إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2421 - 2008 / 10 / 1 - 08:36
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
إن الأحكام الصادرة في الملفات الخاصة بالمس بالمقدسات تعتبر من الأحكام التي تشوبها النسبية وعسر فهم تطبيق القاعدة الجوهرية القائلة بالمساواة أمام القانون في "دولة الحق والقانون"، مما يقوي الظن أن قضاءنا قد يخطئ كثيرا وقليلا ما يصيب بخصوص مثل هذه الملفات. وإن صح هذا الظن تتضح درجة حمل منظومتنا القضائية لهمّ الاستقلالية والتخليق، وذلك ليس فقط لإحقاق الحقوق ورفع المظالم، وإنما أيضا ليكون قضاؤنا مساهما مساهمة فعلية وفعالة في توفير جو الثقة ومناخ الأمن القضائي، وبالتالي كمحفز ومشجع للاستثمار وكخادم للتنمية.
يتأكد هذا الظن حينما نلاحظ صرامة قضائنا غير المنصفة في التعاطي مع قضايا ما يسمى بـ "مس أو إهانة المقدسات" وعدم التعامل بنفس الحدة والحماس والسرعة كلما تعلق الأمر بالضرب على أيدي المفسدين أو من يعتبرون أنفسهم فوق القانون.
لقد ازدادت الصورة وضوحا أكثر الآن بعد استبدال تهمة "المس بالمقدسات" بتهمة عدم الالتزام بالاحترام الواجب للملك.
وفي هذا الصدد تساءل الكثيرون بخصوص تعاطي قضائنا مع نازلة مريم بنجلون، نجلة الوزير، مستشار الملك سابقا، والتي اتهمت ـ من بين التهم الموجهة إليها ـ بإهانة المقدسات، وهي ذات التهمة التي حوكم على خلفيتها محمد بوكرين والعجوز أحمد ناصر البالغ من العمر قرنا إلا عشرا، الذي لقي حتفه، شهورا قليلة بعد سجنه خلف القضبان.
وهذا التمييز والتمايز هو ما جعل أغلب المغاربة حاليا في انتظار كيفية تعامل قضائنا مع نازلة حسن اليعقوبي، زوج الأميرة، إذا عرضت على أنظاره، هل مسألة الظن بأن "قضاءنا يخطئ كثيرا وقليلا ما يصيب" مازالت قائمة أم أن الأمور ستتغير؟
ولنا مثال ما زال شاخصا في الأذهان، وهو نهج التعاطي مع نازلة محمد الراجي، بغض النظر عن تقييم فحوى ما نشره، وهو النهج الذي كشف جوهر "المنطق" الذي يستخدمه القائمون على الأمور في فهم العلاقة بين الحريات العامة وسمعة النظام واستمرار حضور الخطوط الحمراء.
هذا ما جعل ذوي عزة النفس يتعرضون إلى السجن والمتابعة والمحاكمة، لأنهم ببساطة يعتبرون أن المواطنة، إما أن تكرس كاملة غير منقوصة وإما أنها ستبقى في عداد "خبر كان" مادامت كلا لا يتجزأ.
ويتأكد هذا المنحى في وقت تبدو فيه التطلعات أكبر بكثير من المنجزات إلى حد الآن والانتظارات تفوق ما تم تحقيقه. وتظل النتيجة أن حرية التعبير، بالرغم من كل ما يقال بخصوصها، ما زالت تعيش محنة أكيدة، وهذا أمر لا يخدم مسار المغرب نحو الديمقراطية الحقة.
إلا أنه من جانب آخر، تأكد من جديد أنه بفضل التضامن والمساندة المتبادلة ستتمكن حرية التعبير لا محالة من التخلص من المضايقات المفتعلة ومن المعوقات، سيما وأن الطريق مازال شائكا وطويلا، ومن المحتمل أن يعاني الذي اختار درب التعبير عن أرائه مهما كلفه الأمر ومهما أحاطت به المخاطر ما دام أنه مسكون بهمّ هذا الوطن، وما دام قد اختار النقد من موقع الشعب، ومادام أنه فخور بما يؤمن به فيما يتعلق بضرورة الإقرار بحرية فعلية لحرية التعبير والرأي.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟