ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2427 - 2008 / 10 / 7 - 00:56
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
من توقع أن يغدو لبنان بخليطه الطائفي والمذهبي المعقد ، خطراً داهماً على سورية - التي تعيش استقراراً منقطع النظير- من الشمال وعلى إسرائيل المتخمة عسكرياً من الجنوب ؟ هذا الخليط الطائفي الذي يميز لبنان ، يبدو خطره على الداخل اللبناني ، سيما إذا جرى التلاعب بمكوناته الحساسة والإخلال بمعادلاته ، أكثر من أن يكون خطراً واضطراباً للخارج المجاور .
خطورة بلد على بلد آخر ، تعني في السياسة ، وخصوصاً إذا كان البلدان مجاوران لبعضهما ، تعني شيطنة إحداهما على حساب تبرير مخاوف الآخر ، التي ستدفعه فيما بعد إلى التدخل تحت ذرائع وحجج تلك الشيطنة ، وصناعة ذلك الخطر غالباً ما تتم في أجهزة الإعلام التي تضخم وتصور الذرة على أنها عملاق .
وبالنظر سريعاً على جغرافية لبنان من الشمال إلى الجنوب ، يتبين أن مكمن الخطر المزعوم واحد ، ألا وهو الإسلام ، مع فارق الاختلاف المذهبي ، فجنوب لبنان بما هو خزان حيوي للشيعة ، سواء كانوا اتباعاً لحزب الله أم من تيارات أخرى ، فإنهم بمجموعهم مصدر قلق دائم لأمن إسرائيل ، حسب ما تصرح به الأخيرة ، ولها تجربتها في جنوب لبنان التي بدأتها في العام 1978 تحت ذريعة الخطر الفلسطيني الذي كانت تمثله منظمة التحرير الفلسطينية بشخص رئيسها الراحل ياسر عرفات ، ومن ثم تطور هذا الخطر إلى منظمة حزب الله ، هكذا بحسب معطيات الواقع وبغض النظر عمن يساند شيعة الجنوب اللبناني .
أما سورية التي لم يكن لشمال لبنان وزناً في حساباتها الإقليمية ، فجأة بدأ الحديث يدور حول قاعدة مركزية للتطرف وبؤر وخلايا إرهابية مصدرها جهات
سلفية - أصولية تتخذ من الشمال وكراً لها ، السؤال هنا ، أين تكمن الذريعة ، هل هي في خطر الأكثرية القادم في انتخابات الربيع المقبل ، أم لكون الشمال خزان للسنة كما هو الجنوب بالنسبة للشيعة ؟.
لبنان ليس خطراً على جيرانه ، هذه الحقيقة تقتضي إعادة تثبيت الصورة إلى وضعها الصحيح ، بمعنى أن الخطر على لبنان هو من جيرانه ، لا من أميركا أو فرنسا اللتين لهما مصالح كباقي الدول ، وهذا أمر مشروع في العلاقات الدولية ، فإذا ما كان لبنان خطراً على سورية وإسرائيل ، فماذا بقي من لبنان إذن ؟ .
عما قريب ، في حال استمرت عملية التضخيم ، ستخرج نظريات تقول : متى سنعود إلى لبنان ، وكأن لبنان أصبح أرض الميعاد جنوباً وأرض الأحلام شمالاً ، أرضٌ يعرف الجميع أنها أضعف ما تكون عن حمل مصائب أهلها ، فما لها وتصدير المصائب والأخطار للآخرين .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟