الثلثاء 28 أيار 2002 - السنة 69 - العدد 21272 - النهار
كل مواطن عربي يشكو من غياب الديموقراطية في دولته خصوصا وفي العالم العربي عموما هو على خطأ. واذا كان نسي تجارب السنوات الماضية والخاصة بالرؤساء من تجديد وتمديد واستفتاءات تتيح لهم عمرا مديدا في الحكم، فما عليه الا القراءة في التجربة التونسية الاخيرة.
استفتاء عام على تعديلات دستورية هو الاول تشهده تونس منذ استقلالها في ،1956 والوعد الاكبر الذي اطلقته الحكومة هو تعزيز الديموقراطية. وهكذا حصل. فأهم ما في التعديلات انها تعطي الرئيس حق الترشح قدر ما يشاء، أي تحرره من الولايات الثلاث (فقط) التي يكبله بها الدستور وكذلك تمد عمر الرئيس في المنصب من 70 الى 75 عاما. وهكذا صار في امكان الرئيس بن علي البالغ اليوم 65 عاما والذي تنتهي ولايته الثالثة في الحكم في ،2004 ان يترشح لولاية رابعة وحتى خامسة اذا اراد.
وهذا بيت القصيد. ولكن ما يصعب فهمه هو: هل ان العودة عمليا الى مبدأ الرئاسة مدى الحياة الذي كان الغاه الرئيس التونسي الحالي نفسه بعدما اوجده سلفه الحبيب بورقيبة تستحق كل هذا العناء وكذلك المرور بتجربة نسبة 99 في المئة؟
وللتذكير فقط ولئلا يبدو في الامر افتراء، لا تونس ولا رئيسها استثناء. انها القاعدة في ما يسمى جمهوريات عربية، طبعا اذا استثنينا دولا خاضت او تخوض حروبا اهلية مثل الجزائر والصومال او استثنينا لبنان الذي يعرف الجميع الطريق الى الرئاسة فيه.
العقيد معمر القذافي يحكم ليبيا منذ .1969
الرئيس علي عبدالله صالح يحكم اليمن منذ .1978
الرئيس صدام حسين يحكم العراق منذ .1979
الرئيس حسني مبارك يحكم مصر منذ .1981
الرئيس معاوية ولد سيد احمد طايع يحكم موريتانيا منذ .1984
الرئيس عمر حسن احمد البشير يحكم السودان منذ .1989
وهذا طبعا غير الجمهوريات التي يرث الابناء فيها الاباء، كما حصل في سوريا وكما يدور الحديث علنا او ضمنا عن ليبيا والعراق ومصر.
اللعبة يعرفها الجميع وصارت مكررة الى حد الملل وحد انعدام المخيلة لدى الانظمة والحكام. فليتهم يختصرون الطريق ويعلنون انفسهم رؤساء مدى الحياة أو يبدلون انظمتهم ويتوجون انفسهم ملوكا فعندها قد يرتاحون وتنتهي هذه المهزلة التي يصرون على تسميتها ديموقراطية.