إن المتتبع للتطورات السياسية بالمغرب خلال العشر سنوات الأخيرة تستوقفه جملة من المحطات بدءا بفك الحصار على عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان ومرورا بعودة أبراهام السرفاتي إلى الوطن وإبعاد وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري الذي يعتبر أحد مهندسي السنوات الرصاصية التي عرفها المغرب.
إلا أن هذا المسار عرف نوعا من التراجع في نظر البعض مند تعيين وزير أول تقنوراطي لرئاسة الحكومة بدلا لحكومة التناوب، وذلك بعد أن تمت إعادة ترتيب الكتلة الحاكمة بالمغرب اعتمادا على توازنات مبنية بالأساس على إبعاد النخبة السياسية وتكليف نخبة غير مسيسة. وهكذا حسب الكثيرين عاينت البلاد تراجعا في مجال ملف حقوق الإنسان وسجلت تجاوزات وصلت إلى حد الاعتقالات التي لم يتقبلها الجميع. وهزه كلها أمور تشي بنوع من الإبتعاد الظاهر تارة والمستتر أخرى عن الإجراء الديموقراطي والاعتماد على المقاربة الأمنية والقمعية، وجاءت أحداث 16 مايو 2003 بالدار البيضاء لتقوية هذا المنحى.
وهذا من شأنه إظهار أن النظام بالمغرب يعتمد على استراتيجية فردية وليست مؤسساتية في التعاطي مع الملفات الساخنة وهذا يجعل من الصعب التمييز بين الفضاءات السياسية والاستبدادية والدولتية، ويفسر استمرار الثقافة السلطوية في معالجة الملفات الساخنة التي تهم جميع المغاربة وترتبط بانتظاراتهم على امتداد أكثر من 4 عقود خلت بعد الإحباط تلو الإحباط، وهذا في وقت لا يجرؤ فيه البرلمان على اتخاذ قرارات تدخل في مجال اختصاصه بامتياز، وبجانب أحزاب كاد يقتلها الشرود وبرجوازية مغربية لا تتوفر على المؤهلات الضرورية لتكون رائدة في المجالين الاقتصادي والمالي، وكل هذا ضمن فراغ سياسي بارز المعالم، وهذا وضع يفرض على الملك احتكار القرار.
وبذلك يعتبر جملة من المحللين السياسيين أن مطلب فصل السلط بالمغرب مازال بعيد المنال، مادام النظام مازال يتعامل مع الأشخاص بدل المؤسسات، لذلك مازالوا ينتظرون جملة من الإصلاحات لتطوير المسلسل الديموقراطي والإقرار فعلا بدولة الحق والقانون.