أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر المندلاوي - السياسة الإيرانية، السيف والعمامة والثروة















المزيد.....

السياسة الإيرانية، السيف والعمامة والثروة


ياسر المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2414 - 2008 / 9 / 24 - 03:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن دور العوامل السياسية والإقتصادية-الإجتماعية والثقافية في النزعة الصفوية نحو إعادة صياغة مجد بلاد فارس(إيران)، جليّ بما فيه الكفاية لمن لديه أدنى إطلاع على تأريخ هذه البلاد، ولا سيما التأريخ الإقتصادي في سنوات النهوض الصفوي. وفي تقييم قد يبدو إستباقيا للوهلة الأولى، نذهب إلى القول، بأن لمعان سيوف فرض العقيدة المذهبية مستوحاة من بريق الذهب الذي ما كان له أن يعبر عن نفسه، في تلك المرحلة التأريخية، بغير السيف والعمامة. ولكي نتجنب الخوض في تفاصيل الحالة الإقتصادية والإجتماعية، التي تقع خارج إهتمامنا في هذه المعالجة إلا بمقدار حاجتنا إلى إسناد فكرة أو تقويض أخرى، نشير، وبإختصار شديد إلى إن بلاد فارس، شأنها شأن العديد من بلدان الشرق، كانت تمتاز بقاعدة زراعية ونشاط تجاري، شكلا مدخلا مهما لقيام المدن ونموها، حيث كان 15% من سكان إيران يقيمون في المدن التي تمتعت بدور مركزي في الحياة الإقتصادية والإجتماعية. فهي منتجة ومصدرة للعلاقات السلعية-النقدية، وتاليا، مؤثرة في كامل النظام الإجتماعي بما فيه النظام الإجتماعي في القرى والأرياف، عبر شبكة الخدمات التجارية والضريبية والريعية وغيرها. خاصية المراكز المدينية الكبرى، في إيران وفي غير إيران في الشرقين الأدنى والأقصى، كانت السبب في الإستعصاء البنيوي للإقطاع الشرقي على عوامل الهدم الخارجية المحمولة على رماح نبلاء القبائل المحاربة الغازية، حيث كان هؤلاء سرعان ما يجدون أنفسهم جزء من البناء السياسي والعسكري والإداري والإقتصادي للمدن مع الحفاظ على السمات القبلية المحاربة والعادات والتقاليد الخاصة بهم. إن الحروب والغزوات، وإن إتخذت أشكال دينية ومذهبية وإثنية، كانت تعكس الحاجة للسيطرة أولا: على مصادر الثروة في المقاطعات والأقاليم المستهدفة عن طريق الإستحواذ على ريوع الأراضي الزراعية وتحويلها إلى ملكيات في المدن. وثانيا: السيطرة على النشاط التجاري بالتحكم في المواصلات البينية بين المدن وبينها وبين الأرياف، ناهيك عن السيطرة على طرق التجارة الدولية بين أسيا وأوربا، حيث كانت منتوجات الحرفيين الإيرانيين وغيرهم تجد طريقها إلى الأسواق الأوربية. إن غاية الصفويين في التمكن من أمر بلاد فارس، هي ذاتها غايتهم في التمكن من الثروة التي لا سبيل إليها بغير إخضاع دويلات الطوائف المتنازعة ومواجهة الدولة العثمانية لإنتزاع أكبر قدر ممكن من أراضي السلطنة، وأيضا تأمين طرق التجارة مع أوربا بالسيطرة على الخليج. ولما كانت مستويات التطور الإجتماعي بطابعه الإقطاعي الشرقي آنذاك غير ملائمة لظهور القوميات بعلة الإنعزال والتمايز الإثني والثقافي واللغوي، فإن شكل التعبير عن الحاجة إلى وحدة سياسية تشمل عموم بلاد فارس، كان في هيئة ثنائية السيف والعقيدة المذهبية، الأمر الذي ساعد على تجاوز عائق الشرعية الدينية التي تحتكرها الخلافة العثمانية، وعائق التشرذم الإثني البدائي. وعليه فإن فرض التشيع ما كان له أن يقيّم على إنه هدف بذاته لإداء فريضة يستوجبها الإنتماء العقائدي في مواجهة الإنتماء المغاير. وما كان له أيضا، أن يرد إلى نزعة قومية لم تتوفر شروطها في الواقع الإجتماعي، وإنما أداة لتحقيق أهداف سياسية وإقتصادية-إجتماعية حددت معالم دور التشيع في الصراع الصفوي ضد الكيانات المحلية من جهة، وضد العثمانيين من جهة أخرى.
وفي رأينا إن الملاحظة التي أوردها بعضهم بخصوص محاصرة العامل المذهبي والقومي في الجوار العربي ولإسلامي لطموحات الدولة المتمذهبة في إيران ما بعد 1979، تخص الدولة الصفوية المتمذهبة، ولكن ليس قبل إستبدال الأقوامي والإثني بالقومي. وهذا الأمر يعد عاملا إضافيا لسعي الدولة الصفوية لتحقيق أهدافها الإستراتيجية بعقيدة السيف، إن في الصراع الداخلي، أو في الصراع مع الدولة العثمانية المصنفة هي الأخرى في صنف الدولة العسكرية-الإقطاعية المتمذهبة. إن إنعدام أو ضعف التواصل الثقافي والسياسي بين الأقاليم الإسلامية، وبين مدينة وأخرى ضمن الأقليم الواحد، وما بين سكان المدن وسكان الأرياف، شكل عائقا جوهريا لتحقيق الأهداف السياسية والإقتصادية-الإحتماعية عبر الإستخدام الوظيفي للعقيدة المذهبية بغير عامل السيف، أي أن التمدد المذهبي بوسائل دعوية تبشيرية، لخدمة أهداف سياسية بمضامين إقتصادية وإجتماعية، كان يصطدم بواقع ضعف الصلات، قبل أن تزيده صعوبة، موقف إسلام الأغلبية من الفرق الموصوفة بالمنحرفة والخارجة عن الإسلام، حيث كانت الإثني عشرية في عدادها إلى وقت قريب من الآن، قبل أن يتم إعتمادها مذهبا خامسا في الإسلام. ويبدو لنا إن عقيدة السيف حققت للصفوية، في مراحل متعاقبة، بعضا من أهم أهدافها محليا وأقليميا وإن كانت قد تعرضت للإنتكاسة في سعيها للحلول محل الدولة العثمانية سياسيا ودينيا، بعد هزيمتها في معركة تشالديران أمام العثمانيين في عام 1514م. وإذا ما إستقرأ المرء الواقع الإيراني في تلك الحقبة من التأريخ بعين المتجرد من الأهواء والنزعات القومية والمذهبية، يمكنه أن يلحظ إن الصفوية حققت لإيران وحدتها السياسية بعد أن كانت تتقاذفها النزاعات الداخلية، وتنهكها حالة الإنقسام إلى دويلات طوائفية. مثلما خلقت الأرضية المناسبة لإنطلاق التجارة البينية محليا، وكذا إزدهار التجارة مع أوربا بعد السيطرة على الخليج وصولا إلى البحرين. ولعل أحد أبرز الإجراءات الصفوية المثيرة للجدل، بعد فرض التشيع، جعل اللغة الفارسية اللغة الرسمية للبلاد.
إن الصفوية بقدر ما شكلت قوة دفع لبلاد فارس، كانت شاخصة كعامل هدم وإعاقة لغيرها في الجوار العربي والإسلامي. وفي هذه الجزئية تحديدا، تكمن المبررات الواقعية لتباين المواقف من التجربة الصفوية بين القوميين والإسلاميين من كل صنف ولون، تسنده، صراع الإرادات بين القوى الساعية للهيمنة على مقدرات شعوب المنطقة بإستخدام نفعي للتمايزات القومية والمذهبية الراهنة، بعد ردها إلى الصفوية، التي أودعت نطفة الكراهية بين العرب والفرس، وبين السنة والشيعة، في أحشاء الماضي الذي يابى إلا أن يكون حاضرا. وحيث إننا نتلمس مخاطر الصراعات الراهنة وتداعياتها الطائفية، ستكون لنا وقفة مع التشيع الإيراني في العهد الصفوي قبل الخوض في دروب الأوبة المعاصرة للدولة المتمذهبة في إيران... وللحديث بقية.



#ياسر_المندلاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الإيرانية، ثنائية السيف والعقيدة
- السياسة الإيرانية، ثنائية الحاضر والماضي
- كركوك ومهنة إستدراج المخاوف
- العقدة الذكورية في نص مرح البقاعي
- الرّمز والتّرْميز في الإنتخابات المحلية
- الله وأمريكا وأحزاب العراق
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(6)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(5)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(4)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(3)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية...(2)
- العامل الديني وأثره في الحركات الكردية... (1)
- أزمة المأزوم في ما ليس له لزوم
- العراق وأزمة الهويات المستحدثة
- الأزمة العراقية والخيارات الصعبة
- سوق الزبون
- الديموقراطية و الإشكال القومي و الأقلياتي في العراق
- الوطنية العراقية .. العقل والعاطفة
- الحزب الشبوعي العراقي.... سياسات بحاجة إلى تدقيق
- ثالوث الأقانيم في عراق الأقاليم


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر المندلاوي - السياسة الإيرانية، السيف والعمامة والثروة