|
ما بين التطبيق والإلغاء للمادة ( 140 ) والحقد الشوفيني
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 09:44
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تتكرر الأحاديث والكتابات حول المادة 140 من الدستور العراقي الذي صوتت عليه الأكثرية هذه المادة التي تدعو لحل قضية كركوك وفق الدستور ما بين الداعين إلى ضرورة تطبيق ما جاء في المادة المذكورة باعتبارها مادة مهمة تم الاتفاق عليها وما بين الذين يدعون أنها أصبحت ملغية وغير شرعية وعدم التقييد بها بعدما تجاوزت المدة المقررة وقد أدلى كلا الجانبين بدلوه وتفسيراته ومبرراته وقبل الخوض في الكتابة عنها نقول مؤكدين أنها مادة في الدستور ولا تعد ملغية لمجرد تجاوز المدة وحسب الأمزجة السياسية ونوايا هدفها ليس فقط تهميش أو إلغاء المادة بل هي ابعد بكثير منها باعتبارها مادة قانونية والا قام كل فريق معترض على مادة معينة من الدستور بالمطالبة لإلغائها لأنها لم تطبق وأنها غير شرعية وبهذا يكون الدستور بعد فترة دستور يحمل أرقام المواد بدون محتويات ويبدو أن المادة المذكورة وتعقيدات الأوضاع السياسية بما فيها المستجدات التي طرأت على عموم الوضع في محافظة كركوك سهلت تحرك البعض ليبادر بالهجوم على الحقوق المشروعة للكرد العراقيين مبرراً ذلك بالاتهام الغبي أن الكرد يسعون للانفصال وبالتالي أنهم يستحوذون على الكثير من بينها 17% المخصصة للإقليم وعليه يطالبون بردعهم عسكرياً وتأديبهم بالعصا الغليظة التي كانت الحكومات السابقة وفي مقدمتها سلطة نظام صدام حسين تستعملها ضد الشعب الكردي ، البعض من هؤلاء يتحدث عن القيادة الكردية لكنه يغمز الشعب الكردي بطرق عديدة محاولاً نشر المفهوم الشوفيني الذي كان سائداً لدى الأحزاب والشخصيات القومية العربية بان الكرد عرب ولهذا صدرت في هذا المجال العديد من الكتب والتحليلات لكن الحياة برهنت على عطب تلك التوجهات لكنها لم تقض عليها فبقيت جذورها الفكرية معششة في البعض من أولئك الذين تربوا على المفهوم الشوفيني وبأنهم فوق الجميع ولهذا وجدت بعد حين هذه الأفكار تنفساً بعد الاحتلال والسقوط وشكلت أحزابا وتجمعات لنفس الغرض وأغراض أخرى والتقت ليس بالصدفة مع بعض الأحزاب الدينية السياسية في كلا الطرفين فالأول قومي متطرف وان تحدث بالديمقراطية وحقوق الإنسان والثاني ديني طائفي يعتقد أن الدولة الدينية لا تقبل ولا تعترف بالمفهوم القومي في تشكيل الشعوب وفي نقطة محددة تلتقي هذه المصالح أو كما يقال بداية العمل في تسفيه المادة 140 وبذل الجهد لعدم تطبيقها وخلق مبررات وعراقيل أمامها ثم إثارة العديد من المشاكل مثل خانقين ووجود قوات الإقليم في بعض المناطق التي جاءت بطلب من الحكومة العراقية والادعاء أنها خارج حدود الإقليم أو كما يسف بعض نواب الائتلاف والتوافق بالحديث عن الخط الأزرق وكأن الإقليم ليس عراقياً ولا توجد معه روابط تاريخية وعائلية أو تداخلات قومية من جميع القوميات أو دينية وعرقية وفي هذه المحاولات يدس السم بالعسل بالحديث عن العراق والوطنية ثم تجهيز الاتهامات الأخرى بإثارة أن الكرد سوف يسيطرون على العراق ويسرقون بتروله وخيراته مثلما تسرق من قِبَل البعض ممن تحالفوا معهم لتقسيم الكعكة وينسون أنهم أصبحوا قادة هذا البلد بواسطة الاحتلال الأمريكي وهذا الأمريكي حسب ما يدعون الآن هو عدو للعرب وهو بالضد من الإسلام وهذا الأمريكي ما زال يحميهم ويحافظ عليهم والبعض الذي يقف الآن بالضد من حل قضية كركوك يطالب بضرورة تواجده وعدم خروجه خوفاً من مدّ طائفي يستحوذ على الجميع كما كانت الدكتاتورية فكيف يمكن إقناع المواطنين وقبلهم نحن بأنهم لا يكذبون عندما يدعون إنهم بالضد من الأمريكان أو أن الكرد سوف يسيطرون على العراق بواسطة المادة 140 إذا ما تحقق تنفيذها وحسب الدستور العراقي ثم يتهمون الكرد وقادتهم أنهم عملاء للأمريكان وهم في الهوى سوى قبل السقوط وفي اجتماعات لندن وبعد السقوط وتشكيل مجلس الحكم والحبل على الجرار والمشكلة ليس في الادعاء بان كركوك محافظة كردية أو تركمانية وطبعاً ليس عربية كما يدعي البعض لان المشكلة القائمة وهي سياسية نفعية لها ارتباطات خارجية لا تريد أن تحل هذه الإشكالات بواسطة الحوار وتطبيق المادة ووفق جدول زمني يتحقق فيه حقوق الجميع وبشكل لا يغبن فيه أي طرف مهما كان صغيراً وتبقى كركوك أو الإقليم عراقي بدون الحديث عن الانفصال وكيل الاتهامات بنفس شوفيني قومي متعالي لان الزمن تغير ولن يرجع إلى الوراء مهما فعلوا ووضعوا العراقيل والعثرات أمام تحقيق ليس الحقوق القومية للكرد فحسب بل لجميع القوميات غير العربية ، المشكلة الأخرى هي الصراع بين هذه الأطراف من اجل السيطرة والهيمنة وهو ما يضر تقدم العملية السياسية وحل العديد من القضايا الشائكة مثل الوضع الأمني والمصالحة والوطنية وإنهاء المحاصصة وتفعيل دور المنظمات المدنية وغيرها لآن ذلك يعني إنهاء حكم السيطرة والتفرد وعدم احترام مكونات الشعب ، العمل من اجل الوقوف ضد الفساد المالي والإداري والسرقات المعروفة للداني والقاصي ، مجيء أناس وطنيين فعلاً وقولاً بعدما وعى الناس من هو الصالح ومن هو الطالح، إنهاء سيطرة العمائم الدينية وإعادة الحكم المدني بتحقيق فصل الدولة عن الدين وعدم التدخل والتأثير على السلطات الثلاثة كل ذلك وغيره وهم يعون جيداً ولهذا يعارضون منذ بداية الطريق تطبيق المادة 140 وحل قضية كركوك بشكل ديمقراطي يخدم العراق جميعه وليس الإقليم أو مناطق ثانية والابتعاد عن تهويل الخلافات بالرأي والفكرة والطريقة وهي أمر طبيعي وصحي وليس كما يقال " قنبلة موقوتة " ودعوة الحكومة للدخول في حرب مفتوحة ضد الأحزاب الكردية وبالتالي ضد الشعب الكردي وهي دعوة مغرضة مملوءة بالحقد والكراهية للآخر ولدفع الصراع إلى الاقتتال الداخلي الدموي وهو توجه شوفيني تحت ستار من الادعاءات بالمواطنة والوطنية والعروبة والإسلام فليس من العجيب أن تقرأ أو تسمع من يقول بضرورة توقيع الاتفاقية الأمنية مع أمريكا وإنها " ضرورة استراتيجية " لبناء الوطن الجديد وهي في الأخير ستلجم الأطماع الكردية القذرة العنصرية الشوفينية وهو اتهام غبي نظرياً وعملياً لأن القومية أو القوميات الصغيرة لا يمكن اتهامها بالشوفينية في بلد فيه قومية كبيرة ، فهل هناك أقذر وأحط من هذا الرأي الذي يدعي الوطنية ويدعي كذباً الحرص على التركمان والكلدواشوريين وغيرهم وعلى العراق من خلال معاهدة حتى لو كانت استرقاقية تمس سيادة البلاد لمجرد كراهيته للشعب الكردي فهل يستوي من يريد استعمار البلاد ويعتبرها " ضرورة إستراتيجية " مع الكردي أو غير الكردي الذي يرفض ذلك وهو يطالب بحقوقه المشروعة ووفق الدستور وبطريقة حضارية!
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستتباب الأمني وضريبة الدم عند العراقيين
-
ثمة ألسن في الثقب الأسود
-
إلغاء معادي للديمقراطية ولحقوق الأقليات في العراق
-
الأمريكان يحذرون العرب العراقيين من الكرد العراقيين!!
-
ملامح غريبة
-
استغلال زيارة الالوسي لركوب القضية الفلسطينية
-
فتوى الشيخ صالح اللحيدان تحريضاً على القتل
-
كاتم الصوت جريمة لإغتيال المثقفين العراقيين الوطنين
-
ظاهرة تجنيد النساء الانتحاريات إفلاس حتمي
-
تصريح ديك تشيني عن - الغير شرعية - نكتة مبكية
-
غريب الوطن المفقود
-
الذين غنوا والذين طبلوا لاغتيال كامل شياع عرّة القوم
-
مسلسلات تلفزيونية لتغيب الواقع وتشويه الوعي
-
كتابة المقالات مسؤولية أخلاقية أولاً
-
قانون تقاسم النفوذ الجم السيد ساكاشفيلي وحلفائه
-
الدرويش في رحلته الطويلة
-
الحرب الجديدة وزرع الكراهية بين الشعوب
-
التحالفات الطائفية طريق مظلم لا مستقبل له
-
العراق - خان جغان - لكل من هب ودب
-
إحياء المناسبات بالبدع والتهريج الإعلامي الطائفي
المزيد.....
-
الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة
...
-
الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد
...
-
الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي
...
-
الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|