|
جيل السراويل الساقطة والرنات
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 2425 - 2008 / 10 / 5 - 09:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في رمضان أو في غيره من أيام الله المجيدة ، ينبري بعض الشباب المغربي فئة "مشوكي الرؤوس والآذان المثقوبة " بتخريجات ومسلكيات غريبة في تصريف ممارساتهم اليومية بدعوى الحداثة والتميز .إ نهم يقلدون ما يعجبهم ، في الشارع العام ، وليس ما يعتقد الناس انه الصواب ، يرتكبون الحماقات طلبا في تحرر مزعوم وحداثة منفلتة. هوائيون ، من طينة هجينة ، أتصور أنهم يفضلون دخان السجائر على الهواء النقي ، بل ، يتمنون لو كانوا يدخنونه حتى وهم نائمين. والسؤال " ماذا كسب هؤلاء، وماذا خسر المجتمع؟ فصيلة من هؤلاء الشباب مشوكي الرؤوس حريصون جدا على أن لا يكونوا أنيقين ، وتفاعليين إلا بالشكل الذي يزعج ، فكل ما أنجبته تقليعات الموضة من الألبسة يحتاج في نظرهم إلى لمسة إضافية ، قد تكون جزة مقص ، أو رشات أسيد وماء قاطع ، ليس أقلها مزقة على الركبتين، أو مضاعفة معدلة لخمائل مخملية تنسدل تحت الساق أو على الكعبين. يفجرون غضبهم على كل من يقف في طريق حماقاتهم ، مهووسون بتشويك الشعر ودمق الكلام وعجنه بصورة العبث إلى حد بعيد. باردو الأعصاب غير أذكياء بما يكفي ، أما طموحهم فلا يبارح الدرجات الاعتيادية كل صيف. موسيقى صاخبة وسجائر وتقاطعات عولمية لا ترسو على بر. ويبدو إلى حدود اللحظة، أن لا احد قادر على إخراج هؤلاء الخائبين من بوتقة الفوضى التي ينعمون بها ، بما فيها ذلك الدولة نفسها، حيث باتت تهيئ لهم عن طيب خاطر بدل مؤسسات التأهيل ومعاهد التكوين والتربية العلمية مضامير الرقص الهستيري والحفلات الصاخبة ، وتغدق عليهم الإتاوات كي تستريح من وجعهم. هل تفعل الدولة صوابا؟؟؟ أشك في ذلك ، ولدي مبررات معقولة . السيجارة المحشوة فوق الأذن والشقراء بين الأصابع المعقوصة على العاشرة إلا ربع ، لا معنى لها سوى الانكماش والفوضى المائعة ، وأن شئت الوضوح، الضياع. خلال أمسية دولية للموسيقى ، سالت أحد أعضاء فرقة أجنبية ، وكان من جنسية فرنسية. استفسرته عن مستواه التعليمي ، وشكله الاجتماعي ، وفيما إذا كان عاطلا عن العمل ، مكتفيا ب" العطالة المؤدى عنها " أو عالة على الدولة .ذهلت ، بل أصبت بخيبة أمل كبرى ، قال " دانكرن" وهو في 22 من العمر " أحضر لدكتوراه ثانية في علم الأديان، أعمل أستاذا متعاقدا مع جامعة ستوكهولم ، وزيوريخ ، لدي أخت طبية في العراق ، ووالدي جنرال في البحرية. ومضى يكشف عن طموحه " المغرب بلد أكثر من رائع ،....ولكن؟؟؟؟؟ وحين وجهت السؤال نفسه ل" لابن حيي وهو من نفس الطينة أربكني وصرت مثل ثور هائج لا أقوى على السير من غير أن أرتطم : غادرت المدرسة قبل سنوات، قبل أن انهي تعليمي الابتدائي ، سبق أن قضيت 6 أشهر سجنا بتهمة ترويج المخدرات، ليس لدي عمل ، والدي يمتهن الدرازة ويتكفل بإعالة أسرة من 8 أفراد . يالطييييييف...ياستااااار؟؟؟ لم لا... لا يفتح هؤلاء الشباب قوسا ويسألون أنفسهم ، نحن ..نقلد من ؟؟؟ ولأنهم لا يجرؤون ، ها هم يغامرون بمستقبلهم و بحياتهم لأسباب تافهة . الليلة ذاتها سأعيش فصول مأساة حقيقية ، وكنت لحظتها شاهدا . سأروي تفاصيلها والعهدة علي " كانوا حوالي 6 من الشباب المتحمس "الهيب هوبي " ، أو هكذا يبدو لي على الأقل ، وكنت سابعهم صدفة ، ثقافتهم تكشف عنها سراويل الجينز الساقطة الممهورة بتقاطعات غريبة ، سواعدهم المفتولة ،خالية من أي جهد ، عيونهم لا ترقى إلى فوق ، وصدور هم المكشوفة القاحلة ،المليئة بالرسوم والاوشام . وآذانهم المزمومة بالسماعات الهادرة.تنبئ بفشل قيامي لأمة بدأت من القاع وستبقى فيه. قال الشاطر منهم،وكان في حوالي 17 من عمره ، وقد أسبل عينيه بخبث : -- والدي يعتقد إنني غبي ....فهو لا يرف له جفن ، ولا يشعر بالخجل حين يمنحني 10 دراهم مصروف يوم بكامله...؟؟؟ ومضى الثاني على منهاج زميله الأول ، بعد أن رشف من سيجارة محشوة حتى الجمر: ....هذا الوالد " مسطي" أحمق. فيما سحب الثالث عن أذنيه سماعة إم ب 3 وصاح بعدمية : -- بوزبال في المغرب قوى...وأنا بغيت نحرك. أما الرابع ، فبدا غير قادر على الكلام ، كان وجهه مليئا بالثقوب ، شعره المتجعد الأشعث مشدود كخصلة نعناع على طريقة قراصنة الكاريبي التي يصدرها تلفزيون الحكومة ضمن تفاهة رمضان الحالي . فيما حكى الخامس عن انتفاضته الثائرة في وجه والده الجندي المتقاعد : قلت له : امش... أيها الوالد المعتوه ، لم يعد للحرب الآن مكان في عالمنا.. لقد حاربتم في الصحراء ..وفي الهند الصينية ..ولم توفروا لأبنائكم مصروفا يوميا يفي بالغرض.؟؟؟ لملم الوالد خيبته ، وترجل على طريقة الحرب، ثم تحسر على زمن النكسة ثم قال موجها كلامه للشلة : " الفالطا" الخطأ" مشي ديالكم اوليداتي .. الفالطا ديالنا" خطأنا نحن الذين قاومنا وضحينا بالغالي والنفيس كي نعجل بطرد هذا المحتل...مشيرا إلى زميلهم الفرنسي ، وليس خطأكم انتم" لو كنا نعتقد إننا سننتج جيلا خائبا من طينتكم ، تقلدون المستعمر ، لما أطلقنا رصاصة واحدة ، لتركنا ه بجواركم تؤدبكم ، بدل إرغامه على المغادرة . ولم يتردد لحظة في رده . قال كمن يؤدي واجبا وطنيا : لأننا طردنا فرنسا...فنحن نجني ثمار مقاومتنا. ارتفعت أصوات الشباب منددة ، وأخرى ساخطة، صبت مجملها في ضعف نمو الآباء وسوء تقديرهم للتحديات الجارفة . أما رد الجندي المتقاعد ، كان الأقوى ، لأن الحجج الواهية بالنسبة إليه ، وبالنظر إلى تجربته الطويلة في الحياة ، لا يدعمها أي صوت مهما علا...وارتفع عزيز باكوش
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تناقضات ومفارقات غريبة قي قلب العاصمة العلمية المغربية
-
-التنشئة -تطلق النار الرحيمة على المنظومة التعليمية ، وتقول
...
-
التلفزة هاهي .. التاريخ المخيال والإبداع أين هو؟؟؟
-
الفكاهة الواهية لا يدعمها أي صوت مهما علا يا مبارك ، وأي جسد
...
-
فكاهة رمضان على التلفزيون المغربي من المساءلة إلى الاتهام
-
أرصدة الدعاة الفضائيون في البنوك تتضخم ، والوهم العربي في تز
...
-
أسرة التربية و التعليم بفاس المغربية تحتفي بالمتفوقين من أبن
...
-
جريدة ومراسل
-
اختفاء الجرائد الحزبية من المقاهي المغربية كخدمة = أسباب ومع
...
-
مقهى جريدة وحزب
-
السينما الصمت واشياء اخرى 4
-
السينما ..الصمت وأشياء اخرى 3
-
الفنان المسرحي محمد فرح العوان رئيس جمعية فضاء الإبداع للسين
...
-
بحث علمي ينصح الآباء بان لا يضعوا شاشات التلفزيون في غرف نوم
...
-
السينما الصمت ,وأشياء أخرى
-
خدمة بعد النشل
-
عندما يتنكر الصحافي لمبادئه
-
- متعدد لوجه واحد - جديد القاص والشاعر المغربي احمد القاطي
-
هذا جناه الشعر علي - ديوان شعري جديد للشاعر المغربي عبد السل
...
-
حملة تسريح جماعية تطال المتعاونين مع جريدة المساء المغربية
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|