا عن إنشاء خط تليفونى لنجدة الاطفال برقم ( 16000) الذى تلقى أوائل هذا العام قرابة ال700مكالمة يبلغ فيها المتصلون عن 108 حالات تحرش جنسى بالأطفال و586 حالات اعتداء جنسى شكلت فيها الإناث 51% من الضحايا والذكور 49% فى المرحلة العمرية ما بين 5 و 19 عاما.
تؤكد خطاب ان المتصلين رفضوا الإدلاء ببيانات تفصيلية عن الاعتداءات الجنسية خشية الفضية ، إلا أن معدلات الإبلاغ الزائدة فى نظرها تعكس الوعى بخطورة وأهمية الإبلاغ عن الجريمة .
تواصلنا مع خط النجدة لنعرف تاريخه وحقيقة دوره فى خدمة قضايا وحقوق الطفل فى مصر ، فعرفنا ان خط نجدة الطفل(16000) تلقي منذ بداية عمله في عام2005(900) ألف حالة بلاغ.. بمعدل(26) ألف بلاغ شهريا حول حالات عنف موجه ضد الأطفال.هذا ما أكدته الدكتورة منال شاهين مديرة الخط وذكرت إه من خلال البحث والتحرى الذى يقوم به فريق العمل بالخط والمكون من مجموعة من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، تبين ان (30%) من إجمالي هذه البلاغات.. معاكسات!! وليس لها اي أساس من الصحة.و ان(80%) من الاتصالات تأتي من أمهات يشتكين من عنف موجه لأطفالهن من قبل الآباء غالبا! كما يتلقي الخط شكاوي من عنف موجه ضد الأطفال من مدرسيهم في المدارس المختلفة لاسيما الحكومية.. وتعد القاهرة أكثر المحافظات في تلقي بلاغات.. تليها الإسكندرية.. ثم القليوبية. ويعمل الخط من الساعة(10) صباحا حتي (1) ظهرا.. ومن(5) عصرا حتي(9) مساء.
مشروع حماية
فى محافظة الإسكندرية وقفنا على مشروع آخر هو بدء برنامج حماية الأطفال المعرضين للخطر والذى يتم برعاية حكومية وتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى مستهدفا 8 آلاف طفل بالمحافظة خلال فترة التطبيق من 2006- 2011. ونفتح أقواس هنا لنشير إلى أن قانون الطفل المصرى بتعديلاته الأخير ة ينص فى مادتيه 97 و98 على إنشاء لجنة بكل محافظة من محافظات مصر ( وعددها 28 محافظة) تكون مسئولة عن وضع وتنفيذ سياسة لحماية الطفل تحت مظلة حكومية وبتعاون اقليمى ودولى من مؤسسات المجتمع المدنى ورجال الأعمال.
حسنا فعلت محافظة الإسكندرية التى أخذت زمام المبادرة فى هذا المشروع العلمى المنهجى الذى يستهدف خدمة أطفال 6 أحياء هى الأفقر فى هذه المحافظة على حد قول علاء عبد الخالق مدير المؤسسة القومية لتنمية الأسرة والمجتمع ومستشار اليونسيف ، مؤكدا أن هذا المشروع تدعمه اليونسيف بالتعاون مع المجلس القومى للأمومة والطفولة وبمشاركة المجتمع المدنى ويقوم على الرصد العلمى الدقيق والمسح والتقصي عن الأطفال الذين يتعرضون لأنواع الإهمال والإساءة والحرمان والعنف والتمييز وفقد الرعاية والأيتام وأطفال الشوارع ، وذلك من خلال فريق مدرب من الباحثين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين ، وبمقتضى المشروع تتم دراسة كل حالة على حده وعرضها على لجان الحماية التى تجتمع دوريا للبت فى هذه الحالات.
تأهيل المغتصبات
كانت دراسة مهمة للدكتورة فادية أبو شهبة استاذ القانون الجنائى ورئيس قسم المعاملة الجنائية بالمركز القومى للبحوث حول اغتصاب الإناث قد طالبت العام الماضى بإنشاء دور رعاية نفسية وإعادة تأهيل لاستيعاب المغتصبات خاصة وقد أوضحت الدراسة ان 15.4% منهن تحت سن 18 عاما .
اقتراح دراسة أبو شهبة على أهميته لا يجب أن ينسينا جهود مكافحة الجريمة ومنعها من الأساس ، وبحيث يكون إنشاء الجمعيات مواز أو تال لخطوات وجهود حماية ورعاية الأطفال والقاصرات والمعاقين ذهنيا والأيتام على وجه الخصوص، على حد قول الدكتورة عايدة مازن مديرة مؤسسة مازن لرعاية المعاقين والتى اقترحت من جانبها إنشاء مدن كبرى للمعاقين خارج حدود العاصمة ليس لعزلهم عن المجتمع وإنما لاعتبارات المساحة والزحام على أن تضم هذه المدن أماكن ملائمة للإقامة آمنة وصديقة للبيئة وتضم المراكز الطبية والعلاجية التأهيلية فضلا عن عدد من الورش لتعليم المعاقين الحرف المختلفة ومزارع للدواجن والإنتاج الحيواني ومساحات خضراء وأراضى للزراعة ، وهى بهذا تستوعب طاقات المعاقين وتوفر لهم فرص أوسع لممارسة حياتهم الطبيعية بما يؤهلهم سريعا للاندماج فى المجتمع حتى ولو كانوا أيتاما.
كلام الدكتورة عايدة يحتاج دعم ضخم يصل لملايين الجنيهات ، ويحتاج لتكاتف حقيقى من رجال الأعمال ورموز المجتمع ومؤسسات المجتمع المدنى ومشاهير الفن والرياضة، على غرار مؤسسة الأطفال حفاة القدمين للمغنية الشهيرة شاكيرا فى كولومبيا والتى قررت أخيرا توسيع نشاطها فى مجال رعاية الأطفال الفقراء فى جميع أنحاء العالم عن طريق تقديم المعونات والمساعدات والمساهمة فى إقامة المؤسسات الخيرية، ورجال الدين والإعلام ، بخلاف الدعم الحكومى اللازم لتوفير الأرض والمرافق والتجهيزات الأولية لهذا المشروع العملاق ، والذى يمكن أن يفتح أفاق للعمل والتدريب للمهتمين بذوى الإعاقات الخاصة من الدارسين لعلوم النفس والاجتماع والطب النفسى والخدمة الاجتماعية ، بدلا من أن تظل دراساتهم مكتبية ورقية بحتة لا تمت للواقع بصلة ولا تعكس دراستهم ألوان وصنوف المعاناة والحرمان التى يلاقيها المعاقين ذهنيا على حد قول د فاطمة الشيش رئيس مجلس إدارة جمعية (ستيب باى ستيب)أو خطوة بخطوة.
أبواب جهنم
أما حافظ أبو سعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فأكد انه من غير المقبول قانونيا ولا دستوريا ولا مجتمعيا ترك المعاقين ذهنيا وذوى الاحتياجات الخاصة الأيتام فى الشوراع ، فهذا خطر عليهم وعلى الأمن العام ومن ثم يعضهم لكل ألوان الإساءة والاستغلال من دون مقاومة نظرا لظروفهم الخاصة ، يتم وإعاقة وخلل عقلى،الأمر الذى يستوجب تدخل الدولة ومؤسساتها المعنية بالطفولة والأمومة والمجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية للوقوف فى مواجهة هذا الخطر .
" إذا كان طفل الشارع العادى لا يملك آليات لحماية نفسه فيتعرض للعنف والاغتصاب والقتل ، فإن الانتهاكات التى يتعرض لها طفل الشارع المعاق ذهنيا تتضاعف وللأسف لا يفرق القانون بين الطفل العادى والطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة" كلمات مريرة قالها هانى هلال مدير تنفيذى مركز حقوق الطفل المصرى ليفتح معى بواب جهنم بشأن اتفاقيات حقوق المعاقين وموقع مصر منها ، وحاجتنا لقانون خاص بذوي الإعاقة.
ترسانة تشريعات
حسن يوسف رئيس مجلس إدارة جمعية شموع لحقوق الإنسان ورعاية المعاقين وتنمية المجتمع المحلى أكد ان الأشخاص ذوى الإعاقة في مصر يواجهون فعليآ منظومة قانونيه تمثل في العديد من جوانبها حواجز تعيق الأشخاص ذوى الإعاقة عن الاندماج الحقيقي في المجتمع وتحد من قدرتهم على التمتع بالكثير من الحقوق مثل الحق في الأنصاف القضائي وبل وما زالت العديد من نصوص القوانين المصرية تحوى تمييز بسبب الإعاقة وان كان تمييز ضمني 0
دوليا صدرت ترسانة من القوانين والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان والمعاقين منها علي سبيل المثال،الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر 1948 و الإعلان الخاص بحقوق المعاقين اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1975 والإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا اعتمد في 20 ديسمبر 1971 .
مجلس قومى لحقوق للمعاقين
وفى مصر صدر قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 متضمنا فصلا خاصا عن رعاية الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأهيله ودور الدولة والجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية في تقديم الخدمة التعليمية للطفل ذوي الاحتياجات الخاصة إضافة إلى القانون 126 وتعديلاته لسنة 2008 بشأن الطفل المصرى.
وأخيراً أعلنت السفيرة مشيرة خطاب، الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، أن المجلس تقدم بنص مشروع قانون حماية وتعزيز حقوق المواطنين ذوي الإعاقة وكرامتهم، لرئاسة الوزراء، التي بدورها قررت عرضه علي مجلسي الشعب والشوري في الدورة البرلمانية المقبلة.
ويضم مشروع القانون الجديد ٤٢ مادة، أهمها «أن تسري أحكام القانون في شأن المعاقين من أجل تمتعهم بشكل كامل وفعال علي قدم المساواة مع أمثالهم من غير المعاقين في جميع الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية دون تمييز».
وطالب مشروع القانون الجديد في مادته الخامسة بتشكيل مجلس قومي لحقوق المعاقين برئاسة مجلس الوزراء وبحيث يضم فى عضويته ممثلين عن المعاقين وجمعياتهم ويكون له فروع بمحافظات مصر .
ونصت المادة (١١) على أن «يستخدم الرقم القومي للمواطن كأساس للتعامل مع جميع الجهات المعنية، ويحظر إضافة أي بيانات مرئية ظاهرة بها صورة للإعاقة علي بطاقة الرقم القومي، ويجوز إضافة بيانات خاصة بهم غير مرئية أو ممغنطة علي كل بطاقة أو قواعد للبيانات التي تنشأ لهذا الغرض».
وقالت المادة (١٣): يكون للمعاق المتزوج أو المقبل علي الزواج، أولوية الحصول علي مسكن من المساكن التي تقيمها الدولة أو الوحدات العامة أو المحلية، بحيث تلتزم بتخصيص نسبة ٥% من هذه المساكن للأشخاص المعاقين، وتحدد اللائحة التنفيذية اشتراطات وإجراءات حصول المعاق علي هذا الحق».
وتناولت عدة مواد بالقانون المقترح النص على الرعاية الصحية والتعليم والتأهيل والعمل لذوى الاحتياجات الخاصة دون تمييز بينهم وبين العاديين .
مشروع قانون حقوق المعاقين مع المبادرات الأهلية والشعبية للتضامن مع المعاقين ذهنيا وتكثيف الاهتمام الإعلامي بهم وتحسين صورتهم دراميا وإنتاج أعمال فنية تبرز نجاحاتهم ودورهم الايجابي ونماذج القدوة فيهم من العظماء الذين غيروا العالم بإبداعاتهم ،والأبطال الاوليمبيين فى الألعاب المختلفة والعلماء ورموز الفكر والفن والإبداع من متحدى الإعاقة ، فضلا عن الدور المنتظر من شباب الجامعات للعمل التطوعى ، كتنظيم قوافل لزيارة المعاقين فى بيوتهم ودور الرعاية ومراكز التأهيل ، كجزء من مشروع تدريبى للطلبة من تخصصات مختلفة طبية اجتماعية نفسية ، وجزء من عمل خيرى واسع يسمح بتحقيق التشبيك بين مختلف المؤسسات لخدمة المعاقين وبخاصة الأيتام ، تظل مجرد مقترحات نأمل أن ترى طريقها للنور للتخفيف من آلام هذه الفئات الخاصة .
#سمير_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟