|
مات جيفارا وبقت روحه وكلماته الثورية
فدوى أحمد التكموتي
شاعرة و كاتبة
الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 09:45
المحور:
سيرة ذاتية
في الذكرى 41 لموت جيفارا
حبيب الشعوب الممتدة على البسيطة
أبت نفسي إلا أن تكتب شيئا عن هذا الثوري الفحل
الذي نفتقده الآن ونفتقد كلماته
لكنها معنا تعيش ولن تنمحي قط
لا نركع ولا نخضع لأي آمر كان
حتى ولو كان فرعون الزمان
لا بد أن نحارب الفساد والديكتاتورية
متى حلت و أينما حلت
هذه ببساطة شديدة رسالة جيفارا
حبيب الشعوب التي تطمح للحرية
وللانعتاق من جبروت الديكتاتورية
وهذه نبذة من حياة جيفارا الثائر العظيم
يقول جيفارا :
* لا يهمني أين و متى سأموت بقدر ما يهمني أن يبقى الثوار يملئون العالم ضجيجا كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء *.
نبذة عن جيفارا :
ولد جيفارا الملقب بـــ"تشي جيفارا" واسمه الحقيقي "أرنستو جيفارا دي لاسيرنا" في 14 مايو 1928 في العاصمة الأرجنتينية "بوينس أيريس" لعائلة عريقة فأبوه مهندس معماري أما أمه فكان لها دور كبيرفي تربيته وتكوين أفكاره إذ ربته على قصص المحررين والمناضلين العظام.
كان جيفارا يمارس الرياضة ليتغلب على نوبات الربوالمزمن،وكانت روحه مرحة ساخرة من كل شئ حوله حتى نفسه،وأجمع كل من أقترب منه أنه كان يحمل داخله تناقضاً عجيباً بين الجرأة والخجل..جاذبية شكله وعبث ملبسه. كانت من نقط التحول في حياته وفكره هي رحلته التي قام بها على دراجة بخارية طاف بها في شمال أمريكا الجنوبية ليرى الفقر والذل والهوان الذي تعيشه شعوب قارة أمريكا الجنوبية،تعلم جيفارا خلالها أن في الحياة هموما أكبر من همّ مرضه بالربو بعد أن رأى الظلم الذي تذوقه هذه الشعوب الضعيفة.
رجع بعدها إلى الأرجنتين ليدرس الطب وعند تخرجه طاف يجوب دول أمريكا الجنوبية ليساعد الثورات فيها ضد الاستعمار أو الحكام الديكتاتوريين حتى لقى رفيق كفاحه وصديقه "فيديل كاستر" وذهبا الاثنين معا إلى كوبا بــ 80 جندي ليبدؤوا الكفاح المسلح ضد الديكتاتورية حتى نجحا في ذلك،وتولى جيفارا في الحكومة الجديدة عدة مناصب هامة كمدير البنك المركزي،وزير الصناعة،سفير منتدب إلى الهيئات الدولية الكبرى،ولكنه تخلى نهائيا عن مسؤولياته في قيادة الحزب، وعن منصبه كوزير، وعن رتبته كقائد، وعن وضعه ككوبي، ولم يستطع أن يقيّد الثورة التي بداخله لينطلق يجوب دول العالم يساعد شعوبه المقهورة قائلاً: "إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني."
ذهب إلى إفريقيا يساعد الثوار في الجزائر وزاييرب 125 قائد كوبي, وزار العديد من البلدان الغير منحازة والتقى بقيادتها مثل عبد الناصر في مصر ونهرو في الهند وتيتو في يوغوسلافيا وسوكارنو في اندونيسيا, كما زار ايطاليا واليابان وباكستان وغيرها. ولكن فشلت التجربة الإفريقية لأسباب عديدة، منها عدم تعاون رؤوس الثورة الأفارقة وخاصة في الزايير، واختلاف المناخ واللغة، وانتهى الأمر بالـ"تشي" في أحد المستشفيات في براغ للنقاهة، وزاره كاسترو بنفسه ليرجوه العودة. وما إن استطاع الحركة حتى ذهب إلى بوليفيا ليساند شعبها ضد النظام الديكتاتوري الحاكم.
لم يكن مشروع "تشي" خلق حركة مسلحة بوليفية، بل التحضير لرص صفوف الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية لمجابهة النزعة الأمريكية المستغلة لثروات دول القارة.
كانت المخابرات الأمريكية تترصد جيفارا في كل خطوة يقوم بها فتآمرت مع الجيش البوليفي للقضاء على الثائر جيفارا،ليستطيعوا التوصل لمخبئه . فدارت معركة شرسة بين 16 جندي بقيادة جيفارا و 1500 جندي بوليفي،ليظل جيفارا صامدا برغم جراحه وموت كل من معه ولم يستطيعوا أسره إلا بعد تهشم بندقيته.
نُقل "تشي" إلى قرية "لاهيجيراس"، وبقي حيا لمدة 24 ساعة، ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه.
ظل جيفارا بعد أن أسروه صامتاً..لم تخرج من فمه كلمة انكسار..أو نداء استغاثة..أو صرخة ألم..أو طلب رحمة..أو دمعة ندم..أو نظرة خوف..ظل صامداً للنهاية.
وفي مدرسة القرية نفذ ضابط الصف "ماريو تيران" تعليمات ضابطيه: "ميجيل أيوروا" و"أندريس سيلنيش" بإطلاق النار على "تشي" , دخل ماريو عليه مترددا فقال له "تشي": أطلق النار، لا تخف؛ إنك ببساطة ستقتل مجرد رجل، ولكنه تراجع، ثم عاد مرة أخرى بعد أن كرر الضابطان الأوامر له فأخذ يطلق الرصاص من أعلى إلى أسفل تحت الخصر حيث كانت الأوامر واضحة بعدم توجيه النيران إلى القلب أو الرأس حتى تطول فترة احتضاره، إلى أن قام رقيب ثمل بإطلاق رصاصه من مسدسه في الجانب الأيسر فأنهى حياته.
وفي 9 أكتوبر 1967 مات الثائر جيفارا،وبعد موته رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو حتى تعريف أحد بمكانه أو بمقبرته حتى لا تكون مزارا للثوار من كل أنحاء العالم. جيفارا بعيون مختلفة :
لقد اعتبر "جان بول سارتر" و"سيمون دي بيفوار" جيفارا التجسيد الحي لعالمهم المثالي الذي لم يكن له وجود سوى في أفكارهم الفلسفية فقط.
ويراه اليساريون صفحة ناصعة في تاريخهم المليء بالانكسارات والأخطاء، وأسطورة لا يمكن تكرارها على مستوى العمل السياسي العسكري، وهذا ما تؤيده مقولته الرائعة لكل مناضل ومؤمن بمبدأ على اختلاف اتجاهه"لا يستطيع المرء أن يكون متأكدا من أن هنالك شيئا يعيش من أجله إلا إذا كان مستعدا للموت في سبيله".
وفي عام 1998 وبعد مرور 30 عاما على رحيله انتشرت في العالم كله حمّى جيفارا؛ حيث البحث الدءوب عن مقبرته، وطباعة صوره على الملابس والأدوات ودراسة سيرته وصدور الكتب عنه.
مات جيفارا الطبيب والشاعر، عازف الجيتار والثائر والمصور الفوتوغرافي، وصائد الفراشات.. وترك خلفه أسئلة عديدة، يرى الكثيرون أنها لن يجاب عنها بسهولة قريبا، فلم يحسم حتى الآن أمر الوشاية بـ"تشي"، فهل كان الرسام المتهم منذ أكثر من 41 سنة "بوستوس" الذي عاش منفيا في السويد، أم "دوبري" المفكر اليساري.. ولكن الحقيقة التي تظل ماثلة هي أن الجسد الذي لم ينهكه الربو اغتالته الديكتاتورية، ولكن بلا شك فشل الجميع في هزيمة روحه, وحب شعوب العالم له.
#فدوى_أحمد_التكموتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين الإجبار والاختيار
-
آه من العيون والسهر
-
الدرس المفيد موازية لقصيدة الشاعر الكبير نزار قباني * رسالة
...
-
هل للحلم نهاية
-
نبأ هام جدا جدا جدا
-
الهرم الرابع... أنت المستحيل يا محمود درويش
-
رصاصة في قلبي
-
ثورة أنثى
-
رسالة إلى حبيبتي
-
لن أبيع ذاتي
-
كلمات ليست كالكلمات
-
لا مبالاتي ... كلماتي ... ضيعت مني حبيبي
-
*وحشة مع انتظار * مجاراة وموازاة لقصيدة * وحشة * للشاعر يحيى
...
-
رسالة من كهان كنيسة القيامة وكنيسة المهد
-
صناعة شريعة ... وسط ملايين الشرائع
-
مناظرة بين غريب عسقلاني , فدوى أحمد التكموتي , محمد موسى منا
...
-
مناظرة بين غريب عسقلاني , فدوى أحمد التكموتي , محمد موسى منا
...
-
مناظرة بين غريب عسقلاني , فدوى أحمد التكموتي , محمد موسى منا
...
-
مناظرة بين غريب عسقلاني , فدوى أحمد التكموتي , محمد موسى منا
...
-
العشق الخالد
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|