توفيق الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 2418 - 2008 / 9 / 28 - 09:33
المحور:
حقوق الانسان
فيديو 1
يلبس بذلة أنيقة..ينزل ضحيته بهدوء وثقة من مؤخرة السيارة..معصوب العينين.. مقيد اليدين..يأخذه في نزهة أخيرة إلى البساتين..يجلسه القرفصاء في مجرى ماء جاف.. بعد لحظات ..يلقي عليه التحية الأخيرة من كلاشنكوفه.. يهيل عليه حفنتين من التراب..يتحرك ساق المغدور..يطلق العنان للكلاشن مرة أخرى.. يتأكد من إتمام المهمة.. يواصل إهالة التراب ..يدك الأرض.. ،ويغادر منفرجا كما لو انه قضى الحاجة بعد ضيق..!!
فيديو 2
نفس البطل فيما يبدو.. أمامه ثلاث عباءات سوداء.. يطلق النار عليهن ببساطة مسح الحذاء من غبار طارئ..ثم يكلف نفسه بشهامة عربية ليس لها مثيل بإلقاء كومات من القمامة عليهن ربما لسترهن أو لستر بطولته..!!!
فيديو 3
بساطير.. ملابس زرقاء مرقطة.. كاميرا تهتز خائفة.. رأس مفتتة وبركة من الدماء إلى جانبها.. شاب ملقى على ظهره لا يزال حيا و السبابتان إلى الأعلى ..عيناه زائغتان ،وكأنه لا يصدق ما يجري..أصوات غامضة وضحت منها رغبة القاتل ..تدور الكاميرا من جديد ..تقترب.. وجه الشاب يظهر أكثر وداعة واطمئنانا ..كان مغمض العينين كما لو انه في حضن أمه ..!!
ثلاثة أفلام فيديو إسلامية عروبية .. أصلية خالصة.. شاهدتها بالصدفة دفعة واحدة قبل قيام ليلة القدر..!!
كانت كفيلة بأن أتقيأ كل ما قرأت وما عرفت عن المسلمين والعرب من كرامات وبطولات ومآثر وأمجاد..!!
الشك أخذ يطاردني في كل صفحة تاريخ ناصعة.. ،والإحباط طفح فوق كل قصة وقصيدة حفظتها منذ الطفولة عن بلاد العرب أوطاني..!!
لقد تمنيت ليلتها لو كنت لقيطا ضائعا من العصر الحجري..،أو غريبا من كوكب مجهول ابتلعه ثقب اسود إلى الأبد.. أما إن انتمي بإسلامي ،وعروبتي ،ولغتي إلى قتلة..فهذا كابوس لا يحتمل ..!!
تضحكني الهستيريا حتى الثمالة عندما أرى القتلة في كل مكان من بلاد العرب والمسلمين ،يحرصون أمام كاميرات الفضائيات على قيام ليلة القدر كأفضل ما يكون القيام ..يدعون ،ويبتهلون ،ويبكون ،ويوزعون الصدقات ،بينما دم الأبرياء لا يزال عالقا بين أصابعهم رغم إسباغ الوضوء..!!
يا الهي..
ليلة القدر خير من ألف شهر..
نعم ..،واشهد..
لكنني عبدك الفقير.. قمت الليلة ،و عقلي وعيناي لا يفارقان ما شاهدت ..فاغفر لي واعف عني إن تجاوزت قدري وأيماني ،عندما أصرخ في وجوه الظالمين أينما كانوا.."أن ألف قيام في ألف ليلة قدر لا يغسل قطرة دم واحدة بريئة من راحة يد قاتل..!!
#توفيق_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟