|
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني والسياسي (9) ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 09:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية وضع على قيادة الحزب مسئولية جسيمة لما تبنى مشروع الأطروحة الذي يهدف إلى " تأهيل الذات التنظيمية في اتجاه بناء حزب عصري قادر على الوفاء لمتطلبات هذا الاختبار" الذي يحصر مهام كل حزب عصري في تأطير المواطنين والمشاركة في تدبير الشأن العام . فالبيان الختامي للمؤتمر شدد على دعوة القيادة وكل هيئات الحزب (إلى وضع البرامج العملية والنضالية الكفيلة بتفعيل هذا الاختيار على أرض الواقع). ذلك أن أطروحة المؤتمر وضعت إستراتيجية "النضال الديمقراطي" بديلا عن خيار المقاطعة أو المصادمة . و( تستوجب إستراتيجية النضال الديمقراطي بناء تنظيم حزبي عصري قادر على حمل هذا المشروع ) . فهل ستكون القيادة وهيئات الحزب في مستوى أجرأة هذه الإستراتيجية وتصريفها إلى ممارسة متحضرة تنأى بالحزب عن ثقافة الصدام ؟ إن الأطروحة واضحة في مسألة النقد الذاتي لما نصت على التالي ( فإننا من منطلق النزاهة الفكرية والموضوعية نحن في حاجة للوقوف على مختلف مظاهر النقص والخلل التي عرفها أداؤنا العام سواء على مستوى مقارباتنا ورؤانا النظرية واجتهاداتنا السياسية أو على مستوى خطابنا ومواقفنا وجاهزيتنا النضالية ونجاعتنا الميدانية ) . ومعنى هذا أن الحزب مطالب بتقديم رؤى جديدة واجتهادات نوعية على مستوى الخطاب والممارسة . والأستاذ بنكيران أعلن في حوار نشرته الصحراء المغربية أن ( الاستقرار والأمن وحرية المواطن هواجس تسكنني، لهذا ستستنتجون أنني كنت دائما أدافع عن مرتكزات استقرار هذا البلد، وساندت دوما جلالة الملك، وبالنسبة للدولة فإنني أشعر بالضيق عندما أرى أخطاء ترتكب، أنا خلقت لأعيش وأحاسب بعد مماتي، إذن فمن واجبي أن أستنكر قدر المستطاع كل ظلم أو فساد، أما مساندتي للملكية فهذه قناعة، إنها العمق الرئيسي لاستقرار المغرب، وأمن وحرية المواطنين، والديمقراطية، لأن الملكية ليست تحكمية وإنما تحكيمية، ووجودها ضروري لضمان استقرار وتوازن القوى الموجودة في البلد، ووضعها على جادة الطريق عند كل انحراف أو ظلم أو جور). قد يبدو هذا جديدا في لغة حزب نازع أحد قياداته ، وهو الدكتور الريسوني ، الملك في سلطة أمير المؤمنين . فهل غير الحزب موقفه من السلطة الدينية للملك وبات يساندها ؟ أكيد أن الملك ملتزم دستوريا ومذهبيا وحضاريا بحماية الدين الوسطي الذي تنص تعاليمه على التسامح والتعايش والانفتاح على الثقافات والحضارات الإنسانية . إن إسلام الاعتدال والوسطية كان دائما سمة وعقيدة المغاربة على اختلاف العصور ، كما ظل المغرب (دولة مغربية مستقلة عن الخلافة المشرقية متميزة بالعمل في ظل وحدة إمارة المؤمنين وبالسماحة الدينية وبوحدة المذهب المالكي )(خطاب الملك 29 ماي 2003). وبعد اختيار الملك والقوى السياسية والمدنية نهج التوافق والإجماع على طبيعة المشروع المجتمعي الديمقراطي والحداثي ، فإن وحدة المذهب المالكي والاصطفاف خلف الملك بصفته أمير المؤمنين مطلوبان لدعم المشروع المجتمعي الحداثي الذي ينسجم مع الخيار الديمقراطي الذي أجمع عليه المغاربة وقدموا في سبيله تضحيات جساما أقرها الملك ودعا إلى الصفح الجميل. إذن المشروع المجتمعي الحداثي والديمقراطي غدا التزاما ملكيا . ومن يساند الملك في صلاحياته الدستورية بصفته أمير المؤمنين ، عليه أن ينخرط في دعم وإرساء أسس المشروع المجتمعي الحداثي الذي أجمعت عليه الملكية والقوى السياسية الشرعية ، إذ لا يشمل هذا التوافق أو الإجماع جماعة العدل والإحسان التي لها موقف عدائي من النظام الملكي وكل الأحزاب اليسارية والاشتراكية التي يصنفها مرشد الجماعة ضمن الطبقة المستبِدة التي يتهمها والنظام الملكي بالتآمر على الدين وعلى الشعب . وبالعودة إلى أطروحة المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية نجدها تتحاشى عن قصد تبنى مفاهيم : حداثة ، حداثي ، مجتمع حداثي . ومن ثم ، فهي تتشبث بمشروع مجتمعي له مواصفات مغايرة ، وتحث على (استثمار لعناصر القوة من أجل تحقيق تراكمات متواصلة على خط الإصلاح ، للإسهام في إقامة مجتمع مغربي أصيل ومنفتح ومتحضر ، مجتمع الأصالة والتجديد والديمقراطية والعدالة والتنمية الشاملة ) . وحتى لا يبقى من مجال للشك في إمكانية الاعتقاد بأن الحزب على استعداد لمراجعة مشروعه المجتمعي أو التخلي عنه بما تقتضيه إستراتيجية افتحاص (مدى قوة وتماسك تلك الرؤية والرسالة ، ولقدرتها التفسيرية ، وقدرتها على التأطير المذهبي والنضالي لسلوك المناضلين ) ؛ وحسما في المشروع المجتمعي الذي يحمله الحزب ، جاءت أطروحة المؤتمر السادس تكرس الاستمرارية في توجهات الحزب الكبرى وتقدم ( الجواب الحزبي الجماعي ، على الأسئلة التي يطرحها الواقع السياسي والاجتماعي المرحلي ، والذي سيسعى الحزب من خلاله أن يجسد في الزمان والمكان ، معالم مشروعه الإصلاحي كما تحددها رؤيته ورسالته التي تضمنتها مختلف وثائقه ) . فلا قطيعة إذن على مستوى القناعات والاختيارات الأساسية للحزب . الأمر الذي يجعل الحزب وفيا للرؤى التي تضمنتها وثائقه على اختلاف أزمنتها وأسباب نزولها . واعتبارا لهذا الرسوخ في الموقف والثبات عليه ، فإن المشروع المجتمعي الذي يتبناه الملك والقوى المشاركة في العملية السياسية لن يجد دعما من حزب العدالة والتنمية الذي يحمل مشروعا مغايرا ويريده بديلا لغيره من المشاريع المجتمعية . وعلى خلفية الانحياز لهذا المشروع أو ذاك ينبغي قراءة مستويات الصراع الآخذة في التبلور بين حزب الأصالة والمعاصرة الذارع السياسي لـ"حركة لكل الديمقراطيين" وبين حزب العدالة والتنمية الذراع السياسي لـ "حركة التوحيد والإصلاح" . للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في معنى الاحترام الواجب للملك .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
لنتصدى جميعا لتيار البدونة والانغلاق.
-
هل سيفلح حزب العدالة والتنمية في أجراء الفصل بين الديني والس
...
-
أوراش الملك وأوراش الحكومة(2) .
-
أوراش الملك وأوراش الحكومة (1).
-
هل سيفلح حزب العدالة والتنمية في أجراء الفصل بين الديني والس
...
-
متى ستضع الحكومة كرامة المواطن في مقدمة اهتماماتها ؟(3)
-
متى ستضع الحكومة كرامة المواطن في مقدمة اهتماماتها ؟(2)
-
هل سيفلح حزب العدالة والتنمية في أجرأة الفصل بين الديني والس
...
-
حزب العدالة والتنمية على خطى الفصل بين الديني والسياسي (3) .
-
متى تضع الحكومة كرامة المواطن في مقدمة اهتماماتها ؟(1)
-
حزب العدالة والتنمية على خطى الفصل بين الدين والسياسة (2).
-
أزمة التعليم من أزمة تدبير الشأن العام .
-
متى يصبح القانون هو ملجأ كل المواطنين وحامي حقوقهم؟
-
حزب العدالة والتنمية على خطى الفصل بين الدين والسياسة (1).
-
الوطن شعور بالأمان والكرامة أولا .
-
الأمان نعمة يزعزعها الإرهابيون ويفرون لطلبها .
-
لنقطع مع ثقافة التيئيس والتبخيس .
المزيد.....
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
-
“ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي
...
-
طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|