|
لن أغير رأيي بسبب شهرين
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2420 - 2008 / 9 / 30 - 00:25
المحور:
الصحافة والاعلام
و لو ، لن أصدق ، لأن الحكم بالشهرين الذي صدر بالأمس القريب ، لن يغير رأي في تلك الجريدة و كبار أعضاء هيئة تحريرها ، لأسباب منطقية ، لأنني أتعامل بالعقل ، و أرفض أن تؤثر العواطف عليه ، لأن ذلك التأثير يقود لأخطاء قد تكون فاجعة . حكم الشهرين هذا ليس إلا كما نقول بعاميتنا المصرية : خذو عين ، أي للتمويه ، فقط لدرء العيون عن الحقائق ، حقيقة أن جريدة الدستور ليست إلا صناعة أمنية ، و أدعوا أصحاب العواطف الجياشة ، أن يكفكفوا دموعهم ، و يكفوا عن التشنج و النحيب - و لو قليلاً - و ليأتوا بحيادية ، و أن يتخلصوا من أحكامهم المسبقة ، لنتدارس سوية القضية بعقلانية من كافة جوانبها . أولا : الحكم النهائي صدر بعد عام كامل من ترويج شائعة وفاة مبارك الأب ، فما الذي يجعل فرعون العصر ، و أبنه هامان ولي العهد – أهلكهما الله كما أهلك فرعون موسى و هامان و قارون و جنودهم - يصبران هذا الصبر الجميل على الشيخ إبراهيم ؟؟؟ هل نسينا أن قضية الدكتور أيمن نور – و الذي أتعاطف معه بحكم الإنسانية و إن كنت أختلف معه لجهة التراخي و الضعف و التحالفات الخاطئة - بدأت بالإتهام ، ثم عقدت جلستها الأولى قبيل الإنتخابات ، و قبل مرور بضعة أشهر من الإتهام الأولي ، كان أيمن نور مودع بالفعل في السجن لينفذ حكم نهائي . آل مبارك لم يمهلوا مرشح المعارضة الأساسي حتى تنقضي الإنتخابات ، تلك الإنتخابات التي تابعها العالم ، فلماذا أمهلوا الشيخ إبراهيم عام كامل ؟؟؟ ثانيا : لم يصدر حكم أو قرار إداري بإغلاق الجريدة نهائياً ، و هذا شيء يثير الشبهات ، فالنظام لم يطق جريدة حزب العمل المدعوة بالشعب ، لمجرد نشرها إنتقاد لرواية أدبية ، فلماذا يتركون جريدة روجت لشائعة وفاة مبارك الأب ، بينما لم يحتملوا جريدة إعترضت على رواية أدبية مغربية نشرت في مصر ؟؟؟ أليست الموازين هنا مختلة بشكل عجيب ؟؟؟ ثالثا : بعد مرور بضعة أشهر ، و بعد أن أفاق الشعب من الشائعة ، و عادت العقول لعملها الطبيعي في ظل أجواء الهدوء و التروي ، أصبح هناك إقتناع على مستوى شعبي كبير أن مصدر الشائعة تلك هو الأمن ، فالركائز التي إرتكزت عليها الشائعة لا يمكن أن تكون في متناول أي جهة مصرية ، صحفية أو سياسية ، فمن حديث عن حركة غير طبيعية في مطار ألماظة العسكري تتمثل في حركة هبوط و إقلاع غير معتادة لأحد الطائرات ، إلى حديث عن إختفاء طبيب يعمل في الفريق الصحي الرئاسي عن الأنظار ، و هذه دلائل لا يمكن أن تتوافر أبداً لأي جهة صحفية أو سياسية مصرية معارضة ، و إلا كان ذلك دليل على إختراق واسع النطاق للجهات العاملة بمطار عسكري ، و متابعة لصيقة دائمة لجميع الأفراد القريبين لآل مبارك ، و هذا أمر بعيد الإحتمال أن تقوم الجريدة بذلك ، أو حتى تتوافر لها إمكانات القيام بذلك ، إلا أن تكون جهة ما تقف ضد آل مبارك ، و تخترق صفوفهم ، سربت الخبر للجريدة ، و لو كان هذا حدث ، فلا أعتقد أن كل من له طرف في القضية كان سيرى النور ، فالمسألة ستكون جد خطيرة ، و السلخانات الأمنية كانت ستقوم بدورها لإستنطاق كل من له ضلع في هذه المسألة . الذي نشر الخبر هي الأسرة الحاكمة لغرضين : أولهما : بيان ردود الفعل على خبر كهذا ، خصوصا على مستوى الجيش ، ثم على مستوى الشعب عموما ، لدراستها ، و إعداد نفسها لذلك ، و لهذا إستغرق الخبر مدة طويلة تعد بالأيام ، و بدأ أولاً بنشر الشائعة عبر جهاز نشر الشائعات في مباحث أمن الأسرة ، ثم بعد ذلك تم رفع مستوى الشائعة لدرجة أكثر إحتراما في عين الشعب ، بنشرها عبر جرائد المعارضة التابعة لأمن الأسرة ، و لم يتم النفي إلا بعد مرور فترة رأتها الجهات المعنية كافية ، و هي فترة تعد بالطويلة بمقاييس أهمية الخبر و مدى إنتشاره ، و هذا شيء يزيد الريب ، و يؤكد أن مصدر الشائعة رسمي . ثانيا : من فوائد الشائعة أنه عندما تحدث الوفاة الحقيقية لمبارك الأب ، و يحدث أن يتسرب خبرها قبل إعلانها رسميا ، فسوف يتذكر جميع من يهمهم الأمر في الجيش و غيره الشائعة الأولى ، و يحجمون عن التحرك ، بما يتيح الفرصة للإبن لإحكام قبضته و إتمام عملية التتويج و الجلوس على العرش ، و أخذ صفة الشرعية . الأسرة تعلم أن الإنقلاب العسكري القادم لن يتم في حياة مبارك الأب ، لهذا يهمها امر الجيش فيما بعد مبارك الأب ، لا في حياته . جريدة الدستور قامت بالمطلوب ، و لكنها لازالت تتمتع ببعض السمعة الطيبة ، كجريدة معارضة جادة ، في أذهان السذج ، لهذا ليس من الحكمة - لدى النظام – حرقها الأن و حرق رئيس تحريرها ، بل من الأفضل إسباغ صفات البطولة عليه ، كما أن من الضروري عدم تأكيد النظام أنه مصدر الشائعة ، لهذا كان هذا الحكم المخفف جداً جداً ، و الذي جاء بعد عام كامل من الحادثة المعنية ، و على العموم ليتذكر أصحاب الأحاسيس المرهفة أن هناك سجن خصوصي ، خمس نجوم ، فيه ملاعب تنس ، يمكن أن يحدثكم عنه محيي الدين الغريب وزير الإقتصاد الأسبق ، و ماهر الجندي النائب العام الأسبق ثم محافظ الغربية فالجيزة الأسبق ، و الدكتور سعد الدين إبراهيم ، هذا إذا كان الشيخ إبراهيم - صاحب الدعوة لإنتظار نتيجة الإضرابات و عدم مساندة العمال ، و ترك القضاة في محنتهم ، و الإكتفاء بالدعاء - سيقضي ليلة واحدة فيه و ليس في عطلة لشهرين في مكان ما بعيداً عن الأنظار ، و بأي حال حتى لو نفذ الحكم لضرورة البطولة و الشهرة فهي شهرين فقط ، و ليست خمسة أعوام كما في قضية أيمن نور ، أو خمسة عشر عاما أو عشرين عاماً متصلة بلا أحكام قضائية كما هو الحال لكثير من المعتقلين بالطوارىء ، الذين وصلوا لمائة إلى مائة و خمسين ألف معتقل مصري ، لا يتذكرهم أحد ، و سقطوا من ذاكرة الشعب .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم الوراثة الجينية يثبت أن العرب و بني إسرائيل من أصل واحد
-
إمتدادات الإخوان المسلمين الخارجية تمنعهم من قيادة التغيير ا
...
-
دلالات طلبهم منا الإنتظار ، السلطة خائفة
-
يكفيك ما قمت به يا شيخ قرضاوي
-
مصر تستحق علم مصري ، لا ألماني قيصري و لا تركي الأصل
-
مبارك و الخديوي إسماعيل ، مقارنة لازالت في صالح الثاني
-
الدعاء وحده لا يكفي يا شيخ إبراهيم
-
في مسألة التمييز ، لماذا لا نعدل فتأمن مصر ؟
-
عرب الحضارة ضد عرب البداوة ، صراع قديم قائم
-
غزة ، مرحباً بالإنضمام ، و لا لعودة الإدارة المصرية
-
يوم الفخر - يوم الدرعية 9-9-1818
-
أوباما أو ماكين ، العبرة بالموقف من القضية المصرية
-
لسنا ضد أهل الخليج ، و لكن ضد بيع مصر لهم
-
تصوراتنا للإتحاد المتوسطي ، دراسة مدرسية متبادلة لتاريخ بعضن
...
-
عبد الوهاب المسيري حي بنا
-
لا تنامي يا محلة ، فمن يتحدى آل مبارك لا ينام
-
هل ينقص مصر الطلاب ؟
-
المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان
-
تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و
...
-
إستفتاء شعبي لكل قانون ، هو الطريق للحرية و العدالة
المزيد.....
-
شاهد التسلسل الزمني للحظات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين ف
...
-
لماذا يتعجل الشرع الزمن نحو الرئاسة؟
-
الادعاء الألماني يوجّه اتهامات ضد مشتبهين بالانتماء إلى داعش
...
-
ما أهمية إعلان الجيش السوداني تحرير الخرطوم بحري؟
-
شهيد بنابلس ومقتل جندي إسرائيلي وإصابة 5 بجنين
-
السعودية تهنئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
شاهد ما كشفته صور حطام طائرة ركاب ومروحية في نهر شبه متجمد ب
...
-
حماس تعلن مقتل قائد جناحها العسكري محمد الضيف ونائبه مروان ع
...
-
ترامب: -لا ناجين- من حادث اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية ف
...
-
أبو عبيدة يُعلن مقتل محمد الضيف وعدد من القيادات العسكرية لـ
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|