|
الناس تكره العلماني
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 02:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في عام 1958م قام مركز (جالوب) للأبحاث والدراسات في الولايات المتحدة الأمريكية بإجراء إستطلاع عبر الإجابة على هذا السوآل: إذا كان هنالك شخص كفؤ ومشهود له بالكفاءة وترشح إلى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية فهل تقبل إنتخابه ؟ خصوصاإذا كان هذا الشخص .. كاثوليكي ... :يهودي ... :إمرأة . :زنجيا .. : ملحدا ...
فكانت الإحصاآت كالتالي:
25%ضد إنتخاب كاثوليكي. 28%ضد إنتخاب يهودي . 43%ضد إنتخاب إمرأة . 53%ضد إنتخاب زنجي . 75%ضد إنتخاب ملحد.
وهذا يعني أن الملحد مكروه حتى من قبل المجتمعات الأكثر علمانية في العالم فكيف إذا كان هذا العلماني عربيا وفي بلد مسلم ومحافظ على العادات والتقاليد والقيم حتى أن الملاحدة مكروهين في الأراجوي وهي أكبر بلد في العالم يتواجد بها العلمانيون على حسب إحصائيات 1900م. وإن الإلحاد لا ينطوي تحت مسمى واحد بل تحت عدة مسميات مثل الهرطيق والزنديق والماجن ....إلخ ولكننا جميعنا نعلم من أن نسبة العلمانيين في الوطن العربي تتقدم بصورة بطيئة جدا جدا جدا وإذا كانت النسبة كبيرة أو صغيرة فإن الكراهية تجاه العلمانيين في نمو متزايد ولكن لماذا يكرهنا الناس ؟ العلماني لم يعد أحد بالجنة فيكرهه لأنه أخلف وعده وأدخله النار , وهذا الكلام من وجهة نظري أنا شخصيا فالعلمانيون لم ينصبوا أو لم يحتالوا على أحد فلماذا تكرهنا الناس ؟ قبل بدأ الإجابة على هذا السوآل يجب أن نعرف من أن العالم الإنساني في أزمة مع التاريخ ومع بعضه البعض وتكاد أن تكون خيبات الأمل المصابة بها الناس كبيرة جدا وممول جيد وكبير للتعلق بفكرة وجود الله أو المسيح لكي يخلص الناس من الآلام وإنه لمن المعروف جيدا أنه كلما تراجع الإنسان في مستويات المعيشة كلما زاد إيمانه بالله وكلما شعر الإنسان بقوته كلما إبتعد عن الله والمسيح . وبالمثال على ذلك كل الكتب السماوية وغير السماوية تشير إلى أن الإنسان إذا كان في البحر وصادف عاصفة خاف جدا وطلب النجاة والمساعدة من الله وحين يصل إلى اليابسة ينسى الله ويستذكر نفسه وقوته .
وفي رواية (صاموئيل بتلر) وإسمها : العودة لزيارة أيرهون, يجد البطل نفسه في قرية فيمكث بها عدة أيام أو أسابيع ومن ثم يقوم بصنع منطاد مطاطي ويغادر به القرية ويعود إليها بعد مضي عشرين عاما , فيجد الناس هنالك قد عبدوه بإسم (ألإله إبن الشمس) ويبنون عليه آمالا كثيرة ويتعلقون به وينتظرون عودته لهم تماما كما حدث في مسرحية صموئيل بيكت (بإنتظار غودو).
ويقوم البطل في الرواية بمحاولة إقناع الناس من أنه ليس إلها ولا بطلا ولا نخلصا وأنه بشر مثلهم جاء إليهم راكبا ثم غادرهم في منطاد وإنه لا يوجد إله بهذه المواصفات وإنه من اللازم عليهم أن ينسوا أنه إله ... وأن يزيلوا هذه الفكرة من دماغهم . ولكن العقلاء كانوا ق أثنوا البطل عن عزيمته ورفضوا مناداته وإعتبروها أنها خطيرة جدا وأن كثيرا من أمور الحياة سوف تتعقد إذا إكتشف الناس حقيقة إلاههم. وبهذا يتراجع البطل وتبقى الناس في نشوة الأمل والحياة والحلم بالخلاص . إن هذا البطل فكره وآراؤه هي آراء طبيعيين وأراء المذاهب الإنسانية الفردية وغير الفردية وهؤلاء جميعا وعلى رأسهم العلمانيون يحاولون إيقاض الناس من حلمهم وسباتهم ولكنهم يرفضون وبذلك فهم يكرهون من يقتل الأمل الذي بهم لأن فكرة وجود الله تخفف كثيرا من الآلام عن الفقراء والمساكين وغير ذلك حتى أن الإنسان الذي يفقد إبنه أو ولده أو عشيقته فإنه يبقى لديه أمل بظهورهم أمامه يوم القيامة أو يوم الدين ...إلخ .
وصحيح أن العلم لم يكسب معركة قادها ضد الدين ولكنه على الأقل يبرهن على وجوده بنفسه من غير فكرة الله وإن المجتمعات المتخلفة إقتصاديا وغير المحظوظة إقتصاديا والتي ينتشر بها الفقر هي المجتمعات ذات الحاجة لوجود الله أما المجتمعات المتقدمة فسواء حضر أو غاب فإنه ليس من الضروري وجوده أو حتى غيابه . إن العلم في كثير من الأحيان أثبت بدافع القصد أن بعض الكائنات الحية حافظت على وجودها ليس بفضل الطبيعة أو المسيح أو الخالق ولكن بفضل قدرتها على التكيف مع الطبيعة وليس بفضل أن الطبيعة هي التي منحتها القدرة على البقاء وهذا رأي مرجح من قبل النشوء والإرتقاء .
والناس لا تكرهنا كعلمانيين بسبب أننا مثلا ننشر الكوليرا ...أو ننشرالجراثيم أو إنفلونزا الطيور... أو لأننا مثلا إحتللنا العراق أو فلسطين أو أشعلنا حرب فيتنام ولو إستمريت بتعدد بعض الأخطاء لتحول مقالي لمقال ساخر جدا , ولكن الناس تكرهنا لأننا نحث أو نعمل شرخا بوجدانهم وعواطفهم لأن العاطفة وليس العلم هما منشأ الدين . فرجل الدين لم يساهم بتقدم مستويات الأخلاق ولكنه ساهم على فترة من تاريخ عصر الإيمان بتقديم نوع جديد من الأخلاق لم يصل بعد لنقطة التنفيذ ولكنه على الأقل ساهم والمسيح نفسه ينادي بالذين يحاولون إتباعه بضرورة ترك الذهب والمال وحتى هذه اللحظة يتبع ملايين من المسيحيين المسيح دون أن يتركوا ورائهم لفقير واحد بعضا من الدولارات . وكذلك المسلم لا يخرج زكاة أمواله ويحاول دخول جنة الله والمسيح معا ويترك الناس والفقراء والجرائم تنتشر دون أن يحرك يده أو لسانه . فلا المؤمن أيضا ولا المسلم ولا المسيحي ولا اليهودي ولا البوذي يحتكرون الرذيلة أو الفضيلة فليس شرطا أن تكون مسيحيا حتى تمد يدك لتساعد الناس . وليس شرطا أن تكون يهوديا أو مسلما إن الدين ليس له علاقة بالأخلاق وإذا أراد مسلم متفلسف قول غير ذلك فإنني أذكره بقول محمد لأصحابه :خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام . أي أن الإنسان يحمل أخلاقه بطبعه وليس بدينه الذي إرتضاه لنفسه ولو حاول المؤمنون إثبات غير ذلك فإن محاولاتهم تكون ناجحخة على الصعيد النظري أما على الصعيد العملي فإن الناس تعمل بما لا تؤمن به .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هو الفاسد؟
-
فوائد الفساد 1
-
مكافحة الفساد
-
العرب يتحدون المخابرات الأمريكية
-
عربي يلقي خطابا ساخر في: يوم المرأة العالمي
-
عيد الشيطان الرجيم
-
شفاه المرأة وحي يوحى
-
أسباب الفساد الإداري في الأردن
-
وزارة التنمية الإجتماعية الأردنية تحاصر الفقراء
-
كشف الجوانب الغامضة من حياة العقاد
-
التهرب الزكوي2
-
سوآل إلى فقهاء الإسلام
-
التهرب الزكوي 1
-
البورصنجية في الأردن 2
-
البورصنجية في الأردن1
-
الإنسان ما قبل المسلم وما بعد المسلم2
-
الإنسان ما قبل المسلم وما بعد المسلم 1
-
نعمل من أجلكم نأسف لإزعاجكم
-
أنا علماني
-
صناعة الكتب 2(قراءة الكتب)
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|